بقلم عبد القادر الاجطل

إحاطة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا السيد غسان سلامة المقدمة لمجلس الأمن اعتبر فيها أن انتخابات المجلس الأعلى وإقرار المجلس الرئاسي الترتيبات المالية بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي والانتخابات البلدية في مدينة الزاوية من النقاط الإيجابية التي استجدت بعد الإحاطة الأخيرة.

وخلال إشارته المقتضبة إلى درنة ناشد غسان سلامة الأطراف بضبط النفس واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين وأضاف أن البعثة ستبذل مساع لتهدئة الصراع.

سبها كان لها نصيب في كلمة سلامة وحظ من قلقه ومقترحاته وتحذيراته من تحول المواجهات داخل المدينة إلى صراع إقليمي.

وكذلك فإن الممثل الخاص للأمين العام لم يغفل ملف تاورغاء ولم يتجاهل معاناة أهلها.

كما أنه استخرج عدة خلاصات وصفها بالتوافقات من خلال اجتماعات المؤتمر الوطني في عديد المدن، وهي:

ـ التطلع إلى إقامة دولة موحدة ذات سيادة تعتمد أسلوب أللامركزية الإدارية،

ـ والرغبة في توزيع عادل للموارد،

ـ وبناء مؤسسات موحدة،

ـ وإقامة جيش مهني موحد وجهاز أمني متماسك بعيدان عن التدخل في السياسة،

ـ والدعوة إلى تنظيم انتخابات لتوحيد البلد،

ـ والرغبة في إنهاء المراحل الانتقالية.

سلامة أكد على أهمية إجراء انتخابات قبل نهاية العام، وقلل من إمكانية الاستفتاء على الدستور، وأعرب عن أن تعديل الاتفاق السياسي لم يعد له محل من الإعراب.

ممثل الأمين العام شدد على ضرورة التعامل مع المجموعات المسلحة وفق استراتيجية جديدة ستبدأ طريقا طويلا لحل واستيعاب المجموعات المسلحة

ووجه سلامة حديثه لأعضاء مجلس الأمن بوجوب حل الهيئات الموازية وعدم السماح لقلة ترغب في تحقيق مآرب شخصية حسب وصفه بالوقوف ضد أحلام الليبيين مطالبا الأعضاء بتوجيه رسالة موحدة إلى الليبيين قد تمثل فرصة سانحة لهم للخروج من عنق الزجاجة.

إن رؤية البعثة ورئيسها اللبناني غسان سلامة تقوم سياسيا على استمرار المجلس الرئاسي دون الحاجة إلى تعديل الاتفاق السياسي إلى حين إجراء انتخابات راهن سلامة على أنها ستحل معظم المشكلات العويصة التي تعرقل مسار الحل.

وهو بعدم تحمسه للاستفتاء على الدستور يفتح الباب أمام مرحلة انتقالية جديدة علم من خلال المؤتمرات الجامعة التي انعقدت حتى الآن أن الليبيين سئموها ولا يرغبون في المزيد منها بل يريدون الولوج إلى المرحلة الدائمة التي تقودها مؤسسات موحدة خاضعة للرقابة والمحاسبة من هيئة تشريعية منتخبة وفق دستور ينظم العلاقات بين السلطات.

أما في التعاطي مع المناطق الملتهبة فهو يتحدث بلغته الدبلوماسية عن تهدئة الصراع والتحذير من تفاقم الأوضاع الإنسانية وتوسع مساحات الصراع.

وهو في هذا يتجنب الحسم واستخدام قوة المنظمة الأكبر في العالم في فرض وقف القتال ووضع النقاط على الحروف في سبها ودرنة بما يفتح المجال للإجراءات التالية التي يسعى لإنفاذها وفق خطته المقترحة

إذ أنه بعد وقف إطلاق النار في درنة على سبيل المثال يمكن أن تشرف البعثة على عقد المؤتمر الوطني في المدينة وتستمع إلى أراء الناس وتتعرف على معاناتهم دون وسيط وتساهم بدور فعلي حينها في إعادة التطبيع بين درنة وجيرانها بعيدا عن لغة الصراع ومنطق الحرب فيرتفع الحصار وتتضح الصورة الحقيقية لما يدور داخل المدينة دون تهويل ولا تهوين …

البعثة يمكنها بسلطة الأمم المتحدة وأداتها التنفيذية مجلس الأمن أن تفعل الكثير في درنة كوسيط محايد… خاصة أن ليبيا لا تزال خاضعة للبند السابع ومشمولة بقرارات مجلس الأمن  الصادرة عام 2011 في الشأن الليبي.

وسبها التي تعاني من موجات متكررة من الصراع السياسي الذي يكتسي الطابع القبلي أحيانا ويتسبب في تدخل مجموعات مسلحة قادمة من دول الجوار بحسب إحاطة سلامة حرية بأن تنال مزيدا من الجدية في التعامل مع ملفها الملتهب بعيدا عن لغة الدبلوماسية التي تتجنب تسمية الأشياء بأسمائها وتستخدم ألفاظا مخففة لتوصيف واقع بائس لا يحتمل تعاقب المبعوثين واستمرار البحث عن حلول تلفيقية تطيل أمد الأزمة وتتيح الفرصة للمزيد من الحروب والنزاعات.

***

عبد القادر الاجطل ـ كاتب وصحفي ليبي

_____________

مواد ذات علاقة