هل هي عودة لنقطة الصفر أم تحريك لعجلة الحل؟

أدلى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، بتصريح مثير للجدل، رفضه أحد أطراف النزاع، في حين اعتبره محلل سياسي مجرد تهديد لتحريك عجلة حل النزاع.

صالح قال، الإثنين الماضي، “إن لم يتوفر النصاب القانوني بحضور النواب في جلسة الإثنين المقبل، وتعذر إقرار قانون الاستفتاء على الدستور أو فشل مقترح تعديل الإعلان الدستوري، فإنه يتوجب على المجلس تفعيل القرار رقم 5 لسنة 2014”.

وهو قرار ينص على انتخاب رئيس مؤقت للبلد العربي الغني بالنفط عن طريق التصويت الشعبي، عبر اقتراع عام سري، وبالغالبية المطلقة لأصوات المقترعين.

تهديد صالح، رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق (شرق)، جاء عقب جلسة كان من المفترض أن يتم خلالها تعديل الإعلان الدستوري، لتضمين أحد بنود قانون الاستفتاء على الدستور، الذي أخفق النواب في إصداره منذ أكثر من عام.

وحضر تلك الجلسة 25 نائبا فقط، وهو نصاب لا يسمح بتعديل الإعلان الدستوري، بل إنه لا يسمح بعقد جلسة من الأساس.

هذا النصاب المخيب جاء بعد تداولات لمشروع قانون الاستفتاء وجدل حول بنوده ورفض البعض له وترحيب آخرين به.

ويصر المجتمع الدولي وأطراف في النزاع الليبي على صدور هذا القانون، لعرض الدستور على الاستفتاء الشعبي، قبل انتخابات عامة تقرر إجراؤها لحل الأزمة السياسية.

وتعاني ليبيا، منذ سنوات، صراعا على الشرعية والسلطة بين حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، في العاصمة طرابلس (غرب)، والحكومة المؤقتة، المدعومة من مجلس نواب طبرق، التابعة له قوات خليفة حفتر في شرقي ليبيا.

اتهام للمجلس بالعجز

أول الرافضين لتصريح صالح كان محمد صوان، رئيس حزب “العدالة والبناء”، وهو أكبر حزب إسلامي في ليبيا.

صوان غرّد على موقع “تويتر” قائلا إن “ما قاله عقيلة صالح حول ذهابه إلى انتخابات رئاسية إذا لم يتوافر النصاب في الجلسة القادمة قول عجيب وغريب”.

وأضاف: “إن كان رئيس مجلس النواب عاجزا عن توفير النصاب لتشريعات لا تحتاج إلا الأغلبية؛ فكيف بتشريعات تحتاج إلى نصاب موصوف ومقيدة بنصوص الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي (؟!)”.

وتابع: “إذا كان عقيلة يقصد بكلامه مقررات فبراير (شباط) فلا شك أنه يعيش خارج المشهد”.

وتابع: “الرجل غير قادر على تجاوز نقطة الصفر وسنعيد الكرة للحديث عن أحكام القضاء التي ألغت مقررات فبراير وما نتج عنها، وأن الأجسام القائمة قد اكتسبت شرعيتها من الاتفاق السياسي (عام 2015)”.

ويقصد صوان بحديثه أن قرار صالح يعتمد على مقترحات لجنة فبراير، التي شكلها المؤتمر الوطني (هيئة تشريعية) سابقا.

واقترحت هذه اللجنة تعديلا دستوريا، فى آخر أيام ولاية المؤتمر، الذي صوت على المقترحات بالموافقة، وترك آنذاك طريقة انتخاب الرئيس لكي يفصل فيها مجلس النواب بعد انتخابه.

حينها صدر القرار 5 لسنة 2014، فى أولى جلسات مجلس النواب، يوم 14 أغسطس/ آب، وأصبح جزءا من الإعلان الدستوري.

ويقصد صوان أن المحكمة العليا في ليبيا قضت عام 2015 بإبطال عمل لجنة فبراير وكافة مقترحاتها.

وأضاف صوان أن “الاتفاق السياسي الذي ضُمن في الإعلان الدستوري، في آخر جلسة للمؤتمر الوطني العام قبل أن يتحول إلى المجلس الأعلى للدولة، هو الآن الإطار السياسي المعترف به محليا وإقليميا ودوليا بقرارات مجلس الأمن”.

وبعبارات لاذعة، تابع قائلا: “لا بد أن يعي السيد عقيلة أن عبثه بمجلس النواب وعرقلته كل جهود الأطراف المحلية والدولية تجاوز كل الاعتبارات ويعي أيضا أنه لا يمكن العودة للوراء وأن الشعب لن ينتظر طويلاً”.

وهدد رئيس حزب “العدالة والبناء” بقوله: “الحلول الصعبة ستطرح، وستكون آخر الدواء”.

مجرد تهديد

وسط غياب ردود رسمية بشأن ما أعلنه صالح وانشغال الليبيين بما يدور في طرابلس من معارك مسلحة، رأى الكاتب والمحلل السياسي الليبي، علي الزليتني، أن “ما صدر عن صالح مجرد تهديد لتحريك عجلة الأمور”.

الزليتني أضاف للأناضول: “لا أظن أن صالح يقصد ما أعلنه، بل هو يهدد الجميع، وأولهم النواب المتغيبين كي يكونوا حاضرين في موعد الإثنين المقبل، لاستكمال إصدار قانون الاستفتاء على الدستور”.

وزاد بقوله إن “صالح يريد أن يعلن للمجتمع الدولي أنه يحث النواب على حضور الجلسة ويضغط لتمرير قانون الاستفتاء الذي طالب به المجتمع الدولي كخطة أولي للحل السياسي”.

موقف الأمم المتحدة

أما السياسي الليبي، ناجي الفيتوري، فرأى أن “تعقيب رئيس حزب العدالة والبناء، محمد صوان، هو الصواب، فمجلس النواب لا يمكنه الاعتماد على قرارات صدرت سابقا أو قرارات أُلغيت بحكم محكمة”.

وتابع الفيتوري، في حديث للأناضول، أن “مجلس النواب، كما قال صوان، يستمد شرعيته الآن من الاتفاق السياسي وحده الذي رضي به، وبالتالي لا يمكن المضي قدما نحو ما أعلنه عقيلة.. ذلك سيكون بمثابة عودة لنقطة الصفر”.

وشدد على أن “البرلمان لن يستطيع انتخاب رئيس الدولة بقرار منفرد منه في المناطق التي لا تخضع لسيطرته، والطرف الآخر كذلك لن يستطيع تطبيق أي حل في المناطق الخاضعة لسيطرة البرلمان إن أصدر قرارا منفردا”.

وختم السياسي الليبي بأن “الأمر في النهاية بيد الأمم المتحدة، وما ستعلق به على قرار صالح هو ما سيحدث على الأرض”.

ويصطدم مشروع قانون الاستفتاء على الدستور، المخول بإصداره مجلس النواب، بعقبات عديدة، أولها رفض نواب لصدوره.

ويطالب المجتمع الدولي بسرعة إصدار القانون، تمهيدا لانتخابات برلمانية ورئاسية تقرر إجراؤها، خلال لقاء جمع أطراف النزاع الليبي، في باريس، قبل ثلاثة أشهر، بمبادرة فرنسية.

واتفقت أطراف النزاع وقتها على إجراء انتخابات في 10 ديسمبر/ كانون أول المقبل، بعد وضع الأسس الدستورية للانتخابات.

وهو الأمر ذاته الذي تنص علية خارطة طريق أعلنتها الأمم المتحدة مطلع العام الجاري.

________________

المصدر: المغاربي للدراسات والتحاليل

مواد ذات علاقة