بقلم جوناثان واينر

تساءل مقال للمبعوث الأميركي السابق إلى ليبيا، جوناثان واينر عن موقف المجموعات المسلحة في ليبيا من التحركات الدولية لإنهاء الأزمة، في الوقت الذي تتواصل فيه تحضيرات مؤتمر باليرمو المنعقد خلال أيام.

وقال: «لم تهتم المجموعات المسلحة بما تتفق عليه المجموعة الدولية، طالما أنهم (أي المجموعات المسلحة) يتحكمون في القوة على المستوى المحلي»؟

وقال واينر، في مقال نشره موقع «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، إن «المجموعات المسلحة تعتمد على العائدات النفطية لدفع رواتب المنتسبين اليها»، وأضاف أن «قطع مصادر تمويل تلك المجموعات التي لا تدعم الحكومة تظل أداة قوية لم يتم استخدامها بفاعلية بعد». 

وتابع: «المجموعات المسلحة تحصل على إيرادات مالية عبر خطابات الائتمان، وشبكات التهريب، واستغلال وفرض الضرائب، بالإضافة إلى استخدام العملات المطبوعة في روسيا التي تصل إلى شرق ليبيا، ويستفيد منها البعض مثل خليفة حفتر وعقيلة صالح.

كل فرد من عناصر المجموعات المسلحة مسجل ويحصل على راتب من الحكومة، بغض النظر عن الطرف الذي يقاتل لصالحه. ونتيجة لذلك، فإن مصرف ليبيا المركزي يقوم بدفع رواتب كافة الأطراف المتقاتلة».

وهنا، اقترح المبعوث الأميركي السابق «حزمة اقتصادية عسكرية سياسية» قال إن تفعيلها من شأنه حل المأزق الراهن، تتضمن أولًا قرار من مصرف ليبيا المركزي برفع سعر الصرف الرئيسي للدينار ليتساوى مع سعر الصرف في الأسواق الموازية والبالغ 5.5 دينار للدولار، يليه إنهاء الدعم على بضائع مثل الوقود، الذي يعد جزءًا رئيسيًا من أنشطة التهريب المنتشرة في ليبيا.

وبعدها، قال واينر إنه سيكون على رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، توجيه المصرف المركزي لصرف راتب شهري أساسي إلى كل فرد ليبي، بالاستناد إلى منظومة الرقم القومي، مع تخصيص جزء من عائدات النفط لتحقيق توازن في الميزانية على أساس نصيب الفرد الواحد.

وأوضح قائلًا: «تعديل سعر صرف العملة المحلية سيقلل بالتبعية قيمة رواتب منتسبي المجموعات المسلحة، على أن يتم تخصيص رواتب أعلى لمن ينضم للقوات الأمنية الوطنية، ودفع حوافر مالية لمن يختار ترك صفوف الميليشيات».

وفيما يخص هيكل القوات الأمنية الوطنية، قال واينر إنها «ستضم أولًا منتسبي الجيش الليبي إبان عهد القذافي، إلى جانب آخرين ممن يوافقون على العمل تحت قيادة مدنية واحترام نتائج الانتخابات العامة. على أن يتم بعدها اختيار مجلس عسكري يعمل تحت سلطة حكومة مدنية. وعلى قادة المجموعات المسلحة، إما الموافقة على تلك الحكومة أو خسارة مقاتليهم».

وأشار المبعوث الأميركي السابق إلى «فوائد عدة يقدمها هذا الحل، أهمها ربط قائد الجيش المشير خليفة حفتر مع قادة عسكريين آخرين من غرب ليبيا، مثل فتحي باشأغا، وزير الداخلية المفوض في حكومة الوفاق.

كما أنه يقدم هيكل لتوزيع الإيرادات المالية للمجالس المحلية والليبيين على حد السواء، مع إيجاد مخرج للمضي قدمًا دون نفوذ المجموعات المسلحة، التي لا يتفق وجودها طويل الأمد، كقوة مستقلة، مع أمن ليبيا واستقرارها».

وتحدث الدبلوماسي الأميركي السابق عن «سيناريو يتكرر في طرابلس»، وقال: «في صيف العام 2014، خسرت ليبيا معظم دبلوماسييها الأجانب، الذين تركوا البلاد بعد أسابيع من اندلاع قتال بين مجموعات مسلحة بهدف السيطرة على المؤسسات الرئيسية في العاصمة.

وحينها، تدخلت قوات من مدينة الزنتان وتوجهت للسيطرة على مطار طرابلس الدولي، وعائداته المالية، أمام مقاتلو مصراتة الذين اعتبروا وجود قوات الزنتان إهانة للثورة».

وتابع: «بعد أربع سنوات، تكرر السيناريو نفسه في أغسطس الماضي، مع دخول صالح بادي وقواته المسماه بـ(الصمود) إلى طرابلس، إلى جانب الكتيبة السابعة من ترهونة، ليضع مجموعة جديدة من الأهداف ويجني حصاد طال انتظاره من حكومة الوفاق الوطني مقابل تأمين المواقع الرئيسية في العاصمة.

وأسفرت تلك الاشتباكات عن مقتل أكثر من 120 ليبي قبل أن تتمكن البعثة الأممية من التوسط لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار».

ومنذ إبرام اتفاق الهدنة، قال واينر إن «المبعوث الأممي غسان سلامة اتخذ سلسلة من الخطوات الهامة لدفع ليبيا خارج دائرة عدم الاستقرار التي فرضتها المجموعات المسلحة، والتي مكنتهم في آخر الأمر من العمل متمعين بنوعًا من الحصانة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم».

وذكر أن «خطوات سلامة شملت أيضًا تسمية بادي ضمنيا كمرشح للعقوبات الدولية، وتحذير الساسة الليبين من أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سأم الوضع، وتمرير مقترح تجريبي، عبر نائبته ستيفاني ويليامز، يتمثل في إيجاد خطة بديلة لخارطة الطريق المعلنة سابقة، والمعطلة منذ فترة طويلة».

وتابع: «إذا استمر إصرار مجلس النواب، برئاسة عقيلة صالح، على رفض تفعيل القوانين والتشريعات التي تسمح لخارطة الطريق المعنلة من قبل غسان سلامة بالمضي قدمًا نحو إجراء استفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات، فإن الأمم المتحدة ستقوم بدعم خطة بديلة تنهي شرعية عقيلة صالح نهائيًا».

وبموجب تلك «الخطة البديلة»، قال واينر إن «الأمم المتحدة ستعمل على انعقاد مؤتمر وطني جامع لليبيين، يتقدم بطلب إلى مجلس الأمن الدولي لسحب الاعتراف من جميع المؤسسات الليبية السياسية، وتمرير قانون يطالب ليبيا بتنظيم انتخابات عامة في غضون ستة أشهر».

ويرى واينر أن «تلك الخطة البديلة تظل البديل الحقيقي المتاح لإنهاء الفوضى المستمرة وحالة الجمود الراهنة، قبيل المؤتمر الدولي الذي تستضيفه مدينة باليرمو الإيطالية منتصف الشهر الجاري».

***

جوناثان إم. وينر ـ كان مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى ليبيا ، ونائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون إنفاذ القانون الدولي ، ومحامي السناتور الأمريكي جون كيري. وقد كتب وحاضر على نطاق واسع حول سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، ومكافحة الإرهاب ، وغسيل الأموال ، والشبكات غير المشروعة ، والفساد ، والقضايا الأمريكية الروسية.

_____________

ترجمة وتلخيص هبة هشام (بوابة الوسط) عن مقال نشر بموقع معهد الشرق الأوسط

مواد ذات علاقة