بقلم كارلوس زوروتوزا

غيرت الثورة الليبية من أوضاع النساء في البلاد ومكنتهن من البدء في شق طرقهن الخاصة في الحياة. لكن هذا الأمل سرعان ما انطفأ، وأصبحن الآن يتعرضن لضغوط قوية قد تصل لتهديدات بالقتل.

كان حلم فاطمة العمراني أن تصبح صحفية، لكن انتهى بها الأمر بدارسة المحاسبة، لأن الصحافيات في عهد القذافي كن يعرفن بـولائهن للنظام“. وتوضح الشابة البالغة من العمر 28 عاما في مقابلة دويتشة فيلة لم تكن هناك حرية تعبير، لا بالنسبة للنساء ولا لأي شخص آخر“.

وكانت المفارقة أن سمحت لها الحرب الأهلية بتحقيق حلمها ووفرت لها الفرصة غير المتوقعة للعمل في مجال الإعلام.

ففاطمة العمراني، التي ولدت وترعرعت في مصراتة، كانت هناك أيضاً عندما سيطر الثوار على المدينة، وعملت في إذاعة تابعة للمدينة، فأصبح صوتها معروفاً أثناء الحصار الذي دام شهرين على المدينة من قبل قوات القذافي في ربيع عام 2011، بل كانت تشعر أن صوتها مرحباً به: “أعطاني الرجال الفرصة، وكان يبدو أنهم مسرورون بذلك“.

انتقلت فاطمة بعد الحرب إلى العاصمة طرابلس، حيث أصبحت أول امرأة تقدم برامج تلفزيونية في العاصمة الليبية بعد الحرب وبقيت في عملها حتى عام 2013 على الرغم من التهديدات المستمرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو أثناء تغطيتها للأحداث الميدانية في شوارع العاصمة.

وبعد مرور عام، عادت الصحفية الشابة إلى مصراتة لتقدم برنامج إذاعي على الهواء، وركزت على الاعتداءات التي تتعرض لها النساء ، فبدأت في تلقي العديد من الاتصالات الغاضبة، تعرضت للإهانة من الجميع كما تلقيت تهديداتٍ بالقتل، لم يصلني سوى دعم من متصل واحد“. وتقول فاطمة وهي ناشطة في حركة تمازيغت وهي مجموعة تدافع عن حقوق النساء الأمازيغيات في ليبيا، عندها فهمت أن النساء قمن بالدور المطلوب منهن أثناء الحرب، والرجال الذين يحكمون البلاد لم يعودوا بحاجة إليهن“.

نهى الحاسي، وجه مألوف آخر في مدينة زوارة الليبية، فهي واحدة من قلائل لم يرتدين الحجاب، وتقول: “إن المشكلة الرئيسية في البلاد هي عدم فصل الدين عن السياسة و تضيف: “إن نساء ليبيا أدركن بعد الحرب أن لديهن الحق في التعبير عن آرائهن والمشاركة، لكنهم الآن يريدون أن يسلبونا كل ما حققناه“.

العنف ضد المرأة

من الواضح أن الأمر لم يتحسن في شرق ليبيا، ففي فبراير/ شباط عام 2017 أعلن الناطق باسم ما يعرف بميليشيات الجيش الوطني الليبي أنه على جميع النساء بين 18-45 عاماً عدم السفر بدون محرم.

في حادثةٍ أخرى، تم العثور على جثة المحامية المعروفة والناشطة الحقوقية سلوى بوكعيكيص بعد إطلاق النار عليها في منزلها في بنغازي.

وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية قالت هبة موريف: “اغتيال سلوى كان نقطة تحول سلبية للنساء الناشطات في ليبيا للمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية بعد 2011″، كما أشارت إلى العنف المتزايد ضد المرأة التي مازالت تكافح لإيجاد مكان لها في الحياة السياسية.

وفي حديث هاتفي مع أسماء خليفة، إحدى المؤسسات لحركة النساء الأمازيغيات تقول: “أصبح الوضع أكثر خطورةً وصعوبةً بالنسبة للنساء بعد سيطرة السلفيين على العمل السياسي. لكن الدين ليس هو المشكلة الوحيدة، فالرجال ببساطة لا يريدون رؤيتنا في الشوارع“.

آمال متقطعة

زيتونة معمر، رئيسة جمعية تطور النساء العربيات، إحدى الجمعيات العديدة التي ظهرت بعد الثورة،  تقول لـ دويتشة فيلةلدى النساء الآن وعي أكبر لحقوقهن، وأصبحن منظمات أكثر من قبل، لكنها ترى أن مازال هناك الكثير الذي يجب القيام به.

تحاول زيتونة معمر من خلال عملها تشجيع النساء الليبيات على التنديد بالاعتداءات المباشرة ضدهن، الكثير من النساء تعرضن للاغتصاب في ليبيا، لكن ليس لديهن مكان يلجأن إليه، كذلك ليس لديهن القدرة على الحديث عن ذلك“.

المعالجة النفسية  سمر أوسعود أكدت صحة ما قالته زيتونة معمر حول العدد الكبير من الاغتصابات وتقول إن اليأس والقلق سيطر على النساء هنا: “وجدت النساء مرهقات أكثر من الرجالوتضيف إنهن خائفات من استمرار الفوضى في البلاد، خائفات من أجل أطفالهنو تقول إن التفكير بالانتحار شائع جدا بين النساء. “إن النساء يأتين إلى العيادة للبحث عن الاهتمام، النساء يحتجن لمن يستمع لهن، و أكثر من ذلك كله، يحتجن للبكاء“.

***

كارلوس زوروتوزا ـ مراسل مستقل يغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد قدم عدة تقارير في الجزيرة والدبلوماسي ودويتشة فيلة.

____________

مواد ذات علاقة