ست توصيات يجب ان يقوم بها المجتمع الدولي على عجل

إعداد: عماد الدين المنتصر

نسخة مترجمة لمذكرة قدمت للأمم المتحدة والحكومة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي و المنظمات الدولية بخصوص أزمة نهب و تخريب منشآت النهر الصناعي.

الموضوع: فقدان 40% من إمدادات المياه عن الشمال الغربي لليبيا

معالي السيد أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة

السيد أنطونيو غوتيريس:

يتعرض النهر الصناعي، وهو المصدر الأساس للمياه العذبة في شمال ليبيا المكتظ بالسكان، للتخريب المتكرر و المتعمد. يضخ هذا النهر الصناعي المياه من مكامنها الجوفية في الأحواض الجنوبية بالكفرة ومرزق والحمادة إلى شمال شرق وشمال غرب ليبيا عن طريق شبكة من الأنابيب المشيدة تحت الأرض. كما هو مبين في الخريطة رقم (1)، توجد أربعة حقول آبار مياه رئيسية هي: الجغبوب، والكفرة، وجبل الحساونة، وغدامس. تربط شبكة الأنابيب التي تحت الأرض هذه الآبار بالخزانات ومحطات الضخ التي تخدم 80٪ من احتياجات الليبيين لمياه الزراعة والمعيشة. يتضح من ذلك أن النهر الصناعي هو أحد أعمدة الحياة والأمن في ليبيا، لأنه مصدر المياه الوحيد الثابت لأكثر من 6 ملايين نسمة.

قدّم في الآونة الأخيرة مهندسون مختصون بالنهر الصناعي أدلة موثقة عن تخريب وتدمير الآبار ومحطات الضخ إلى مؤسسة الديمقراطية وحقوق الإنسان. تشير هذه التقارير إلى أن أكثر من 97 بئر من بين 250 بئر قابلة للتشغيل في منطقة الحساونة قد دمرت حتى الآن. إن شبكة الحساونة المتضمنة لهذه الآبار المدمرة هي المصدر الرئيس للمياه لأكثر المناطق الليبية ازدحاما بالسكان والتي تشمل منطقة الشويرف جنوبا ثم مصراتة والعاصمة طرابلس في الشمال وتنتهي في منطقة الجبل الغربي. هذا التطور المدمر هو أمر بالغ الأهمية حيث تحتضن هذه المدن ما يقارب من 67 ٪ من السكان الليبيين.

على الرغم من عِظم هذه الأزمة لم يتم تحقيق رسمي واحد بشأن الجناة أو دوافعهم، ويشير موظفو النهر الصناعي، الذين تم منعهم مؤخراَ من التحدث علنًا عن هذه الأحداث الكارثية، أن التخريب والتدمير يتم لأسباب سياسية واقتصادية. هناك مجموعات منظمة في ليبيا تسعى إلى إثبات صحة موقفها المعارض لثورة 2011 عن طريق خلق حالة من التسيُب الأمني و فرض ظروف معيشية شاقة على الليبيين. بالإضافة لهذه الأسباب السياسية فإن الأجهزة الضخمة من المُحوِلات والمضخات والأسلاك ذات الجهد العالي التي تحتوي على كميات كبيرة من النحاس تغري تجار الخردة بالاستيلاء عليها و بيع النحاس المحتوية عليه لدول جنوب الصحراء أو عن طريق الموانئ الشمالية الليبية. وفي العديد من الحالات، تتقاطع المصالح السياسية والاقتصادية فتقوم الجماعات السياسية النافذة بحماية و تحريض المخربين و تجار الخردة.

يتعرض مقر الإدارة الرئيسية للنهر الصناعي في بنغازي لضغوط من أطراف سياسية وعسكرية للتقليل من شأن هذه الجرائم و قد بدأت ، منذ أسبوعين، هذه الإدارة بحملة على المبلغين في محاولة للسيطرة على المعلومات المتداولة خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. لهذه الأسباب و غيرها فإن مدى تخريب و نهب منشاّت النهر الصناعي في شرق البلاد لا يزال غامضا.

حاول موظفو النهر الصناعي في المنطقة الغربية تدارك هذه الأزمة فالتقوا بممثلين عن حكومة الوفاق و عن بعثة الأمم المتحدة ليبينوا لهم أبعاد التخريب و تداعياته. بائت هذه اللقاءات بالفشل ووقعت أصواتهم على آذان صماء تجاهلت طلباتهم و توصياتهم.

استمرار الدمار والتخريب و تقاعس المسؤولين المحليين و الدوليين عن السعي لحل الأزمة سيشكل خطرا محدقا يؤدي لقطع المياه لأسابيع أو أشهر طويلة عن المناطق الغاصّة بالسكان. سيؤدي ذلك كله إلى كوارث إنسانية وزراعية وبيئية بالإضافة لتداعيات أمنية و اقتصادية خطيرة.

تطالب مؤسسة الديمقراطية وحقوق الإنسان بموجب هذا التقرير أن يتخذ المجتمع الدولي خطوات لحماية موارد المياه الهشة في ليبيا. وعلى وجه التحديد، فإنني أناشد الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والمحكمة الجنائية الدولية اتخاذ الخطوات العاجلة التالية:

1- ملاحقة المخربين بالعقوبات الدولية وإجراءات المحكمة الجنائية الدولية. و يجدر بالذِكر أنني كنت قد خاطبت المحكمة الجنائية الدولية و الأمم المتحدة مرتين أولاهما في 10 أكتوبر 2017 و ثانية في 29 نوفمبر 2017 حيث قدمت مذكرة مدعمة بالصور و الأشرطة والاسماء لمخربين استهدفوا أنابيب الغاز و محطات التحكم و الضخ لمياه النهر الصناعي. ولم يصدر من أيٍ من الجهتين إجراءات بالخصوص. نتسائل عن سبب هذا التقصير المريع في ملاحقة من يُعرض الأمن المائي و الغذائي لشعب بأكمله للخطر في حين تنشغل المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة أحمد المهدي المتهم بتخريب الآثار و المباني القديمة في مالي.

2- إلى أن يتم استعادة الأمن في ليبيا، يجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يجعلا شراء صادرات الخردة المعدنية الليبية منافيا للقانونَ. إن هذا النشاط الذي يبدو بريئا في ظاهره إنما هو عمل إجرامي منظم يعتمد على سرقة خطوط الطاقة الكهربائية ذات الجهد العالي، وأبراج الطاقة، ومحولات وأجهزة التحكم في المياه، وتدمير التمديدات الحيوية ومرافق البنية التحتية، بالإضافة إلى الممتلكات العامة الأخرى كالآلات والمعدات الحكومية. أما خطوط التصدير الدولية، وخاصة عبر البحر الأبيض المتوسط ، فهي معروفة جيداً ويمكن إيقافها بسهولة.

3- فضح القادة العسكريين والسياسيين الذين يوفرون غطاء للمخربين أو يعملون في بيع النحاس والخردة المعدنية.

4- مطالبة بعثة الأمم المتحدة وحكومة الوفاق الوطني ببدء حوار جاد مع زعماء القبائل في مناطق الشويرف وبراك الشاطي والقيرا. ووفقًا لموظفي النهر الصناعي، يستطيع هؤلاء القادة القبليون التعرف بسهولة على قادة وزعماء المخربين والمهربين. لا مناص من استخدام قوة القانون الدولي ضد زعماء القبائل الذين يوفرون الغطاء والحماية للمخربين. وينبغي أن تقترن هذه الضغوط بحوافز للتعاون من أجل فرض هيبة القانون و حماية المنشاّت.

5- تقديم الدعم للكتيبة 168 التي تولت مؤخراً مسؤولية حماية البنية التحتية للنهر الصناعي فبدون هذا الدعم و التعريف بمجهوداتها و تضحياتها، قد تُستهدف هذه الكتيبة من قبل ميليشيات مسلحة أخرى أو قد تخترقها عناصر إجرامية.

6- توفير الدعم المادي و التقني للحكومة المركزية والبلديات المتضررة من أجل وضع خطط طوارئ للتعامل مع حالات انقطاع المياه و تجنب الفوضى و الإنفلات في حالة حدوث ظروف معيشية صعبة تنتج عن انقطاع طويل الأمد.

إن اهتمامكم العاجل بهذه الأزمة الملحة سيحد من تفاقم أعمال التخريب و النهب وسيوفر لجهاز النهر الصناعي الحماية اللازمة و الظروف المناسبة للشروع في إصلاح ما تلف من آبار و محطات الضخ. الخيارات محدودة و الوقت قصير و التكلفة ستكون عالية إن آثرتم غير ذلك.

مع فائق الاحترام
عماد الدين زهري المنتصر
رئيس منظمة الديمقراطية و حقوق الانسان

نسخة إلى:
مكتب شؤون المغرب العربي بوزارة الخارجية الأمريكية
سعادة السناتور جيمس ريسش، لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي
سعادة النائب إد رويس، لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي
سعادة فيدريكا موغيريني، مندوبة الشؤون الخارجية بالإتحاد الأوروبي
السيدة فاتو بنسودا، المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية
سعادة أولوف سكوغ، لجنة العقوبات بالأمم المتحدة
السيد تورغني هولمغرن، المدير التنفيذي، معهد ستوكهولم العالمي للمياه
السيد غيلبرت هوانغبو، رئيس مكتب الأمم المتحدة لشؤون المياه
السيد جيمس هارمون، رئيس معهد الموارد العالمية
السيد لويك فاوتشون، مجلس الموارد المائية
السيدة حنان صلاح، هيومن رايتس واتش
السيدة مروى محمد، آمنستي أنترناشيونال

_______________

المصدر: صفحة الكاتب على الفيسبوك

مواد ذات علاقة