بقلم محمد غميم

الجميع يدرك أن المناخ الأنسب والبيئة الخصبة لتنامي الإرهاب وتوسع امتداد الجماعة الإرهابية هي الفوضى الأمنية التي تسببها غياب الحكومات أو تقاعسها عن تأدية مهامها.

هذه المعادلة وعاها المجلس الرئاسي والحكومة المنبثقة عنه، حيث أعلنوا في أول تصريح بعد هجوم حفتر وميليشياته على العاصمة في الرابع من شهر أبريل الماضي، أن المخاوف تكمن في إمكانية عودة نشاط الجماعات الإرهابية التي لها صولات وجولات فى ظل هذه الظروف.

إدراك هذه المعادلة من الرئاسي جاء بعد ما تحقق من استئصال للإرهاب في سرت عن طريق قوات البنيان المرصوص المكلفة منه، تلاها عمله على استيعاب كل المجموعات المسلحة الأمنية والعسكرية في مؤسسات الدولة، ما نتج عنه تضييق الخناق على الإرهاب في المنطقة الغربية، بشهادة الأمم المتحدة التي زار أمينها العام طرابلس مطلع الشهر الماضي، ومن غير المنطقي أن يزور عاصمة مهددة من الإرهاب.

في المقابل، ورغم تشدقه الدائم وتمسكه بشماعة الإرهاب، لم يسيطر حفتر على منطقة إلا وأسهم في تنامي الإرهاب فيها، والتفجيرات الأخيرة في بنغازي وسبها دليل واضح على ذلك.

هذه الشماعة أثبتت ضعفها منذ أن سمح لرتل من داعش بالهروب من درنة إلى سرت، وأفعال جنوده وأتباعه التي لا تختلف عن أفعال الجماعات المتشددة، غير أن اللافت هو استمرار دعم بعض الأطراف الدولية له التي ما زالت تصفه بأنه الجنرال الذي حارب الإرهاب فى الشرق والجنوب.

اليوم كل الدلائل تثبت أن مخاوف حكومة الوفاق كانت فى محلها؛ فمنذ بداية هجوم حفتر على العاصمة ألقت القبض على قياديين من داعش، ونجحت فى رصد بعض التحركات وإفشالها قبل أن تخترق أمن العاصمة والمدن المجاورة لها.

على عكس ذلك تماما في المناطق التي تسيطر عليها قوات حفتر، حيث سُجلت حادثتان فى المناطق التي يدعي السيطرة عليها، ودخلت داعش وهجمت وقتلت وحرقت وخرجت دون أن تجد أي مقاومة أو حتى ردة فعل، وإعلامه يداري فضائحه وضعفه وفشله باستعطاف الناس بمشاهد القتلى والدماء، بل وأكثر من ذلك، بعض مناصريه يلومون الناس لعدم تحركهم ودفاعهم عن الجيش!.

الحقيقة التي لا ينكرها إلا جاهل أنه فى هذه الآونة عاد نشاط الإرهاب بشكل متوازٍ مع انقلاب حفتر وهو ما يطرح علينا تساؤلات:

بماذا سيرد داعموه الدوليون الآن؟،

وهل ما زالوا سيروجون أنه نجح فى محاربة الإرهاب؟،

وهل سيستمر التسويق له بأنه رجل المرحلة؟ خاصة أنه لم يفلح فيما خطط له من السيطرة على ليبيا وحكمها عسكريا.

الواقع يقول إن حفتر لم ينجح في تحرير الجنوب، ولم ينجح في محاربة الإرهاب، ولم ينجح في دخول العاصمة، ودحر هذا المجرم وقواته مسألة وقت فقط، واستمراره بهذا النهج لن ينتج إلا خسارة شباب في مقتبل العمر ألقى بهم مجرم في أتون حرب لإشباع غرائزه السلطوية دون النظر إلى الشرخ الاجتماعي الذي تسببه، والتعويل لا يزال على عقلاء المنطقة الشرقية لنفض يدهم من هذا المجرم؛ حماية لأبنائهم وحفظا للوطن وأهله ووحدته.

***

محمد غميم ـ كاتب ومحلل سياسي

_____________

مواد ذات علاقة