قال الباحث في جامعة إشبيلية والمتخصص في الجماعات المسلحة بالساحل (البشير محمد لحسن) لصحيفة الخبر الجزائرية أن تنظيم الدولة لم يَمُت يوماً في ليبيا حتى نقول أنه ولد من جديد.

وجاء ذلك بعد اعلان جماعة مسلحة في جنوب ليبيا مبايعتها للبغدادي، حيث تساءلت الصحيفة:

هل نحن أمام ميلاد ثاني للتنظيم في ليبيا التي تعيش انهيارا امنيا ؟

وما علاقة الرسالة الاخيرة للبغدادي بمبايعة فرع ليبيا اليوم؟

وأضاف لحسن صحيح أنه تم طرده التنظيممن كبريات المدن التي سيطر عليها سنوات 2014 و2015 كدرنة وسرت وهراوة وغيرها.

إلا أن تواجده بليبيا لم يخفت يوماً، فقد كان يتراجع للصحراء الليبية لإعادة تنظيم صفوفه وتجنيد مقاتلين جدد والعودة لاستعادة المدن التي خسرها وضم أخرى جديدة.

وأوضح المتحدث ان معظم مدن الجنوب الليبي تشكل “الحزام الرخو” الذي يرجح أن يعود التنظيم من خلاله.

كما أشار إلى أن ظهور التنظيم وسيطرته المكانية على حواضر مثل تمنهنت وأم الأرانب وغدوة ماهو إلا مسألة وقت.

وفي هذا السياق، قال(تعد مناطق المزارع في الجنوب الليبي الحاضنة المهمة التي يعتمد عليها التنظيم في إطار استراتيجية السيطرة على المدن بدءاً من الجنوب. كما بيّن أن شهري مايو ويونيو الماضيين شهدا نشاطاً مكثفاً للتنظيم نفذ خلاله عمليات نوعية في بعض المدن كغدوة وتمنهنت وغيرهما.

وحول كشف البغدادي قبل شهرين عن استراتيجية تنظيمه المتمثلة في إعادة الانتشار بعد خسارة المدن في كل من سورية والعراق و ذكره بالإسم في خطابه الأخير ولايات أفريقيا.

قال لحسن (الحقيقة أن القارة السمراء تمثل أرضية خصبة لإعادة تجميع صفوف التنظيم وتمكينه من السيطرة على المدن والحواضر بكل سهولة. ففي إفريقيا دول كثيرة هشة بكل معاني الكلمة وخاصة دول الساحل. جيوش ضعيفة وغير مؤهلة ولا تمتلك الإمكانيات ولا المعنويات للقتال المفتوح في مساحات صحراوية شاسعة جدا، يجيد التنظيم التحرك والتخفي فيها).

وأضاف (أما اجتماعياً، فتعاني إفريقيا من الكثير من الصراعات الاثنية والعرقية التي تشكل فرصة ثمينة للتنظيم لإيجاد موطئ قدم، ليس فقط للسيطرة على المدن، بل وتفعيل القضاء والصلح بين المتخاصمين خاصة المزارعين وملاك المواشي.

وأوضح انه قد نجحت هذه الاستراتيجية في نيجيريا التي طبقها التنظيم فيها فعليا. وقال ايضا (البغدادي دعا إلى “حرب استنزاف” طويلة الأمد، وهذه الحرب لا

تحتاج إلى الكثير من العدة أو العتاد، بل يكفي للقيام بها مجموعة صغيرة تتحرك بشكل دائم فتضرب هنا وهناك حتى تنهك الجيوش المثقلة اصلا بالفساد وقلة الإمكانيات).

ورأى لحسن أن التنظيم في مرحلة تجميع الصفوف والتنظيم الهيكلي، وأشار إلى أن إفريقيا تختلف عن الشرق الأوسط من حيث الأهمية الاستراتيجية.

وقال (إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد شكلت التحالف الدولي لقتال التنظيم في العراق وسورية، فإنها ليست متحمسة لفكرة مماثلة في إفريقيا. وقد وصل التنظيم إلى بلدان كانت حتى الأمس القريب في منأى عن هجماته كبوركينا فاسو أو ساحل العاج أو جمهورية افريقيا الوسطى أو الكونغو مثلاً، ناهيك عن نشاطه الكثيف في دول الساحل كتشاد، النيجر ومالي إضافة إلى نيجيريا).

وأوضح أن التنظيم يمتلك الكثير من العتاد والعدة والمقاتلين الذين يقدر عددهم بما بين 3500 إلى 4000 مقاتل.

وبيّن أن التنظيميعتمد بالدرجة الأولى على الغنائم التي يغنمها من الجيوش بمنطقة الساحل، إضافة إلى الفديات والضرائب التي يفرضها في مناطق سيطرته.

كما أشار إلى أن التنظيم يحاول إيجاد موطئ قدم له أين استطاع، وتونس هي إحدى الدول المستهدفة لعدة أسباب،. وقال (لعل أهمها أنها البلد المغاربي الأكثر تواجدا في التنظيم الأم بالعراق وسورية، فقد تجاوز عدد التونسيين بصفوفه أكثر من 6000 آلاف، وهو رقم كبير جدا بالنظر لعدد سكان البلد.

أما السبب الثاني فهو اعتماد الاقتصاد التونسي على السياحة بشكل كبير وهو ما يعد هدفاً استراتيجياً للتنظيم، لتواجد الغربيين ووقوف التنظيم بشدة ضد قطاع السياحة.

كل ذلك يضاف إليه تواجد خلايا نائمة تابعة للتنظيم بتونس وحتى مقاتلين بالمئات داخل التراب الليبي.

كل تلك العوامل، مجتمعة أو متفرقة، ساهمت في جعل تونس ضمن أهداف التنظيم التي يحاول كلما استطاع تنفيذ الهجمات فيها).

***

البشير محمد لحسن صحفي وباحث صحراوي ومتخصص في الجماعات الإسلامية بمنطقة الساحل والصحراء، ويعمل في جامعة إشبيلية. وهو ورئيس هيئة الصحفيين الصحراويين بأوروبا

____________

مواد ذات علاقة