Migrants at a detention center in Zawiyah, west of Tripoli, on June 17, 2017. TAHA JAWASHI/AFP/Getty Images

بقلم سالي هايدين

يمول الاتحاد الأوروبي خفر السواحل الليبي لإبعاد المهاجرين عن أوروبا واحتجازهم في دولة فاشلة الأمر الذي يجعلهم تحت رحمة الميليشيات والمتاجرين بالبشر.

الجزء الثاني

من الواضح أن الأمم المتحدة تعمل في ظروف صعبة في ليبيا، حيث لا تزال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تفتقر إلى تفويض في ليبيا، على الرغم من دور الأمم المتحدة في إضفاء الشرعية ودعم حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها.

وحيال هذا الشأن، أورد المسؤول السابق بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، جيف كريسب، أن ليبيا ربما تكون أسوأ سيناريويمكن للمفوضية العمل عليه.

في رسالة بالبريد الإلكتروني، ذكر كريسب أن المشاكل التي تعاني منها المفوضية في ليبيا تتضمن: “الاعتماد على تمويل الاتحاد الأوروبي وعدم القدرة على تغيير سياسته؛ حكومة مدعومة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ ضعف المؤسسات الحكومية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالميليشيات؛ شعور اللاجئين باليأس بسبب عدم قدرة المفوضية على تقديم يد المساعدة؛ ومخاوف بشأن سلامة وأمن الموظفين“.

قال أحد مسؤولي الإغاثة الذين زاروا العديد من مراكز احتجاز اللاجئين، إنه من الواضح أن المهام التي تزعم الوكالات التابعة للأمم المتحدة أنها تقوم بها إما أنها لا تقوم بتنفيذها بالفعل أو أنها غير فعالة.

وأضاف المصدر ذاته أن هذه الوكالات تعمل على تضليل الجهات المانحة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، حول تقديم المساعدات بشكل منتظم إلى مراكز الاحتجاز بما في ذلك الزنتان.

كما أكّد أيضا أن هذه الوكالات لم تكن صادقة حول حقيقة تواصلها مع اللاجئين والمهاجرين لمعرفة احتياجاتهم وأولوياتهم. كما أفاد المصدر ذاته بأن التقارير الخاطئة التي يقع إرسالها إلى الجهات المانحة تحتوي على أرقام وهمية، وتستخدم هذه الوكالات فرقًا طبية غير موجودة“.

من جهتها، لم ترد المفوضية بشكل خاص على هذه التهم، إلا أنها كتبت بيانا لمجلة فورين بوليسيأكدت فيه أن المنظمة الدوليّة للهجرة متواجدة في شرق وغرب وجنوب ليبيا. وتؤدي فرقنا زيارات منتظمة لمراكز الاحتجاز، وتقدّم المساعدة الطبية الطارئة ومواد الإغاثة الأساسية، وتنسيق المساعدة التطوعية للعودة الإنسانية للراغبين في العودة إلى ديارهم. إن اتهام المنظمة بتزوير التقارير أمر غير مقبول إطلاقا“.

في المقابل، بيّن عمال الإغاثة خلال حديثهم أنهم يشعرون بخيبة أمل لأن الوكالات التابعة للأمم المتحدة ترفض الاعتراف بالقيود المفروضة على ما يمكنهم القيام به في ليبيا، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على أوضاع اللاجئين ويتسبب في ارتفاع عدد الوفيات في صفوفهم. وقال أحد مسؤولي الإغاثة إن ما نراه في ليبيا هو حالة من الفوضى العارمة.

كل ما نفتقده هنا هو الاستعداد للحديث عن الوضع، حيث يشعر اللاجئون بخوف شديد“.

بالإضافة إلى ذلك، يشعر عمال الإغاثة بالإحباط لأن الأمم المتحدة لا تستغل نفوذها لتطالب حكومة الوفاق الوطني بإصلاح نظام احتجاز المهاجرين، لا سيما أن الأمم المتحدة تضفي شرعية على الحكومة الليبية من خلال دعمها خاصة في حربها مع جيش المشير حفتر.

قال مسؤول إغاثة حضر اجتماعات رفيعة المستوى إنه بدلا من أن تعترف الهيئات الحكومية الدولية بالعيوب الموجودة فيها، فإن هناك ممثلين عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة يدافعون عن الميليشيات الليبية المرتبطة بحكومة الوفاق الوطني.

وأضاف المصدر ذاته أن أحد ممثلي المنظمة الدولية للهجرة اعتبر التقارير التي صدرت حول عدد الوفيات في الزنتان غير صحيحة، وأكد الموظفون في كلا المنظمتين أن اللاجئين والمهاجرين يبالغون.

في بيان لمجلة فورين بوليسي، قال المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة، ليونارد دويل، إن المنظمة كانت على الدوام تتحدث عن الظروف القاسية في مراكز الاحتجاز في ليبيا.

وأضاف قائلا: “لقد قمنا، بالاشتراك مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بدعوة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إلى تبني نهج جديد للتعامل مع الوضع في ليبيا“. فضلا عن ذلك، أوضح دويل أن التبرعات ساهمت في إعادة أكثر من 47 ألف لاجئ إلى بلدانهم منذ سنة 2015، وما تزال المنظمة تواصل تقديم المساعدة اللازمة لآلاف المهاجرين والنازحين داخل ليبيا.

والجدير بالذكر أن مجلة فورين بوليسيتتواصل بشكل منتظم مع عشرات اللاجئين والمهاجرين الموجودين حاليا في مراكز الاحتجاز الليبية الذين أكدوا مرارًا وتكرارًا خلال السنة الماضية أن الأمم المتحدة لا تمثلهم بشكل مناسب.

وقال أحد المحتجزين: “المفوضية لا تستمع إلينا بل إلى الجنود“. وأضاف محتجز آخر: “المفوضية لا تعمل لصالحنا. إنها منظمة إجرامية“. واتهم مُحتجز ثالث موظفي الأمم المتحدة بأنهم يعاملون المحتجزين معاملة الحيواناتويتجاهلونهم.

حين اندلع القتال في طرابلس في آب/ أغسطس 2018، تلقّت مجلة فورين بوليسيأدلّة تثبت أن ربع عدد اللاجئين الموجودين في بعض مراكز الاحتجاز المحاصرة فحسب وقع تسجيل أسمائهم لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، على الرغم من تقديمهم مطالب تسجيل لمدة أشهر.

يشعر مسؤولون مطلعون على الأوضاع في ليبيا بالقلق من احتمال عدم توفر ضوابط وموازين، لأن وكالات الأمم المتحدة الأخرى لا ترغب في أن تتلقى أسئلة حول كيفية عمل المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة.

وحيال هذا الشأن، قال أحد مسؤولي الإغاثة: “تتنافس كل من المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة للحصول على الموارد، ولكن عندما يتعلّق الأمر بفشلهما يتحد مسؤولو المنظمتين للدفاع عن أنفسهم كجبهة موحّدة“. وأضاف قائلا: “يوجد استراتيجيات مختلفة، تتمثل إحداها في التجاهل، والأخرى في التظاهر بأن كل الأمور تسير على ما يرام، والثالثة النظر في الأمر دون القيام بأي شيء“.

في الوقت الذي ساعدت فيه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين 1540 لاجئا على مغادرة ليبيا خلال سنة 2019، لا يعتبر هذا العدد سوى عدد بسيط للغاية من إجمالي عدد المهاجرين الذين ظلوا عالقين بين مراكز الاحتجاز وتحت رحمة المهربين وخفر السواحل الليبي.

وقد انتظر بعضهم سنوات عديدة حتى يتم إجلائهم. في شهر أيار/ مايو، وقع إعادة حوالي 1224 لاجئًا من البحر الأبيض المتوسط ووقع احتجازهم في مراكز، ما يمثل أيضا خطرا على حياتهم.

يُذكر أنه في شهر تموز/ يوليو، سار الناجون من القصف الذي تعرّض إليه مركز احتجاز في تاجوراء في شوارع طرابلس الخطرة لعشرات الأميال.

إثر ذلك، نشر المتحدث الرسمي باسم المفوضية تغريدة أعلن فيها نجاح عملية إجلاء الناجين إلى بر الأمان“. في سياق متصل، قال مصدر عمل مع الأمم المتحدة في ليبيا: “يمكنني أن أُؤكّد أن هناك غلوّا كبيرا.

إن مقدار الوقت والمال الذي ننفقه على الرؤية والعلاقات العامة أكثر مما يقع إنفاقه على العمل الفعلي“.

في رسالة إلكترونية أُرسلت إلى مجلة فورين بوليسي، قالت المتحدثة باسم المفوضية، سيسيل بويلي، إن البيان الصحفي الذي أصدرته الوكالة في 24 نيسان/ أبريل أوضح أن نقل اللاجئين والمهاجرين إلى مركز احتجاز الزاوية كان الخيار الوحيد المتاح في ذلك الوقت، وهو ما يشير إلى أن ليبيا مكان خطير وغير مناسب للاجئين والمهاجرينوبناء عليه تدعو إلى إطلاق سراحهم وإجلائهم إلى بر الأمان“.

بالنسبة للاجئين والمهاجرين الذين ما زالوا رهن الاحتجاز، أصبحت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تمثّل رمزا للعجز والخمول. وفي هذا الصدد، ادّعى لاجئ من دارفور أن المحتجزين يتعرضون للتهديد والضرب على أيدي قوات الحرس الليبي أمام موظفي المفوضية دون أن يقوم الموظفون بأي شيء لإيقافهم.

ولكن المفوضية دحضت هذه المزاعم. فضلا عن ذلك، قال ناج من القصف إنه فقد الأمل في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وأعرب عن استعداده للعودة إلى المهربين، مضيفًا أريد أن يعرف العالم كيف يعاني الناس في ليبيا، لأن الكثير من الناس يموتون ويفقدون عقولهم هنا“.

***

سالي هايدن صحافية مستقلة متخصصة في شؤون اللاجئين وتركز على الهجرة وحقوق الإنسان والأزمات الإنسانية. وقد كتبت لقناة الجزيرة ، الأيرلندية تايمز ، التايم ، واشنطن بوست ، نيوزويك ، وغيرها.

____________

مواد ذات علاقة