بالسلاح والمرتزقة والدعم الاستخباراتي

منذ بدء حملته العسكرية المسماة عملية الكرامةببنغازي في مايو/أيار 2014 تواترت الأدلة عن حصول اللواء المتقاعد خليفة حفتر على أسلحة من الإمارات العربية المتحدة ومصر ودول أخرى رغم الحظر الأممي.

.الجزء الأول

لكن هجومه على طرابلس التي بدأه في 4 أبريل/نيسان 2019 وما تلاها من محاولات اقتحام العاصمة آخرها في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري كشف عن دعم هائل وترسانة كبيرة من هذه الأسلحة مصدرها الأساسي الإمارات ومصر، يسندهما دور فرنسي وروسي نشط على اختلاف طريقة الإسناد والغايات.

خلال الأشهر الأخيرة من حربها على طرابلس كثفت قوات حفتر غاراتها بالطائرات بدون طيار الحديثة من نوع وينغ لونغ2″ التي تستعمل صواريخ بلو آرو بي أي7″، وظهرت أرتال العربات المدرعة الإماراتية من نوع تايغرواستعملت صواريخ بانتسير أس 1″ قصيرة ومتوسطة المدى المضادة للطائرات والتي تملكها كل من الإمارات ومصر وزودت بها قوات حفتر.

وفي 29 يونيو/حزيران الماضي أكد الناطق باسم الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني محمد قنونو خلال مؤتمر صحفي عقده في غريان أن قوات الوفاق استولت إثر سيطرتها على المدينة على 70 عربة سليمة ومدرعات إماراتية وطائرات مسيرة وصواريخ أميركية الصنع، كما عثر على صواريخ جافلينالأميركية اعترفت فرنسا بملكيتها لها.

تؤكد هذه الأسلحة المصادرة أن حفتر استفاد طوال سنوات الحرب بشكل ممنهج ومستمر من الدعم الإماراتي والمصري والفرنسي إضافة إلى دعم روسي تكثف في الأشهر الأخيرة، ليبسط سيطرته على بنغازي، ثم تعزيز نفوذه شرقا والتمدد إلى الجنوب والغرب.

وكانت السيطرة على طرابلس قطب الرحى في إستراتيجية حفتر والإمارات العسكرية والسياسية، ولذلك تكثف الدعم بالأسلحة النوعية والمرتزقة قبيل معركة طرابلس التي أطلقها في أبريل/نيسان 2019 وخلال هجومه الأخير حيث ظهرت المروحيات الهجومية الروسية من نوع (أم آي 35) “MI35”، في خرق واضح لقرار الأمم المتحدة رقم 1970 الصادر في مارس/آذار 2011 الذي يحظر صادرات السلاح إلى ليبيا.

رجل الحرب.. وأجندة مصر والإمارات

بداية عام 2014 بادرت مصر بتقديم دعم قوي ومستمر لحفتر بمنحه بعض الطائرات المقاتلة والمروحيات التي خرجت من الخدمة في جيشها، وبذلك وجدت ثماني طائرات من طراز ميغ 21 أم أف” (MiG-21MF) وعشر مروحيات مقاتلة من طراز مي 8 تي” (Mi8-T) وشحنات كبيرة من قطع الغيار والذخيرة طريقها إلى طبرق مركز سيطرة اللواء المتقاعد، ثم بدأ التعاون الإماراتي المصري الوثيق في بناء ترسانة حفتر.

وتشير التقارير إلى أن الإمارات زودت أيضا قوات حفتر في أبريل/نيسان 2015 بأربع مروحيات هجومية من طراز مي 24 بي” (MI 24P) اشترتها من روسيا البيضاء عام 2014.

في يونيو/حزيران من العام نفسه، نشرت حسابات إلكترونية صورا لطائرة خفيفة من نوع إيوماكس أي تي 802″(IOMAX AT-802) المعروفة أيضا باسم إير تراكتور” (Air Tractor) أميركية الصنع وتابعة لسلاح الجو الإماراتي في قاعدة جوية ليبية، وكانت علاماتها الوطنية مخفية، وتستخدم هذه الطائرة للرش الزراعي، كما يمكن تعديلها لحمل الصواريخ والقنابل.

وكانت قوات حفتر قد استولت في أغسطس/آب 2014 على طائرات إضافية إثر سيطرتها على قاعدة الوطية الجوية (قرب مدينة العجيلات غرب ليبيا)، حيث تربض طائرات قديمة من طراز ميراج أف 1″ (Mirage- f1) الفرنسية المقاتلة وقاذفاتسوخوي22 أس” (Su-22s) الروسية التي تعود إلى زمن القذافي.

استحوذت قوات حفتر على معظم الطائرات الموجودة في مرابضها منذ سنوات من نوع ميغ 21″ (MiG-21) وميغ 23″ (Mig 23) ومروحيات من نوع مي 8″ (MI 8) ومي 35″ (MI 35) ومي 17″ (MI 17)، ودبابات تي 54″ (T 54) وتي 55 (T55)، وجميعها أسلحة سوفياتية معطلة يعود تاريخها إلى عهد القذافي وتستوجب إصلاحا وصيانة، وهنا جاء الدعم المصري بقطع الغيار والتدريب.

تولت مصر تدريب عدد كبير من طياري المقاتلات والمروحيات، وتشير التقارير إلى تخريج 35 منهم في يوليو/تموز 2016، كما بثت قناة ليبيا الحدثتقريرا في 11 مارس/آذار 2018 لتخريج دفعة من طياري مي 24 بي ميل“(MI 24p Mil) الروسية الصنع سبق أن زودت بها الإمارات قوات حفتر عام 2015- تلقوا تدريباتهم في مصر.

وقبل تجهيز الطيارين المؤهلين نفذ طيارون من الإمارات هجمات في ليبيا لصالح قوات حفتر، ونشر موقع ميدل إيست آيفي سبتمبر/أيلول 2016 تسجيلات صوتية بين طيار إماراتي كان يستهدف بمقاتلته مواقع قرب بنغازي وضابط مراقبة ليبي في قاعدة بنينا الجوية في بنغازي، كما وظفت طيارين أجانب لتنفيذ عمليات قصف.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ذكرت مجلة إنتلجنس أونلاين” (Intelligence Online) المتخصصة في متابعة أجهزة الاستخبارات في العالم أن مؤسس شركة الأمن الأميركية بلاك ووتر” (Blackwater) إريك برنس ينفذ عمليات إماراتية خاصة في ليبيا، حيث يقود مرتزقة من شركته مقاتلات تقلع من قاعدة الخادم قرب بنغازي (كانت تعرف سابقا بالخروبة).

وأواخر عام 2015، كانت الإمارات قد زودت حفتر بطائرتين مسيرتين من طراز كام كوبتر أس 100″” (Camcopter s-100) رصدت إحداهما فوق بنغازي في مايو/أيار 2016، وتم الاعتماد ضباط إماراتيين لتسييرها انطلاقا من مطار بنينا أو قاعدة الخادم الجوية الواقعة جنوب بلدة المرج شرق بنغازي قبل تدريب كوادر ليبية.

بدعم إماراتي تكثف أيضا استخدام الطائرات المسيرة منذ عام 2016 في أجواء بنغازي باعتبار أنها معركة حفتر الرئيسية في ذلك الوقت، وقامت طائرات الاستطلاع من طراز كام كوبتربمهمات وغارات في منطقة قنفودة وأحياء سوق الحوت والصابري والهواري (معاقل المعارضة) أدت إلى مقتل مدنيين.

استعملت في معارك بنغازي كذلك قنابل من طراز أم كي 82″ (Mk 82) أميركية الصنع ومصدرها الإمارات، وقد ظهرت في صور وثقها مجلس شورى ثوار بنغازي وسرايا الدفاع عن بنغازي.

في إطار الخرق الإماراتي المتواصل للحظر الأممي، كشف تقرير للأمم المتحدة في فبراير/شباط 2018 أن السلطات التشيكية أوقفت بموجب بلاغ من الخبراء الأمميينتسليم محركات خاصة بمروحيات من طراز مي 24 في” (Mi-24v) إلى الإمارات حتى الحصول على مزيد من التوضيح.

وكانت شركة تشيكية مملوكة للدولة قد سلمت أبو ظبي في أبريل/نيسان 2017 سبع طائرات من هذا الطراز بموجب رخصة تصدير ممنوحة في سبتمبر/أيلول 2015، ويعتقد أن هذا الطائرات ومحركاتها لفائدة قوات حفتر في ليبيا.

ورغم قرار الأمم المتحدة فإن طائرات شحن إماراتية مجهولة الحمولة كانت تصل تباعا إلى مطار بنينا في بنغازي، ويتم تفريغها وسط إجراءات أمنية مشددة.

في 12 أبريل/نيسان 2019 تم تداول صور تؤكد وصول طائرتي شحن إماراتيتين قادمتين من دبي، واعترفت إدارة مطار بنينا بوصولهما، لكنها قالت إنهما تحملان مساعدات من مؤسسة زايد الخير، لدعم مؤسسات خيرية في الجنوب، ويرجح أن تكون الحمولة أسلحة وذخائر.

البقية في الجزء الثاني

____________

 

مواد ذات علاقة