قيادة وتحكم وتنسيق دون مشاركة مباشرة في القتال

بقلم إسماعيل جمال

بالتزامن مع تأكيد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، انتقال الجنود الأتراك إلى ليبيا بموجب مذكرة التفاهم العسكرية التي جرى التوقيع عليها بين البلدين، وبدأت تتكشف تدريجياً ملامح الخطة الأولية للانتشار العسكري للجيش التركي في ليبيا.

ومن خلال تصريحاته والتسريبات التي نشرتها الصحافة التركية، فإن العنوان الأبرز للمرحلة الأولى من الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس هو إقامة مركز قيادة عمليات وتنسيق، وتقديم الدعم الاستخباري والفني واللوجستي، ولكن من دون مشاركة الجيش التركي في القتال المباشر الدائر في محيط العاصمة.

وفي لقاء تلفزيوني مع قناتي «سي إن إن» و«دي» المحليتين، مساء الأحد، قال اردوغان إن بلاده سوف تقيم مركز عمليات في ليبيا بقيادة جنرال برتبة فريق من الجيش التركي، لافتاً إلى أن «فرقاً أخرى ليست من الجيش التركي ستكون مهمتها القتال المباشر».

وبينما أكد اردوغان أن القوات التركية بدأت بالتوجه إلى ليبيا، أوضح أنها بدأت بالتوجه «تدريجياً» عبر قيادات ستكون مهمتها التنسيق وقيادة العمليات بأعداد محدودة وليست قوات قتال مباشرة.

ولكن كخبراء وقيادات عسكرية بقيادة جنرال، وسيتم إنشاء مركز عمليات وقيادة، مشدداً على أن «هدف الوجود العسكري التركي في ليبيا ليس للقتال، إنما للحيلولة دون وقوع أحداث من شأنها التسبب بمآس إنسانية وتقويض الاستقرار في المنطقة، وذلك عبر دعم الحكومة الشرعية».

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا مقطع فيديو قيل إنه لقوات تركية وصلت بالفعل إلى ليبيا، ويظهر فيه عشرات الجنود الأتراك بالزي الرسمي وهم يهتفون باستعدادهم للقتال، لكن لم تؤكد أي وسائل إعلام معتبرة، أو جهات رسمية، صحة هذا الفيديو وما إن كان بالفعل يعود لقوات تركية وصلت بالفعل إلى ليبيا.

وبالتزامن مع تصريحات اردوغان، نقل التلفزيون التركي الرسمي عن مصدر حكومي ليبي قوله إن اتفاقية إرسال قوات تركية إلى ليبيا دخلت حيز التنفيذ تدريجياً، وأن «الساعات المقبلة سوف تشهد تحولاً في ميزان القوى».

وتطابقت بعض التسريبات التي نشرتها وسائل الإعلام التركية مع ما نشرته «القدس العربي» قبل أيام حول خطة الجيش التركي المتوقعة للانتشار في ليبيا والتي تعتبر بمثابة خطة دفاعية تهدف إلى حماية العاصمة طرابلس من السقوط بيد الجنرال خليفة حفتر.

ويتوقع أن يرتكز الدعم العسكري التركي في المرحلة الأولى على إدارة عمليات الطائرات المسيرة الاستطلاعية والقتالية انطلاقاً من القاعدة الجديدة للقوات الجوية التركية في قبرص، ومطار عسكري من داخل طرابلس، بهدف مراقبة تحركات القوات المهاجمة، وتنفيذ ضربات أكثر دقة وكثافة وقوة ضد قوات حفتر على محاور القتال، وربما على مراكز حساسة وأكثر أهمية في الخطوط الخلفية للقتال.

ويتوقع أن يرسل الجيش التركي أعداداً أكبر من بطاريات المدفعية ومنصات الصواريخ، بهدف تشكيل غطاء ناري من المدفعية الثقيلة لمساعدة قوات حكومة الوفاق من صد محاولات التقدم على محاور القتال، وربما التقدم لإبعاد القوات المهاجمة من المناطق التي توغلت فيها في الأسابيع الأخيرة نحو العاصمة.

وعلى الرغم من أن تركيا لا تمتلك منظومات دفاعية متقدمة، إلا أنه من المتوقع أن ترسل مجموعة من المنظومات الدفاعية الوطنية متوسطة الكفاءة والتي يعتقد أنها كافية لصد هجمات الطائرات من دون طيار على محاور القتال، بالإضافة إلى قدرتها على حماية بعض المواقع المهمة في العاصمة، ولتجنب وقوع هجمات جديدة على غرار الهجوم الذي استهدف قبل أيام الكلية العسكرية وأدى إلى مقتل أكثر من 30 طالباً.

وفيما يتعلق بالقوات القتالية المباشرة، يستبعد على نطاق واسع أن ينخرط الجيش التركي بالقتال المباشر، وفي حال اشتداد المواجهة يمكن أن يستخدم الجيش التركي استراتيجية قريبة من تلك التي طبقها في عملياته العسكرية بسوريا، وذلك من خلال توفير الغطاء الجوي والمدفعي إلى جانب التخطيط للعناصر المحلية التي ستكون مهتمها القتال المباشر.

وأعاد تصريح اردوغان الذي قال فيه إن «فرقاً أخرى ليست من الجيش التركي ستكون مهمتها القتال المباشر»، الجدل حول حقيقة نقل أعداد من مسلحي المعارضة السورية للقتال في ليبيا، حيث إن التصريح كان غامضاً بعض الشيء، ولم يجزم ما إذا كان المقصود هو القوات الليبية المحلية أم قوات خارجية سوف يتكفل الجيش التركي بتأمينها.

وتعقيباً على الموضوع، قال وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو، أمس الإثنين، إن حكومة الوفاق الوطني الليبي نفت صحة تلك الأنباء، وإن المعلومات الموجودة لدى تركيا تؤكد عدم ذهاب السوري الحر إلى هذا البلد، مشدداً على معارضة بلاده إرسال قوات مرتزقة إلى ليبيا، وحذر من مغبة ذلك.

وتابع جاوش أوغلو: «في الأساس، تصريحات السيد الرئيس واضحة، فعند النظر إلى مذكرة التفاهم المبرمة مع ليبيا، فإن هذه الاتفاقية تشمل تبادل الخبرات والتدريب والتعليم وتبادل المعلومات والتكنولوجيا والعديد من مجالات التعاون، وهناك أعمال سيقوم بها خبراء بالتعاون مع قوات حكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دولياً».

______________

مواد ذات علاقة