أعلنت قوات حكومة الوفاق الليبية، الأحد، هبوط طائرتي شحن عسكريتين في مطار بني وليد (غرب)، للشروع في نقل مرتزقة شركة فاغنر الروسية، الذين فروا من محاور القتال جنوبي العاصمة طرابلس.

جاء ذلك في بيان نشره المكتب الإعلامي لعملية بركان الغضبالتابع للجيش الحكومي، مساء الأحد، بصفحته الرسمية على موقع فيسبوك.

وأضاف البيان أن مرتزقة فاغنر تم نقلهم إلى وجهة غير معلومة حتى الساعة 19:30 بتوقيت غرينتش“.

وفي السياق، نقل البيان، تصريح صحافي لعميد بلدية بني وليد، سالم نوير، قدّر فيه عدد المرتزقة الذين وصلوا إلى المدينة قادمين من طرابلس ما بين 1500 إلى 1600.

وفي وقت سابق الأحد، قال نوير، لقناة ليبيا الأحرار، إن مرتزقة روسا غادروا مطار بني وليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس) عبر 3 رحلات، إثر انسحابهم من جنوبي العاصمة، وإنها ما زالت مستمرة“.

وأوضح أنه بعد وصول منظومات الدفاع الجوي (لم يحدد عددها) للمدينة، منح مشايخ (أعيان) بني وليد، مهلة لمليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، لمغادرتها وإلا سيتم الهجوم عليهم داخل مطار المدينة، وفق ما نقلت الأناضول“.

جدير بالذكر أن بني وليد، التي تعد مركزاً لإحدى كبرى القبائل الليبية (الورفلة)، يرفض أعيانها ومجلسها البلدي دعم العدوان الذي يشنه حفتر على طرابلس، منذ أكثر من سنة.

لكن عدداً من كتائب بني وليد انحازت لحفتر، وتولت حماية مطار المدينة لصالح مليشياته والمرتزقة الأجانب، وتأمين طريق الإمداد الرئيسي الرابط بين قاعدة الجفرة الجوية (650 كلم جنوب شرق طرابلس) وترهونة.

وتمكن الجيش الليبي التابع للحكومة الشرعية، الجمعة والسبت، من السيطرة على محاور قتال ومعسكرات استراتيجية جنوبي طرابلس، بينها معسكرا حمزة واليرموك.

وتواصل مليشيا حفتر تكبد خسائر فادحة؛ جراء تلقيها ضربات قاسية في كافة مدن الساحل الغربي وصولًا إلى الحدود مع تونس، إضافة إلى قاعدة الوطيةالاستراتيجية (غرب)، وبلدتي بدر وتيجي ومدينة الأصابعة بالجبل الغربي (جنوب غرب طرابلس).

وبدعم من دول عربية وأوروبية، تشن مليشيا حفتر منذ 4 إبريل/نيسان 2019 هجومًا متعثرًا للسيطرة على طرابلس، مقر الحكومة المعترف بها دوليًا؛ ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب أضرار مادية واسعة.

****

تمرُّد مرتزقة تابعين لحفتروالقاهرة لا ترغب في معركة مفتوحة

لم تقتصر هزائم مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، على تراجعها في الغرب الليبي فحسب، بل ارتفع منسوب الخلاف بين عناصرها، مع كشف مصادر خاصة لـالعربي الجديدعن خلافات نشبت أخيراً بين عدد من المقاتلين السودانيين والتشاديين التابعين لفصائل مسلحة، وقيادة مليشيات حفتر، التي تقاتل إلى جانبها في مناطق الغرب الليبي، بسبب ما أسموه القرارات المتضاربة الخاصة بالانسحاب من المحاور من دون وضع خطة واضحة، ما كبّدهم خسائر كبيرة على مستوى الأفراد والمعدات.

وأشارت المصادر إلى أن عدداً كبيراً من المسلحين أبلغوا قيادتهم في السودان وداخل الأراضي الليبية، ببدء الانسحاب، خلال الأيام المقبلة، في ظلّ حدوث أزمة بسبب رغبة المقاتلين في الانسحاب مع أسلحة وعربات مدرّعة كانوا قد حصلوا عليها خلال المعارك على مدار الأشهر الماضية، وفق اتفاق سابق بذلك. لكن الاتفاق كان ينصّ على انتهاء المعارك بانتصار حفتر وسيطرته على العاصمة طرابلس ومقاليد الحكم بالكامل في ليبيا، وهو ما لم يحدث، في ظل الخسائر الكبيرة، والانسحابات على صعيد المحاور القتالية كافة.

ولم يبقَ لمليشيات حفتر في الغرب الليبي سوى مدينة ترهونة المحاصرة من قِبل قوات حكومة الوفاق.

وأضافت المصادر أن قيادة مليشيات حفتر طلبت من المقاتلين السودانيين والتشاديين الاستمرار في القتال، على أن يُقدَّم التعويض المناسب لأسر القتلى والمصابين، مع البدء بدفع المبالغ المتأخرة للمقاتلين عقب عيد الفطر.

وبحسب المصادر، أبلغت قيادة مليشيات حفتر المقاتلين الأجانب المتمردين بأن الوضع سيتغير تماماً عقب عيد الفطر، وسيُعمل على إعادة ترتيب الصفوف مجدداً على محاور الغرب، بعد وصول إمدادات جديدة من الدول الداعمة.

وذكرت المصادر أن حالة من الارتباك تسيطر على معسكر داعمي حفتر، في ظل تبدّل بعض المواقف الغربية، والوضع الميداني الجديد على الأرض، كاشفة عن أن تعليمات روسية صدرت لشركة فاغنربخفض حجم وجودها في ليبيا، وقصْر حضورها فقط على عمليات التأمين للمؤسسات الحيوية.

يأتي هذا في وقت أعلنت فيه وزارة الخارجية في حكومة الوفاق العمل مع الجهات الأمنية والعدلية على قضية العثور على جثة مرتزق روسي تابع لمجموعات فاغنرعقب انسحاب مليشيات حفتر والمرتزقة الداعمين لها، من محور صلاح الدين جنوبي العاصمة طرابلس، مؤكدة أنه عند انتهاء التحقيقات الرسمية، سيُعَدّ ملف لإحالته على مجلس الأمن الدولي كدليل إضافي على وجود مرتزقة يقاتلون مع حفتر بمحاور جنوبي طرابلس.

في السياق، أفادت مصادر مصرية مطلعة على ملف الأزمة لـالعربي الجديد، بأن الإمارات ترفض رفع الراية البيضاء في المعركة، في مواجهة تركيا الداعمة لحكومة الوفاق، مضيفة أن المعركة في السابق كانت بين الإمارات وتيارات الإسلام السياسي التي تواجهها أبوظبي. لكن في الوقت الراهن باتت بين تحالف سعودي ـ إماراتي وتركيا“.

في المقابل، أبلغت مصر الإمارات عدم رغبتها في الدخول في معركة عسكرية على الأراضي الليبية في مواجهة تركيا، في وقت بات من الصعب فيه خوض غمارها، نظراً للانشغال بأزمة سدّ النهضة من جهة، وأزمة كورونا من جهة أخرى، في ظل استعداد تركيا جدّياً لخوض معركة كبرى على الأراضي الليبية.

وهو ما اتضح من حجم العتاد العسكري الذي نقلته أنقرة إلى حكومة الوفاق، بخلاف مشاركة طيران أف 16″ تركي في مناورات في سماء غرب ليبيا.

وبحسب المصادر، هناك مشاورات موسعة لبحث الأوضاع وتحديد سبل التحرك خلال الفترة المقبلة، وتحديد الخط العام للتحرك، وما إذا كان سياسياً أو عسكرياً، مؤكدة أن ما يشغل مصر في أي تحرك، ضمان عدم إقامة أي قواعد عسكرية لتركيا في ليبيا، إضافة إلى منع نقل أي أسلحة أو مسلحين إلى مصر عبر الحدود المصرية الليبية.

__________

مواد ذات علاقة