زايد هدية

عادت قضية القوات الأجنبية والمرتزقة لتثير القلق في شأن احتمال تعثر المساعي الدولية والمحلية لتسريع خروجهم من ليبيا دعماً لمسار التسوية السياسية.

فقد أثارت تصريحات وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، خلال زيارة رسمية إلى روما، عن وجود القوات التركية والعناصر الأجنبية الموالية لها في ليبيا، عاصفة من الجدل والردود عليها.

وانقسم الليبيون بين مؤيد ومعارض لدعوة المنقوش القوات التركية إلى الخروج من بلادها.

التعثر المتواصل لمحاولات إخراج القوات الأجنبية في ليبيا، مع تأخر حسم ملفي المناصب السيادية والموازنة العامة من مجلس النواب الليبي، دفع كثيرين من النشطاء والمهتمين بالشأن السياسي إلى التحذير من تأثير هذا التأخير على فرص الإيفاء بالموعد الانتخابي نهاية العام الحالي، حسب ما تنص عليه خريطة الطريق السياسية التي وقعت عليها الأطراف الليبية في جنيف، قبل أشهر قليلة.

عسكرياً، ومع تصاعد المخاوف من انفجار الأوضاع الأمنية في الجنوب الليبي على خلفية الأحداث الخطيرة التي تشهدها تشاد، أرسلت قيادة الجيش الليبي وحدات عسكرية ضخمة إلى مناطق محادية للحدود بين البلدين، تحسباً لأي طارئ.

استعداد تركي

وكشفت المنقوش، الجمعة، عن أن ليبيا بدأت حواراً مع تركيا في شأن مسألة خروج قواتها العسكرية من ليبيا، ومصممة على انسحابها من البلاد“.

وأضافت خلال جلسة استماع مع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الإيطالي، أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية بقيادة رئيس الوزراء عبدالحميد دبيبة لاحظت استعداد أنقرة لبدء المباحثات والمفاوضات“.

وشددت على أن ليبيا حازمة في نياتها لإخراج القوات الأجنبية كلها، وتطلب من جميع الدول أن تكون متعاونة من أجل حسم هذا الملف، مؤكدةً أن الأمر يشكل أولوية بالنسبة إلى بلادها، لأن أمنها يعتمد على انسحاب القوات الأجنبية، وفق ما نقلت عنها وكالة الأنباء الرسمية الإيطالية.

وتابعت المنقوش، ندرك أن المسألة لا يمكن حلها بين عشية وضحاها، لكننا واثقون من حسمها، استناداً إلى الاستعداد الذي لاحظناه من جميع الدول المعنية“.

المشري يهاجم تصريحات المنقوش

التصريحات المنسوبة إلى وزيرة الخارجية الليبية لم ترق كثيرين من الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي، غرب البلاد، بدايةً من رئيس مجلس الدولة خالد المشري، الذي قال في الوقت الذي نؤكد فيه حرصنا على احترام خريطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي تشكلت بموجبها حكومة الوحدة الوطنية، نذكر أنه ليس من اختصاص هذه الحكومة إلغاء أي اتفاقيات شرعية سابقة أو تعديلها، بحسب ما تنص عليه الفقرة العاشرة من المادة السادسة من الخريطة المشار إليها“.

ودعا المشري إلى احترام الاتفاقية الموقعة مع الدولة التركية بشقيها، وأي اتفاقيات سابقة في المجالات كلها وقعت مع دول أخرى“.

وأضاف، مبدأ وجود قوات أجنبية في ليبيا مرفوض جملةً وتفصيلاً، ويجب ألا يكون محل نقاش أو مزايدة من أحد، غير أن الجميع يجب أن يعي جيداً الفرق بين المرتزقة ووجود قوات بناءً على هذه الاتفاقيات المبرمة“.

من جانبها، وصفت الناطقة الرسمية باسم حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، سميرة العزابي، دعوة المنقوش إلى انحساب القوات التركية من البلاد، بأنها مثيرة للاستغراب“.

وأضافت، تصريح المنقوش أمر مثير للاستغراب، وسط استمرار ظهور تقارير عن وجود المرتزقة الروس، وتقارير دولية أخرى تفيد بتوريد شحنات سلاح إلى طرف حفتر“.

وسألت العزابي، ألا تدرك وزيرة الخارجية أن القوات التركية في ليبيا، جاءت دعماً للاستقرار، وبناءً على اتفاقية رسمية مشتركة مع الدولة الليبية، وأنهم ليسوا قوات مرتزقة“.

واعتبرت أن الاتفاقيات الدولية الموقعة خارج مهمات حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، والمجلس الرئاسي، وأن البت فيها من صلاحيات السلطة التي ستنبثق من الانتخابات المقبلة، بحسب وصفها.

الشرق يدعم وزيرة الخارجية

في المقابل، تلقت دعوة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، بضرورة إنهاء الوجود العسكري التركي في ليبيا دعماً واسعاً من غالبية الأوساط السياسية في الشرق، حيث رحب عضو مجلس النواب وملتقي الحوار السياسي زياد دغيم، بتصريحات وزيرة الخارجية، واصفاً إياها بـالشجاعة“.

وأضاف دغيم في تصريحات صحافية، لا تفريط بالسيادة ولا انتخابات في ظل وجود قوات أجنبية ومرتزقة، ويجب أن تخرج جميعها فوراً“.

بينما انتقدت الإعلامية الليبية، هدى السراري، ردة الفعل التي خلفتها تصريحات وزيرة الخارجية، حول ضرورة إخراج تركيا لمرتزقتها الموجودين على الأراضي الليبية.

هل تحسم اللجنة العسكرية المسألة؟

الجدل الذي خلفته تصريحات وزيرة الخارجية سبق اجتماعات حاسمة للجنة العسكرية المشتركة، في مدينة سرت يومي الأحد والاثنين، لمناقشة عدد من الملفات المتعلقة بتنفيذ اتفاق وقت إطلاق النار، وعلى رأسها ملف خروج القوات الأجنبية من تمركزاتها الحالية.

وصرحت مصادر في اللجنة بأن اللجنة العسكرية المشتركة ستبحث بحضور مندوب عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ما تم الاتفاق علية خلال الاجتماعات السابقة في شأن آلية تطبيق وقف إطلاق النار الدائم، الذي وقع في جنيف يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي“.

وكشفت المصادر عن أنه سيتم خلال اجتماع اللجنة استعراض تقارير عمل اللجان الفرعية الأمنية والشرطية، ونزع الألغام والمخلفات الحربية، تمهيداً لفتح الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة، وإخراج المرتزقة الأجانب من الأراضى الليبية، مع بنود أخرى تم الاتفاق في شأنها في اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 خلال مارس (آذار) الماضي“.

تأهب عسكري على حدود تشاد

في الشأن العسكري أيضاً، أعلنت قوات الجيش الليبي رفع درجة الاستعداد على الحدود مع دولة تشاد، على خلفية المواجهات الدائرة شمال البلاد بين المتمردين والجيش الحكومي، التي أدت إلى مقتل الرئيس إدريس ديبي، والمخاوف من تردداتها على المناطق المحاذية في الجنوب الليبي.

وقالت منطقة الكفرة العسكرية الواقعة في الجنوب الليبي، في بيان لمكتبها الإعلامي، بتعليمات من أمر المنطقة اللواء المبروك المقرض رفعت درجة الاستعداد والجاهزية للوحدات العسكرية للقوات البرية والجوية التابعة لها“.

وأكد المكتب الإعلامي أنه تم تجهيز الوحدات بالإمكانات والمعدات اللازمة لردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن المنطقة واستقرارها، وذلك بتكليف دوريات برية وجوية على الحدود، وكذلك تمركز السرية المقاتلة في قاعدة السارة، والانطلاق منها في دوريات على الحدود مع دولة تشاد، ودعم الأجهزة الأمنية داخل المنطقة لتأمينها وضبط المخالفين“.

___________


مواد ذات علاقة