تملك تركيا ثاني أكبر جيش في الناتو من حيث عدد الأفراد العسكريين بعد الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن كونها من بين الدول الـ10 الأوائل في الإنفاق الدفاعي وتقاسم الأعباء.

تلعب تركيا دوراً حاسماً بفضل إسهاماتها المهمة جداً داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ انضمامها إليه قبل نحو 69 عاماً، إذ تملك تركيا ثاني أكبر جيش في الناتو من حيث عدد الأفراد العسكريين بعد الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن كونها من بين الدول الـ10 الأوائل في الإنفاق الدفاعي وتقاسم الأعباء.

ومنذ انضمام تركيا إلى حلف الناتو عام 1952 شغلت مهام متعددة في معظم عمليات التحالف، وجرى تصنيفها ضمن الدول الـ5 الأوائل الأكثر إسهاماً في مهام التحالف وعملياته بين الدول الأعضاء، وكان لموقعها الجيو استراتيجي أهمية قصوى بمجابهة التقدم السوفيتي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن مشاركتها بفاعلية بالحرب على الإرهاب بقواتها العسكرية مباشرة أو بفتح مطاراتها وبناها التحتية أمام استخدم دول التحالف المشاركة في العمليات ضد تنظيم داعشالإرهابي.

واليوم، تلعب تركيا دوراً مهماً ومحورياً في استراتيجية الناتو للعشر سنوات المقبلة التي يناقشها زعماء الحلف في بروكسل، والتي يأتي على رأسها حماية حدود الحلف ومواجهة التحديات المختلفة، فضلاً عن الحرب على الإرهاب والمشاركة في عمليات التدريب والحماية وحفظ السلام، خصوصاً في حماية مستقبل أفغانستان بعد إعلان الولايات المتحدة عن بدء سحب قواتها من هناك.

انضمام تركيا إلى التحالف

بعد 4 سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية أُسِّس حلف شمال الأطلسي (الناتو) منظمةً عسكرية دولية بناءً على معاهدة شمال الأطلسي التي وقعت في واشنطن في 4 أبريل/نيسان 1949، ويعتبر الحلف الذي يتخذ من بروكسل مقراً له بمثابة نظام للدفاع الجماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.

وفي السنوات الأولى من ترؤس عدنان مندريس للحكومة التركية التي انتهجت سياسة التقارب مع العالم الغربي وبعد الدور الهام الذي لعبته القوات العسكرية التركية أثناء مشاركتها في الحرب الكورية إلى جانب كوريا الجنوبية عام 1950 حصلت تركيا على عضوية حلف الناتو عام 1952.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ومع بدء اشتعال فتيل الحرب الباردة عضدت تركيا من علاقاتها بالعالم الغربي من خلال عضويتها في الأمم المتحدة عام 1945، ثم عضويتها في الناتو عام 1952، وتعتبر تركيا الدولة الـ13 في ترتيب الدول المؤسسة للحلف بعد بلجيكا وكندا والدنمارك وفرنسا وبريطانيا وآيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والبرتغال والولايات المتحدة الأمريكية.

واستمر حلف الناتو في التوسع بعد التصديق على عضوية تركيا واليونان عام 1952، ومع انضمام مقدونيا الشمالية إلى الناتو عام 2020 ارتفع عدد الدول الأعضاء إلى 30، بالإضافة إلى وجود البوسنة والهرسك وجورجيا وأوكرانيا على مقاعد الأعضاء الطموحين إلى دخول الحلف.

عضوية تركيا المحورية في التحالف

لعبت تركيا أدواراً محورية مهمة في التحالف منذ انضمامها إليه قبل 69 عاماً، بدءاً من توليها حماية الحدود الجنوبية الشرقية لدول التحالف من التوسع السوفييتي إبان الحرب الباردة (1947-1991)، مروراً بمشاركتها في العديد من عمليات حفظ السلام التي يشرف عليها التحالف في أماكن ودول متعددة حول العالم، وانتهاءً بالدور المحوري الذي تعلبه حالياً في الحرب على الإرهاب في سوريا والعراق.

وبفضل موقع تركيا الاستراتيجي الذي يعد حلقة وصل بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وإفريقيا فإنها تقدم إسهامات كبيرة للتحالف من خلال استضافتها مقار ومرافق مهمة لحلف الناتو على أراضيها، من أبرزها مقر القيادة البرية لحلف الناتو (LANDCOM) في إزمير، والرادار الخاص بالصواريخ الباليستية لحلف الناتو في قاعدة كوريجيك العسكرية الواقعة في مدينة ملاطية شرقي تركيا، فضلاً عن استخدام طائرات أواكسالتابعة لحلف الناتو لقاعدة قونية الجوية.

ومن بين الدول الـ30 داخل التحالف تمتلك تركيا ثاني أكبر جيش بعد الولايات المتحدة الأمريكية داخل التحالف، فضلاً عن احتلالها المرتبة الثامنة بين الدول الأكثر إنفاقاً على ميزانية الدفاع داخل الحلف، إذ بلغت النفقات الدفاعية لتركيا عام 2020 أكثر من 13.3 مليار دولار أمريكي، أي ما نسبته 1.91% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن الحلف.

وبالإضافة إلى كل ذلك تتمتع تركيا بموقع جيو استراتيجي بالغ الأهمية، إذ لفت الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ الانتباه إلى موقف تركيا الحاسم في التحالف من خلال قوله: “يمكن أن ترى أهمية تركيا بمجرد النظر إلى الخريطه فقط، وأشار ستولتنبرغ إلى أن تركيا هي أيضاً خط دفاعي مهم على الحدود العراقية والسورية، وأكد أن المطارات والبنى التحتية الأخرى في تركيا تسهم بشكل مهم للغاية في عمليات التحالف المختلفة.

إسهامات تركيا داخل التحالف

إلى جانب إسهام تركيا في عمليات حفظ السلام والتدريب التي يشرف عليها التحالف في عدة أماكن حول العالم أبرزها بعثة الحماية في أفغانستان وبعثة التدريب في العراق وبعثة حفظ السلام في كوسوفو تشارك تركيا بقوة في الحرب على التنظيمات الإرهابية على خط الجبهة الأمامي في سوريا والعراق، أبرزها PKK وداعش وتنظيمات YPD\YPG.

وبالإضافة إلى الدور المحوري الذي تلعبه تركيا في حربها على التنظيمات الإرهابية بشكل مباشر، وفتحها لقواعدها وبناها التحتية أمام دول التحالف في حربهم ضد داعشالإرهابي تلعب تركيا اليوم دوراً مهماً في معالجة قضايا الهجرة واللاجئين، وذلك من خلال وجودها العسكري بسوريا لحماية المدنيين ومنع وقوع كارثة هجرة جديد لملايين النازحين الذين سيتجهون إلى أوروبا ودول الناتو في حال مهاجمة نظام الأسد تلك المناطق.

وتساهم تركيا بأخذ دور قيادي في بعض مهام الحزب، إذ تتولى قيادة فرقة العمل المشتركة ذات المستوى العالي جداً (VJTF) داخل الناتو لمدة عام واحد منذ بداية العام الجاري، فضلاً عن مساهمتها بشكل دائم في عملية الحرس البحريتحت قيادة حلف الناتو في البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى تولِّيها دوراً مهماً في مكافحة الهجرة غير النظامية في بحر إيجة.

وبعد القفزة النوعية التي حققتها تركيا في الصناعات الدفاعية، وبفضل ما أنتجته من تقنيات دفاعية متطورة وفعالة أصبحت تركيا لاعباً مهماً على الساحة الدولية، فضلاً عن أسهمها في تعزيز قوى الحلف الجماعية، وأظهرت تركيا ذلك من خلال طائراتها المُسيّرة التي أحدثت نقلة نوعية في مفهوم العمليات العسكرية في أكثر من ساحة صراع دولية وإقليمية، بدءاً من سوريا والعراق، مروراً بليبيا وأذربيجان، وانتهاءً بتصدير هذه التقنية إلى دول أوروبية وحلفاء في الناتو من أجل مجابهة الاعتداءات الروسية على الحدود الشرقية للحلف في أوكرانيا.

____________________

مواد ذات علاقة