وصف مركز أبحاث تركي، تغير مواقف بعض الدول الأوروبية من الحالة الليبية بأنه تغير لأجل المصلحة وسعي للحصول على قطعة من كعكة النفط والغاز وإعمار ما هدمته الحرب، محذرا من تلوّن بعض الدول.

الجزء الأول

وجه مركز دراسات الشرق الأوسط” (أورسام)، انتقادات عديدة لمواقف بعض دول الاتحاد الأوروبي لالتزامها الصمت تجاه الموقف العدواني لقائد الانقلاب الليبي، خليفة حفتر وانقلابه ضد حكومة طرابلس الشرعية أبريل/ نيسان 2019.

واعتبر المركز في ورقة بحثية، أن تلك الدول لم تتبن دورا فعالا في المسرح الليبي بعد اتفاق الصخيراتالسياسي عام 2015، وتشكلت على إثره حكومة شرعية للبلاد التي تعاني اضطرابات منذ ثورتها ضد القذافي في 17 فبراير/ شباط 2011.

غموض أوروبي

البحث الذي نشره (أورسام) قال فيه: إن بيئة عدم اليقين وتقلب التوازنات في الساحة السياسية منعت دول الاتحاد الأوروبي من دعم أحد الأطراف إلى حد ما“.

وأضاف: “لما فشلت مؤتمرات باليرمو نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وبرلين يناير/ كانون الثاني 2020، في التوصل إلى حلول بناءة للأزمة، باتت شرعية علاقات الاتحاد الأوروبي مع الجهات الفاعلة في ليبيا موضع تساؤل“.

المركز أوضح أن مفاوضات جنيف في أغسطس/ آب 2020، لم تُسفر في ليبيا عن وقف إطلاق النار الذي أعدته اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في 23 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020 كاشفة الغطاء عن المرحلة الحالية“. 

وفي الفترة من مارس/ آذار إلى يوليو/ تموز 2021، زار مسؤولون رفيعو المستوى من دول أوروبية القيادة الليبية الجديدة وأعربوا عن التزامهم بعملية بناء الدولة في ليبيا.

ويصف بحث (أورسام) التركي تلك الحالة بالقول: “ولا تزال دوافع هذه الدول غامضة في اتخاذ دور في السياسات الليبية الجديدة ومدى صدقها في السياسات التي تتبعها“.

إيطاليا

ووفقا لمعدي البحث إسماعيل نعمان تيلجي، وفؤاد أمير شفقاتلي: “كانت إيطاليا، التي تدخلت في الأزمة الليبية لحماية مكاسبها بعد سقوط القذافي، على اتصال وثيق مع صناع القرار الليبيين في مجال الهجرة غير الشرعية وتأمين السواحل والطاقة“.

وعلى الرغم من أن إيطاليا تبدو وكأنها تتعامل مع الوضع في ليبيا كأزمة إنسانية، إلا أنه يمكن القول أن دافعها الرئيس متعلق بالطاقة والاقتصاد، وفق رؤية الباحثين.

أضافا ويمكن القول إن شركة (إيني) الإيطالية للطاقة ومصالحها شكلت المحور الأساسي في أهداف إيطاليا وأولوياتها الرئيسة في ليبيا“.

وأوضحا ولما كان مجال نشاط الشركة يقع في غالبه في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني، الحكومة الشرعية الليبية بقيادة فايز السراج، ذهبت إيطاليا لدعم الوفاق دبلوماسيا“.

إضافة إلى ذلك، تولت إيطاليا مسؤولية تدريب وتمويل وحدات خفر السواحل الليبي لحماية الساحل ومنع الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط“.

وبينا أن المنافسة مع فرنسا التي تريد زيادة نفوذها في ليبيا، والرغبة في لعب دور فعال في حل الأزمة الليبية، دفعا إيطاليا لقيادة قمة باليرمو في 2018 التي لم تسفر عن نتائج مرضية ولا حلول ملموسة“.

رحبت إيطاليا بحكومة الوحدة الوطنية التي تعتبر نتاج منتدى الحوار السياسي الليبي، بعد أن اتبعت سياسة نشطة ودبلوماسية متوازنة بين الأطراف المتنازعة بعد هجوم حفتر على طرابلس في أبريل 2019″، وفق الباحثين التركيين.

وتابعا وفي هذا، كان وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو أول عضو حكومي من بين دول الاتحاد الأوروبي يزور عبد الحميد دبيبة وحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس“.

الزيارة التي تمت في 21 مارس/ آذار 2021، عقد خلالها دي مايو اجتماعات مع وزيرة الخارجية ليلى المنقوش، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبيه عبد الله اللافي وموسى الكوني، وكذلك دبيبة.

دور الشركات الإيطالية من مختلف القطاعات في عملية إعادة إعمار ليبيا ومسألة الهجرة كانت من العناوين الفرعية البارزة خلال المحادثات.

وفي 6 أبريل/ نيسان 2012، أي بعد 15 يوما من زيارة دي مايو، قام رئيس الوزراء الإيطالي الجديد، ماريو دراغي، بأول زيارة خارجية له إلى ليبيا والتقى دبيبة والمنفي في طرابلس.

وقال دراغي في التصريحات التي أدلى بها بعد الاجتماع: إنهم تناولوا القضية من منظور إنساني غير جيوسياسي، فيما يتعلق بموضوع الهجرة، وأبدى رغبته في استمرار التعاون بين البلدين.

تطوير العلاقات التجارية وزيادة الاستثمارات من الموضوعات الأخرى التي نوقشت خلال زيارة دراغي إلى ليبيا.

والمفاوضات مستمرة بين شركة الطاقة الإيطالية إينيوالشركة الحكومية الليبية الشركة العامة للكهرباءلإنشاء وتشغيل محطات الطاقة المتجددة في فزان جنوب ليبيا.

شركة الطاقة الفرنسية الأصل أريفانشطة للغاية على طول حزام الساحل وفي جنوب ليبيا، لدرجة أن منطقة فزان تحولت لساحة منافسة بين فرنسا وإيطاليا.

روما وباريس تعتمدان على موارد اليورانيوم في المنطقة لإنتاج الطاقة النووية أو تطوير الصناعات الدفاعية، وفق الباحثين.

وزيادة في الاهتمام بليبيا، أعادت إيطاليا فتح قنصليتها في بنغازي في 29 أبريل/ نيسان 2021، وذكر وزير الخارجية دي مايو أن القنصلية مهمة ليس لحماية مصالحها في طرابلس فحسب، ولكن في برقة وفزان أيضا.

دبيبة عقد اجتماعات ثنائية مع دراغي 31 مايو/ أيار 2021، بالعاصمة روما، أكد فيها أن الشركات الإيطالية تمثل أقوى الشركاء في إعادة إعمار ليبيا، وذكر أن شركة إينيشريك مهم في رفع الإنتاج النفطي اليومي لـ4 ملايين برميل

وبالتزامن قال محمد المنفي قبل يوم من مؤتمر برلين الثاني” 23 يونيو/ تموز 2021: إنهم يعتبرون إيطاليا شريكا إستراتيجياوأظهر أن روما التي تبنت موقفا أكثر حيادية في السابق مقارنة بفرنسا، لها مكانة مهمة في إعادة إعمار ليبيا.

ويعتبر مركز أورسامالتركي، أن احتمالية التقاء تركيا التي تصفها الحكومة الانتقالية بالفاعل الصادق والموثوق مع إيطاليا على أرضية مشتركة للعمل على استقرار ليبيا والحفاظ على الوضع الراهن، أعلى مقارنة ببقية دول الاتحاد الأوروبي.

ويمكن القول: إن حكومة دبيبة أعطت البلدين أدوارا مختلفة في سياق إعادة إعمار البلاد على الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

وصرح وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو خلال زيارته إلى روما في 27 يونيو أنهم سيبقون على اتصال مع إيطاليا لتتوصل ليبيا إلى حل سياسي دائم.

الأمر الذي يشير إلى وجود فرص تعاون محتملة بين البلدين في منطقة شرق البحر المتوسط أيضا.

ويدعم هذا تأكيد الطرفين على علاقات حسن الجوار بين البلدين في شرق المتوسط وليبيا أثناء زيارة وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني إلى إسطنبول في 13 يوليو/ تموز 2021، ولقاء نظيره خلوصي أكار.

_____________________

مواد ذات علاقة