المشري يحذِّر من عواقب إجراء الانتخابات بشروطها الحالية

قال خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا الخميس 4 نوفمبر/تشرين الأول 2021، إن إجراء الانتخابات المقرر عقدها في ديسمبر/كانون الأول 2021، بالطريقة التي يخطط لها مجلس النواب قد يؤدي إلى حرب أهلية.

ومن المقرر أن تُقام الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا، لكن تعقيدات المشهد السياسي الناتج عن الانقسامات بين شرق ليبيا وغربها وقوانين أقرها البرلمان برئاسة عقيلة صالح قد تعرقل المسار السياسي. 

خطر حقيقي على ليبيا 

رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري قال في مقابلة على الجزيرة مباشر إن نتائج هذه الانتخابات لن يتم الاعتراف بها، لأنها تفتقد المصداقية والقبول من طرف عموم أبناء الشعب الليبي، على حد قوله.

وقال المشري إن “مجموعة القوانين المتعلقة بانتخاب الرئيس وقانون الانتخابات البرلمانية تضمنت عن قصد مجموعة من المغالطات والمخالفات، وأقرت من المجلس دون أن تعرض على أعضاء مجلس النواب لمناقشتها والتصويت عليها وفق المقتضيات القانونية المنظمة لسير العمل في المجلس”.

كما شدد رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا على “أنه تم الطعن في هذه القوانين لدى الدائرة الدستورية ولن يتم الاعتراف بالنتائج المترتبة عليها”.

وأضاف أن هذه القوانين “أعدت خارج مقرات مجلس النواب الليبي ولم تراع الاتفاق السياسي ومخرجات الحوار الوطني الليبي، ما يجعلها قوانين ملغاة لأنها غير قانونية أو دستورية”.

كما أشار المشري إلى أن “أنصار وداعمي الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بعدما فشلوا في حسم المعركة ميدانياً بالسلاح انتقلوا إلى مستوى النصوص الدستورية لإيصاله للحكم بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة وضد إرادة الشعب الليبي”.

وتابع قائلاً: “إن خليفة حفتر لن يكون رئيساً لليبيا ولو على جثث الليبيين”، مؤكداً أنه إذا حدث وأصبح حفتر رئيساً لليبيا فإن أبناء ليبيا في مدن ومحافظات المنطقة الغربية سيقاومون بالسلاح؛ مما سيدخل البلاد في حرب أهلية، على حد وصفه.

خلافات حول الإجراءات 

من المقرر أن تُقام الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا، في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك الموعد كان قد تم إقراره من جانب ملتقى الحوار الليبي، وهو المسار السياسي الذي رعته الأمم المتحدة للمرة الثانية خلال عشر سنوات من الاضطرابات والحرب.

لكن تعقيدات المشهد السياسي الناتج عن الانقسامات بين شرق ليبيا وغربها تعني أنه لا تزال هناك عقبات يجب تذليلها.

فعلى الرغم من أن البرلمان أصدر قانوناً للانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، فقد أصدر أيضاً قانوناً منفصلاً ينص على تنظيم الانتخابات البرلمانية في موعد لاحق. ورفضت مؤسسات سياسية أخرى في ليبيا مقترحات البرلمان.

فيما مهد القائد العسكري في شرق ليبيا، خليفة حفتر، الطريق للترشح لمنصب الرئيس بإعلانه في سبتمبر/أيلول تخليه عن دوره العسكري لمدة ثلاثة أشهر.

وقال مساعدون لرئيس البرلمان، عقيلة صالح، إنه أيضاً تخلى عن منصبه من أجل الترشح للانتخابات.

كما أشار مقربون من سيف الإسلام القذافي، نجل معمر القذافي والذي كان ثاني أقوى رجل في ليبيا فيما مضى، إلى أنه أيضاً يرغب في الترشح.

ومع حلول الذكرى العاشرة للثورة في ليبيا تم اختيار سلطة انتقالية موحدة تقود البلاد إلى إجراء انتخابات جديدة، وتم اختيار محمد يونس المنفي، وهو دبلوماسي ليبي لرئاسة المجلس الرئاسي، ورجل الأعمال عبد الحميد محمد الدبيبة لمنصب رئيس الوزراء، ووافقت جميع الأطراف الداخلية والخارجية على هذا المسار السياسي الذي رعته الأمم المتحدة، وتولى المنفي والدبيبة المسؤولية رسمياً منذ مارس/آذار الماضي.

تلك المفاوضات السياسية برعاية الأمم المتحدة (ملتقى الحوار الليبي) كانت قد بدأت منذ اتفاق وقف إطلاق النار، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ بدا أن غالبية الأطراف قد اقتنعت أخيراً بأن مسار الحرب لن يؤدي إلى تحقيق أي نتيجة لصالح أي من تلك الأطراف، وهكذا صمد وقف إطلاق النار، باستثناء خروقات متناثرة من وقت لآخر من جانب قوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر، في محاولة منه لتذكير الجميع بقدرته على إفشال الجهود السياسية مرة أخرى.

****************

هل تُجرى الانتخابات الليبية في موعدها أم هناك من يُعرقلها؟ واقعة 2014 قد تحدث مرة أخرى

الأناضول
“كل من هو جالس على كرسي (المسؤولية) لا يريد الانتخابات الليبية، بداية مني ومن مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي والميليشيات والقيادة العامة (اللواء المتقاعد خليفة حفتر).. والمعطيات التي نراها (تشير إلى أنه) لا توجد انتخابات”.

هذا التصريح ليس رأياً لمحلل سياسي، بل لنائب رئيس حكومة الوحدة الليبية حسين القطراني، الموالي للواء المتقاعد خليفة حفتر، ويعكس “واقعاً” مُخالفاً لما هو مُعلن، بشأن الالتزام بموعد الانتخابات، المقرر في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

رغم الضغوط الدولية لإجراء الانتخابات في موعدها، ولو بقوانين “معيبة”، ووضع المفوضية العليا للانتخابات برئاسة عماد السائح، خطة لإجرائها، وتأكيد جميع الأطراف الليبية التزامها بموعد 24 ديسمبر/كانون الأول، فإن كثيراً من المؤشرات توحي بعكس ذلك.

 مجلس الدولة يحشد لإبطال “قوانين” البرلمان

استمرار مجلس النواب ومفوضية الانتخابات في تجاهل المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) فيما يتعلق بإعداد قوانين الانتخاب طبقاً للاتفاق السياسي، دفع الأخير إلى التحرك على عدة جبهات لمنع إجراء الانتخابات بالصيغة التي يريدها رئيس البرلمان عقيلة صالح، الحليف السياسي لحفتر.

خالد المشري، رئيس مجلس الدولة، عقد على هامش “مؤتمر استقرار ليبيا”، اجتماعات مع دبلوماسيين من عدة دول، شدد خلالها على “أهمية إجراء الانتخابات المزمع عقدها، في ديسمبر/كانون الأول، على أسس سليمة متفق عليها، تحول دون الطعن في نتائجها”.

وكان المشري يقصد في حديثه أن قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، اللذين أصدرتهما “رئاسة” مجلس النواب، لم يتما وفق أسس سليمة، ولم يتم الاتفاق بشأنهما مع مجلس الدولة، وأن إجراء الانتخابات على أساسهما سيؤدي إلى الطعن فيهما.

ولوّح عبد القادر حويلي، عضو مجلس الدولة، بإمكانية اللجوء إلى القضاء للطعن في قانونَيْ الانتخابات اللذين أصدرهما “مجلس النواب”.

ويتهم العديد من النواب وأعضاء مجلس الدولة والأحزاب، رئاسة مجلس النواب، بإصدار قانون الانتخابات الرئاسية دون عرضه للتصويت، كما ينص الإعلان الدستوري.

كما أن مشروع قانون الانتخابات البرلمانية لم يحصل على النسبة الموصوفة والمقدرة بـ120 صوتاً، في حين أن عدد النواب الحاضرين لم يتجاوز بحسب وسائل إعلام 34 نائباً فقط.

ناهيك عن أن مجلس النواب لم يتشاور بشأن هذين القانونين مع المجلس الأعلى للدولة كما ينص الاتفاق السياسي.

ومن السهل على المحكمة الدستورية إلغاء أي انتخابات تجرى على أساس هذين القانونين، على غرار ما فعلته المحكمة العليا في 2014، عندما ألغت انتخابات مجلس النواب.

 “عقيلة” يعطل الانتخابات بأيدي مجلس الدولة

ورغم إدراك رئيس مجلس النواب هشاشة قانوني الانتخابات من الناحيتين الدستورية والسياسية، فإنه أصرّ على المضي بهما، بل ودعا بعض النواب الموالين له إلى تحصينهما من أي طعن.

كما قام عقيلة صالح وجماعته من النواب باشتراط إجراء الانتخابات البرلمانية بعد 30 يوماً من اعتماد نتائج الانتخابات الرئاسية، ما يجعل إجراء التشريعيات رهيناً بعدم طعن مجلس الدولة أو أي جهة مخولة بقانون الانتخابات الرئاسية أو نتائجها.

وهذا الشرط يتعارض مع التوافق بين الأطراف الليبية بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن، وهو مطلب أممي ومن مفوضية الانتخابات أيضاً.

بينما يطالب مجلس الدولة بإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، ثم الاستفتاء على دستور دائم، قبل إجراء الانتخابات الرئاسية.

لذلك فإن إصدار رئيس مجلس النواب ومجموعته قوانين انتخابات معيبة رغم علمه برفض الطرف الآخر في المنطقة الغربية لها، يهدف أساساً لتعطيل الانتخابات، بحيث يكون مجلس الدولة المتهم الأول بتعطيلها في نظر المجتمع الدولي، لأنه رفض إجراءها وفق قوانين “معيبة”.

 التهديد بمنع الانتخابات في المنطقة الغربية

لم يكتفِ المجلس الأعلى للدولة بالتلويح باللجوء إلى القضاء، للطعن في دستورية قوانين الانتخابات، بل اجتمع مع عمداء البلديات وأعيان المدن والقبائل، لحثهم على منع إجراء الانتخابات في مناطق سلطاتهم ونفوذهم بالمنطقة الغربية إذا لم يتم احترام مبدأ التوافق.

وحذر عمداء البلديات، في بيان لهم، من عدم إجراء الانتخابات في دوائر بلدياتهم، إذا لم يلتزم مجلس النواب من جهة، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات من جهة أخرى بمواد الاتفاق السياسي، في إشارة إلى ضرورة توافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حول القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات.

وعبّر عمداء بلديات المنطقة الغربية عن قلقهم إزاء “انفراد رئيس مجلس النواب بإصدار القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية، بشكل يخالف الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وخارطة الطريق، ويخالف حتى اللائحة الداخلية لمجلس النواب”.

كما انتقدوا “تبنِّي رئيس المفوضية (عماد السائح) لهذه القوانين، دون التوافق عليها مع الأطراف المعنية، ومع تضمّنها لشروط جدلية فُصّلت على مقاس أشخاص بعينهم (حفتر)”.

وكان “السائح” قال في تصريحات صحفية، إن “المفوضية الانتخابية هيئة فنية تختص بتنفيذ القوانين الانتخابية المحالة إليها من قبل السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب”، دون الإشارة إلى المجلس الأعلى للدولة، كشريك لمجلس النواب في العملية التشريعية.

وتجاهل رئيس مفوضية الانتخابات طلب مجلس الدولة عدم اعتماد قوانين الانتخابات الصادرة من رئاسة مجلس النواب، واعترف “السائح” بشرعية هذه القوانين، ومضى في الاستعدادات اللازمة لإجراء الانتخابات.

كما هدد ممثلو عدد من مجالس أعيان وهيئات المجتمع المدني، عقب لقاء عدد من ممثليها برئاسة مجلس الدولة، بإغلاق مراكز الاقتراع في المنطقة الغربية، إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم.

وأبرز هذه المطالب إجراء الانتخابات البرلمانية، في 24 ديسمبر/كانون الأول، وتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد الاستفتاء على الدستور، ومنع حفتر وسيف الإسلام القذافي من الترشح للرئاسة، باعتبارهما “مجرمي حرب”.

 إنقاذ الانتخابات

تحاول البعثة الأممية بقيادة يان كوبيتش، تذليل العراقيل أمام إجراء الانتخابات في موعدها، لكن مواقفها أقرب إلى مجلس نواب طبرق منها إلى مجلس الدولة، إذ تعترف ضمنياً بقوانين الانتخابات، ولا تطلب سوى إجراء بعض التعديلات عليها.

وأهم هذه التعديلات إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن، و”إزالة القيود المفروضة على المشاركة في الانتخابات للسماح لليبيين الذين يشغلون مناصب عامة بفرصة تجميد مهامهم من وقت تقدمهم بطلبات الترشح للانتخابات الرئاسية”.

وهذه إشارة لتعديل المادة التي تجبر كل مسؤول، سواء أكان مدنياً أو عسكرياً على تقديم استقالته قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات، ما سيمنع شخصيات أمثال رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة من الترشح للرئاسيات.

واللافت أنه رغم إصدار مجلس الدولة بياناً عن لقاء المشري مع كوبيتش، فإن الأخير لم يصدر بالمقابل أي بيان يوضح ما جرى خلال اللقاء، خاصة أن بيان الأول تحدث عن ثناء المبعوث الأممي على خطوات المجلس “الجادة، ومطابقتها للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري”.

وأفاد مجلس الدولة أن الجانبين اتفقا “على استمرار التشاور للوصول إلى توافق حول قوانين الانتخابات بين المجلسين (النواب والدولة)، وبذل كل الجهود لحلّ العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها المحدد”.

وأصدر مجلس الدولة، في سبتمبر/أيلول الماضي، قاعدة دستورية وقوانين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ورفعها لمجلس النواب، الذي تجاهلها، خاصة أن القاعدة الدستورية لا تتوافق مع القوانين التي أصدرها برلمان طبرق.

وأمام هذه المعطيات فإن احتمال إجراء انتخابات نزيهة في جميع الأقاليم غير مطعون فيها من أي طرف تبدو ضئيلة، وقد يصطدم العالم في 24 ديسمبر/كانون الأول، بحقيقة أن الليبيين غير جاهزين بعد لهذا الاستحقاق المصيري.

 

مواد ذات علاقة