إسراء شوقي

الصراع على موارد إفريقيا بات محتدمًا، خاصة وأن القوى الكبرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في أوروبا، وروسيا وحليفتها الصين مجتمعين على الأرض الليبية.

لعبة الكبار تعيد صياغة قوانين المجتمع الدولي من جديد، خاصة وأن مؤشرات سيطرة القطب الواحد تقول إنه لم يعد الأوحد.

في عام 1949 رفضت الولايات المتحدة دعم مشروع التقسيم بيفين سفورزا، ودعمت وحدتها، لكن مع صراع الثلاثيواشنطن، موسكو وبكينستتأثر ليبيا، فالولايات المتحدة لاتزال تملك مفاتيحها، فهي المتحكم الاقتصادي في العالم، وما تقوم به واشنطن من توظيف قوتها الاقتصادية، يدفع موسكو وبكين لخلق مساحات لسياسات مختلفة تخدم مصالحها.

الصراع في أوكرانيا تستفيد منه القوى المتصارعة على خلق أقطاب دولية جديدة، روسيا اتحدت مع الصين في الحرب الدائرة في أوكرانيا، رغم أن البلدين متنافسين وخصوصا على التوسع في إفريقيا.

الحقيقة، لا يمكن فصل ما يحدث في أمريكا وأوكرانيا وروسيا عن المظاهرات في فرنسا وإسرائيل، ومحاولات إعادة صياغة المشهد العالمي الدولي ومصالحه.

الأمر الأكثر أهمية في المشهد العالمي خلال الشهور المقبلة، هو الانتخابات التركية في مايو 2023، والتي استعانت بها الولايات المتحدة في خلق توازن مع فانغر روسياخلال فترة دونالد ترامب، أما بايدن فيستعين بالجنوب الليبي لغلق الأبواب أمام الروس.  

موقف فانغر روسياحتمًا ليس بنفس قوة الأمس، قبل الحرب في أوكرانيا، وهو ما يعزز من  الوجود الأمريكي في ليبيا، ومحاولاتها الاستئثار بالوجود العسكري.

السياسات الأمريكية في ليبيا

بالتأكيد السياسات الأمريكية لا تتغير بتغير الحكومة، إلا أنه من الواضح أن هناك توجيهات برسم السياسات تختلف من رئيس للآخر، في إدارة ترامب كان هناك تقارب مع روسيا، أما أمريكا بايدن وصراعهم في أوكرانيا مختلف تمامًا، فسياسات واشنطن في إفريقيا وليبيا تحديدًا بالأمس كانت تهدف للاتحاد مع روسيا ووقف التمدد الصيني في القارة السمراء، واليوم انقلب هذا الاتحاد وباتت روسيا والصين يدا واحدة في وجه تمدد أمريكا.  

ولعل موقع ليبيا الجيوسياسي والذي يربطها بجنوب القارة العجوز، وقواعد الناتو، ووحوشها الصناعية دائمة الطلب على النفط وموارد إفريقيا، روسيا تتدخل من بوابة فانغرللاستحواذ على موارد إفريقيا الوسطى ومالي، وتحاول السيطرة على أماكن التمركز الفرنسي في هذه المناطق، لكنها لا تزال محافظة على الاتفاقيات العسكرية مع باريس، في الوقت الذي تظهر فيه الصين وتسيطر على مناطق استثمارية عدة في إفريقيا أيضًا، بكين لا تفهم سوى لغة الاستثمارات، تشترى أراض زراعية ومساحات واسعة لتوفير غذاء قاطنيها.

الواضح أن السياسات الأمريكية في ليبيا وإفريقيا بشكل عام تسعى لمحاصرة روسيا وصد أي توغل صيني، لكن السؤال الأهم ماذا سيكون شكل العلاقات الأمريكية التركية بعد انتخابات مايو؟ وهل ستتعاون أمريكا مع روسيا في ليبيا رغم الصراعات الدائرة بينهما؟

الفكرة هنا سيناريوهات قبول الأطراف الليبية للموقف، والتدخلات الخارجية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، وإجراء الانتخابات، والاستفادة من المصالح الأمريكية ولعبتها السياسية مع الاتحاد الإفريقي لخلق مصالحة وطنية بين الأطراف المتناحرة في الداخل.

الآن، على السياسيين في ليبيا اللعب على خط الحياد، والاستفادة من كافة الأطراف، وإعطاء فرصة للشعب لخلق مساحة من الأمان والاستقرار، وطرد المرتزقة وإجراء الانتخابات، وإعادة الإعمار والتعاون مع دول الجوار لتحقيق مصالح مشتركة.

____________

مواد ذات علاقة