يرى موقع إيطالي أن الملف الليبي عاد لاكتساب أهمية متزايدةلكل من الولايات المتحدة وروسيا، خصوصا مع تواصل انتشار مرتزقة فاغنرفي المناطق التي تخضع لسيطرة الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، وعلى ضوء الحديث عن إمكانية إعادة فتح مبنى سفارة موسكو بالعاصمة طرابلس.

وشرح موقع إنسايد أوفرأن سبب هذا الاهتمام واضح، وهو الموقع الجغرافي الإستراتيجي لليبيا وما تحتويه من احتياطات كبيرة من النفط والغاز التي تُسيل لعاب كلتا القوتين“.

وأضاف بأن الولايات المتحدة تشعر أيضا بقلق يتجاوز الحدود الليبية ويمتد إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها، حيث أدى نشاط الصين إلى صدمات دبلوماسية مهمة“.

من جانبها، تمتلك روسيا القدرة على السيطرة على آبار وحقول النفط في ليبيا بفضل ميليشيا فاغنر المتمركزة منذ فترة على الأراضي الليبية وربما هذا ما يمثل نقطة الخلاف الحقيقية مع واشنطن، على حد تحليل الموقع الإيطالي.

فاغنر بجانب حفتر

وذكر الموقع بأنه لم يمض وقت طويل منذ أن  زار حفتر حاملة الطائرات الروسية الأدميرال كوزنيتسوف خلال عبورها المياه الإقليمية عام 2017 بعد أن كانت قد وصلت إلى الساحل السوري قبل ذلك بعام“.

وعلق بالقول إن أحدا في واشنطن لم يعط وزنا كبيرا لهذه المسألة، مفترضا أن مثل هذا السيناريو كان من شأنه أن شكل مصدر توترات جديدة لو حدث في هذه المرحلة بالتزامن مع الحرب في أوكرانيا“.

وأشار إلى أن زيارة حفتر لحاملة الطائرات الروسية في الوقت الذي كانت تستعد فيه قواته للسيطرة على بنغازي، شكل إعلانا على وجه التحديد لولادة اتفاق بينه وبين الكرملين“. 

في غضون ذلك، أصبحت روسيا، التي كانت في الوقت نفسه منخرطة بالفعل في سوريا، صاحبة دور ريادي أكبر في البحر الأبيض المتوسط.

لم تكن هذه التطورات، بحسب الموقع، تعني الكثير للبيت الأبيض لأن كلا من إدارة باراك أوباما وإدارة خلفه دونالد ترامب، وجهتا جهودهما إلى مكان آخر في تلك السنوات متجاهلة سياق البحر الأبيض المتوسط.

أرسل الكرميلن على إثر ذلك، في إطار التحالف بين روسيا وحفتر، عناصر وفاغنر إلى المناطق التي يسيطر عليها الجنرال

أشارت التقديرات قبل وقت قصير من بدء الحرب في أوكرانيا إلى تمركز 4 آلاف مرتزق روسي على الأقل في بعض القواعد شرق ليبيا الخاضعة لسيطرة قوات حفتر

وفي الوقت الحالي، يشير الموقع الإيطالي إلى أن عددهم تضاءل إلى النصف ربما، لكن  يظل دائما كبيرا على أي حال“.

ولفت إلى أن حفتر لا يزال بفضل مساعدتهم يسيطر بشكل أفضل على المنطقة، ويمكنه خاصة تنفيذ حملات عسكرية ضد خصومه على غرار المحاولة  الفاشلة في أبريل/ نيسان 2019 للسيطرة على طرابلس“. 

وتشير شكوك أثارها العديد من المحللين إلى احتمال تقديم المجموعة مساعدة أيضا لحفتر في مغامرات سياسية وعسكرية أخرى على غرار إغلاق آبار وموانئ النفط في عام 2020.

وأردف إنسايد أوفر بأن الحرب في كييف فرضت تغييرا سريعا للوضع، يرغب على ضوئه البيت الأبيض الآن أن يكون الفاعل الرائد مجددا في ليبيا“. 

ونقل عن مجلة بلومبرغالأميركية قولها إن واشنطن تخشى من نشاط روسي أكبر في ليبيا، وخاصة من وجود فاغنر في القواعد على بعد خطوات قليلة من آبار النفط في برقة“.

الوقت الضائع

وقال الموقع: “بالنسبة للدبلوماسية الأميركية، جاء جرس الإنذار الأخير من إعلان موسكو عن استعدادها لإعادة فتح سفارتها في طرابلس المغلقة منذ مقتل القذافي“.

وأضاف قد تبدو إعادة فتح مقر بعثة دبلوماسية في عاصمة أجنبية بمثابة خطوة طبيعية، لكن الوضع في ليبيا لم يكن طبيعيا على الإطلاق لأكثر من عقد من الزمن“. 

وشدد الموقع على أن إعادة فتح السفارة في طرابلس يعني أن يفتح الروس قناة اتصال أيضا مع السلطات الرسمية المعترف بها دوليا“. 

لذلك، يفترض أن يتخلى الكرملين عن الدعم الحصري لحفتر وبدلا من ذلك يتبنى مشروع حوار شامل بـ360 درجة مع جميع الجهات الفاعلة الليبية“.

على الطرف المقابل، قد يصبح من الضروري للولايات المتحدة احتلال مقعد في الصفوف الأمامية مجددا في الملف الليبي، وفق تعبير الموقع

وفي هذا الصدد، يعيد التذكير بزيارة رئيس وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، إلى الدولة الواقعة في شمال إفريقيا في يناير/ كانون الثاني 2023. 

وكان بيرنز قد أجرى مباحثات في كل من طرابلس وبنغازي، حيث التقى حفتر

ويرى الموقع في ذلك علامة على استعداد البيت الأبيض لتعويض الوقت الضائع وأن يكون له تأثير أكبر على الملف الليبي“.

ورأى أن مصدر القلق الرئيس لواشنطن في ليبيا يكمن في وجود فاغنر، مرجحا استمرار الخلاف في ظل التمركز المتواصل لعناصر الشركة الروسية

وبحسب قوله، إقناع حفتر بإبعادهم ليس بالأمر السهل، لاسيما أنه يستفيد منهم، وكذلك لأنه سيكون من الصعب جدا عليه احترام أي أوامر محتملة بالانسحاب من شرق ليبيا.

وبالتالي، يستنتج الموقع الإيطالي أن الورقة الوحيدة المتبقية في أيدي الولايات المتحدة هي تلك الخاصة باستقرار جديد محتمل لليبيا“. 

من جانبه، قال المبعوث الخاص للبيت الأبيض في ليبيا، ريتشارد نورلاند، لوكالة بلومبرغ إن الوضع الراهن غير مستقر بطبيعته، رسالتنا هي أن الحكومة الليبية الجديدة لن تحصل على الشرعية إلا من خلال الانتخابات“.

وأفاد الموقع الإيطالي بأن إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة لليبيا يعد الهدف الحقيقي للولايات المتحدة“. 

وشرح بأن وجود فاغنر كان مبررا بعدم الاستقرار في البلاد، لذلك لن يحتاج أحد إلى مليشيات أجنبية سواء في الشرق أم في الغرب في حال انتهاء الفوضى الحالية“.

وخلص الموقع إلى القول إنه يبدو أن الولايات المتحدة وروسيا قد عكستا الأدوار“. 

وتابع: “يفسر في السنوات الأخيرة، لم يعط البيت الأبيض أولوية قصوى لتحقيق الاستقرار في ليبيا في ظل عدم الاهتمام بالملف، لكنه يملك حاليا مصلحة تامة في وضع حد للفوضى هناك، بينما قد يخدم الوضع الراهن في المقابل روسيا“.

_______________

مواد ذات علاقة