معتز ونيس .. وليد عبد الله

خبراء تحدثوا للأناضول بشأن الهجرة غير الشرعية من ليبيا إلى دول الاتحاد الأوروبي:

  • الخبير الأمني الليبي سامي الدرسي قال إن غرق قارب المهاجرين قبالة السواحل اليونانية مؤخرا كشف جليا ضعف الإمكانيات الليبية في مكافحة الهجرة غير الشرعية

  • الحقوقي الليبي بدر الدين الشومالي يرى أن بعض المهاجرين يفضلون الإبحار من شرق ليبيا وتحديدا من طبرق، كون السفر برا إلى الغرب الليبي للإبحار منه يعد خطرا على حياتهم

  • الباحث في قضايا المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا طارق لملوم، قال إن العمليات الأمنية في الغرب لن تساهم على الإطلاق في الحد من الهجرة، كونها عمليات عشوائية ولا تستهدف من يدخل من الجنوب

  • مصدر أمني بالمنطقة الجنوبية قال إن دخول المهاجرين غير الشرعيين عبر المناطق الصحراوية الجنوبية لم يتوقف، بل لوحظ ازدياد يومي يقدر بـ400 مهاجر يصلون في رحلات منتظمة

***

برا أو بحرا، لا يختلف كثيرا مصير المهاجرين غير النظاميين المارين عبر ليبيا إلى دول الاتحاد الأوروبي، فغالبا ما يكون الموت حليف المئات ممن يحلمون بالانتقال من القارة السمراء إلى القارة العجوز.

وفي 14 يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت السلطات اليونانية مصرع ما لا يقل عن 79 مهاجرا غير نظامي إثر غرق قاربهم الذي انطلق من مدينة طبرق الليبية متوجها إلى إيطاليا، وعلى متنه نحو 750 شخص قبالة سواحل شبه جزيرة مورا.

وأشارت إلى إنقاذ أكثر من 100 آخرين تم نقلهم إلى ميناء كالاماتا، مع استمرار عمليات البحث عن مفقودين.

ومن ناحية أخرى، لا تبدو الطرق البرية أكثر أمانا للهاجرين المنطلقين من ليبيا نتيجة لسوء الأوضاع الأمنية فيها وارتفاع احتمالية تعرضهم للموت، إضافة إلى الحملات الأمنية التي أطلقتها سلطات شرق وغرب ليبيا مؤخرا تجاه أوكار مهربي البشر في المنطقتين.

جهود غير كافية

أطلقت قوات القيادة العامة في الشرق الليبي التي يقودها خليفة حفتر، مؤخرا، عملية عسكرية واسعة في منطقة إمساعد الحدودية مع مصر ضد مهربي البشر، تلتها عملية أخرى بمدينة طبرق بمشاركة أكثر من 12 كتيبة عسكرية و10 أجهزة شرطيه.

وخلال العمليات، أعلنت القوات عثورها على آلاف المهاجرين غير الشرعيين في أوكار مهربي البشر، بينما أظهرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي ترحيل العشرات منهم سيرا على الأقدام، يحمل معظمهم الجنسية المصرية.

ورغم تلك العملية التي وصفتها قوات شرق ليبيا بأنها ناجحة، إلا أن حادثة القارب المنكوب على شواطئ اليونان الذي انطلق من مدينة طبرق الليبية، سلط الضوء على مدى فاعلية تلك الحملات العسكرية.

وتعليقا على ذلك، قال الخبير الأمني الليبي سامي الدرسي إن غرق القارب كشف جليا ضعف الإمكانيات الليبية في مكافحة الهجرة غير الشرعية“.

وأضاف للأناضول أن بلاده وحدها لن تكون قادرة على مكافحة الهجرة غير الشرعية، بل إن تحمل ليبيا مسؤولية مكافحة الهجرة أمر مرفوض على الصعيد السياسي، حسب تعبيره.

ورغم اعترافه بصعوبة سيطرة سلطات بلاده على سواحلها المشتركة مع أوروبا، رفض الدرسي تصريحات سياسيين غربيين قالوا فيها إن غرق القارب قرب جزيرة بيلوبونيز اليونانية يؤكد غياب شريك ليبي للاتحاد الأوروبي يمكن الوثوق فيه لوقف الهجرة“.

وأضاف: “هم ينظرون للمسألة من وجهة نظرهم فقط، فماذا يعني أن يكون هناك شريك؟، وأين هي الشراكة؟، هل الشراكة فقط بمنح بضعة قوارب مطاطية لخفر السواحل الليبي؟!”.

وتسائل قائلا: “هل يمكن من خلال تلك القوارب السيطرة على الحدود البحرية الليبية التي تعد أطول ساحل في إفريقيا بنحو 1770 كيلومتر (1100 ميلا بحريا) جميعها على البحر الأبيض المتوسط؟!”.

وأشار أيضا إلى الحدود البرية الليبية الممتدة بطول 4 آلاف و348 كلم والمشتركة مع ست دول إفريقية هي مصر وتونس والسودان والنيجر وتشاد والجزائر.

الطيران المسير في مواجهة العصابات

وفي غرب ليبيا، تحولت مدن القره بولي والزاوية وزوارة، المطلة على البحر المتوسط، إلى بوابات للعبور نحو أوروبا، رغم الأخطار التي يواجهها المهاجرون غير الشرعيين من التعذيب من قبل المهربين أو الاعتقال من قبل السلطات المحلية أو الغرق، وفق تقرير أممي.

وفي 25 مايو الماضي، أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية إطلاق عملية عسكرية بالطيران المسير ضد أوكار عصابات تهريب الوقود وتجار المخدرات والاتجار بالبشر في منطقة الساحل الغربي للبلاد“.

وبالتزامن مع تلك العملية، داهم جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بالعاصمة طرابلس العديد من الأماكن التي يتواجد بها مهاجرين غير شرعيين في مناطق أبوسليم وطريق المطار.

غير أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أعربت عن قلقهاإزاء ما وصفته بـ الاعتقال التعسفي لآلاف المهاجرين وطالبي اللجوء، داعية إلى وقف تلك الإجراءات ومعاملة المهاجرين بـ كرامة وإنسانية“.

وقال الخبير الأمني الدرسي إن أعداد المهربين في غرب ليبيا أكبر بكثير ممن هم في شرقها، لكن العملية العسكرية بمساعدة الطيران المسير حققت نجاحا أكبر من نظيرتها في الشرق“.

وأضاف: “الدليل علي ذلك هو مغادرة قارب الهجرة المنكوب من طبرق (شرق) رغم بعد المسافة من هناك إلى اليونان“.

بين الشرق والغرب

ويري الحقوقي الليبي بدر الدين الشومالي، أنه بشكل عام فإن المنطقة الشرقية من ليبيا لا تشكل خطرا كبيرا على أوروبا من حيث نقطة الانطلاق بسبب بعدها عن الشواطئ الأوروبية“.

وأوضح للأناضول أن الرحلة من طبرق بحرا إلى أوروبا تستغرق 5 إلى 6 أيام، في حين تستغرق الرحلة البحرية من الغرب الليبي، وخاصة من مدينة زوارة، إلى ذات المكان بين 20 إلى 25 ساعة فقط“.

وقال الشومالي إن بعض المهاجرين يفضلون الإبحار من شرق ليبيا وتحديدا من طبرق، كون السفر برا إلى الغرب الليبي للإبحار منه يعد خطرا على حياتهم“.

وأضاف: “المسافة بين طبرق والغرب الليبي برا نحو 1250 كلم، حيث يخاف المهاجرون من تعرضهم للاعتقال في الطريق، لذلك يفضل معظمهم الإبحار من الشرق وتحمل التكاليف العالية والمدة الزمنية الأكبر للوصول إلى أوروبا“.

معالجة وليس مكافحة

من جانبه، قال طارق لملوم، باحث في قضايا المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا، إن العمليات الأمنية الأخيرة التي أطلقتها السلطات الليبية في الغرب لن تساهم على الإطلاق في الحد من الهجرة، كونها عمليات عشوائية ولا تستهدف من يدخل من الجنوب، بل تطال طالبي لجوء وأشخاص مسجلين لدى مفوضية اللاجئين“.

وأبدى لملوم معارضته لمصطلح مكافحة الهجرة، قائلا للأناضول إنه يجب معالجة الهجرة غير الشرعية من جميع الأطراف، وخصوصا الاتحاد الأوروبي الذي يعد طرفا أساسيا في الأزمة وبإمكانه الحد من نزوح الآلاف من المهاجرين من دول المصدر إلى دول الشمال الإفريقي“.

وتابع:” أعتقد أن الاتحاد الأوروبي يمارس النفاق السياسي، فهو من جهة يدعي أنه حريص على الأوضاع الحقوقية والإنسانية، بينما يقوم من جهة أخرى بإبرام اتفاقيات مع جهات متورطة في العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، ما يجعل المهاجرين الحلقة الأضعف في هذه المسألة“.

واقترح لملوم عدة حلول ممكنة لمعالجة الهجرة غير الشرعية، منها على الصعيد المحلي فصل السلطات الليبية المهاجرين عن طالبي اللجوء، وتحديد صفات قانونية واضحة لهم، لتسهيل ربطهم بالجهات المعنية، وإبرام مذكرة تفاهم مع مفوضية اللاجئين لترحيل طالبي اللجوء إلى بلد ثالث غير ليبيا“.

وأضاف لملوم: “يجب أن تصب مذكرات التفاهم التي تبرمها ليبيا وغيرها من دول الجوار الأوروبي في مصلحة الإنسان، وأن يتحمل الطرف الأوروبي مسؤوليته الحقيقية تجاه طالبي اللجوء خصوصا الواصلين إلى مياهه الإقليمية، وأن يتوقف على إعادتهم أو ترهيبهم بالعودة إلى مواني غير أمنة مثل ليبيا“.

الجنوب الليبي

ونتيجة لاتساع جغرافية المنطقة الجنوبية الليبية المتاخمة للحدود مع السودان وتشاد والنيجر والجزائر، وفشل السلطات الليبية في إحكام سيطرتها على الحدود، تحولت تلك المناطق إلى أهم المنافذ الرئيسية التي يعبر منها المهاجرون الأفارقة نحو الساحل الليبي.

وتعد القطرونوسبهاوبراك الشاطيوغاتوأوباري” (جنوب غرب) والكفرة (جنوب شرق) أهم المناطق التي يسلكها المهاجرون في رحلتهم الشاقة نحو الشمال، حيث يعتبرها البعض أكثر المراحل خطورة نتيجة لتعرض المهاجرين للموت بسبب العطش أو حوادث السير“.

وشهدت السنوات الأخيرة الماضية وفاة العديد من المهاجرين غير الشرعيين، حيث أعلن جهاز خدمات الطوارئ الليبية العثور على جثث 20 مهاجرا متوفين من العطش وسط الصحراء الليبية، بالقرب من الحدود مع تشاد، بعد تعطل سيارتهم إثر الحر الشديد“.

ورغم سيطرة قوات حفتر على المنطقة الجنوبية بالكامل، غير أن عمليات نقل المهاجرين لم تتوقف، خاصة في الطريق الرابط بين مدينة براك الشاطي (جنوب) والشويرف (وسط)، ليتم لاحقا نقلهم إلى مدينة بني وليد القريبة من مدن الساحل الشمالي.

وقال مصدر أمني تابع لجهاز الهجرة غير الشرعية بالمنطقة الجنوبية، إن دخول المهاجرين غير الشرعيين عبر المناطق الصحراوية الجنوبية لم يتوقف، بل لوحظ ازدياد يومي في عددهم يقدر بـ400 مهاجر يصلون في رحلات منتظمة“.

وأضاف المصدر للأناضول، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بالمنطقة الجنوبية يفتقر للإمكانيات، ما سبب عجز الجهاز عن أداء مهامه في مراقبة وحماية مناطق العبور أو الوصول“.

وتابع أن ذلك العجز مستمر رغم أننا نمتلك كافة المعلومات عن الطرق التي يسلكها المهاجرون حتى وصولهم إلى مدن الغرب الليبي المطلة على البحر“.

وأشار المصدر إلى أن قدرة عصابات التهريب المسؤولة عن جلب وتهريب المهاجرين، تفوق قدرة جهاز مكافحة الهجرة من حيث الإمكانيات، مؤكدا أنهم غير قادرين على مواجهتهم“.

_____________

مواد ذات علاقة