الكسندر سكيبيو

تحدث موقع إنسايد أوفر” الإيطالي عن مدى جدية تهديد الجنرال الليبي الانقلابي خليفة حفتر بإغلاق إنتاج حقول النفط في المناطق الخاضعة لسيطرة قواته، مبرزا آثار هذا التهديد حال تنفيذه على اقتصاد العالم وإيطاليا.

وفي 3 يوليو/ تموز 2023، أعلن حفتر منح مهلة أقصاها نهاية أغسطس/آب 2023 للاستجابة لطلباته في التوزيع العادل للثروة النفطية في ليبيا، على حد زعمه.

وقبل ذلك هددت الحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب غير المعترف بها دوليا بقيادة أسامة حماد، بفرض حصار على صادرات النفط على خلفية ادعائها إهدار حكومة طرابلس المعترف بها دوليا مليارات الدولارات من المال العام دون تقديم خدمات حقيقية.

من جانبه، أعلن المجلس الرئاسي الليبي بقيادة الرئيس محمد المنفي، مساء 6 يوليو، تشكيل اللجنة الوطنية لتحديد أوجه الإنفاق العام وإعداد الترتيبات المالية“.

وجاء ذلك بعد مطالبة حفتر، بتشكيل لجنة عليا للإشراف على توزيع إيرادات النفط بشكل عادل.

عواقب وخيمة

وافترض إنسايد أوفرفي تقريره وقوع عواقب وخيمة حال قرر حفتر تنفيذ تهديداته بوقف إنتاج النفط، مصدر الدخل الرئيس لاقتصاد البلاد

العواقب سيتحمل تبعاتها السكان، خصوصا أن الدعم الذي تمنحه الدولة يشمل أسعار عديد من المنتجات، على غرار الخبز والوقود، كما ستشكل هذه الخطوة مشكلة أيضا لإيطاليا

في هذا الصدد، ذكر أن ليبيا تسهم وفقا لآخر نشرية نفطية صادرة عن وزارة البيئة وأمن الطاقة الإيطالية، بحوالي 15 بالمئة من واردات النفط الخام.

ومنذ أبريل/ نيسان 2023، تم شراء 6.067 ملايين برميل من النفط الليبي منخفض الكبريت وبالتالي يسهل تكريره، بسعر مضاعف لما في السوق تقريبا 120 دولارا للبرميل.

ووصف ليوناردو بيلودي، الأستاذ المساعد في كلية لويس للأعمال، توزيع عائدات النفط في ليبيا بأنها قصة لا نهاية لها أبداخصوصا أن إقليم برقة في شرق البلاد، لطالما اشتكى من تلقي عائدات أقل مما يطالب به“.

وأشار في حديثه للموقع الإيطالي إلى أن العقيد معمر القذافي نجح في السيطرة على هذه المطالب ووضعها جانبا أحيانا بأساليب غير تقليدية لكنها انفجرت بعد سقوط نظامهفي عام 2011.

وأضاف بعد أشهر قليلة من ثورة فبراير، قدمت الحكومة الانتقالية في بنغازي مقترحا لنظام جديد لتوزيع عائدات النفط“.

ولفت الرئيس التنفيذي السابق لشركة إيني وكبير مستشاري هيئة الاستثمار الليبية، إلى أن هذه المشكلة تطفو على السطح مجددا مع حفتر لكنها ليست المرة الأولى التي يهدد فيها بوقف الإنتاج “.

خدعة حفتر

ورجح الموقع أن تكون تهديدات حفتر خدعة أو محاولة للحصول على مزيد من الوسائل في التفاوض على السيطرة على مؤسسة النفط الوطنية“.

وهذه المؤسسة الحكومية متنازع عليها بين جهتين متنافستين، حفتر في الشرق ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة غرب ليبيا

واستبعد بيلودي أن يستمر أي وقف للإنتاج لفترة طويلة، مرجحا أن تكون التهديدات الصادرة عن الجنرال الانقلابي استفزازا“. 

وقال إن حفتر بين المطرقة والسندان، فمن ناحية يجب أن يظهر قبضة من حديد، ومن ناحية أخرى عليه الحرص على عدم إثارة عداء جميع مناطق ليبيا، لأن وقف الصادرات من شأنه أن يتسبب في عواقب على جميع أنحاء البلاد“. 

وذكر إنسايد أوفر أن البلاد أنتجت قبل انقلاب عام 1969، ما يصل إلى 2.8 مليون برميل من النفط يوميا، قبل أن ينخفض الإنتاج في عهد القذافي إلى 1.8 مليون برميل“. 

وأضاف أن الانتاج انخفض في أحلك فترات ما بعد الثورة في عام 2011 إلى ما دون عتبة 200 ألف برميل يوميا“. 

والآن تنتج الدولة العضو في منظمة أوبك للنفط حوالي 1.2 مليون برميل يوميا، أي أقل من واحد بالمئة من الإنتاج العالمي وحوالي 7-8 بالمئة من الواردات إلى أوروبا.

تأثير وقف الإنتاج

وقلّل المسؤول السابق في العملاق الإيطالي للطاقة، من تأثير فرض حظر نفطي جديد ومحتمل في ليبيا بالقول إن الخطوة ستكونذات تأثير ضئيل على المستوى العالمي“.

وشرح بأن ذلك نتيجة حجم صادرات النفط الخام الليبي ولخصوصية سوق النفط، السائل على عكس سوق الغاز

وأضاف بيلودي أن النقص المفاجئ في النفط الليبي قد يدفع أوروبا إلى لعب لعبة موسكو

وأوضح أنه على الرغم من تعرضه للعقوبات، لا يزال النفط الخام الروسي ينتهي به المطاف في الأسواق الأوروبية من خلال المثلثات مع دول مثل الصين والهند وتركيا والإمارات وسنغافورة“.

وأضاف الخبير في الشأن الليبي أن المشكلة الأخرى داخلية وتتمثل في أن عائدات بيع النفط والغاز، تشكل تقريبا 100 بالمئة من ميزانية الدولة“.

لذلك ألمح إلى إمكانية أن يتسبب أي حصار لحقول وآبار النفط شرق البلاد في تأجيج القلق الاجتماعي والاضطراب داخل البلاد، خصوصا أن غالبية الشعب يتمتع بالدعم الحكومي الذي تضمن استمراريته هذه العائدات.

وأشار إنسايد أوفر إلى أن النفط الليبي له قيمة خاصة لأنه يحتوي على نسبة منخفضة من الكبريت، كما يعده الخبراء نفطا خاما حلوا يسهل بشكل خاص تكريره بأقل تكلفة“.

وافترض أن يدفع النقص المفاجئ البالغ ستة ملايين برميل من النفط، إيطاليا إلى الشراء من الأسواق الأخرى ولكن في ظل الوضع الراهن من الصعب التنبؤ بما سيحدث“. 

من جانبه، رأى بيلودي عدم وجود أي مشكلة في العرض بالنسبة لإيطاليا مفترضا في المقابل مشاكل في الأسعار.

وخلص إلى القول: “سنرى إلى متى سيستمر هذا الحصار على إنتاج النفط إذا ما تقرر تنفيذه، وماذا سيكون رد فعل الأسواق الممولة وكبار المتعاملينمستبعدا ارتفاع الأسعار على الأقل في الوقت الراهن“.

____________

مواد ذات علاقة