مصطفى عبد السلام

على طريقته القذافية المعروفة، ورفعه شعار دقت ساعة الصفر، خرج علينا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، يوم 11 إبريل/نيسان 2021، واعداً الشعب الليبي الذي يقطن في المنطقة الشرقية بإقامة مدن سكنية عصرية، تستوعب ما لا يقل عن 12 مليون نسمة، وهو عدد يفوق كثيرا عدد سكان ليبيا في ذلك الوقت! كما أعلن عن تأسيس مدينة سكنية لضحايا الإرهاب تحمل اسم مدينة الكرامة“.

في ذلك اليوم، قال حفتر في تصريح لافت خلال مُلتقى أسر الشهداءإنّ القيادة العامة للقوات المسلحة في ليبيا، ستبني 3 مدن عصرية كاملة المرافق في شرق وغرب وجنوب مدينة بنغازي، وإنّه سيتم منح الوحدات السكنية لأهالي شرقي ليبيا.

بل ذهب إلى أبعد من تلك الوعود حينما أكد أن العمل جار بالفعل في إقامة هذه المدن الجديدة التي ستبنى في وقت قريب“.

حفتر غازل الليبيين وقتها، بخاصة أسر الشهداء، حين قال أيضاً إنه وقع بالفعل على خريطة مشروع الكرامة الذي صُمّم بمعايير عالمية وحضارية، وإنّ الإشراف والتنفيذ تحت هيئة الاستثمار العسكري؛ ليُسلم بعد ذلك إلى تلك الأسر.

بل أعلن عن تخصيص 20 ألف وحدة سكنية لأسر الشهداء والجرحى، وتوفير فرص عمل لأبنائهم بعد تأهيلهم، فضلاً عن تكفل تلك القوات بمصاريف تعليم أبناء الشهداء حتى المرحلة الجامعية، وتكون الأولوية في طلبات الحج والعمرة لهذه الأسر.

وتمر الأيام، ولا تخرج مشروعات حفتر السكنية إلى النور، وبدلاً من أن تتحول المنطقة الشرقية في ليبيا وفي مقدمتها بنغازي ودرنة والبيضاء والشحات وغيرها إلى مدن عصرية حديثة كما وعد اللواء المتقاعد الذي يسيطر على تلك المنطقة منذ ما يقرب من عقد كامل، تحولت إلى مدن أشباح تنتشر فيها رائحة الموتى والخراب والدمار عقب تعرضها لدمار شامل بسبب الأعاصير.

الآن، ومع وقوع كارثة إعصار دانيال، واختفاء مدن بالكامل في شرق ليبيا وتسويتها بالأرض، وانهيار البنية التحتية في المنطقة الشرقية من طرق وسدود، اكتشف الشعب الليبي أن تلك المدن التي وعد بها حفتر فنكوشيةوهلامية ومجرد وعود وحبر على ورق، ولا وجود لها على أرض الواقع.

وأن أموال ليبيا التي كانت تحت يده وتصرفه، لم توجه لتمويل مشروعات خدمية وتنموية أو تحسين الأحوال المعيشية للمواطن، أو إعادة ترميم البنية التحتية المتهالكة والتي لم تخضع لأي تطوير منذ عقود طويلة.

بل خصصها حفتر لشراء الأسلحة والطيران وقتل شعبه وتغذية صراع دامي وحرب أهلية استمرت نحو 9 سنوات حاول خلالها غزو العاصمة طرابلس وغرب ليبيا والاستيلاء على السلطة بالقوة.

الشعب الليبي الذي يقطن في شرق البلاد لم يجد الكرامةالتي كان يتغنى بها حفتر لسنوات طوال على كل المستويات وفي مقدمتها كرامة الإنسان وتحسين الأحوال المعيشية والسكن والتعليم والصحة، بل ورث الفقر والضياع والتشرد وانهيار البنية التحتية في أغلب مدن الشرق جراء إعصار دانيال“.

وورث أيضاً تجمعات سكنية عشوائية انهارت مع أول مواجهة مع الفيضانات وتغيرات المناخ القاسية، وقبلها ورث سنوات من الفساد والإهمال الجسيم جعلت البنية التحتية تنهار بشكل كلي مع هذا الإعصار المدمر.

ولم يعرف المواطن بعد عن أي كرامة كان يتحدث اللواء المتقاعد الذي باتت قواته وبرلمانه في فوهة البركان مع كارثة الإعصار الذي لم تتضح خسائره بعد.

كل ما يدركه هو أن سلطة حفتر الغاشمة التي خدعته سنوات لا يمكن أن تكون صادقة ومحل ثقة وهي تتحدث الآن عن مشروعات إعمار المناطق المنكوبة جراء الفيضانات.

ولا أحد يثق بها كذلك عندما تتحدث عن إنشاء مشروعات عمرانية كبيرة تستوعب أهالي الضحايا والمشردين من إعصار دانيال . فتلك السلطة لم تقدم يوم الأحدحتى يصدقها أحد يوم الاثنين“.

____________

مواد ذات علاقة