تصاعد الغضب الشعبي ضد الحكومات المتعاقبة والمتهمة بالفساد وبتجاهل صيانة السدود في ليبيا وبالتسبب في الكارثة خاصة مع الحديث عن وجود دراسات حذرت من آثار انهيار السدود وإثباتها عدم قدرة هذه السدود على التحمل.

وحذر أكاديمي ليبي يدعى عبد الونيس عاشور من احتمالية انهيار سد مدينة درنة وذلك من خلال دراسة أجراها عام 2022، إلا أن الحكومات تجاهلت هذا التحذير، ما أسفر عن كارثة إنسانية.

وفي مقابلة تلفزيونية محلية قال: “قمت بدراسة بعد حصولي على الدكتوراه عام 2022، بطريقة استخدمت فيها بعض التقنيات الهندسية وصور الأقمار الاصطناعية واستخدمت فيها بيانات حديثة”. وتابع عاشور في حديثه أن “الأرقام التي حصلت عليها خلال هذه الدراسة تشير إلى أنه إذا لم تتم صيانة السدود، سيكون هذا الأمر كارثيًا وخطيرًا بالنسبة لكمية المياه فيها”.

ومن خلال الدراسة أطلق الباحث الليبي تحذيراً من الزيادة السنوية في كمية مياه الأمطار، الأمر الذي يتجاوز القدرة الاستيعابية للسدود. وحسب “نيويورك تايمز”، فقد صمم سد درنة لحجز 22,5 مليون متر مكعب من المياه، لكن غزارة الأمطار بسبب العاصفة دانيال زادت الكمية حتى وصلت إلى 3 أضعاف تلك التي يستوعبها، ما أدى إلى انهيار السد الكبير الذي يعرف باسم سد أبو منصور، وتبعه السد الآخر الذي يعرف باسم سد البلاد.

ورُصد عام 1998 أول التشققات في سدي درنة اللذين انهارا وتسببا في فيضانات دمرت أجزاء من المدينة الواقعة شرقي ليبيا، كما تعرض السدان للإهمال طيلة العقود الماضية، وفقاً لتقارير ودراسات عدة. وعقب ظهور أول التشققات عام 1998، كلفت السلطات الليبية شركة استشارية إيطالية بتقييم الأضرار التي لحقت بالسدين، وأكدت الشركة حينها وجود تشققات، وأوصت حتى ببناء سد ثالث لحماية المدينة، حسب النائب العام الليبي الصديق الصور.

وقامت الحكومات بتخصيص ميزانية كل عام لإصلاح السدين، لكن لم تباشر أي منها العمل فيه وفي تقرير نُشر عام 2021، تحدث ديوان المحاسبة الليبي عن “مماطلة” الوزارة المعنية في استئناف العمل بسدي درنة.

وفي وقت سابق، أعلن المنفي أنه طلب من النائب العام فتح تحقيق شامل في وقائع الفيضانات التي اجتاحت درنة، ومحاسبة كل من أخطأ أو أهمل بالامتناع، أو بالقيام بأفعال نجم عنها انهيار سدي المدينة. وقبل أيام أعلن عبد الحميد الدبيبة أن وزارة التخطيط اكتشفت عند مراجعتها الأوراق الخاصة بعقود صيانة سدي مدينة درنة “أبو منصور ووادي درنة”، أن العقود لم تستكمل، على الرغم من تخصيص عشرات الملايين لها.

وأضاف أن النائب العام المستشار الصديق الصور فتح تحقيقاً فورياً بالقضية، مشدداً على أن الإهمال الحاصل في السدود بالبلاد سببه الأوضاع السياسية والأمنية على مدار السنوات الماضية. وأشار إلى أن هناك مشكلة تتعلق بالسدود بحاجة لحل جذري في مختلف مناطق البلاد. كما تابع في كلمته باجتماع للحكومة عقده لمتابعة أوضاع السدود مع وزارة الموارد المائية الخميس، وبثّ عبر فيسبوك، إلى استدعاء النيابة مسؤولي التخطيط، لاستيضاح تفاصيل منهم.

وتعليقًا على ذلك قالت عضو مجلس النواب الليبي، أسماء الخوجة، إن تصريح النائب العام بخصوص محاسبة المتورطين في كارثة مدينة درنة في محله ويجب تطبيق المساءلة. وتابعت في تصريحات صحافية السبت، إن هذا التصريح مهم ويجب بالفعل محاسبة كل من فرّط في صيانة هذه السدود من دون استثناء أو محاباة منذ تاريخ إنشائها وحتى يوم انفجارها.

وتساءلت عن ذلك، قائلة: “أين ذهبت الأموال التي تم رصدها لغرض صيانة هذه السدود؟”، مضيفة أن محاسبة المتورطين في كارثة مدينة درنة أمر واجب، مطالبة بمحاسبة من أجرم أو ساهم في إهمال صيانة السدود.

وقبل أيام أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، الخميس، أنه كان ممكناً تفادي سقوط معظم الضحايا جراء الفيضانات المدمرة التي خلّفت آلاف القتلى والمفقودين شرق ليبيا.

وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إنه كان بالإمكان إصدار إنذارات، لو كانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكنت من إجلاء السكان. كما أضاف أنه لو تم ذلك فعلاً لكانت البلاد تفادت معظم الخسائر البشرية، وفقاً لـ”فرانس برس”، مشدداً على أن ما جرى ما هو إلا نوع من الفوضى التي تعم البلاد منذ سنوات.

وتتصاعد المخاوف من تكرار مأساة درنة حيث حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من مخاطر تحدق بسدين آخرين شرقي ليبيا بعد أن ورد أنهما يتحملان كميات هائلة من الضغط المائي عقب إعصار “دانيال” الذي ضرب المنطقة قبل أسبوع.

وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن السدين المعنيين هما سد وادي جازة الواقع بين مدينتي درنة وبنغازي، وسد وادي القطارة قرب بنغازي.

____________

مواد ذات علاقة