ردا على مجازر الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، أصدرت دول في شمال إفريقيا بيانات قوية، تميزت عن مواقف بلدان أخرى طبعت علاقتها مع تل أبيب.

وسلط مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية (أورسامالضوء على موقف دول شمال إفريقيا تجاه الهجوم الإسرائيلي في إطار رده على عملية طوفان الأقصى.

وأطلقت العملية كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول ردا على انتهاكات الاحتلال في القدس.

وقال الكاتب التركي كان ديفيجي أوغلو“: “بيئة التطبيع بين دول الشرق الأوسط وإسرائيل، تعطلت بسبب الحرب على غزة، التي تسببت باستشهاد أكثر من 3200 فلسطيني وإصابة آلاف آخرين.

الجزائر وتونس وليبيا

وأردف: بعد الهجمات التي حصلت بين حماس وإسرائيل، كانت تصريحات قادة الجزائر وتونس وليبيا قاسية للغاية وتميزت بذلك عن ردود الفعل في المغرب والسودان بشكل خاص

إذ دعمت هذه الدول الثلاث كفاح الفصائل الفلسطينية ضد إسرائيل وحافظت على ذات النهج خلال عملية طوفان الأقصى.

كما عارضت محاولة إسرائيل لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية وبلدان شمال إفريقيا في إطار اتفاقيات أبراهام التي شملت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

وأضاف: بعد تقارير الإعلام الدولية عن الاشتباكات، دعت الجزائر المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية الشعب الفلسطيني

بالإضافة إلى ذلك، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون مكالمة هاتفية في 11 أكتوبر، وجرت مناقشة مسألة التوسط في حل الصراع.

وفي بيان صدر عن رئاسة الجمهورية التونسية، جرى التأكيد على حق الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة، والإشارة إلى ضرورة أن تقف جميع الشعوب الواعيةبجانب الفلسطينيين وأن يتذكّروا المئات من المجازر التي ارتكبها الصهاينة ضدهم

ودعا البيان إلى وقف الهجمات الوحشية التي تشنّها إسرائيلوفي ذات الوقت نظمت تونس مظاهرة دعم للفلسطينيين وظهرت بيئةُ وحدة في البلاد على الرغم من الاختلافات السياسية والاقتصادية الداخلية.

أما التصريحات التي أصدرتها ليبيا، فجاءت بنفس النهج السياسي المشترك من قبل رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة ووزارة الخارجية والمجلس الأعلى للدولة والبرلمان في طبرق

في هذا السياق، ناقش الدبيبة إمداد قطاع غزة بالمساعدات الإنسانية وتأمين احتياجات الشعب الفلسطيني من الماء والكهرباء والغذاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس

وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية الليبية، جرى التأكيد على أن إسرائيل مسؤولة عن انتهاكات المسجد الأقصى وبناء المستوطنات.

أما برلمان طبرق، فأعلن عن التزامه بدعم الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية ودعا جميع الشعوب العربية لدعم قضية فلسطين

وبذلك تكون قضية فلسطين قضيّةً توحد المجتمع الليبي على الرغم من الاختلال في الآراء السياسية الداخلية.

المغرب والسودان

واستدرك الكاتب: كل من المغرب والسودان يواصل عملية التطبيع من خلال اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل. ويمكن القول إنّ هناك خلفية سياسية واقتصادية وراء قرارات حكومتي الرباط والخرطوم هذه

فهدف المغرب من توقيع الاتفاقية هو تعزيز سيطرته على الصحراء الغربية والحصول على اعتراف الجهات الغربية بسيادته وتعزيز قوته في المجتمع الدولي

أما هدف السودان فهو تعزيز علاقاته مع الجهات الغربية بعد سقوط نظام عمر البشير عام 2019 ورفع العقوبات السياسية والاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة

وعلق ديفيجي أوغلو: على الرغم من تحقق أهداف كلا البلدين، أسهمت الأحداث الأخيرة بين حماس وإسرائيل وما يحدث في غزة في تصعيد ردود الفعل لدى شعوبهما وتصعيد الاحتجاجات ضد إسرائيل

فبعد الجرائم الإسرائيلية على غزة، نظم الشعبان مظاهرات لدعم الفلسطينيين وطالبا بتعليق عملية التطبيع

وعلى الرغم من ذلك فقد كان بيان وزارة الخارجية المغربية محدودا، حيث أعربت وزارة الخارجية فقط عن قلقها إزاء التصعيد العنيف في قطاع غزة واستنكرت استهداف المدنيين بغض النظر عن الحرب القائمة

بينما وصف أحد الأحزاب الكبرى (لم يسمه) في البرلمان المغربي الأفعالَ الفلسطينية بأنها بطوليةورد فعل شرعيا ضد الانتهاكات اليومية“. وبالتالي، يمكن القول إن هناك اختلافا بارزا بين موقف الشعب والحكومة المغربية تجاه القضية الفلسطينية

أما في السودان، ففي بيان صادر عن وزارة الخارجية جرى الإشارة إلى أن العنف تجاه الفلسطينيين ناتج عن تراجع الاهتمام الدولي.

 وأكدت الخرطوم دعمها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة. وبالتالي، يلاحظ أن التصريحات التي أصدرتها المغرب والسودان كانت محدودة بالمقارنة مع دول المنطقة الأخرى.

مصر وتركيا

أما مصر ورغم توقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل منذ عقود وعملها لفترة طويلة كوسيط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن تصاعد المشاعر الشعبية المعادية لإسرائيل فيها وخاصة خلال فترات العنف أمر جدير بالملاحظة

ولفت الكاتب النظر إلى أن مصر تبذل جهودا دبلوماسية لتخفيف تصاعد النزاع بين الأطراف والانتقال إلى مرحلة المفاوضات

وأكدت البيانات الصادرة عن رئاسة الجمهورية أن رئيس النظام عبدالفتاح السيسي يتابع بنفسه التطورات في غزة في مركز إدارة الأزمات الإستراتيجية“. 

وأشار البيان إلى أن السيسي أمر وزير الخارجية سامح شكري بتكثيف الاتصالات مع الدول المجاورة والأطراف المتنازعة للسيطرة على الوضع ومنع تصاعد التوتر بينهما

كما أجرى السيسي مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ومن جهة أخرى، نفذ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارة إلى مصر في الفترة بين 13-14 أكتوبر 2023. 

وعلق ديفيجي أوغلو: تعد قضية نضال فلسطين من بين الأولويات المشتركة لتركيا ومصر في سياسة الشرق الأوسط

وبينما لا يتنازل البلدان عن حقوق فلسطين الشرعية في إطار القانون الدولي، فإنهما يتبعان سياسة متوازنة تجاه إسرائيل.

ففي المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد اجتماع فیدان مع شكري في القاهرة، أشير إلى أن البلدين يتفقان في موقفهما من قضية فلسطين التي لا يمكن حلها سوى بإقامة دولة فلسطينية، وأن هناك تحضيرات مشتركة لحل الصراع. لكن لا يزال الوضع بحاجة إلى تصريحات أكثر وضوحاً

وأشار الكاتب إلى أنه تحت هذا الإطار، توجد وسائل دبلوماسية يمكن لكل من تركيا ومصر أن تقودها لحل النزاع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل من خلال منظمات عالمية وإقليمية مختلفة.

ومنها منظمة التعاون الإسلامي التي تعد أنقرة والقاهرة أعضاء رئيسين فيها، وجامعة الدول العربية التي تَعُدّ مصر عضوا حاسماً فيها بالإضافة للاتحاد الإفريقي أيضاً

وفي سياق البيان الصادر بعد الاجتماع، يبدو أن الخطوة الأولى المتفق عليها لكل من الطرفين هي إقناع الجانب الإسرائيلي بفتح ممر إنساني في غزة، يقول الكاتب

وكخطوة ثانوية، قد يكون من الممكن تحقيق وساطة للسلام بين الأطراف المتنازعة وفقاً للقرارات التي ستتخذها الدول الإقليمية من خلال هذه المنظمات.

وختم الكاتب مقاله قائلا: تستمر مصر في التأكيد على ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي مبادرة لوقف الاشتباكات وتحقيق السلام في المنطقة، وتواصل اتصالاتها مع الجهات العالمية والإقليمية وأطراف النزاع لتوفير المساعدات الإنسانية لغزة

وبالتالي، تسلط مصر الضوء على سبل حل النزاع بل تعد لاعبا رئيسا قادرا على أن يكون نشطا وفعالا في دور الوساطة مستقبلا.

_______________

مواد ذات علاقة