الحبيب الأسود

تكثف المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا من استعداداتها تحضيرا للانتخابات البلدية التي تجري على مراحل، ويعتقد كثيرون أن الاستحقاق المنتظر سيكون تمهيدا جيدا للاستحقاقين الرئاسي والتشريعي المتعثرين.

تستقبل ليبيا العام 2024 بتنظيم الانتخابات البلدية التي ستشمل 98 مجلسا بلديا دفعة واحدة، فيما دعت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى توفير الغطاء المالي للاستحقاق المرتقب.

ويأمل الليبيون في أن يمهد الاستحقاق المنتظر الطريق للانتخابات التشريعية والرئاسية التي لا تزال محل تجاذب بين الفرقاء في ليبيا.

 وأعلنت مفوضية الانتخابات اعتزامها البدء في التحضير لإنجاز المرحلة الأولى من عملية انتخاب المجالس البلدية المتمثلة في مرحلة الربط، التي تتطلب من المواطنين الراغبين في إدراج أسمائهم في سجل ناخبي الانتخابات البلدية أن يربطوا أرقام هواتفهم بأرقامهم الوطنية، حتى تتمكن منظومة تسجيل الناخبين من قبول طلبات تسجيلهم في مرحلة تسجيل الناخبين التي ستعلن في حينها.

وقالت المفوضية إن التسجيل في سجل ناخبي انتخابات المجالس البلدية يعد تسجيلا جديدا ومنفصلا كليا عن سجل ناخبي الانتخابات العامة، ووعدت بأنها ستبين من خلال الوسائل التوعوية والإرشادية التي ستنشر في وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، الخطوات الفنية اللازمة للقيام بعملية الربط، وكيفية تجاوز الصعوبات التي قد تواجه المواطن في هذه المرحلة.

وحثّت جميع مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية والنخب السياسية والاجتماعية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني على دعم جهود المفوضية من خلال المساهمة في نشر الوعي بمتطلبات عملية الربط التي ستمكن المواطن من التأهل للمراحل اللاحقة من العملية الانتخابية عموما، ومرحلة تسجيل الناخبين على وجه الخصوص.

وقال بيان صادر الاثنين عن مفوضية الانتخابات، “نظرا لما لهذه الخطوة من أهمية فإن المفوضية تدعو كل من هو مؤهل لممارسة حقه في الانتخاب من خلال الإدلاء بصوته لاختيار من يمثلونه في المجلس البلدي (حجر الزاوية) في البناء والإعمار، وإرساء قواعد الاستقرار، ونسعى كأعلى سلطة انتخابية في الدولة إلى ترسيخ الصورة الحضارية الديمقراطية الإيجابية لمشاركة المواطن الليبي في بناء مستقبل بلاده، ولن ندخر جهدا في سبيل تمكينه من ممارسة حقه في الانتخاب وسنعمل بكل ما أوتينا من إمكانات على إتاحة كل السبل التي من شأنها أن تيسر مشاركته الإيجابية، وتعمل على تعزيز روح المواطنة والانتماء”، وفق نص البيان.

ودعت المفوضية حكومة الدبيبة إلى ضرورة دعم عملية انتخاب المجالس البلدية الرامية إلى خلق الاستقرار في قواعد الهيكل الإداري والخدمي للدولة، وإصدار قرارها العاجل بشأن توفير التغطية المالية اللازمة لتنفيذ العملية.

ومن جانبه، عقد رئيس مجلس المفوضية عماد السايح اجتماعا في طرابلس، لمتابعة استعدادات الإدارات الفنية بالمفوضية لانطلاق انتخابات المجالس البلدية المقررة مطلع العام الجديد، حيث تم استعراض الإجراءات الفنية لمرحلة التسجيل وآلية ربط رقم الهاتف بالرقم الوطني كأحد اشتراطات التسجيل، كما تم عرض خطة التوعية الانتخابية المصاحبة لعملية تسجيل الناخبين.

وبحسب القانون المعتمد، فإن البلديات التي يتجاوز عدد سكانها 250 ألف نسمة، سيتكون مجلسها البلدي من تسعة مقاعد من بينها سبعة مقاعد للفئة العامة ومقعد للمرأة ومقعد لذوي الاحتياجات الخاصة من الثوار.

أما البلديات التي يبلغ عدد سكانها أقل من 250 ألف نسمة فيتكون مجلسها البلدي من سبعة مقاعد من بينها خمسة مقاعد للفئة العامة ومقعد للمرأة ومقعد لذوي الاحتياجات الخاصة من الثوار، بحيث تضم القائمة الرئيسية خمسة مرشحين رئيسيين وخمسة احتياطيين.

ويجب ألا تكون بين المرشحين في القائمة الواحدة صلة قرابة حتى الدرجة الرابعة، وذلك سعيا لقطع الطريق أمام التحالفات القبلية والعشائرية التي يمكن أن تسيطر على المجالس البلدية في حالة عدم وضع حد لنفوذها وسطوتها الاجتماعيين.

وبالنسبة لمقعد المرأة ومقعد ذوي الاحتياجات الخاصة فسيتم انتخابهما بالنظام الفردي، وسيكون الهدف منهما تمكين النساء والمسلحين السابقين ممن تعرضوا إلى إعاقات في ساحات المعارك أثرت على قدراتهم الجسدية، من المشاركة الفعلية في صياغة واتخاذ القرارات المتعلقة بالحياة الاجتماعية في إطار سلطات الحكم المحلي.

وشهد مقر بلدية بنغازي تنظيم الاجتماع التنسيقي الأول بين اللجنة المركزية لانتخابات البلديات التابعة للحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، وعدد من قيادات منظمات المجتمع المدني النسوية، وحقوقيات وإعلاميات.

وتناول الاجتماع أهمية مشاركة المرأة في العملية الانتخابية، بما فيها الترشح لمنصب عميد البلدية، ومراقبة سير الانتخابات، وعدم اقتصار مشاركة المرأة على المقعد الدائم في عضوية المجلس البلدي.

وأكدت رئيسة مجلس إدارة مفوضية المجتمع المدني بريكة بالتمر أن هذا الاجتماع ستتبعه سلسلة من الاجتماعات، داعية كل امرأة لديها الكفاءة إلى المشاركة في الاجتماعات المقبلة.

وفي يوليو الماضي، أصدر مجلس النواب التعديل القانوني الخاص بنقل سلطة إجراء انتخاب المجالس البلدية من اللجنة المركزية للانتخابات المحلية إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وذلك بموجب القانون رقم 20 لسنة 2023 بشأن تعديل القانون رقم 8 لسنة 2013 بشأن إنشاء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وتعتبر أوساط ليبية أن الانتخابات البلدية يمكن أن تكون تمهيدا جيدا للاستحقاقين الرئاسي والتشريعي، وأن تعد السكان المحليين للمسار الديمقراطي الذي لا يزال مهددا بخطر نشوء دكتاتوريات جديدة في البلاد، تحاول الاستفادة من حالة الانقسام لتكريس مصالحها الشخصية والأسرية والفئوية والمناطقية والقبلية على حساب تطلعات الشعب إلى مستقبل تعددي يمكن أن يحتوي جميع الاختلافات الموروثة والطارئة في البلاد.

_____________

مواد ذات علاقة