أحدث التقييمات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تؤكد وجود كميات كبيرة في أحواض غدامس وسرت ومرزق.

وجهت ليبيا أنظارها إلى فرص الوقود الأحفوري غير التقليدي، أملا في زيادة قدراتها في إنتاج الخام، وذلك بفضل التقديرات التي تؤكد وجود احتياطيات كبيرة قد تسهم مستقبلا في زيادة الإيرادات رغم تحديات التكاليف وتأثيره على البيئة وحاجته إلى تقنيات متقدمة.

كشفت إدارة معلومات الطاقة الأميركية (إي.آي.أي) أن ليبيا تعد موطنا للنفط الصخري المترسب من العصر السيلوري، وهو أهم مصدر هيدروكربوني في شمال أفريقيا.

وأكد خبراء الإدارة أن مكامن النفط الصخري في البلد العضو في منظمة أوبك يمكن أن تنتج ضعف الكميات التي تنتجها الرواسب المماثلة في المكسيك وفنزويلا مجتمعة.

ويوجد النفط الصخري في شمال غرب وجنوب غرب ليبيا، ما يعني انتقال ثقل إنتاج الخام من المنطقة الشرقية وتوابعها إلى المنطقة الغربية من السحل الغربي الشمالي إلى الحدود الجنوبية الغربية.

وأوضحت إي.آي.أي أن تقييم احتياطيات الوقود الأحفوري غير التقليدي جرت على 3 أحواض رئيسية وهي غدامس وسرت ومرزق، واحتوت على ما يقارب 942 تريليون قدم مكعبة من الغاز و613 مليار برميل من النفط.

محمد عون: الاستثمار في المجال سيضاعف الإنتاج مع توفر الاستقرار

ووفق التقييم، فإن المناطق الصخرية في حوض سرت من النوعيات السميكة ذات الجودة الكافية لعمليات الحفر الأفقي مع تقييم ذلك بصورة منفصلة.

ويعتبر النفط الصخري أحد المصادر الواعدة لإنتاج الوقود الأحفوري غير التقليدي، إذ تتوفر هذه الصخور في الكثير من بقاع العالم، وقد استغلت منذ سنوات لإنتاج الطاقة الحرارية، إذ كان يتم حرقها بشكل مباشر كالفحم الحجري.

وهذا النفط عبارة عن صخر رسوبي يكون فيه المحتوى العضوي (الكيروجين) غير قابل للذوبان في المذيبات العضوية، لكنه يتشكل عند تعرضه لعملية التحلل عند درجات حرارة تصل إلى 600 درجة مئوية.

وكان وزير النفط والغاز الليبي محمد عون تحدث عن امتلاك بلاده احتياطيات هائلة من هذه الموارد، مشيرا إلى أن 30 في المئة من مساحة البلاد البالغة 1.7 مليون كيلومتر لم تستكشف حتى الآن.

وكشف خلال افتتاح قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد 2024 المنعقدة في وقت سابق هذا الشهر عن قيام لجنة فنية موسّعة بدراسة وتقييم احتياطيات النفط والغاز الصخري بالبلاد، وخلصت إلى وجود كميات هائلة من هذه الموارد.

وأشار إلى أن هذه النتائج عرضت على الحكومة التي وافقت على دعم خطوات التقييم اللاحقة عبر حفر إحدى الآبار، واختبار النتائج الفعلية خلال الفترة المقبلة.

ووفق عون، فإن بلاده تعتبر الخامسة عالميا في احتياطيات النفط والغاز الصخري وفق دراسة من وكالة الطاقة الأميركية سنة 2015، وأن الاستثمار فيه سيضاعف الإنتاج مع توفر الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.

وبحسب الوكالة، فإن الاحتياطيات تبلغ 34 مليار برميل، مما يجعل ليبيا الأولى عربيا والخامسة عالميا، بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين. وفي ضوء هذه الإحصائيات فإن العمر الافتراضي للإنتاج يرتفع إلى 112 عاما.

وفي 2019، قدّرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية متوسط الموارد غير المكتشفة القابلة للاستخراج بنحو 23.7 مليار برميل من النفط الصخري و23 تريليون قدم مكعبة من الغاز المصاحب في الجزء البري من حوض سرت.

وارتفعت احتياطيات الغاز الصخري إلى ثلاثة أضعاف، من 55 تريليون قدم مكعبة إلى 177 تريليون قدم مكعبة، وذلك بإضافة 122 تريليون قدم مكعبة من الاحتياطي القابل للاستخراج من الصخور.

وهذه الكميات تجعل البلد يصعد إلى المراكز العشرة الأولى على مستوى العالم بعد أن كان في المركز الـ21 من ناحية احتياطيات الغاز المؤكدة.

وتحاول ليبيا، التي مزقتها الحرب، تشجيع شركات النفط العالمية على العودة إلى النشاط ومساعدتها على زيادة الإنتاج لتحصيل المزيد من العوائد التي فقدتها منذ 2011 بعد أن تضرر القطاع، المصدر الأول للعملة الصعبة.

وفي نوفمبر الماضي، أوضح عون خلال استقباله للقائم بالأعمال الألماني شيراز كروسبي أن ثمة تعاونا بين وزارته ووزارة الصناعة والمعادن الليبية لتوطين صناعة مواد ومعدات نفطية بمشاركة مستثمرين محليين وشركات عالمية.

وأكد أن ثمة حرصا ليبيا على دعوة الشركات الألمانية لحضور اللقاءات المشتركة للتعاون والاستثمار مع رجال الأعمال الألمان في هذه الصناعات.

ويشير خبراء إلى أن استغلال النفط والغاز الصخري في ليبيا يحتاج إلى تقنيات متطورة، ناهيك عن تكاليفه المرتفعة، وخطورته على البيئة، وإمكانية تدمير الأحواض المائية الجوفية في الصحراء والتي تغذي مدن الشمال الأكثر كثافة عبر النهر الصناعي العظيم.

وأكثر الطرق شيوعا للاستخراج تشمل وضع بطانة فولاذية داخل تجويف البئر ثم تفجير الثقوب عبر الغلاف الفولاذي للوصول إلى الخزان. وتستخدم هذه العملية عادة نصف كمية الصلب ورمال التكسير مقارنة بالآبار الجديدة.

ويعدّ التكسير الهيدروليكي إحدى العمليات المصممة لإعادة تنشيط الآبار، ويمكن أن يعيد الإنتاجية إلى معدلاتها الأصلية بالإضافة إلى إطالة فترة إنتاج البئر.

وتواجه صناعة النفط في ليبيا تحديات كبيرة تتعلق بتوفير التمويلات اللازمة لتطوير القطاع بعدما دخل خلال سنوات الحرب في متاهة المشاكل والابتزاز مما جعله يتخبط في أزمات لا حصر لها.

وفيما تتجه لجنة النفط الصخري إلى وضع اللمسات الأخيرة من أجل البدء بمشروع تجريبي للوقود الأحفوري غير التقليدي، فإن لدى الحكومة خطة لترخيص العطاءات في 2024 لتوفير مساحة كبيرة في كل من مناطق الإنتاج البرية والبحرية.

وأكد عون أن هدف الحكومة هو زيادة الإنتاج إلى نحو مليوني برميل يوميا، ويمكن الوصول إلى هذا الرقم تدريجيا. وقال “سنرى بداية رؤية نتائج النمو خلال عامين أو ثلاث سنوات وحتى خمس وسبع سنوات تقريبا، عندما نصل إلى هدفنا”.

وتتسلح المؤسسة الليبية للنفط المملوكة للدولة بإستراتيجية قامت بتعديلها في وقت سابق من هذا العام، لتتضمن جدولا زمنيا أقصر للوصول إلى الهدف.

ومن المتوقع أن تضخ المؤسسة استثمارات بنحو 17 مليار دولار في البنية التحتية للقطاع لتحقيق الغاية، وأوضح عون أن الاستثمار لن يقتصر على الحقول القائمة فحسب، بل سيشمل أيضا الحقول التي تم اكتشافها ولم يتم تطويرها بعد.

وتسعى ليبيا المعفاة من قرار منظمة أوبك القاضي بخفض الإنتاج للوصول بطاقتها الإنتاجية من الخام إلى أكثر من 1.2 مليون برميل يوميا التي بلغتها في العام الماضي، وهو مستوى ضعيف قياسا بنحو 1.6 مليون برميل قبل الحرب.

ووفق بيانات منصة أويل آند غاز غورنال، تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في قارة أفريقيا بنحو 48.4 مليار برميل.

وتعادل هذه الاحتياطيات حوالي 3.9 في المئة من إجمالي احتياطيات أعضاء أوبك مجتمعين، وهو ما يجعل ليبيا في المركز السابع على مستوى دول المنظمة.

_____________

مواد ذات علاقة