فعاليات سياسية واجتماعية تطالب بتشكيل حكومة ليبية جديدة.

صعّدت مدينة مصراتة، الواقعة غرب ليبيا، موقفها ضد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة وطالبت بتشكيل حكومة جديدة وهو مطلب يدعمه مختلف الفرقاء السياسيين والاجتماعيين.

رفعت فعاليات سياسية واجتماعية بمدينة مصراتة الليبية صوتها عاليا للمناداة بتشكيل حكومة جديدة بدلا من حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، في ظل حالة من الاستقطاب الحاد تطغى عليها نبرة التشدد في مواجهة تمسك عبدالحميد الدبيبة بمقاليد الحكم إلى حين تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية.

وطرق تجمع نواب مصراتة باب البعثة الأممية في طرابلس، وعبروا لرئيسها عبدالله باتيلي عن وجهات نظرهم بشأن سبل دفع العملية السياسية إلى الأمام، مشددين على ضرورة تشكيل حكومة تصريف أعمال مصغرة لقيادة ليبيا نحو الانتخابات.

وأكد التجمع المؤلف من أعضاء من مجلسي النواب والدولة أن الاجتماع ناقش تفعيل مبادرة المبعوث الأممي لجمع الأطراف الخمسة الرئيسية أو مبعوثيهم لحسم بعض الشواغل العالقة والوصول إلى انتخابات من خلال حكومة تكنوقراط مصغرة تشرف عليها.

والخميس شارك رئيس مجلس الدولة الاستشاري السابق خالد المشري في اجتماع عدد من أعضاء المجلس مع الفعاليات الوطنية بمدينة مصراتة، وقال في منشور عبر منصة إكس “تم التباحث بشأن الوضع السياسي الحالي، واستعرضنا الحلول المتاحة لحل الأزمة السياسية الحالية بسبب تعطيل المسار الانتخابي في البلاد”.

وأشار إلى أن الجميع أكدوا على دعمهم تشكيل حكومة موحدة ومحايدة مهمتها إنجاز الانتخابات عبر القوانين التي أنجزتها لجنة 6+6.

وأوضح عضو مجلس الدولة ومنسق  “تجمع نواب مصراتة” أبوالقاسم قزيط أن الاجتماع عقد في مدينة مصراتة بحضور نائب رئيس المجلس عمر العبيدي، والأعضاء فتح الله السديري وصفوان الموسوي وعادل كرموس وخالد الناظوري وخالد المشري، لمناقشة حالة الانسداد السياسي، وضرورة الوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وتابع في تصريحات صحفية أن الاجتماع تناول مسألة تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة للوصول إلى الانتخابات، لافتا إلى أن أعضاء مجلس الدولة قبلوا الدعوة الموجهة إليهم لزيارة “حراك 17 فبراير للإصلاح ومقاومة الفساد ودعم سيادة القانون”، و”حراك الفعاليات الوطنية مصراتة”، وذلك من أجل “التشاور مع القوى الوطنية” التي أعلنت عن نفسها في مصراتة لتنسيق الجهود على مستوى وطني.

وأكد المرشح السياسي سليمان البيوضي اتفاق القوى السياسية على ضرورة تشكيل حكومة ليبية جديدة، وقال في منشور عبر منصة إكس إن مصراتة “تشهد انقساما أفقيا حادا ويمكن للدبيبة أن يتحدث عن أي شيء لكن ثمة حقيقة واحدة بأنه فقد الحاضنة والدعم اللامتناهي، أما سياسيا فهو لا يملك أي ظهير فكل التيارات والقوى السياسية اتفقت على ضرورة تشكيل حكومة جديدة توحد البلاد”.

ويشير مراقبون إلى أن مدينة مصراتة تشهد معارضة سياسية شرسة للدبيبة وحكومته، كما أن الميليشيات الموالية له باتت تواجه عزلة حقيقية.

والأسبوع الماضي اقتحمت مجموعة “حراك قادة مصراتة” مطار المدينة لطرد القوة المشتركة، وطالبت الدبيبة بتحقيق بقية مطالبها فورا، فيما نقلت مصادر مطلعة عن النائب العام الصديق الصور أنه تم رفع الحصانة عن عناصر القوة المشتركة المتهمين بارتكاب جرائم القتل والخطف والتعذيب والسرقة في مصراتة وغيرها.

وكان حراك 17 فبراير للإصلاح ومقاومة الفساد ودعم سيادة القانون في مصراتة طالب بإجراء تحقيق فوري من النائب العام حول ما حدث في مطار مصراتة والمنطقة الحرة، والذي أثبت حجم الفساد والتهريب من المطار وتعدي أشخاص على الأجهزة الأمنية واقتحام مقراتها.

وقال في بيان له إنه يرفض سيطرة عناصر القوة المشتركة على إدارة مصلحة الجمارك ومطار مصراتة، بعد ما اقترفوه في المدينة، وتهريبهم للذهب عبر المطار.

وأضاف الحراك أن الأمور تتفاقم وتتسارع بشكل ينذر بالخطر، وأن ما حدث في مطار مصراتة والمنطقة الحرة أثبت للجميع حجم الفساد الذي يمارس، والتهريب شبه المعلن عبر المطار. وشدد على ضرورة تحقيق الأجهزة القضائية في كل القضايا التي بحوزة القوى الوطنية، والتي أصبحت قضايا رأي عام، وعلى ضرورة أن تدار مرافق الدولة، كمصلحة الجمارك وأمن المطار، برجال مشهود لهم بالنزاهة والمصداقية والوطنية، رافضا تسليم إدارة هذه المنافذ والمراكز الحيوية لقوى أو مجموعات غير نظامية.

كما أكد الحراك في رسالة توجه بها إلى رئيس دار الإفتاء بطرابلس صادق الغرياني أن ما يجري في مدينة مصراتة في أغلبه هو وقفة ضد الظلم والاعتداء على الحريات، وعدم الرضى بأشخاص أصبحوا متنفذين سيطروا على بعض المرافق الحساسة، وأصبحوا سلطة خارج القانون، ويهربون الأموال ويدوسون على الحريات، بل لا يستجيبون حتى للأوامر القضائية التي تصدر بحقهم، لافتا إلى أن مطالبه تتمثل في تقويم الاعوجاج والنظر في الاختصاص، وإلزام الجميع بالعمل طبق مقتضيات القانون، ومساعدة الأجهزة النظامية الأصلية، وهي المؤسسة الشرطية والعسكرية والسلطة القضائية، وتنفيذ أوامرها دون أن تحل محلها.

والجمعة أعلن حراك 17 فبراير في مصراتة اتفاقه مع أعضاء من مجلس الدولة على أهمية وجود حكومة موحدة تشرف على الانتخابات، وأكد أنه لا بد من حكومة موحدة بعد الجمود السياسي الأخير والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة الليبية وعدم وجود رؤية وآلية شفافة للإفصاح عن الإنفاق الحكومي.

جاء ذلك بعد أن عقد قادة وأعضاء حراك 17 فبراير اجتماعا الخميس مع كتلة الـ50 في مجلس الدولة الاستشاري وأعضاء بمختلف الكتل في المجلس بحضور الأعيان والحكماء والشخصيات السياسية والاجتماعية بمدينة مصراتة.

وبيّن عضو الحراك إبراهيم بن غشير أن “حراك 17 فبراير جاء للإصلاح ومقاومة الفساد ودعم سيادة القانون”، وأضاف أن الوفد النيابي أثنى على وجود حراك 17 فبراير في مصراتة وعلى أهداف الحراك لإحياء أمل الدولة المدنية.

وأبرز أن الطرفين اتفقا على أهمية وجود حكومة موحدة تشرف على الانتخابات خاصة بعد الجمود السياسي الأخير والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة الليبية، وأكدا أهمية استمرار التنسيق والتشاور في المستجدات السياسية والدفع بالعملية السياسية لتحقيق طموحات الشعب الليبي وتوقه إلى إجراء الانتخابات.

توافق بين مختلف فرقاء مدينة مصراتة على الإطاحة برئيس حكومة الوحدة الوطنية 

وترى أوساط محلية أن الفعاليات الأساسية في مدينة مصراتة باتت تجمع على ضرورة الإطاحة بحكومة الدبيبة وتشكيل حكومة مصغرة وذات كفاءة وقادرة على تهيئة البلاد لتوحيد المؤسسات وتنظيم الانتخابات.

وأضافت الأوساط أن هناك اتصالات تجري على أكثر من صعيد ومع مختلف مكونات الطيف السياسي لتنسيق المواقف حول أهمية تجاوز المرحلة وتشكيل الحكومة الجديدة وفق توافقات سياسية بين جميع الفرقاء.

وقال المبعوث الأممي عبدالله باتيلي إن اللقاء الذي جمعه بالدبيبة الخميس جاء في إطار مواصلة جهوده لجمع الأطراف الليبية الرئيسية من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة المستمرة، وأضاف “كررت دعوتي جميع الأطراف الليبية المعنية للجلوس إلى طاولة المفاوضات، الآن وقت إبداء المسؤولية!”.

وأقر المبعوث الأممي بضرورة عمل القادة الليبيين بشكل حاسم على تحقيق السلام والاستقرار في وطنهم، موضحا أن “جميع المواطنين في جميع أنحاء ليبيا يتطلعون إلى رؤية بلادهم في ظل مؤسسات موحدة وشرعية، تأتي من خلال عملية انتخابية طال انتظارها”، كما أكد على ضرورة التحلي بالشعور بالواجب تجاه الأمة لصون البلاد من التفكك.

ومن جانبه شدد رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح على أن أي محاولة لفتح حوارات واتفاقيات جديدة ستعيد البلاد إلى المربع الأول، مؤكداً أن ليبيا بحاجة إلى تشكيل حكومة موحدة تشرف على تنظيم الانتخابات.

وجدد صالح التأكيد خلال الاجتماع على أن “البرلمان أنجز ما هو مطلوب منه من قاعدة دستورية وإصدار القوانين الانتخابية وآلية انتخاب حكومة موحدة تنظم الانتخابات”.

وكانت 30 حزبا سياسيا ليبيا قد طالبت رئيس مجلس النواب بضرورة الإسراع في تكوين حكومة جديدة واحدة للبلاد تشرف على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفقاً للقوانين الانتخابية الصادرة، وشددت على ضرورة “تشكيل حكومة جديدة واحدة للبلاد تشرف على إجراء الانتخابات وتدعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لتنفيذ الاستحقاق”.

وبحسب متابعين للشأن الليبي، فإن حالة الاستقطاب الحاد في مصراتة ستؤدي إلى الإطاحة بحكومة الدبيبة في ظل توافق ضمني بين مختلف فرقاء المدينة على أهمية تحصين السلم الاجتماعي وتجنيب مصراتة نتائج أي صراع حول السلطة، وتوحيد الصفوف للمساهمة في بلورة مستقبل البلاد والخروج من حالة الانقسام إلى آفاق جديدة ترتكز على توحيد المؤسسات والمصالحة الوطنية وتنظيم الاستحقاقات الانتخابية على أسس صحيحة.

________________

مواد ذات علاقة