نسرين سليمان

وسط الجدل الدائر حول نية روسيا توسيع نفوذها انطلاقاً من أفريقيا، تتوالى التقارير الصحافية الكاشفة لتفاصيل العلاقة المبهمة بين المخطط الروسي واللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي سلم ليبيا لموسكو لتكون منطلقاً لعملياتها العسكرية في أفريقيا وأرضاً تمهد توسع روسيا نحو أوروبا.

وفي آخر التقارير الصحافية، قال موقع أفريكا إنتلجنس إن خليفة حفتر يتقرب من المجلس العسكري النيجيري بمباركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف الموقع أن حفتر يقيم علاقات أوثق مع المجلس العسكري في نيامي بموافقة موسكو. وبحسب الموقع، يمهد هذا التقارب الطريق لتحالف غير مسبوق على طول الحدود الصحراوية بين النيجر وليبيا، التي يعبرها المهاجرون في طريقهم إلى أوروبا.
ووفق الموقع، يتشكل محور سياسي وأمني معزز بين حفتر ونيامي، إذ التقى مسؤولو المجلس العسكري النيجيري بشكل متكرر في الأسابيع الأخيرة مع نظرائهم العاملين لدى حفتر.

ولفتت الصحيفة إلى أن منطقة الساحل وليبيا وتحديداً “برقة” تتجه لتكون بمثابة مركز تكتيكي للتوسع الاستراتيجي الروسي في المنطقة.

وقبل ذلك وفي إطار رغبة روسيا في مجابهة أوروبا انطلاقاً من ليبيا، قالت صحيفة التايمز البريطانية في تقرير خطير وجديد إن إيطاليا عبرت عن بالغ قلقها إزاء خطط روسيا لبناء قاعدة نووية في ليبيا على الجناح الجنوبي لأوروبا.

وأضافت الصحيفة أن موسكو ستضع غواصات نووية في ميناء بحري شرقي ليبيا وهي تعمل على إنشائه، ما يعزز نفوذها بشكل كبير في البحر المتوسط مقابل دول الناتو.
واستندت إلى نقاشات بين حفتر ونائب وزير الدفاع الروسي “يونس بك يفكوروف” الذي زار ليبيا 4 مرات، حول افتتاح قاعدة بحرية روسية في طبرق، مع إعطاء الأولوية للغواصات في الميناء قبل السفن السطحية.

واعتبرت أن وجود غواصات على بعد بضعة كيلومترات من دول الناتو لن يكون مفيداً للأمن، خاصة أن توسيع النفوذ في ليبيا هو رغبة بوتين منذ 20 عاماً. وأضافت الصحيفة أن الموانئ الأخرى التي قد تستخدمها روسيا كقاعدة بحرية هي سرت ورأس لانوف، مستبعدة وفق خبراء، قاعدة عسكرية في طبرق لقربها من جمهورية مصر، وهو ما يثير قلقها وعدم رضاها، وفق الصحيفة.

وعن علاقة حفتر بفاغنر تقول الصحيفة إن وجود ما بين 800 إلى 900 جندي روسي الآن شرق ليبيا لمساعدته في إدارة نظام الدفاع الجوي، يزيد من تعزيز العلاقات مع موسكو خاصة بعد توليها قيادة عناصر فاغنر تحت جناح وزارة الدفاع بعد وفاة مؤسسها يفغيني بريغوجين.

وعدت الصحيفة ليبيا نقطة انطلاق مثالية لروسيا في أفريقيا، حيث تتطلع إلى تعزيز وجودها العسكري في السودان ومالي، وكذلك ربما في النيجر وتشاد وبوركينا فاسو، لتلبية طموحاتها.

ويبدو أن نشر روسيا لهذا النوع من الأسلحة جاء في إطار مخاوفها أيضاً من نشر أسلحة في دول أوروبا من خلال واشنطن حيث تدرس موسكو مصدر المعلومات حول ذلك، حسب تقارير صحافية. وقالت مصادر إعلامية إن تخطيط روسيا ينطلق بكل الأحوال من اعتبار الأسلحة النووية للدول الأعضاء في حلف الناتو هي ترسانة نووية واحدة ضد روسيا.

وتتزامن التطورات مع أنباء عن تشكيل الفيلق الأفريقي في خمس دول بالقارة، بما فيها ليبيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، بحلول الصيف المقبل، وذلك في معرض كشف جريدة روسية عن تفاصيل جديدة حول تحرك الكرملين لاستبدال تشكيلات فاغنر العسكرية الخاصة التي تعمل الآن في القارة السمراء.

ويأتي ذلك في وقت استقبل خليفة حفتر، الأحد الماضي، نائب وزير الدفاع الروسي والوفد المرافق له بمقر قيادته في بنغازي، وفق بيان مقتضب صادر عن المكتب الإعلامي للقيادة العامة. ولم يفصح بيان القيادة عن تفاصيل لقاء حفتر والمسؤول العسكري الروسي.

وهذا هو اللقاء الرابع لحفتر مع يفكيروف منذ آب/ أغسطس الماضي، وكان آخر لقاء له مع يونس بك يفكيروف في بنغازي في الثالث من ديسمبر الماضي.

وقبل أيام، قالت صحيفة بلومبيرغ الأمريكية في تقرير جديد لها، إن روسيا تعمل على تشكيل مجموعة قتالية جديدة قوامها 20 ألف جندي تتلقى تعليماتها مباشرة من وزارة الدفاع في موسكو للقيام بعمليات في 5 دول إفريقية.

وتابعت الصحيفة أنه بحلول منتصف 2024 سيعمل الفيلق الإفريقي في بوركينا فاسو وليبيا ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر، وسيتولى عمل شركة فاغنر العسكرية.

وحسب الصحيفة، فإن الفيلق الروسي سيتخذ من جمهورية إفريقيا الوسطى مقراً إقليمياً جديداً له، كاشفة عن تخطيط موسكو لتجنيد مقاتلين سابقين في فاغنر ومجندين جدد لضمهم إلى الفيلق. وقالت الصحيفة إن معظم مقاتلي فاغنر تم دمجهم في قوات قتالية مختلفة تحت قيادة وزارة الدفاع الروسية، بعد أن شوهدوا في حالة انسحاب من أوكرانيا.

واعتبرت الصحيفة أن تكثيف الوجود الروسي في إفريقيا يشير أيضاً إلى تغير جيوسياسي كبير في القارة، متبعة نهج فرنسا في هيمنتها على المنطقة لفترة طويلة.
وتحتضن ليبيا المقر المركزي وذلك لعدة عوامل، منها نشاط عناصر فاغنر سابقاً في مدينة سرت التي تبعد 450 كيلومتراً شرق العاصمة الليبية طرابلس، إذ كانوا يتمركزون في قاعدة “القرضابية” الجوية وميناء سرت البحري، إضافة إلى قاعدة “الجفرة” الجوية (جنوب)، وقاعدة “براك الشاطئ” الجوية التي تبعد 700 كيلومتر جنوب طرابلس.

__________________

مواد ذات علاقة