نسرين سليمان

رغم الجدل الذي أثاره قرار تكليف مجلس النواب لنجل حفتر ليتولى مهام الإدارة التنفيذية لصندوق إعادة إعمار درنة إلا أن النواب لم يتراجع، بل سار في خطى ثابتة لتمكين عائلة حفتر ونقل تبعية كافة الجهات الاقتصادية إليها، حيث أصدر سلسلة قرارات اعتبرها كثيرون صادمة وسيراً في خطى عسكرة الدولة.

ونقل مجلس النواب تبعية 10 جهات تنفيذية إلى صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا الذي كلف بلقاسم خليفة حفتر برئاسته، وذلك وفق نص القانون رقم 1 لعام 2024 الصادر في 6 شباط/ فبراير الجاري.

وتشمل الجهات التي نُقِلت تبعيتها إلى صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بموجب المادتين 10 و12 والتي ستعمل تحت إشرافه كلاً من:

ـ صندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة وكافة اللجان التي شُكِّلت لغرض التنمية والإعمار إلى صندوق التنمية

ـ وإعادة إعمار ليبيا وجهاز تنمية وتطوير الهلال النفطي وجهاز تنمية وتطوير المدن وجهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية والجهاز التنفيذي لتطوير المناطق

ـ والمشروعات النفطية وهيئة المشروعات العامة ولجنة إعادة الإعمار والاستقرار ولجنة إعادة إعمار واستقرار مدينة الكفرة وجهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق ومصلحة الطرق والجسور.

بالإضافة إلى ذلك، تجيز المادة 12 من القرار لرئاسة مجلس الوزراء أن تنقل للصندوق تبعية جهات أخرى كما تجيز المادة 11 للصندوق نزع الملكية للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل بما لا يخالف القواعد العامة لنزع الملكية المقررة قانوناً.

وستكون مهمة صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بموجب المادة الأولى من القرار هي تنفيذ خطط وبرامج إعمار وتطوير المدن والقرى والمناطق الليبية، على أن يتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة ومقره مدينة بنغازي، ويجوز إنشاء فروع ومكاتب له في مدن أخرى.

وما صعِّد الجدل هو احتواء القرار على مادة تستثني صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا من كافة الإجراءات والتعاقدات التي يبرمها الصندوق من تطبيق أحكام لائحة العقود الإدارية، وكذلك من قانوني الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة ومنحته المادة 9 استثناءً خاصاً يجيز للصندوق وضع نظام خاص لتنظيم الشؤون الوظيفية للعاملين بالصندوق، ويكون ذلك بقرار من رئاسة مجلس الوزراء بناء على اقتراح من مدير عام الصندوق.

وكلف مجلس النواب بلقاسم، نجل خليفة حفتر، مديراً عاماً لصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بصلاحيات وزارة المالية، لتحصيل الأموال بالاقتراض من مصرف ليبيا المركزي، واستثنائه من لائحة العقود الإدارية وقانوني الرقابة المالية وديوان المحاسبة.

وفي السابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كلف رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، بالقاسم خليفة حفتر مديراً تنفيذياً لصندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة من الفيضانات الناجمة عن العاصفة دانيال، التي اجتاحت مناطق الجبل الأخضر في سبتمبر الماضي.

بالقاسم هو النجل الأصغر للمشير خليفة حفتر، وكان يُقدم في اللقاءات العامة بصفته أحد المستشارين السياسيين لـ”القيادة العامة”، ودائماً ما كان يرافق رئيس مجلس النواب في غالبية جولاته الخارجية.

وفي نهاية سبتمبر كشف تقرير لجنة الخبراء التابعة عن ملامح خطة وضعتها عائلة خليفة حفتر، لتعزيز السيطرة على العمليات العسكرية والمالية والإستراتيجية للجيش الليبي فضلاً عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في شرق ليبيا.

وحسب التقرير، فإنه في أعقاب المحاولة الفاشلة للسيطرة على العاصمة طرابلس بالعام 2019، دشنت عائلة حفتر خطة لتعزيز السيطرة على العمليات العسكرية والمالية والإستراتيجية للجيش الليبي.

وقال الخبراء إن هذه السيطرة الفعالة التي يمارسها حفتر وأبناؤه، ولا سيما الأصغر العميد صدام حفتر، على وحدات الجيش الرئيسية والمؤسسات المالية والهيئات السياسية قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة خلال الفترة المشمولة بالتقرير، مشيرين إلى سيطرة عائلة حفتر على معظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية في شرق ليبيا.

ويرصد التقرير الأممي تفاصيل سيطرة حفتر على الجيش، المتمثلة في تولي العميد خالد حفتر، ثاني أكبر أبناء خليفة حفتر، قيادة اللواء 106، مع كتيبة 166 والكتيبة 155 تحت قيادة أيوب بوسيف الفرجاني، صهر خليفة حفتر، وباسم البوعيشي، ابن عم خليفة حفتر.

ويخلص التقرير إلى أن تلك المناصب لم تؤد فحسب إلى تعزيز قبضة عائلة حفتر على الجيش، بل تستهدف أيضاً الحد من أي صعود محتمل لشخصية عسكرية خارج دائرة حفتر داخل صفوف الجيش.

وتتراجع الثقة في قدرة حفتر وأبنائه على تسيير عجلة إعادة الإعمار والتنمية فضلاً عن مجلس النواب خاصة في ظل الأوضاع الأمنية الهشة التي تعيشها المدن الخاضعة لسيطرتهم وحوادث الخطف والاعتداء المتكررة ما جعلهم يفقدون ثقة الشارع الليبي.

________________

مواد ذات علاقة