معتز ونيس

تراجع وفرة السلع في الأسواق بسبب تراجع الاستيراد. وجود حكومتين أثر سلبا على أداء الاقتصاد الليبي.

أسباب عديدة تجعل شهر رمضان المرتقب قاسيا على الليبيين، إلا أن الإنفاق المزدوج من الحكومتين المتنافستين شرقا وغربا والإعصار المتوسطي دانيالالذي ضرب مدن ومناطق شرق البلاد يأتي على رأس الأسباب.

وتشهد ليبيا أزمة اقتصادية متصاعدة فاقمها هبوط سعر صرف العملة المحلية، وارتفاع أسعار السلع المستوردة بسبب المخاوف من تذبذب سلاسل الإمداد بسبب توترات البحر الأحمر.

هذا ما قاله الخبير الاقتصادي الليبي على الزليطني، في حديثه للأناضول، والذي أكد أن شهر رمضان هذا العام (يحل الاثنين فلكيا) ليس كسابقه“.

الزليطني قال إن الليبيين يستقبلون رمضان في ظل أزمة اقتصادية خانقة، قد تكون الأصعب منذ اندلاع الثورة (أطاحت بالزعيم معمر القذافي) قبل قرابة 13 عاما، فالاقتصاد شبه منهار حاليا وقيمة الدينار الليبي تواصل الهبوط“.

وبلغ سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية بحسب الزليطني – 8 دنانير، مقارنة مع 4.8 في التعاملات الرسمية، ما يعني أن فروقات الأسعار يتحملها المستهلك النهائي.

هذا الوضع وفق الخبير الاقتصادي تسبب في رفع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق.. الأمر الذي يلقي بظلاله بشكل مباشر على استعدادات الليبيين لاستقبال شهر رمضان“.

أسباب الأزمة

أول تلك الأسباب وفق الزليطني، وجود حكومتين، إحداها حكومة الوحدة الوطنية (برئاسة عبد الحميد الدبيبة) التي تدير غرب البلاد، والثانية الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب (برئاسة أسامة حماد)، وهما في حالة تنافس وكلاهما ينفق من خزانة الدولة بشكل كبير“.

هذا الأمر أسفر عن نتائج كارثية على الاقتصاد وجعله على حافة الهاوية، وهو ما أعلنه بوضوح البنك المركزي الليبي في تقريره السنوي قبل شهرين، والذي تحدث فيه عن العام المنقضي 2023″.

ونقل عن المركزي الليبي في التقرير قوله، إن هناك عجزاً بلغ مليارات الدولارات، ويحذر من مخاطر ذلك على الاقتصاد الوطني والاستدامة المالية، وكذلك احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي، وكان السبب وفق التقرير الإنفاق الموازي“.

ومنذ ذلك الوقت، بدأ الدينار يفقد قيمته تدريجيا أمام العملات الأجنبية، إلى أن وصل ما وصله اليوم وذلك كان سببا في ارتفاع أسعار كل شي هنا“.

وزاد: “ليس ذلك فقط، بل إن البنك المركزي أصدر بيانا آخر الثلاثاء الماضي، تحدث فيه عن عجز بالنقد الأجنبي بـ7 مليارات دولار خلال أول شهرين من 2024.. إيرادات النقد الأجنبي 2.9 مليار دولار وإجمالي النفقات 9.9 مليارات دولار“.

تأثرات على المواطنين

وأدى شح النقد الأجنبي في السوق المحلية، إلى عدم قدرة التجار على تلبية الطلب المحلي على السلع خصوصا قبل شهر رمضان المرتقب.

ومع نقص المواد الغذائية بقرب رمضان، اعتبر الخبير الاقتصادي أن ذلك الأمر ما كان له أن يؤثر بشكل كبير لو توفرت السلع المحلية، والتي كانت تباع بأسعار مناسبة“.

إلا أن تراجع وفرة السلع المحلية هو ما يقودنا للسبب الثاني للأزمة الحالية.. تلك السلع تواجه ندره اليوم فالإنتاج المحلي قليل ولا يغطي السوق، وذلك بسبب الإعصار المتوسطي (دانيال) الذي ضرب مدن الشرق في ديسمبر/كانون أول الماضي وخلف آلاف القتلى، بحسب الزليطني.

وقال: “الإعصار أتى على نصف الثروات الغذائية المحلية، مثل المواشي والدواجن التي نفق عدد كبير منها غرقا في الفيضانات، إضافة لدمار كامل لمزارع الخضراوات.. مناطق شرق ليبيا هي المصدر الأكبر للإنتاج المحلي“.

على أعتاب رمضان

ذلك التأثير بالضبط هو ما أكده عدد من المواطنين التقاهم مراسل الأناضول للحديث عن استعداداتهم لاستقبال الشهر، ومن بينهم أحمد الشكري وهو موظف يعيل أسرته المكونة من سبعة أفراد.

الشكري يقول: “الليبيون من أكثر الشعوب الإسلامية الذين يفضلون الاستعداد لرمضان، بشراء جميع ما يلزم من مواد غذائية ولحوم وتوابل وغيرها“.

لكن الرجل يؤكد أن تلك العادة قلت هذا العام، فالمحال التجارية لم تعد مزدحمة بالمواطنين. كيف ذلك وسعر كيلو اللحم اليوم 82 دينار ليبي (10 دولارات تقريبا)”.

أما نجات المرغني، وهي موظفة، قالت: “باختصار رواتبنا تتأخر لشهرين، وحتى في حال صرفت فلا أموال لدى المصارف التجارية لنستلمها.. الأمر جدا متأزم والاقتصاد منهار“.

الحكومة الليبية (المنبثقة عن البرلمان وتدير الشرق)، بادرت بمحاولة لحل الأزمة، بحسب العميد عبد المنعم المهشهش رئيس جهاز الحرس البلدي المختص في متابعة التجار ومراقبة أسعار المواد الغذائية في مدينة بنغازي.

وقال المهشهش للأناضول: “الجهاز وبالتعاون مع أجهزة أمنية أخرى ينفذ حملة أمنية موسعة على الأسواق والمحال التجارية في بنغازي لضبطها“.

وأضاف: “الحكومة جلبت من الخارج كمية من السلع الغذائية واللحوم لتباع للمحال التجارية بأسعار مخفضة، وكلفنا بمتابعة مدى التزام التجار بالبيع بالتجزئة للمواطن بخصوص تلك السلع الحكومية“.

أما في غرب البلاد الخاضع لإدارة حكومة الوحدة الوطنية، فكانت هناك مؤشرات لتخفيف معاناة المواطن، تمثلت فيما أعلنه رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الثلاثاء، من أن حكومته ستتخذ إجراءات لضبط الأسعار خلال شهر رمضان المرتقب“.

__________

مواد ذات علاقة