رياض الجباري

في الوقت الذي يواجه فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنيةفي ليبيا عبد الحميد الدبيبة محاولات من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة وفعاليات سياسية أخرى لإزاحته، تزداد متاعب الرجل بسبب الخلاف مع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير.

وذكر تقرير لصحيفة لوموندالفرنسية أن: “الدبيبة يواجه منذ عدة أسابيع تراجعاً في سياسته جراء تجفيف أموال الموازنة والحوار المتعثر مع القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر“.

حل الأزمات

وشددت الصحيفة على أن أصعب تحدٍ يواجه الدبيبة الآن هو انقطاع التمويل عن حكومته، ما يثير تقديرات حول مصيره خاصة في ظل اتفاق المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، وهي مكونات رئيسة في ليبيا، على إزاحته من منصبه.

وعلق المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة إسماعيل السنوسي على هذه التطورات بالقول إن: “مصرف ليبيا المركزي هو المرجح لأي حكومة، أي أن استمرارية الحكومة تتوقف على دعم المصرف المركزي وذلك منذ بداية الانقسام السياسي في 2014″.

وأضاف السنوسي لـ إرم نيوزأن: “المصرف المركزي مؤسسة سيادية وهي تتمتع بسيطرة على كل موارد الدولة التي تأتي إليها، وبالتالي فإن كل حكومة لا يمكن أن تستمر إلا بالاعتماد على المصرف الذي تعامل في فترة الانقسام مع ذلك الانقسام على أنه يتعامل مع المؤسسات الخدمية التي توفر خدمات للمواطنين بحيث لا يكون هناك أثر للانقسام السياسي على مرتبات المواطنين ودعم الوقود والكهرباء ومسائل أخرى، المصرف المركزي أصبح بالتالي شبه المسيطر على إمكانيات تحوزها الدولة الليبية“.

وأوضح أن: “الحكومات الموجودة حاليا تحاول أن تكون لها سيطرة أو حظوة على المصرف المركزي لكن يبدو لي أن شخصية المحافظ القوية جدا والمدعومة دوليا ومحليا من بعض الأطراف لها دور في إحكام السيطرة على موارد الدولة، بحيث يخرج المصرف من أي ضغوطات من أي نوع ولا يمكن إجباره على إنفاق أي أموال لا يرى المصرف أنها ذات جدوى لحل الأزمات التي تعيشها ليبيا“.

وختم السنوسي حديثه بالقول إن: “هناك ضغوطا دولية حاليا حتى على المصرف من أجل أن يتم ترشيد الإنفاق ولا تكون هناك ثغرات لما يمكن أن نسميه الفساد المتجذر في مؤسسات الدولة الليبية“.

انقاذ البلاد من الإفلاس

وقالت لوموند في تقريرها إن: “محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، رفض الإفراج عن الأموال التي طلبها الدبيبة؛ ما أدى إلى تأجيج صراع حاد بين الرجلين“.

والصديق الكبير هو شخصية محورية في الملف الليبي منذ 2011، ولعب دورا مهما في إدارة المصرف المركزي في ذروة الانقسام السياسي والأمني والعسكري الذي كاد يعصف بالدولة الليبية.

وقال المحلل السياسي كامل المرعاش إن: “حكومة الدبيبة صرفت خلال 3 سنوات أكثر من 380 مليار دينار دون أن يصادق البرلمان على أي ميزانية لها، وذهب أكثر من نصف هذه المليارات في دهاليز الفساد، وبالطبع كانت كل مؤسسات الدولة في طرابلس ضالعة ومستفيدة من هذا الفساد الممنهج“.

وتابع المرعاش لـ إرم نيوزأن: “مما ساعد الدبيبة على الإسراف والبذخ، دخل النفط وارتفاع سعر برميله، وأضاف أنه مع تضخم الجهاز الإداري للدولة، واستشراء الفساد والنهب أفقيا، أصبحت مداخيل النفط الشهرية لا تكفي لتغطية المصروفات المتزايدة وهذا بالطبع ما دق جرس خطر الإفلاس لدى محافظ مصرف ليبيا المركزي، الذي لم يجد وسيلة لإنقاذ البلاد من الإفلاس واللجوء للاقتراض من المؤسسات الدولية، إلا فرض ضريبة بواقع 26% على بيع النقد الأجنبي“.

وبين أن: “الخلافات بين الدبيبة ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير شكلية وليست في العمق

ما دلالات مهاجمة بيت الدبيبة بالقذائف

يطرح تعرض منزل ومكتب تابعين لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة وابن شقيقته إلى هجوم، تساؤلات حول دلالاته خاصة بعد التعهد بإخلاء العاصمة الليبية طرابلس من الميليشيات، بعد رمضان.

ويقع البيت والمكتب، اللذان تعرضا لهجوم بقذائف آر.بي.جي، في حي الأندلس وسط العاصمة الليبية طرابلس.

وكان وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، قال في فبراير/ شباط الماضي إنه لن يكون هناك وجود لأجهزة الردع ودعم الاستقرار واللواء 444 والأمن العام والشرطة القضائية داخل العاصمة“.

وأضاف أن نهاية شهر رمضان هي أقصى موعد لإخلاء العاصمة من هذه الأجهزة وكل التشكيلات المسلحة الأخرى“.

ورغم التشكيك في الهجوم على منزل ومكتب الدبيبة وابن شقيقه، إلا أن تساؤلات طرحت حول ما إذا كان هذا الهجوم استباقا من الميليشيات لعملية إخراجها من العاصمة طرابلس التي تخضع لفوضى أمنية منذ سنوات.

واستبعد عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم قزيط، أن تتجه حكومة الوحدة الوطنية إلى إخلاء العاصمة طرابلس من الميليشيات سواء بسبب الهجوم أو دونه“.

وقال قزيط لـ إرم نيوز، إن الحكومة فقدت شرعيتها السياسية والشعبية، ولا حصانة لها من شعبها إلا خراب الميليشيات لذلك ستواصل الحكومة علف المليشيات وتسمينها“.

من جانبه، قال المحلل السياسي عز الدين عقيل إن الهجوم على مقر إقامة الدبيبة، هو هجوم وهمي مدبر، يهدف إلى تعجيل تنفيذ ترتيبات المنطقة الخضراء، وتعجيل طرد الميليشيات المحلية إلى خارج طرابلس“.

وتابع عقيل في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام محلية، أن من ضمن أهداف الهجوم هو الشروع ببناء السفارة الأمريكية بالأرض الضارة بطموحات طرابلس التطويرية أشد الضرر، لأنها ستحكم بالفناء التنموي على أهم وأكبر واجهة بحرية لطرابلس وأكثرها ملاءمة للتنمية والتطوير، باعتبار أن كل تلك الواجهة الأجمل بالعاصمة ستتحول إلى منطقة عسكرية أجنبية خالصة“.

أما المحلل السياسي المتخصص في الشأن الليبي محمد صالح العبيدي فيعتقد، أن الهجوم إذا ما وقع فإنه يعد بالفعل رسالة بأن أي تحرك ضد الميليشيات ووجودها في العاصمة التي هي حاضنتها الفعلية سيواجه برد عنيف“.

وأضاف العبيدي لـ إرم نيوز، أن حكومة الدبيبة لا تسيطر على الميليشيات وهي أبعد من أن تقوم بتفكيكها أو إبعادها عن العاصمة طرابلس، وهذا ما أرادت هذه التشكيلات إرساله إلى الحكومة بهذا الهجوم“.

وشدد على أن مسألة إبعاد الميليشيات عن العاصمة طرابلس ستكون عملية معقدة، وحكومة الدبيبة لن تقدر عليها لأن ليس لها سند آخر مسلح يمكن أن تواجه به تمرد بعض الجماعات إذا حدث“.

_______________

مواد ذات علاقة