أضاف محمد السنوسي قائلاً: إلا أن المعارضين يرون أن هذه الخطوة لن تساهم إلا في زيادة الأسعار وبالتالي تحميل المواطن تكلفة الفساد وسوء إدارة موارد الدولة.

إن فرض هذه الضريبة سيؤدي إلى جعل السعر بعد الضريبة هو السعر الرسمي كما حدث عندما تم فرض ضريبة في سنة 2018 أدت إلى رفع سعر الدولار الرسمي من 1.50 دينار إلى 3.90 ورغم تخفيض قيمة الضريبة بعد ذلك ليصبح سعر الدولار 3.65 دينار للدولار إلا أنه وبعد فترة بسيطة تم تعديل السعر الرسمي ليصبح الدولار بـ 4.50.

أي أن فرض الضريبة لم تكن حلا للمشكلة وإنما أدت إلى تخفيض قيمة الدينار بأكثر مما كان عليه بعد فرض الضريبة وبالتالي يرى المعارضون أن فرض الضريبة ربما يقلص الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء ولكن سيضطر المركزي بعد فترة إلى تخفيض قيمة الدينار ليصبح الدولار ب 7 دينار كما حدث في 2021.

قال “السنوسي” كذلك: من وجهة نظري أن المتفقين والمعارضين لقرار فرض الضريبة قامو بالتركيز فقط على المسكن وهو الضريبة على السعر الرسمي وتركو علاج المرض، مما يعني أن بقاء المريض على المسكنات قد يؤدي إلى تخفيف آلام المرض ولكنه سيؤدي إلى زيادة تفشي المرض في جسم المريض وصعوبة العلاج بعد التوقف عن إستعمال المسكن.

من نقاط العلاج الواجب التركيز عليها أكثر من التركيز على الضريبة بعضها ما ذكره المحافظ في رسالته لمجلس النواب، أن تكون هناك حكومة واحدة في البلاد ولا يتم السماح لهذه الحكومة بالإنفاق إلا من خلال ميزانية معتمدة من مجلس النواب وإيقاف أي إنفاق موازي، ويجب أن تكون هذه الميزانية تتميز بالرشد الاقتصادي، بحيث يتم الإنفاق على مشاريع تنموية تخلق فرص عمل حقيقية للمواطنين وتؤدي إلى صناعة مصادر دخل أخرى للدولة.

مُضيفاً: يجب أيضاً في هذه الميزانية تحقيق قدر أكبر من العدالة في المرتبات بحيث يتم تقليص الفارق في المرتبات بحيث يكون أعلى مرتب في ليبيا لا يتعدى عشر أضعاف أقل مرتب، بحيث لو أن أقل مرتب 1000 فيجب أن لا يتجاوز أعلى مرتب 10 آلاف دينار، وتقليص عدد السفارات في الخارج وعدد الموظفين التابعين لوزارة الخارجية في الخارج، ومراجعة الاستثمارات الخارجية التي يبدو أنها لا تحقق الأرباح التي يجب تحقيقها من خلال رؤوس الأموال المتوفرة لها، وإيقاف عملية مقايضة النفط بالمحروقات، وزيادة إنتاج النفط بأكبر قدر ممكن، ويجب أن يتم رفع تدريجي للدعم، مع توفير بديل نقدي فقط للمحتاجين في ليبيا ولا يتم إعطاء بديل نقدي للجميع.

اختتم بالقول: إن تم إتخاذ هذه الخطوات فلن يحتاج المصرف المركزي لفرض الضريبة على السعر الرسمي وبالتالي لن يؤدي إلى زيادة التضخم، كما أن المصرف المركزي يستطيع الضغط على مجلس النواب والحكومة لترشيد الإنفاق من خلال زيادة سعر الصرف حتى بدون قرار من مجلس النواب من خلال إستخدام سياسة سعر الصرف الخاص المعلن وزيادة هذا السعر كلما زادت الحكومة في الإنفاق وكلما زاد الفساد والمشاكل الأخرى.

 قام مجموعة أيضاً من الخبراء وأساتذة الاقتصاد بجامعة بنغازي بالرد على مقترح فرض رسم على مبيعات العملة الأجنبية، وهذا الرد بناء على اجتماع مع رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح الذي طلب الرأي الاقتصادي؛ حيث يرى الاقتصاديون بأن التبريرات التي ذكرها محافظ مصرف ليبيا المركزي غير واقعية وبعضها متضارب وغير متسق,

فاللجوء إلى تخفيض قيمة الدينار قد لا تكون هي السياسة الناجعة، فقد سبق وأن فرض رسم على العملة الأجنبية عام 2018 وتم تحصيل 52 مليار دينار من جيوب المستهلكين، ثم تم إستبدال الرسم بتخفيض قيمة الدينار بأكثر من الرسم، حيث كان سعر الدولار بالرسم 3.65 دينار، ومن ثم تم تخفيض قيمة الدينار بنسبة 70% ليصبح سعر الصرف الجديد 4.48 دينار للدولار، أي رفع قيمة الدولار مقابل الدينار بمعدل 220%، وذلك في عام 2021.

وقد ذكر المصرف المركزي في ذلك الوقت أن مشكلة السيولة سوف تحل وفقا لهذا الإجراء، وأن سعر الدينار الليبي سوف يستقر وسيعمل المصرف المركزي على رفع قيمة الدينار تدريجيا، ولكن لم يحدث شيء من ذلك .

جاء في مذكرة الرد كذلك: المحافظ الآن يحاول تخفيض قيمة الدينار مرة أخرى لنفس الأسباب والأهداف ويعد بنفس الوعود التي ذكرها في التخفيض الأول، والتي لم تتحقق، إن إستخدام سعر الصرف من قبل السلطات النقدية، خاصة خلال بداية عام 2021، كأداة لتمويل الميزانية العامة وتسديد الدين العام وتوفير السيولة ومحاربة الفساد، خاصة تهريب السلع والمحروقات المدعومة كان ولا يزال له آثار اقتصادية سلبية على الاقتصاد الليبي.

ذُكر كذلك بأن زيادة قيمة الأصول الأجنبية في حسابات المصرف المركزي نتيجة لعملية التخفيض، ما مكن المصرف المركزي من إصدار كمية أكبر من العملة الليبية والتي ساهمت في زيادة الأسعار وانخفاض الدخل الحقيقي.

إن القيام بفرض رسم على مبيعات الصرف الأجنبي (تخفيض) ضمني لقيمة الدينار الليبي مرة أخرى، سينتج عنه نفس الآثار السابقة، خاصة الارتفاع المباشر في الأسعار وما سينتج عنه من مطالبات مرة أخرى من قبل العاملين برفع مرتباتهم للحفاظ على دخولهم الحقيقية، وهكذا سيتم الدخول في سلسلة من التخفيضات المتتالية لقيمة الدينار على غرار ما حدث في بلدان أخرى مشابهة لطبيعة الاقتصاد الليبي.

كذلك صرح خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه حصرياً لصدى الاقتصادية: نشاهد اليوم العديد من الانتقادات والتصريحات وردود الأفعال حيال اقبال مصرف ليبيا المركزي لفرض رسم على بيع النقد الأجنبي، ولكن أين كانت هذه التحليلات عندما قفل انتاج وتصدير النفط الخام لسنوات، وهو مصدر الدخل الوحيد للدولة؟

وتابع بالقول: أين كان خبراءنا عندما تزايدت وتيرة الانفاق العام منذ عام 2013 حتى 2023 لتصل إلى أكثز من 420 مليار دينار، بعد أن كانت لا تتجاوز 11 مليار دينار؟

وأضاف: أين كانت ألسنتهم وأقلامهم عندما صدر القانون رقم (1) لعام 2013، الذي بموجبه فقد مصرف ليبيا المركزي أدوات السياسة النقدية ولم يتبقى له سوى سعر الصرف، ولا زال هذا القانون ساري المفعول إلى حد اليوم؟

متابعاً بالتساؤل: أين كانوا عندما تخادلت السياسات المالية والتجارية عن تطبيق حزمة الاصلاحات الاقتصادية في عام 2018، وظل المصرف المركزي لوحده يواجه أعباء الانقسامات وتعدد الصرف، بسعر الصرف فقط، دون اجراء أي تصحيحات في مسار هذه السياسات الاقتصادية؟ لماذا لم يتم تقليل عدد السفارات وعدد الموظفين بتلك السفارات التي لا فائدة ترتجى منها؟ وغيرها الكثير،أين وأين وأين، حتى تتراجع العقول، لتنهض وتفكر بواقعية.

وأضاف بالقول: أولاً، فرض ضريبة لا يعني تغيير سعر الصرف! وأيضاً هذه الخطوة نتيجةً لاستمرار الحكومات في زيادة الانفاق، فضلاً عن الانفاق الموازي، وتراكم دين عام محلي، والانفاق الموازي مجهول المصدر وطباعة عملة مزيفة ولدت الضغط على سعر الصرف، كما نحتاج وقفة جادة ودعم المصرف المركزي فهو خط الدفاع الأخير عن الاحتياطيات.

كما أوضح عضو هيئة التدريس بجامعة بنغازي “عطية الفيتوري” في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية أسباب رفضه فرض رسم على بيع العملة الأجنبية حيث قال: أعددنا مذكرة وقابلنا بها رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح” وبحضور رئيس جامعة بنغازي، وقد ناقشنا معهم برفضنا مقترح المحافظ، ورفضناه بمسببات، وتم ذكرها في المذكرة وقمنا بتسليمها له قبل أن تجتمع اللجنة المالية في طرابلس.

مضيفاً: الغالب أن اللجنة لديها قرار مسبق بالموافقة على المقترح، كانوا يظنون أننا سوف نوافق عليه ولكن نحن لا نجامل أحد على حساب الوطن.

وتابع قوله: نحن نعلم أن فرض رسم على بيع العملة الأجنبيّة سوف يقودنا في نهاية الأمر إلى تخفيض مثلما حدث في الماضي، في سنة 2018 فرضت رسم على بيع العملة بمقدار 183‎% ورفع سعر الدولار من 1.40 دينار إلى 3.90 دينار، وأيضاً في سنة 2021 تم تخفيض من 3.65 إلى 4.48 أي خفض قيمة الدينار مقابل الدولار ب220‎%.

وبحسب”الفيتوري”فقد قدم المحافظ نفس الوعود بتوفر السيولة واستقرار قيمة الدينار الليبي وأن هذه الوعود سبق ووعدنا بها من قبل وبالعكس لم يستقر الدينار الليبي ولا توجد سيولة وأيضاً الموظفين طالبوا زيادة في المرتبات والأجور وهذا ما تسبب في زيادة الباب الأول إلى 65 مليار دينار، كما أكدنا لهم بوضعهم الدينار الليبي في برنامج تخفيض متتالي، والآن يحاول تكرار نفس العملية لسبب ما، وقال سوف نجمع حوالي 12 مليار دينار في سنة واحدة أي خلال 2024.

وختم”الفيتوري حديثه بالقول: هذا الكلام فارغ والمحافظ لا يفقه شيء في أنظمة الصرف الأجنبي ومعالجته،وخلال الثلاث السنوات الماضية المركزي حقق فائض من إيرادات العملة الأجنبية تقدر ب4 مليار دولار، متسائلاً ، لماذا الآن نفرض رسم على العملة الأجنبية أو نخفض قيمة الدينار ؟، فلا لا يوجد مبرر يفرض علينا القيام بهذه الخطوة وما ذكرت موجود في مذكزة الرد على طلب محافظ مصرف ليبيا المركزي.

ولإنهاء الجدل وبتاريخ اليوم 14 مارس 2024م وتأكيداً لما نشرته صحيفة صدى الاقتصادية حصرياً.. رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح” أصدر قرار رقم 15 لسنة 2024 بشأن فرض رسم على سعر الصرف بنسبة 27٪؜، مع وضع تنفيذ القرار بدءً من صدوره أي سيكون سعر الدولار في المصارف بدءً من الأسبوع القادم 6.15 دينار لكافة الأغراض.

كما نصت بنود قرار رئيس البرلمان أن يكون سعر الصرف مضافاً إليه هذه النسبة مع إمكانية تخفيضه حسب ظروف الإيرادات للدولة الليبية وذلك خلال مدة سريان هذا القرار.

ويُكلف محافظ مصرف ليبيا المركزي بوضع هذا القرار موضع التنفيذ، وذلك بتعديل سعر بيع العملات الأجنبية بما يتوافق مع هذه الضريبة المفروضة، وتحديد القيمة المضافة على بيع تلك العملات مقابل العملة الليبية، على أن تتوفر العملة الأجنبية بكل المصارف العاملة بليبيا، ويستخدم الإيراد المتحقق من الرسم الضريبي في تغطية نفقات مشروعات تنموية إذا دعت الحاجة لذلك، أو يُضاف إلى الموارد المخصصة لدى مصرف ليبيا المركزي لسداد الدين العام بموجب قانون مجلس النواب رقم (30) لسنة 2023م .

_____________

مواد ذات علاقة