بقلم سليم الحكيمي

  لا زالت حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج  لا تحظى بدعم برلمان طبرق بالشرق الليبي، وتواجه اصرار الجهة الشرقية على فرض  اللواء المتقاعد خليفة حفتر  قائدا عسكريا.

رفض اثرها  البرلمان مرتين  التشكيلة الحكومية  التي طرحها  المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق لتمثيل كل الفرقاء  على الساحة السياسية الليبية، بل تنادت اصوات باسقاط المجلس الرئاسي اصلا.

احتضنت  لندن  اجتماعا دوليا بريطانيّا امريكيا ايطاليا، في محاولة   لحسم الامر حول حكومة الوفاق الوطني الليبية  المدعومة امميا، ولكن  المتعثرة في بسط سيطرتها على الارض خارج العاصمة طرابلس.

الاجتماع الوزاري، دعت إليه كل من بريطانيا والولايات المتحدة، في وقت  تتواصل فيه عمليات “البنيان المرصوص”  ضد تنظيم الدولة، صرح اثرها  مسؤول امريكي رفيع المستوى بانه : ” لا يمكن السماح لعدد صغير من المفسدين بتدمير بلد بكامله”.

حضر الاجتماع  ممثلون عن صندوق النقد و البنك الدولي.  

في وقت تؤكد فيه فرنسا والمغرب في اجتماع بمرسيليا  أن “مجموعة 5+5” غرب المتوسط تدعم حكومة الوفاق الوطني في ليبيا. 

مقدمة :

تدخل ليبيا الشهر العاشر من الاتفاق السياسي والشهر الثامن من عدم نيل حكومة الوفاق الثقة من البرلمان. وتزداد الازمة تعقيدا ونعق غراب البين بين الفرقاء من جديد، قرر المجلس الرئاسي نقل المشاوات الى “غدامس” لمناقشة تشكيل الحكومة الجديدة، تفرقت الاراء اشتاتا بعد ان تغيرت المعطيات على الارض اثر السيطرة على منطقة الهلال النفطي و اقتحام حكومة خليفة الغويل وثلة من المؤتمر الوطني العام  قصور الضيافة، مقر المجلس الاعلى للدولة، شارك فيها رئيس  الحرس الرئاسي نفسه  الذي يُفترض ان يكون حاميا لحكومة الوفاق.

وصرّح عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، بعدم استعداد البرلمان مطلقا منح  الثقة لحكومة الوفاق ، و سط تصعيد عسكري في درنة وبنغازي،و كلها ملفات صارت حاضرة في نقاشات اعضاء المجلس الرئاسي امام حيرة المواطن في هذا المشهد المعقّد والمتداخل.

الحدث في مذهب القانون انقلاب، وفي مذهب السياسة نتيجة اختلال توازن اقليمي.

وضعت التباينات أعضاء المجلس الرئاسي مرة أخرى امام تحدي التوافق في خطوة تبدو بالوصف السياسي انقلابا جديدا على الشرعية.  وتعزى  الازمة الى  جميع الاطراف الليبية الممثلة في المجلس الرئاسي، بينما يصر فايز السراج على ان الخلاف مع عقيلة صالح ينحصر في منصب  القائد الاعلى لقوات الجيش، مما يستوجب  التريث ريْث العقلاء،و التضحية  من اجل الوطن، وتجنب الحلول العسكرية مع الرافضين لحكومته حقنا للدماء.

ويلوح  العطب حينا في عدم انسجام تشكيلة المجلس الرئاسي اساسا، بل تحصر فيه  اسباب القطيعة والجفاء لانه اكثر من يرى  راي الحكومة على غير التمام ، وبلغة الحاسم الجازم ،  صرّح علي القطراني نائب رئيس المجلس الرئاسي من “اجدابيا” ان اسقاط المجلس الرئاسي اصبح الخيار الوحيد بقوله: “لابد من اسقاط المجلس الرئاسي وهذا الخيار لارجعة فيه “.

وتباينت التصريحات بين فايز السراج وفتحي المجبري، عضو المجلس الرئاسي  في اجتماع حصل في “غريان ” لضباط الجيش الليبي في المنطقة الغربية.

تطورات كثيرة تزيد الطين بلة وتضيف ملحا الى جرح ليبيا المفتوح على عفن المجهول وتُذكي خلافات قديمة وتجدد أُوار النّار.

خلافات المجلس الرئاسي  بين البنيوي والسياسي : 

انشئ المجلس الرئاسي بموجب المادة 12 من الاتفاق ،ولم يسبق له ان اجتمع مكتمل النصاب  الا في تونس، تزامنا مع عودة علي القطراني وعمر الاسود ، ولكنه انتهى بخيبة امل، بعد ان كانت المؤشرات تدل على أمل راب الصّدع ولم الشّعث السياسي. والمجلس الرئاسي  الذي كان طرفا في  الحوار و نتاجا لتوافق سياسي  صار طرفا في ازمة وجزءا من المشكلة

عرقلة الاتفاق بدأت عمليا بعد امضاء الاتفاق مباشرة، إذ بعد  الذهاب الى الحوار، ثم الامضاء ،تمّ المضي  نحو عرقلته  عبر المجلس الرئاسي. والمفارقة أن يكون الفرقاء في مرحلة تطبيق الاتفاق وليس عرقلته. ولكن الاصوات المرتفعة علت معتبرة ان الاختصاصات التنفيذية في الحكومة ومهام المجلس الرئاسي ضبابية، و الاتفاق يمنح  صلاحيات للمجلس الرئاسي وحكومته، وصلاحيات اقل للبرلمان، واقل منها للمجلس الاعلى للدولة. وهو ما يطرح سؤالا أساسيا :

هل  تعكس الخلافات مشكلة قيمية ام هي انعكاس طبيعي لمسالة سياسية تمر بها طبيعة التوافقات؟

تبدو العوائق كثيرة في تركيبة المجلس الرئاسي وأهمها المشكلة البنوية  :

 1-تركيبة المجلس الرئاسي بتكوينه من 9 أشخاص تعد صعبة جدا في آلية اتخاذ القرار.

2- غموض صلاحيات كل عضو من اعضاء المجلس الرئاسي التي ظلت عائمة ، واذا استثنينا فايز السراج فالكل يعتقد انه نائبه، فالكوني يصرح بانه نائب السراج وكذلك  فتحي والمجبري. فوجود 8 اشخاص في القيادة امر غير طبيعي ولا يسمح باستمرارية العمل، رغم ان تحديد عدد النواب  في المجلس الرئاسي جاء بطلب مجلس النواب وبرغبة من رئيسه عقيلة صالح. المشكلة بنيوية، بينما يؤكد آخرون ان فرض تركيبة المجلس الرئاسي بتلك الطريقة الملغمة الموسعة كان بغاية تعطيل الاتفاق من البداية. ويرى مراقبون انه  بعد ان اعلن  من قِبَل المجتمع الدولي في   نيويورك ان الاتفاق السياسي غير قابل للتعديل ،استغل عقيلة صالح و المبعوث الاممي الاول “برناردينوليون” غياب اعضاء المؤتمر الوطني العام في “الصّخيرات” بالمغرب وقاموا بتوسيع المجلس الرئاسي في رسم واضح  وهدف محدد

فليس الغموض، إذن، هو الذي يسم طبيعة المجلس صاحب الصلاحيات الواضحة وخاصة في القرارات السيادية  ، بل معرقلات العمل السياسية   داخله ، لاح فيها  تاثير  فعلي على المجلس الرئاسي بتحالف بين “عقيلة صالح” رئيس مجلس النواب و”علي القطراني” نائب رئيس المجلس الرّئاسي، وهو في عمقه ليس تحالفا حقيقيا بين الرجلين لان الحاكم الحقيقي للمنطقة الشرقية هو بلقاسم خليفة حفتر، وهو من عيّن  “علي القطراني” في تلك المهمة بعد زيارة “كوبلر” المبعوث الاممي الثاني.

حاليا، بمنطق  القبيلة والغنيمة والغلَبة، يعتبر علي القطراني نفسه ممثّلا المؤسسة العسكرية في المجلس الرئاسي الذي  شهد عودة عضو عمر الاسود، اصيل المنطقة الغربية تفاعلا مع المجلس الرئاسي لحل الخلاف ،بينما تطور موقف نائب رئيس المجلس الرئاسي “فتحي المجبري” الذي ينتمي الى قبيلة المغاربة، الذي يراه البعض معتدلا بعيدا عن تاثير  غلاة السياسة  في برقة، وهو ما يفسر ميل  موقفه  الى العقلانية ردحا، ثم ما لبث ان  تغير  بعد سقوط حليفه  “ابراهيم الجذران” وتحالف ” صالح ليتِيوْش” شيخ القبائل  المغاربة مع حفتر ومع لفيف من قياديي برقة.  

وكل ما يجري هو الضغط على المجلس الرئاسي ليقبل بدور لحفتر في المرحلة المقبلة . والإصرار على عدم منح الثقة من البرلمان الى حكومة السراج يعني الاوبة الى نقطة الصفر وهي عمليا تعني الغاء الاتفاق بشكل كامل. 

غوائل التجربة  :

 – كانت الخطة الاممية  إخراج ليبيا من ازمتها لمدة سنتين، وكان حلا لكل من يؤمن بالدولة المدنيّة والتداول السلمي على السلطة. رفض الحكومة بعد 8 اشهر فيه اضاعة للوقت والسؤال لماذا تتفاعل المؤسسات التي انبثقت عن الاتفاق السياسي مع مجلس النواب خطأ ؟

– مجلس النواب هو منشئ  الاتفاق السياسي،و يبدو خطل الراي  كامنا في  ان الاصل ان  لا يقدّم المجلس الرئاسي اية حكومة الى مجلس النواب الا بعد أن  يقوم المجلس نفسه بالاستحقاقات الاصلية المطلوبةوهو ما سهل لمجلس النواب  عدم القبول  بكل بنود الاتفاق والملاحق وكل أحكام الاضافية، ومنها   المادة 66 التي نصت على  ان الاحكام الاضافية والملاحق والمواد هي وحدة واحدة،و المادة 67 التي نصت على ان الاتفاق صار نافذا بمجرد توقيعه، وضرورة تطبيق المادة 16 و 17 و 18.

ولكن ما وقع هو خطا جسيم  كانت النية منه حسنة وقع فيها استعجال  تشكيل الحكومة بسبب وضع البلاد ومطالب الناس.

من يحكم ليبيا اليوم هي البنادق وليس السياسيون، فمن يحمل البندقية هو صاحب القرار الحاسم على الارض، في تجربة ديمقراطية ليبية لا تملك النضج الكامل، ومسار ديمقراطي متعثر وفيه خروقات عديدة منذ النشاة الاولى. إذ لم  يُبن  البناء الديمقراطي بشكل جيد منذ زمن المجلس الانتقالي.  

تنضاف اليه معضلة برلمان  لا يجتمع بل لا يستطيع الاجتماع بنوابه، والمحيطون بعقيلة صالح لا يتجاوزون 40 شخصا في أقصى تقدير. في وقت ينصب فيه اللوم والتقريع  على نواب الجهة الغربية الذين ذهبوا الى طبرق وخالفوا القواعد السياسية وقدموا الشّرعية للبرلمان،  وانتهى بهم الامر الى عدم القدرة  على  مغادرة  طبرق والاجتماع في اية مدينة اخرى في طرابلس لاقرار  الاتفاق، وهو جوهر الانسداد البرلماني حسب مراقبين.

وبهذا المنطق المسدود تسير ليبيا الى الانقسام وهو ما تتهيا له المنطقة الشرقية عمليا بهذا المسار.

و نقطة التحول الاعلامية انتقلت من حصر خصوم حفتر في الثوار ومكونات “فجر ليبيا”،  بينما تبين الوقائع ان عددا هاما من  الضباط ايضا داخل الجيش الليبي رافضون لوجوده باعتباره احد اكبر الشخصيات الجدلية،  ولم يعد الرفض  مقتصرا على رهط ولفيف من الثوار  بل  من المؤسسة العسكرية نفسها   التي تنظر اليه حاصلا على شرعية من مجلس النواب حين كان المجلس يحظى منفردا بها .

والسؤال كيف ينجح الاتفاق بتجاهل طرف هام في المعادلة السياسية والعسكرية في ليبيا ؟

في عزف منفرد ، أقدم وأعتق وابعد غورا، يرى  طيف  ان  المشكل ليس  في اللواء حفتر و في القوى الاقليمية التي تشكل جزءا من المشكل وليس من الحل ،بل  في  غلاة السياسيين في المنطقة الشرقية  الذين شبّوا عن الطوق الوفاق وجمعوا المتناقضات بدعم حفتر.

و ما حدث في ليبيا اليوم  يذكّر بما وقع  سنة 1949  و1950 و 1951،  حين كانت شخصية أمير برقة  “ادريس السنوسي” المميزة  قادرة على جعل أهل المنطقة الغربية  يقبلون بشروط الجهة الشرقية تجاهه بعد أن توحدت البلاد تحت قيادته، وأسس أول جمعية وطنية تمثل جميع الولايات الليبية في (25 نوفمبر 1950)، وهو ما لم يعد ممكنا اليوم، فحفتر ليس الملك ادريس ، وسياسيو برقة هم من يريدون فرض شروطهم على الوضع، و خليفة حفتر ليس الا  واجهة وبديلا للملك ادريس في زمن متغير تاريخا وليس جغرافيا .

و ما يقع هو طريق التقسيم الفعلي  وانهاء حلم الثورة بعد اكثر من 20 الف قتيل

المشكلحسب مراقبينيكمن  بين برقة وباقي ليبيا التي لا  تحمل مشاكل سياسية أو اثنية او عرقية.

ويكمن المشكل في جهة  ما تحديدا تريد فرض ارادتها وشروطها على الدولة اللّيبية و كامل البلاد ، وتمرير مشروع آخر خارج نطاق الاتفاق والمجلس. في حين ظلت شرعية المجتمع الدولي رافضة لما  يحصل في طرابلس مطالبة من مقتحمي المجلس الرئاسة في طرابلس الانسحاب.

تزداد الاعباء على حكومة فايز السراج المترددة وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة، بينما يراها مراقبون تنثني أمام مطالب  يتوغل اصحابها  اكثر في فرض شروطهم كلما لمسوا لينا وخفض جناح ، طالبين من السراج التصريح بوضوح  بان حكومة عبد الله الثني  في “البيضاء ” بالشرق وخليفة الغويل يعارضان الاتفاق السياسي برمته و إسقاط المجلس الرئاسي، بينما لايزال رئيس الحكومة فايز السراج يريد عرض حكومته على مجلس النواب.

في وقت  تبدو فيه  خطورة الموضوع  في ان الخلاف ليس  حول نقطة في الاتفاق الاسياسي ، بل حول الاتفاق السياسي برمته حاشية ومتنا ، وهو ما يجعل  المشروعين على طرفي نقيض وفي غاية التباين السياسي وصولا الى حالة انسداد سياسي عادت بالبلاد الى نقطة الصفر. رد عليه فايز السراج  بمهاجمة حكومة خليفة الغويل  واتهامها  بعرقلة  الاتفاق السياسي، بعد ان اعتبرت  أن كل من يتعامل مع القرارات الصادرة عن حكومة الوفاق الوطني بانه “سوف يعرض نفسه للمساءلة القانونية”.

وسط توقعات سيناريو جديد تنبئ بتحالف حكومة خليفة الغويل مع حفتر في الشرق، في مشهد جديد اضنى كل المتابعين للساحة السياسية في ليبيا. خاصة بعد نشر صحيفة لا ستامباالايطالية  تقريرا  يبين ان “داعش تحصل على الاسلحة  مقايضة  مع  المافيا الايطالية باثار ليبية ثمينة

ما نجحت فيه حكومة السراج هو توحيد الصف في حرب “البنيان المرصوص” وفي ” سرت”  ضد “داعش “. ولكن بقيت المشاكل متراكمة وتعثرت في ملفات كثيرة، كازمة السيولة وتواصل تهاوي الدينار الليبي امام الدولار الامريكي  بسبب الانسداد السياسي، رغم ارتفاع انتاج النفط الى 500 الف برميل يوميا .

الحكومة المعترف بها دوليا ستعمل حتى وان لم يوافق عليها البرلمان، وحتى وان اقال السراج “الصديق الكبير” محافظ البنك المركزي  فان العالم سيتعامل مع الحكومة ولكن عوائق الداخل هي المشكلة

مواطئ اقدام اقليمية وقوات تشادية على الخط : 

بالاضافة الى التدخل المصري الواضح مدعوما بمال خليجي،و خلافا الى قرار الاتحاد الافريقي الذي ازمع  مساندة حكومة الوفاق المنعقدة بالعاصمة الرواندية كيغالي بين 17-18 جويلية 2016 ،تشير انباء عن تورط تشادي في  المستنقع الليبي.

الرئيس التشادي  إدريس دبي يتخذ موقفاً مغايراً لموقف الإتحاد الإفريقي الذي يترأسه ويدخل على خط الصراع الدائر في ليبيا إلى جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر قائد ما يسمى بعملية  الكرامة الذي صرح بانه “لن يسمح بان تبقى العاصمة الليبية مختطفة “.

الخطة هي ضرب حكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق “الصخيرات” التي تشكّلت بعد جهود دولية مضنية لإنهاء الصراع في ليبيا.

الرغبة في فرض حفتر حاكماً عسكرياً على ليبيا، جزء يفسر الإنتصارات التي قادت الى سيطرته على منطقة الهلال النفطي والتخطيط  لإحكام القبضة  على الغرب والوسط ومناطق في الجنوب الليبي.  

فما سبق إنجازه من انتصارات كانت نتاج تنسيق ودعم متواصل يقوده الرئيس “إدريس دبي” بنفسه الذي إستقبل في  13 سبتمبر  الماضي اللواء خليفة حفتر بالعاصمة التشادية إنجميناالمقابلة تحديداً إلتزم فيها الرئيس التشادي بدعم عملية ” الكرامة ” في وقت عسر فيه تسديد اجور قواته العسكرية بمعدل 1500 دينار للجنود و2200 دينار للضباط

حشدت القيادة العسكرية التشادية قوات لها في عدد من المعسكرات شمال تشاد قريباً من الحدود مع ليبيا في مناطق “باو” ومطار “أوزو” بالقرب من منطقة “تبستي” .

تعود العلاقة  بين اللواء خليفة حفتر  والرئيس التشادي إدريس دبي إلى فترة الحرب الليبية التشادية في صراعها على “شريط أوزو”  وما تبع ذلك من وقوع العقيد وقتها خليفة حفتر في الأسر هو ما فتح أفقاً لهذه  العلاقة الجديدة التي تقودها المصالح المشتركة والمتبادلة بينهما. وهذا كله ما يدفع بالرئيس التشادي للسباحة عكس تيار الإتحاد الإفريقي الذي يترأسه وهذه واحدة من التناقضات التي لا يتورّع بعض القادة الأفارقة من إرتكابها بالرغم من أن ذلك يناقض موقفاً موحداً للمجتمع الدولي ويضرب حكومة الوفاق المعترف بها من كل المؤسسات الدولية والإقليمية.  

تبقى اسئلة عديدة تجوب الاذهان:

ففي حال منح الثقة لحكومة الوفاق المقبلة، هل سيظل المجلس الرئاسي مشرفا على الحكومة أم سيكون له دور آخر؟ ام ستشهد البلاد سلطتين تنفيذيتين، سلطة لدى المجلس الرئاسي وأخرى لدى الحكومة؟  

هل يكمن الحل في رئيس ونائبين  بالتقسيمة الكلاسيكية.

خاتمة : 

تغيير الحكومات ليس هو مربط الفرس ، و بين الخالد من الدولة والعارض من السياسة ،  يتّسع الخرق في دولة تملك ثاني احتياطي نفط في افريقيا، صارت فيه الحكومة حاشية على متن الصراعات. وامكانية تحالف الغويل  لم تعد ممكنة كما تحدثت وسائل اعلامية ، رغم تسريبات عن  اجتماعات بين  مجموعات “الغويل” والحكومة المصرية وقع فيها  الاتفاق على  توحيد الجيش الوطني تحت لواء حفتر.  

و تبقى على عاتق مجلس النواب مهمة  التعديلات ويوافق على الاتفاق السياسي  وهو ما سيجعله موجودا فعليا وسياسيا.

ليس الاتفاق حلا امثل  لكنه حل عملي يمنع ليبيا من شبح الانقسام الذي يخيم على رقعة البلد من سماء رمادية ويجعلها بين خيارات ثلاثة :   الدعشنة” او “العسكرة ” او “التقسيم “.

تنتهي مدة حكومة السراج يوم 17 ديسمبر 2016 بموجب الاتفاق ، فمدتها سنة قابلة للتمديد في صورة مصادقة البرلمان عليها. والملف الليبي قد ينتظر نتائج   الانتخابات الامريكية .

الولايات المتحدة الامريكية سلّمت الملف الليبي الى الاتحاد الاوربي الذي فشل في ادارة الأزمة. و الاجتماع الوزاري في لندن ، الذي دعت إليه  الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا  هو خطوة جديدة لحل ازمة  تشعبت وصارت كابوسا في المنطقة المغاربية.  

___________

مركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية.

مواد ذات علاقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *