Soldiers from forces aligned with Libya's new unity government are seen resting on the road during an advance on the Islamic State stronghold of Sirte, June 8, 2016. REUTERS/Stringer FOR EDITORIAL USE ONLY. NO RESALES. NO ARCHIVES.

تقرير رويترز

بعد ستة أشهر من القتال الشرس تقدمت قوات الأمن الليبية في عمق مدينة سرت الليبية الاستراتيجية لدرجة أنه أصبح بإمكانهم الآن تمييز اللهجات المصرية والتونسية لأعدائهم من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية وهم يتبادلون السباب على جبهة القتال.

وقال مسؤولون أمريكيون وليبيون إن النصر بات وشيكا في تلك الجبهة النائية للحرب ضد الدولة الإسلامية حيث يتحصن بضعة مسلحين باقين من المتشددين في مساحة صغيرة لا تتعدى كيلومتر مربع.

لكن المعركة كانت طويلة وصعبة وتحمل دروسا للقوات التي تدعمهاالولايات المتحدة التي تسعى لطرد الدولة الإسلامية من مدينة الموصلالعراقية الأكبر مساحة بكثير من سرت والتي تبعد أكثر من 2500كيلومتر عنها.

قال أسامة عيسى (37 عاما) وهو رجل أعمال يقاتل مع القوات الليبية في حي الجيزة آخر حي تسيطر عليه الدولة الإسلامية في سرتواجهنا مقاومة لا تصدق. لا يتركون مواقعهم حتى عندما تنهار منازلعلى رؤوسهميعلمون أنهم سيموتون على أي حال ولذلك يقاتلونبشراسة.”

والهزيمة في سرت ستضر بقدرة الدولة الإسلامية على إظهار أنهاتتوسع عالميا وستحرمها من موطئ قدمها خارج العراق وسوريا. وخسارةسرت والموصل في فترة قصيرة سوف تهوي بمعنويات التنظيم وعلى الأرجحقدرته أيضا على تجنيد أتباع.

لكن المتشددين في سرت كبدوا المقاتلين الليبيين خسائر فادحةوقتل على الأقل 660 وأصيب ثلاثة آلاف في المعارك كما صمدوا لمدةأطول مما كان متوقعا.

وأثبت مسلحو الدولة الإسلامية مهاراتهم في حرب العصاباتوأظهروا نقاط ضعف القوات المتقدمة التي تفتقر للخبرة في حرب المدنوسلطت المعارك أيضا الضوء على الفاعلية المحدودة للضربات الجويةعندما تصل جبهات القتال لهذا التقارب.

كما تلفت المعارك الانتباه أيضا إلى أهمية محاصرة المقاتلينخلال الحرب بسبب هرب الكثير من سرت. وقدر قائد ليبي عدد من تمكنوامن الفرار بأنهم 400 متشدد يشنون حاليا هجمات خلف خطوط القتالبقنابل يتزايد تطورها باستمرار.

كما أن الخلاف المتنامي بين الفصائل المختلفة داخل القواتالليبية يدق ناقوس الخطر للجماعات المتنوعة التي تقاتل الدولةالإسلامية في الموصل بأن نهاية المعركة قد تنذر بفوضى سياسيةوتخاطر باندلاع صراعات عسكرية جديدة.

استولت الدولة الإسلامية على سرت تدريجيا في بداية عام 2015مستغلة الفوضى التي تعم ليبيا منذ بداية الحرب الأهلية فيها بعدالإطاحة بمعمر القذافي في 2011.

وأصبحت سرت مسقط رأس القذافيقاعدتها الرئيسية في شمالأفريقيا. وكما في العراق وسوريا بدأ قادة المتشددين في فرض رؤيتهمالمتشددة في سرت. وحظروا تدخين النرجيلة وتدخين الغليون وأجبرواالنساء على ارتداء ملابس تغطيهن أجسادهن بالكامل.

وفي وقت لاحق استعبدوا النساء المهاجرات وفرضوا ضرائب وعقوباتمثل الجلد علنا والصلب.

وبدأت القوات من مدينة مصراتة القريبة التي أصبحت مواليةلحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في العاصمة طرابلسالهجوم العسكري لاستعادة سرت في مايو أيار بعد أن هددت الدولةالإسلامية أمنهم.

وتتحصن آخر مجموعة من المتشددين في حي الجيزة بالمدينة المطلعلى البحر المتوسط ويستخدمون أنفاقا بدائية وقناصة وشراكا خداعيةللدفاع عن حصنهم الأخير.

واختبأ المتشددون بين الأسطح المنهارة والشوارع المليئةبالأنقاض في الجيزة واستخدموا سواتر الرمال لتوفر لهم الحماية منالقصف والضربات الجوية.

وتدعم المئات من الضربات الجوية الأمريكية وغارات بطائراتهليكوبتر وفرق صغيرة من المستشارين العسكريين البريطانيينوالأمريكيين القوات الليبية في المعركة. وحاليا يستخدمون الدباباتالتي كانت لديهم منذ العهد السوفيتي لفتح ممرات لهم عبر الأنقاض.

فيما ينتقلون من منزل لمنزل في محاولة للقضاء على مقاومةالمتشددين.

قال طالب يقاتل في وسط ركام لأحد المنازل المنهارة في الجيزةنسمعهم في الليل يصيحون ويهددوننا قائلين إنهم قادمون للقضاءعلينا…. هناك قناصون وألغام. نحن نتقدم فيلقون علينا القنابلاليدوية. إنها حرب قذرة.”

وسمع دوي إطلاق نار من القناصة في حين كانت المجموعة التيينتمي لها الطالب تراقب الأوضاع عبر فجوات في الجدران المهدمة.وكانت القذائف تمرق فوق الرؤوس من آن لآخر.

واستعدت مجموعة أخرى مسلحة بالكلاشنيكوف وبعضهم رجال من كبارالسن يرتدون الزي العسكري وآخرون طلبة يرتدون الجينزللتخلص منقناص متحصن في موقع قريب.

كان أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية قد دعاالمتشددين في وقت سابق من الشهر الحالي للسفر إلى ليبيا. ولم تكنهذه أولى دعواته حيث يقاتل تونسيون وسودانيون ومصريون في المدينة..لكن سرت كقاعدة انتهت.

قال جيف بورتر الباحث في (نورث إفريقا ريسك) للاستشارات كانمن المفترض أنتكون سرت قاعدة للمنسحبين من العراق وسوريا لكن هذاالأمر انتهى الآن. من الناحية الإستراتيجية يمكن للدولة الإسلاميةأن تشير إلى سرت وتقول لأتباعها إنها كانت حقا عالمية وتتمدد لكنلا يمكن أن تفعل ذلك بعد الآن.”

وقال مسؤولون بالمخابرات في مصراتة إنه كان يوجد في السابق مايصل إلى 2500 مقاتل في سرت أغلبهم أجانب.

أما سرت الآن فإن معظم مناطقها خالية من الناس ولم تعد الحياةإلى الأحياء الواقعة على أطراف المدينة التي يسكنها 80 ألف نسمةحيث تحمل المباني آثار القذائف والرصاص.

ولم يبق من آثار حكم التنظيم سوى القليل. ويرفرف علم ليبي كبيرفوق تقاطع طرق الزعفران حيث كان المتشددون يعدمون ضحاياهم فيالسابق. ولا تزال رموز الضرائب التي كان يجمعها التنظيم مرسومة علىجدران المتاجر.

وأفراد القوات الليبية في معظمهم مدنيون حاربوا القذافي وعادواللمساعدة في صد تنظيم الدولة الإسلامية ومنهم طلاب وحرفيون وضباطسابقون بالجيش.

وقال صلاح الحوتي وهو طالب يبلغ من العمر 22 عاما يقاتل فيصفوف القوات الليبية ربما يستغرق الأمر أسبوعا أو اثنين مما أراهالآن (لإنهاء مقاومة تنظيم الدولة الإسلامية في سرت)” مشيرا إلىأنهم خزنوا إمدادات وأغذية تحت الأرض.”

ويقول قادة ليبيون إن تقدمهم تعثر بسبب الضحايا ونقص الذخيرةوشكوا من أنهم لم يتسلموا شيئا من معدات الرؤية الليلية وغيرها منالأسلحة التي طلبوها من حلفائهم لمواجهة القناصة.

وزاد الخوف من شن ضربات جوية وقصف بشأن المدنيين المحاصرينالذين يستخدمون في بعض الأحيان كرهائن.

وقال مسؤول المخابرات في مصراتة محمد جنيدي إنه نفس الموقف كماهو في العراق وسوريا مشيرا إلى أن التنظيم يستخدم الأنفاق ويستخدمالمدنيين دروعا بشرية.”

وقال جنيدي إنهم مقاتلون محترفون وهدفهم هو قتل أكبر عدد ممكنمنا“.

هل توجد معارك جديدة؟

يأمل قادة ليبيون في أن يقضي الانتصار في سرت على تهديدالتنظيم في كل أنحاء ليبيا.

لكن المقاتلين الذين فروا قبل تطويق سرت لا يزالون يشكلونتهديدا. وفر بعضهم إلى الجنوب مما سيعزز على الأرجح الاتصالات بينالدولة الإسلامية وجماعات متشددة أخرىفي منطقة الساحل القاحلةومنها بوكو حرام النيجيرية والقاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

وتتصاعد نذر مشكلة أخرى تتمثل في التنافس بين الجماعاتالمقاتلة. وقد حول البعض اهتمامه إلى تجدد القتال مع فصائل أخرى فيالشرق حيث يقود حليف القذافي القديم خليفة حفتر قوات لا تعترفبحكومة طرابلس المدعومة من الأمم المتحدة.

وكانت قوات حفتر سيطرت على أربعة موانئ رئيسية للنفط من فصيلمنافس في وقت سابق من العام. وسمح حفتر بإعادة فتح المؤسسة الوطنيةالليبية للنفط لكن الكثير في أهل مصراتة يرونه قائدا عسكريامتسلطا.

وقال عبد المنعم أبو بريدة وهو فني سيارات خاض القتال من أجلالسيطرة على طرابلس ويشارك الآن في قتال سرت حاربت في ثلاثة حروبوالرابعة قد تكون ضد حفتر ومن يعرف ضد من ستكون الخامسة؟“.

_____________

مونت كارلو الدولية

مواد ذات علاقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *