بقلم ريتشارد غالوستيان (*)

، أن انتخاب دونالد ترامب لمنصب الرئاسة الأمريكية، قد يلعب في الواقع لصالح ليبيا، وقد تشهد المنطقة استقرارا بعد خمس سنوات صعبة من الحرب الأهلية والعنف والفوضى، والسبب أن ترامب رجل أعمال

أن نواياه ما تزال غير واضحة، لكن أسباب التفاؤل بشأن ليبيا ومنطقة الشرق الأوسط لا تتعلق بالتخمينات، بل بالنمط الذي سيستخدمه في طاولة المفاوضات ولفطنته التجارية، فلو فازت هيلاري كلينتون، ما كانت تريد أن يكون لها علاقة بليبيا، لأن الجمهوريين في الكونغرس سيتهمونها كلما ذكر اسم ليبيا

ومن الواضح أن ترامب هو أول رئيس أمريكي لم يعمل في المجال السياسي أو الجيش، ويتمثل أكبر تحد له حاليا في اختراق طبقات المستشارين والبيروقراطيين في واشنطن، وكان رئيس الوزراء الليبي الأسبق، محمود جبريل، قد علق على انتخاب ترامب قائلا: إن ترامب باعتباره صانع القرار، سيتم استيعابه من قبل المؤسسة، أو سيغير هو بطريقة أو بأخرى المؤسسة، وسيكون هناك توتر بين الرئيس الجديد والنظام“.

وتمثل ليبيا مثالا قويا للبيروقراطية التي فشلت، حيث هناك حاجة إلى نهج مختلف كليا لمنع حصول حرب أهلية والتحول إلى شبيهة سوريا، هذا وما يزال الجانبان، فجر ليبياومجلس النواب في طبرق، يتقاتلان منذ عام 2014، كما أبرز الصراع تورط بعض القوى الخارجية مثل تركيا وقطر وبريطانيا والإدارة الأمريكية السابقة المتعاطفة مع حكومة طرابلس، ومصر والإمارات العربية المتحدة وفرنسا الداعمة لحكومة طبرق، مع تفكير روسيا في الانضمام إليهم

في الوقت نفسه، كانت حكومة الوفاق الوطني في طرابلس خسارة كبرى، حسب الكاتب، معتبرا أن هناك حاجة لمفاوض لا يكون دبلوماسيا، هو ترامب، وبين أن اتفاق السلام له حساسية ، خاصة وأن روسيا في سجالها مع الغرب في سوريا، تستعد لدعم جانب طبرق، وقال جبريل إن مع استمرار الصراع في ليبيا، من المحتمل أن تصبح روسيا فاعلة أكثر على الأرض، وهذا ليس جيدا بالنسبة للولايات المتحدة.

ويبدو هذا التدخل الروسي مرجحا أكثر مع الزيارة المرتقبة لأعضاء من مجلس النواب الليبي إلى موسكو ، لكن لا موسكو ولا واشنطن بحاجة إلى جبهة جديدة في الشرق الأوسط، وأبرز جبريل إذا سعى ترامب إلى نوع من التقارب مع روسيا، هناك احتمال للتوصل إلى صفقة ما حول الصراعات المختلفة في الشرق الأوسط

وهو أمر يدركه جبريل جيدا، ففي سنة 2011، عندما كان في منصب رئيس الوزراء المؤقت، التقى بوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وطلب الدعم الإنساني، ويقول إن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ استراتيجيا خطيرا لاعتقادها بأنها تستطيع احتواء الجماعات الإسلامية المتطرفة ومواءمتها مع المعتدلين، فقد فشل هذا النهج واعترف الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما نفسه بأن  مرحلة ما بعد الثورة في ليبيا، كانت أسوأ خطأ له في السياسة الخارجية“. 

وخلال انتخابات 2012، فاز حزب تحالف القوى الوطنيةبقيادة جبريل على أكبر حصة في التصويت، ولكن الكتل البرلمانية سعت لمنعه من أن يصبح رئيسا للوزراء، وبعد ذلك حلت الفوضى، وبين جبريل أنه ينبغي أن يكون قادة الكتائب المسلحة والزعماء السياسيين وقادة القبائل على طاولة واحدة، لأنهم يمثلون موازين القوى في البلاد

وهي مقاربة تعكس الاعتراف بأن الفوضى في ليبيا، كانت في جزء منها بسبب انهيار المؤسسات الحاكمة، التي يجب إعادة بنائها ، إضافة إلى التوافق مع خليفة حفتر، الذي يعاديه الإسلاميون، وإعطائه دورا بارزا، ويمكن تعزيزها بأن تكون الولايات المتحدة وروسيا صوتا واحدا لحل العديد من المشاكل في ليبيا ومنطقة الشرق الأوسط.

***

ريتشارد غالوستيان، محلل مختص في الشؤون الأمنية

____________

ترجمة المصدر الليبي للإعلام ـ المقال من ليبيا هيرالد

مواد ذات علاقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *