عقد مركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية بتونس، بالشراكة مع مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية – سيتاتركيا، ندوة بعنوان “تركيا والمغرب العربي وآفاق التعاونأثثتها نخبة واسعة من تونس وتركيا وليبيا ،من اهم الخبراء والمختصين في الشأنين التركي والليبي والمغاربي.

تناولت الندوة العلاقات التركية المغاربية بين الماضي والحاضر وافاق التآزر والاستثمار ، وفككت اسباب تواصل الازمة الليبية التي تتجه الى الغموض على الارض بعد تعطّل قطار  الاتفاق السياسي الموقع عليه في الصخيرات بالمغرب ، مستشرفة الحلول والممكنات في واقع دولي سياسي اقليمي صار شديد التعقيد.

الدكتور رفيق عبد السلام:

ليس الغرض من الندوة  دراسة الخلفية التاريخية  للكيان العثماني القديم والمغربي العربي، بقدر ما هو رغبة في تشخيص الواقع الراهن، والنظر اليه بعدسة تركية واخرى عربية  لدراسة أثر الاحداث  الاخيرة  في السياسة الخارجية التركية، خاصة بعد محاولة الانقلاب 15 اوت 2016 الفاشل، و الذي مثل للساحة السياسية صدمة وارباكا مخلفا  تاثيرات عميقة. نحن في حاجة الى  إدراك لعميق الصلات الثقافية بين مجالين تقاربا ماضيا ثم تباعدا في دورة تاريخية حضارية. و من حسن حظ المغاربة عموما انه لا توجد جراح تاريخية بينهم وبين تركيا وماض استعماري يبني حواجز نفسية بين البلدين.

فقد كان للعثمانيين دور مشهود في طرد الاسبان من تونس في  القرن 16 ،و اشتهر رموز عثمانيون “الاخوة  بربروس” والاخويْن “خير الدين وعروج” و”درغوث”  وسنان باشا  سنة  1574. كما ان الحركة الاصلاحية التونسية، في شخص رمزها التارخي خير الدين التونسي تركي الاصل ،ظلت مرجعا للشرق والدولة العثمانية  التي برز فيها خطان في الاصلاح: خط ” رجال التنظيمات”  بمشروعهم الاصلاحي من داخل الدولة كانوا فيه معنيين بالاعتبارات البراغماتية، وخط ثان، قاده تيار اصلاحي ديني  عوّل على التجديد الديني من الاستانة وتونس تمثل  في شخصيات  كالشيخ بوسالم بوحاجب و الطاهر ابن عاشور. بينما كان خير الدين التونسي رجل دولة يمثل استثناء في الإصلاح  الديني والخبرة العليّة لادراة شؤون الدولة. و رغم ان المعطى القومي قد فرض نفسه بين العرب والاتراك والايرانيين  منذ اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الاّ انه معطى لم يعد يكفي الشعوب  في المنطقة،  التي صارت تبدو اكثر انفتاحا ولا ترضى أن تنحصر احلامها بالدائرة القومية. وبين الماضي والحاضر ، كانت حركة الارقام الاقتصادية بين تركيا والمنطقة المغاربية في تطور مطرد ،  وقد لاح مفتوق من العلاقات الاقتصادية  خاصة في العشرية الاخيرة برقم معاملات بلغ20  مليار دولار  بفضل رغبة تركيا في  الانفتاح واستثمار الفضاء التاريخي، تجلى ذلك في ما سَطره ” أحمد داوود اوغلو” من سياسة تستثمر في الفضاء الجغرافي القديم ، وتحيي ما به من رَميم الوشائج ،متجاوزة  الحاجز الجغرافي  في رؤية متعددة الابعاد للعالم العربي واستثنائية حقيقة،  بعد تاسيسها  منذ سنة 2002 نظرة جديدة الى منطقة البلقان و اوربا، إذ لم تختزل نفسها في البعد الاوربي فقط، بل استرجعت ب العربي والمتوسطي منه . كما للندوة التشاركية، في اول مصافحة،  بين مركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية بتونس ومركز “سيتا التركي”غرض ثان لا يقل سموا ،  الا هو التركيز على الازمة الليبية لما تعنيه لنا ليبيا كجار الجُنب، والاخوة من مكانة  بصورة مباشرة بحكم الصلات التاريخية في الساحة المغاربية. و لدينا كمغاربة رغبة اصيلة و اثيلة  في  مصلحة مشتركة مع كل الجوار ندفع اليها  الاشقاء  للحل  المباشر وراب الصدع.

الدكتور برهان الدين دوران :

حضرت ندوة علمية في الجزائر اخيرا  “للإخوة بربروس”. تبين لي فيها ان التاريخ حافل  بعلاقات تركية مغاربية. و اذكر في هذا الصدد جملة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قال فيها: ” تاريخيا،العثمانيون لم ياتوا بأنفسهم الى الجزائر بل نحن من وجه اليهم دعوة، ولم نرسل المغاربة لتركيا بل ذهبوا الىه من تلقاء انفسهم “. اسّست تركيا عبر تاريخها علاقات قومية   وتطورت العلاقات التركية العربية في كل المناطق، و نرغب في  المزيد من   العلاقات البينيةاما فيم يخص المحاولة الانقلابية الفاشلة ليلة 15 تموز2016/اوت  وانعكاساتها على الديمقراطية الداخلية، فقد كانت مفاجأة للجميع بسبب الاظطرابات التي تلتها. ماكنت اتوقع  ما جرى، تم ليلتها  اغلاق جسر البوسفور في اسطمبول، لاننا متعوّدون على الانقلاب في الهزيع الاخير من الليل، ولم اصدق  مايجري. اتصلت برئيس الوزراء و توجهت الى  مقر رئاسة الوزراء، وحضر رئيس المجلس وقررنا في الحين فتح المجلس، وبدا البث المباشر اثناء محاولة الانقلاب، فوصلت الانقلابيين  رسالة قوية من للبرلمان ، فقصفوا مبناه  سبع مرات  متتالية. كنا نعرف ان هذا من صنيع  جماعة “فتح الله غولن”او حركة “خدمة”و اُطلقت من حينها  حملة  على تنظيمها السري ودولتها  الموازية. اما فيما يخص فتح الله غولن، فقد  كان واعظا  في الجوامع، جمع انصارا من خلال نشاطه،وطفق يفتح  مدارس في انحاء تركيا، واهتم  تنظيمه  بتقديم “الخدمة” في مجالات  عديدة، ثم بداوا يربون اجيالا تتخرج من  المدارس، ولكنهم لا يتركونهم لحالهم اثر التخرج ، بل يدخلونهم في المؤسّسات الحكومية، وهذا  ما ورد  في  اعترافات المتهمين. اثبتت التحقيقات   سرقتهم  اسئلة الامتحانات  وحصل التنظيم  على ارقام كبيرة وادخل الالاف من مريديه  في القضاء ومدارس الشرطة وأقسام هامة من اجهزة حساسا وقسم كليات الحقوق  والادراة. و تخرجت على يده  اجيال، حازوا على وظائف  في كل مؤسسات الدولة وخاصة أجهزتها السيادية. واثر الانقلاب، تم اعتقال نصف جنرالات من الجيش الذين تبين ضلوعهم في المؤامرة وهم اليوم بين طريد ومعتقل .المحاولة كانت للوصول الى السلطة،شرعوا فيها سابقا،  اول مرة كانت في نهاية ،2013 يوم 17 ويوم 25 ديسبمبر. والمحاولة كانت من القضاء والشرطة. حينذاك ، كان النائب العام ينتمي للتنظيم، طلب ايقاف  وزراء وابناء وزراء،  وقدموا للمحاكمة. ولكن بيت القصيد من شِعرهم  كان  اسقاط الحكومة.  كان اردوغان حينها في زيارة  مغاربية، لم يصرّح ، و لما عاد هاجم التنظيم واطلق عليه اسم “الدولة الموازية”. وقال:” لن نسمح للدولة الموازية ان تستمر في تركيا” . حصل الاشكال عندما لم يدرك  معظم الشعب التركي  حقيقة التنظيم،  و انقسم ازاءه، وخاصة احزاب المعارضة التي ساندته واعتبرت  وزراء “حزب العدالة والتنمية “فاسدين. في حين ان عقيدة التنظيم هي الفاسدة ، تؤمن  بالرؤى،  فقد اوهم التنظيم  انصاره ان غولن  يلتقي كل يوم خميس  مع الرسول محمد ، ويعتبرون ان الرسول اقرب الى غولن من حبل الوريد، فخدّر عقول  اتباعه ولم يدرك الناس حقيقة التنظيم على انه  ماسوني  التركيبة الا بعد جهد كبير. التنظيم سري و يتعامل  بأسماء رمزية مستعارة لكل المنتسبين، يعمل بهذا الشكل ويريد السيطرة على الدولة. كانت محاولة  الانقلاب انتحارا  للتنظيم فعليا. الذي يعيش رئيسه منذ 17 سنة في امريكا، تعاون مع الاخرين  للاستيلاء  على تركيا، وفي تلك الليلة سجل الشعب التركي تاريخا عظيما، دافع عن ارادته وقاوم  طائرات “اف 16” والدبابات والرشاشات وقدم نموذجا في الدفاع عن الديمقراطية.  فحقق الانقلاب عكس ما توقع، واُفشل أنموذج في الإفساد. استمرت الاعتصامات 27 يوما، ودافع الشعب عن ديمقراطيته واستنتجنا الدروس ولم نضح بديمقراطيتنا. دوليا، كان لا بد من معاقبة تركيا لانها وقفت مع الربيع العربي. فقبل الانقلاب في مصر يوم 3 جويلية 2013، وقعت محاولة اسقاط الحكومة  عن طريق “احداث غيزي” و”ميدان  التقسيم” في اسطمبول. وكانت القنوات تنقل نقلا مباشرا للحراك التمردي ، حتى يبدو للناظرين  أن انقلابا شعبيا  كان يقع ضد اردوغان من الشعب المظلوم  ايضا، واظهاره على انه الربيع التركي. ومنذ اكثر من سنة تواجه تركيا  “داعش” والب كاكا”  ومنظمة “فتح الله غولن” . وقد اوضح السفير الامريكي السابق في تركيا “كي ميستر جيمس” ان : “صورة اردوغان في واشنطن ليست محبوبة لانه ينتقد الغرب  علنا “. اعتقد ان الرجل   استمد  قوته من الشعب، وحصل على تاييد كبير منه، ولذلك لم يسمح الشعب  بسرقة ارادته. واقتصاديا لم تتغير النسب الاقتصادية  كثيرا اثر المحاولة ، فسعر صرف الدولار ارتفع عشرة قروش ثم استقر سريعا. اما فيما يخص التعاون التركي التونسي، فاني اراه سيتواصل مستندا على تواصل  الديمقراطية بعد ان طردنا الخونة. الدستور التركي يسمح باعلان حالة الطوارئ، وُجهت لنا انتقادات شديدة،.ولكن السؤال، لماذا لا تقوم الضجة حول حالة الطوارئ في فرنسا المتواصلة منذ حاثة الارهاب البالتاكلون؟ تركيا رفعت سقف الديمقراطية عاليا،ولكن تم ايقاف النواب الاكراد الذين شاركوا في جنازات الارهابيين واعتبروهم شهداء، رفع البرلمان عنهم الحصانة لانهم لم يقدموا  استجوابا للنائب العام، ولكن احضروا جبرا بالقوة العامة وخضعوا للقانون . السياسة ليست ازدواجية معايير ونحن لنا لغة واحدة. في نهاية 2005 بعد المفاوضات حول الانضمام الى الاتحاد الاوربي، صرح اردوغان:”  نحن قمنا بواجبنا تجاه اوربا ،ولكنهم منذ 11 سنة يماطلون،وقبلها منذ عقود ، بعد سنة التوقيع الاولي  في1953.

 الدكتور فخر الدين الطون :

15 محاولة انقلاب  تموز/اوت 2016، كانت تعني بالنسبة الى الديمقراطية التركية مواجهة مع العناصر العسكرية داخل الجيش التركي الذين واجهتهم العديد من التحديات، وجعلتهم يقدّمون ساعة الانقلاب. واربكتهم دعوة رئيس الجمهورية الى الخروج، لم يقرأوا قراءة جيدة  وصحيحة السياسة التركية، و كانوا يظنون انه بالوصول الى اطياف متعددة للشارع ا يستطيعون الاستيلاء على المؤسسات الحكومية المنتخبة. اليساريون والعلمانيون اعتقدوا ان بامكانهم السيطرة على الوضع  عبر وضع ما يمكن تسميته التحالفات ضد اردوغان، ولكن الشعب  كان قد حفظ الدرس من الانقلابات السابقة، و رفض تحويل تركيا الى سوريا ثانية ، و هزم   السلاح المتطور مؤذنا برسوخ بنيان  الديمقراطية . في هذه الجزئية  عادت بنا الذكرى  الى اربعة انقلابات عسكرية ناجحة في تركيا. ولكن هذه اول مرة يدوس فيها حذاء شعب دبابة العسكر. رغب بعدها انصار غولن وصف ماجرى  بالمسرحية،ولكن لو نجحت لاطلقوا عليها اسم ثورة ،رغم انها كانت فوضى العسكر في مواجهة دولة ونظام، وكانت ستؤدي  الى فوضى مماثلة في بعض الدول. ولكن الشعب هو من اعتقل الانقلابيين  وكان بامكانه ان يقتل ويسحل في الشوارع والميادين،فقد استعملوا  الهليلوكبتر والعنف الشديد.  بينما اظهر الشارع   الكثير من العقلانية  ورغبة في فرض اوضاع الاستقرارالعشرات من الاعترافات أكدت  ان هؤلاء امن العناصر في داخل  الدولة صاروا منذ 2010 يتغلغلون في الشرطة وصل بهم الامر الى امتلاك تسجيلات  عن الرئيس والاستخبارات التركية.. 15 تموز اظهر الوجه الاخر للمتخفين، وبين كثيرا من الاشكاليات واعطى لتركيا الفرصة للتخلص من التنظيم، الذي في ظاهره  حركة اسلامية تعليمية وحركة مفتوحة للحوار فيما بين الاديان،وفي باطنه  وجماعة ارهابية من قِبَلها المؤامرة . فعندما تصل الاوامر من رئيسه الى القواعد ، يستطيع ان يتحول الى “داعش” ثانية. عندما ننظر من القاعدة  الرأس نراها حركة نرجسية، يزعم رئيسها  انه سيحكم العالم والغاية عنده  تبرر الوسيلة. فهو يرى انه بامكانك ان تسرق الامتحانات في كل الاستحقاقات، و أن تفبرك ادلة تتهم بها الاخرين ما دام يخدم الجماعة في الخفاء ،ف”التقية “عند الشيعة و”التدبير” عند  حركة خدمة . تبدو عملية تطهير المؤسسات من الجماعة صعبة للغاية، واغلبية الشعب التركي وأغلبية اخرى من المعارضة  يؤيدون  بشكل مباشر الاجراءات التي اتخذتها الحكومة ضده وضد تنظيمه السري الذي تسلل الى اجهزة الدولة.

الدكتور مسعود اوزجان :

15 تموز كان محنة كبيرة، في  جغرافيا حينذاك  حاولت تركيا فيها انقاذ نفسها. لو نجحت المحاولة لصار هنالك واقع جديد، بامكانه ان يؤثر على المنطقة  على السياسة الخارجية سلبا. كان هدف الانقلاب واضحا.  فبعد سنة 2000 كانت الرؤية السياسية واضحة، وكان الهدف هدمها بمسارها السياسي واستهدافها في مهدها. في اطار السياسة الخارجية في دولة مثل تركيا، هنالك ارتباط مع الغرب وأواصر حقيقية وتنفيذ السياسات كان  بواقعية. كانت هنالك محاولة الاندماج في المثل الغربية وظهر العلاقات العربية التركية من جديد ،وبدأ الحديث عن تركيا كنموذج  مستهدف  لحرب مباشرة. ولم تكن احداث “غيزي”  ناعمة وتلتها احداث محاولة اسقاط الحكومة في 15 ديسمبر  2013. وكانت الخطة وضع البلاد  في ازمة  الاقتصادية وجعلها في عزلة. ولكن ما حصل عكس ما أرادوا لها من عزلة دولية. المجموعة التي اطلقت على نفسها مقولة الصلح في الوطن، هم  الانقلابيون الذين اختباوا وراء مصطفى  كمال اتاتورك، هم من كانوا في عزلة . صرنا اليوم نتحدث عن فرصة سياسية بعد الانقلاب وواقع سياسي جديد بمعالم جديدةالواقع فرض  رؤية سياسة وامنية واضحة، وانعكس بشكل مباشر في الواقع الميداني، حزب الشعب الجمهوري خرج عن الاجماع ، اما “حزب الحركة القومية” و”العدالة والتنمية” عادا سوية الى قلب  الاجماع الوطني. بعد أشهر مما وقع، قامت تركيا بعملية “درع الفرات” ووقعت تحركات عسكرية على الحدود منذ اكثر من 3 سنوات. حاولت تركيا هذه المرة ان تتحرك بجيشها  واصبح هنالك  استعمال قوة في الحدود السورية التركية. تحرك  الجيش التركي  ضد مع الجيش السوري  “البي كا كا”، وصارت عنده استراتيجية لمواجهة كل الامور، ووضعت سياسة لتطوير المخابرات العامة وانعكس الاثر  ايجابا على الارض. انهارت سياسات المتآمرين  بعد 15 تموز، وصار اردوغان يستطيع ان يضع سياسات أكثر واقعية مع الغرب . ليلة 15 تموز كانت  اختبارا عسيرا نجحنا فيه،تم فيه فرز نهائي  للوطنيين و للمعارضين لتركيا الذين وقفوا مع الانقلاب  العسكري  بسبب عدائهم لاردوغان. لكل بلد تجربته ونحن بصدد مواجهة 3 جماعات ارهابية متزامنة. استطاعت تركيا ان تحمي نفسها من فتنة كبيرة وكل الفاعلين ساهموا في الامر .خلال سنوات ثلاثة ماضية، كان الكثير من العمل السياسي ضد تركيا، الغرب لم يستطع ان يفهمنا، وتغيرات سياسية في البلاد  استطاعت ان تلبي حاجات المجتمع  بشكل مطرد. بعد 2010، و رغم  الظروف السياسة وقف الشعب مع قيادته في  احداث غيزي والمحاولة الانقلابية بالقضاء والشرطة ومحاولة “البي كي  كي” التي  كانت تهدف الى استنهاض حرب اهلية في تركيا. ولكنها لم تستطع ان تجد اذانا صاغية في المجتمع. منذ 40 سنة، وهي عمر تنظيم خدمة ، تم الاستيلاء على كل مؤسسات الدولة من اسلاميين وعلمانيين واستخدمت الدولة من حركة دينية هي انعكاس بشكل مباشر لتلك المصالح. تركيا لا تريد القطيعة مع الغرب، كانت مطاردة بحركة التغريب والاقتصاد والسياسة الخارجية , ولكنها تنظر  في علاقتها مع الغرب في اطار المصالح منذ سنة 2002.

:السفير التركي بتونس

 تونس دولة مهمة  بالنسبة الى تركيا، بحجم رقم معاملات يبلغ  650مليون يورو سنويا ،وب 75 شركة منتصبة في تونس ، واكبر استثمارات تركية مغاربية توجد  في تونس. المساهمون الاقتصاديون بامكانهم ان يقدموا الخدمات  حتى تصل تونس بنهضتها وتطورها والتجربة البيوقراطية التي لديها اقصى مداها . والعلاقات بيينا مرشحة للتطور.

الباحث امراه كيكيللي :

 العلاقات  التركية الليبية   قديمة تعود الى  القرن السادس عشر، بدات بعائلة “كرهل” التركية، ثم تطورت مع الدولة العثمانية. بعد ذلك تركزت  الحامية العثمانية في ليبيا، وتطروت الصلات بشكل كبير زمن الاحتلال الايطالي، ولم تستطع الدولة العثمانية ان تقدم الدعم الكافي لليبيا بسبب الانهيار الذي كانت تعيشه. لكنها لم تسلّم ليبيا، وقدمت ما يمكن فعله. الشعب الليبي حكم نفسه وعرف ” شكيب ارسلان” والذي زار  طرابلس و اسطمبول. في اتفاقية “اوسي” دُعمت المقاومة الليبية  و تلقت دعما من كل الجغرافيا العثمانية و اول قائد للحرب طلب من تركيا اعانة السنوسيين في برقة،. و طلبوا بشكل مباشر اثناء تشكيلتهم لاول حكومة ان يكون وزير دفاعه من تركيافي سنة 1948 دافعت تركيا عن استقلال ليبيا في الامم المتحدة، وفي فترة الملك ادريس شاهدنا تطورا كبيرا. ولكن  بعد انقلاب القذافي وجماعته، اُعتبرت الدولة العثمانية مسيئة لليبيا . فترة نظام القذافي ادت الى نوع من  الفتور،و بعد الربيع العربي شهدنا التلاحم بين الشعبين.إذ ايدت تركيا  ثورة الشعب الليبي منذ البداية  وعنف نظام القذافي  ادى الى خروجه، وهو السبب الذي سيجعل تركيا تساهم  في عودة البلاد الى  برالامان  باعادة الإعمار. نعتقد ان الجنرال  خليفة حفتر قام بمحاولة انقلابية واضحة الاركان ، شهدنا جلسات وفاق وتحاورنا مع جميع الاطراف  ودفعنا نحو حكومة التوافق الوطني حلاّ كانت تنشده الاطراف الدولية. أيدت تركيا جهود المبعوث الدولي في حكومة التوافق باكثر ما نستطيع من جهد.

الاستاذ مهدي ثابت:

المشهد الليبي على غاية من التعقيد. إذ  تعيش البلاد حالة من الفوضى السياسية غير مسبوقة، والجامع المشترك بين كل الحكومات هو الضعف، رغم ما تبذله حكومة الوفاق لحلحلة اوضاع الناس .على الارض ،  الخطورة تظهر في وجود ثلاثة حكومات تقود البلاد بتفاوت: حكومة في الشرق يقودها عبد الله الثني، حكومة الوفاق الوطني في طربلس، و هي التي يتعامل  معها العالم ولكنها تتسم بضعف الاداء،  ثم حكومة الانقاذ الوطني لخليفة الغويل  التي عادت كردة فعل على التهاون الدولي و تقدّم خليفة بلقاسم حفتر. مشهد معقّد وحكومات ضعيفة، والقدرات التنفيذية لا تمتلكها  اية حكومة. ملامح التعقيد تلوح في ان لكل  حكومة  تكتلاتها العسكرية واذرعها الامنية. فعبد الله الثني مثلا  في حكومة الانقاذ له  كتائب قوية، ولكنها غير قادرة على السيطرة على بلاد وتقف خلفها قوة من ثورا ليبيا. حاليا وقعت  ردة فعل وازمة اقتصادية نتيجة توقف تصدير النفط تجلت  في استنزاف احتياطي  العملة،  وتهاوي سعر الدينار في السوق السوداء الذي بلغ 7 دينارات وهو مؤشر خطر جدا. اصبح جزء من  الليبيين  عاجزين عن زيارة تونس للعلاج بسبب ازمة السيولة  في البنوك التجارية التي أدّت  الى سحب موطنين ودائعهم من البنوك، صار اثرها البنك المركزي عاجزا عن حل المعضلة وانعكست الاوضاع عل الواقع الاجتماعي. ضمن هذا الاطار فقد المواطن الليبي  الثقة في البقة السياسية. ثوار فبراير ليسوا ميليشيات، بل  كانوا مدنيين وانتظموا في تشكيلات عسكرية. وتشهد ليبيا   انتظام اكثر من 400 ضابط في طرابلس تحت راية جيش ليبي وامرة قائد عام للجيش ليشعر المواطن الليبي  بالامن. ليبيا ليست جزيرة في المحيط الهادي فهو دولة استراتيجية ، ومرشحة الرئاسة الامريكية “هيلاري  كلينتون” كان لها مشروع لحل الازمة فيها، إذ سلمت الولايات المتحدة الملف الليبي الى الحلفاء الاوربيين ولكنهم اساؤوا ادارته. اتفاق الصخيرات يعيش حالة موت سريري، وهنالك من يفكر في تمديده بسنة اخرى، ولكن لا يمكن أن يقوم التمديد  في حالة من الفوضى.

الدكتور السنوسي بسيكري :

ليبيا ليس فيها وفاق، و الاطراف السياسية المتصارعة لم تكن جادة فيه. والبرلمان الذي يمثل سلطة هو المعطل الرئيسي للوفاق. المؤتمر الوطني العام  ايضا ناقض نفسه، فجزء وافق على الاتفاق وجزء رفض، وكذلك فعل  البرلمان. لم ينجح المتوافقون في  ان يفككوا بعض مشاكل ليبيا  كالازمة الاقتصادية الطاحنة. لم ينجح المجلس الرئاسي ايضا،هو متكون من  9 اعضاء و6 منهم لهم حق الفيتو والبعض منهم لهم نزعة قبلية وفيهم من يعتبر نفسه ممثل الجيش في المجلس ، وفيهم من قاطع المجلس الرئاسي اصلا، ولم ينجح في معالجة اية قضية حيوية. شكل المجلس  السلطة التنفيذية العليا ولكنه اخفق والبرلمان هو ايضا اشكال حقيقي. الآن تظهر المبادرات والنتوءات و عادت جماعة الانقاذ الى طرابلس والسلطة التنفيذية  منقسمة على نفسها، رغم  ان طرابلس قادت  الوفاق عكس الكتلة الشرقية. حفتر هو سيد الموقف في المنطقة الشرقية و البرلمان الذي  لم يتوقف بشكل رسمي وشرعي. انتقلت الوضعية من ديمقراطية الى حكم عسكري، ف8 بلديات منتخبة تمت اقالة رؤسائها وتعيين حكام عسكريين ووصل الامر  برئيس بلدية متتخب ان يطالب، خوفا وفرَقا، حفتر بتعيين عسكري بدل اعنه. استطاع  حفتر أن ان يتحصل على دعم البرلمان و تدخلت الاطراف الدولية تم في اجتماع روما الاخير ب17 دولة ، وتم الاتفاق بقبول شروط المصرف المركزي واوصى بالتعامل مع وزير المالية،  ولكن على الارض لم يقع الانجاز و الواقع السياسي غير قريب للوفاق. حفتر قوة عسكرية ضاربة،و لم تستطع السلطات ان تفرض النظام رغم  الكتائب التي دعت الى الوفاق. اجتماع نقض الوفاق لم يرفض حفتر،  واعتقد ان 70 %من الليبيين يعتبرون الرجل ناجحا  لانه نجح في تركيز فرض  فكرة  جيش مقابل ميليشيات مسلحة. مهدي البرغثي المنشق عن حفتر، صرح بانه يمتلك فقط   5%فقط من ضباط وضباط الجيش ولكنه رجل  قوي  اعلاميا . اذ لم يعتمد البرلمان الحكومة في ديسمبر المقبل،فان البلد سيصير في  فرض  مقاربة جديدة و الكتائب ستصبح اقوى، والمشهد اصعب امنيا   وحينها لايمكن  التدارك .

الدكتور صلاح البكوش:

التحليل السياسي ليس فنا موضوعيا ويتاثر بالمعطيات. ولكن  الخسائر البشرية في ليبيا  حسب جامعة امريكية بلغت  17 الف قتيل، 11 الف منهم قضى نحبه  بعد التحرير وسقوط  نظام القذافي، خسرت اثره الدولة ما يقارب  20 مليار دولار. الحكومة تبحث عن الاستقرار السياسي وسيادة القانون وجودة الحياة التي  انخفضت كليا، والمؤشر الوحيد الذي هو  ارتفاع هو مؤشر المشاركة والمساهمة من البنك الدوليى. نعيش  السنة الرابعة من الانكماش الاقتصادي الكبير،ولكن المفارقة ان عدد الموظفين في الدول وصل مليون و400 الف موظف في بلد لا يتجاوز عدد ساكنيه 6 ملايين نسمة، مقارنة بتونس التي لا يتجاوز فيها عدد الموظفين 617 موظف في بلد ب11 مليون ساكن. المواد الغذائية ارتفع سعرها 31ب% وفقد الدينار 30 بالمائة  من قيمته، والدخل الوطني المحلي  لا يتجاوز  34مليار دولار. منحنى الصراع يبدا من السلم  الدائم الى مرحلة  الحرب،و ليبيا على بعد خطوة واحدة من مرحلة الحرب. اذا حاول حفتر السيطرة على الهلال النفطي،و الصراع الحقيقي في البلد هو  حول التحكم في موارد الدولة. هنالك صراع قبلي بين “التبو” والثوار، وهو  نزاع على التجارة وطرق التهريب،و ظل اهل  الشرق يرددون بانهم  مهمّهشون، واندلع الصراع مرات حول من يتحكم في مصفاة الزاوية النفطية. عوامل السلام في ليبيا  كثيرة، والبلد لا يمتلك اي شخصية قيادية. ليس هنالك شيوخ قبائل وحكماء في المنطقة الشرقية. اعتقد ان  خليفة حفتر  ضحك على المنطقة الشرقية بادعائه   قدرته على مقاومة الارهاب.  وأصحاب المصلحة محليا هم من دفعوا  باتجاه التصويت ضد حكومة الوفاق، ولكن  63 صوت من 189  برلماني لم يكن يعني شيئا لحاكم عسكري. الاتفاق السياسي ميت سريريا  لانه الشيئ الوحيد الذي يريد حفتر  اسقاطه،  وما عدا الدور المصري والاماراتي لم نر شيئا يذكر من دول مغاربية اخرى. تركيا وقطر حاولا ان يقوما بدور ، وفي  التشاد الرئيس دبي اظهر موافقة  على اتفاق الصخيرات ولكن  ابنه هو قائد  جماعة “العدالة والمساواة” التي استولت مع حفتر على الهلال النفطي. الاتفاق السياسي لا ياتي من خارجه ، مجموعة الازمة  يجب ان تتخذ حلا.  و المؤسسة الدينية في الغرب والمؤسسة العسكرية في الشرق اتخذا قرارا  قرارا لاسقاط الاتفاق.  وأخيرا عينت الجامعة العربية “محمد الجمالي”  مندوبا وصف سابقا العقيد القذافي بانه كان يتفنن في القمع ولكن اثر تعيينه مندوبا في صار يتحدث عن ان الربيع العربي خطة ومؤامرة لتقسيم العالم العربي. و بين مشروع حفتر ومشروع دولة مدنية  حقيقية تطرح الاسئلة الكبرى .

 الاستاذ عادل عبد الجليل العقبي :

المشهد متشابك جدا وليبيا تمر بظروف دقيقة جدا وانتشار السلاح زاد من تعميق حالة الانقسام والاحتراب داخل الوطن، بالاضافة الى العامل الخارجي  الذي ساعد في تعميق الازمة  و في تازيم الاوضاع. الانتخابات  سنة  2012جاءت بالمؤتمر الوطني العام في انتخابات نزيهة  بشهادة الجميع. المشكلة اندلعت حين بدات عملية “الكرامة”، واعلن في فبراير 2014 عن  تجميد الاعلان الدستوري وكل المؤسسات الاخرىبدات العملية ببيان تلي  على قناة العربية، ثم صار الهجوم على بنغازي واصطناع عدو وهمي مصطنع تسبب في تهجير 200  الف  ساكن،و  تم استهداف الائمة والدعاة وكل من ناهض عملية الكرامة. كل من ناصر القذافي رجع،  وعاد الوضع في المنطقة الشرقية سيرته الاولى ولا اعتقد بوجود  جيش في المنطقة الشرقية كما ردد البعض. حفتر له  27 ضابطا وفتات جيش،وهو ما اكده  “جابر حجازي” الذي انشق عن عملية الكرامة، وقد صرح  مهدي البرغثي ايضا، وهو من قادة عملية الكرامة والكتيبة  204 دبابات، بان  اغلب جيش حفتر مدنيون ومن هاجم الهلال  هم من المرتزقة، ولكن  والاعلام سوق لوجود جيش، وسيطر  الرجل على المنطقة الشرقية باستثناء مدينة “درنة” حاضرة الجبل الاخضر.  وهي مدينة محاصرة بدعم قبلي والدبابات  هي من تحاصرها وتمنع عنها امدادات الوقود وحليب الاطفال. هي من تواجه مشروع حفتر التوسعي في الجغرافي،  وكان فيها  تنظيم الدولة الذي بقي  منحصرا الان في منطقة “الفتايح”..تقريبا انتهى  تنظيم الدولة  في صبراطة، ان مطمئن لذلك و ولا وجود له في  بنغازي. تواصلت الحرب على الارهاب في “حي الصابري” و”سوق الحوت” و”قنفودة” ليست تحت سيطرة حفتر وتحت امرته بدعم الدعم الاجنبي. صنّف حفتر ثوار بنغازي  على انهم ارهابيين في  انهم هم من يواجه الارهاب، وقدموا  مع ثوار مصراتة 600شهيد في معركة البنيان المرصوص .

المبعوث الخاص لرئاسة الجمهورية التركية في ليبيا ، امر الله ايشلر :

التقيت بالسيد عقيلة صالح و ارسلنا الرسائل  نفسها الى كل الاطراف ، ولكنه صرح   بانه لا توجد ازمة بل طرف شرعي  وآخر غير شرعي. وهذه الفكرة في رايي خطرة على المرحلة وتدل على تصلب سياسي. موقفنا الرسمي في تركيا هو دعم  السلم والاستقرار، ولا نرى ليبيا نفطا وغازا بل اخوة لنا. زرت مدينة ” البيضاء”، وقابلت عبد الله الثني، كان يصف الطرف الآخر بانه طرف ارهابي ايضا ، ولكني تعجبت من قوله   لانه كان يتعامل منذ ثلاثة اشهر مع هذا الطرف الذي يصفه بالارهابي. نحن على مسافة واحدة من الجميع ، ورفضنا التدخل الخارجي على الاراضي الليبية. عرضنا وساطتنا على كل الاطراف ولكن الطرف الرسمي  رفض الوساطة، وكانت لنا جلسات وامضينا سنة كاملة في التفاوض  وصلنا بعدها الى الاتفاق السياسي. حضرنا في اجتماع روما مع 17 دولة ،وحضرنا حفل التوقيع في “الصخيرات ” ايضا . ولكن ما لاحظنا هان هنالك ازدواجية في التصرف في الموضوع،  ولكن لازلنا ندعم الاتفاق السياسي ونريد ان يصل الى مآلاته الاسترتيجية . قمت بزيارة الى طرابلس وكنت اول مبعوث رسمي، وكانت صدرونا مفتوحة وتركيا الى غاية اللحظة مستعدة لكل انواع الدعم. ثم فاجانا الجميع بطلب تغيير 5 مواد من الاتفاق والمادة الثامنة اساسا، وهو ما عطل الامور بعد ان  تصورنا ان الاخوة في ليبيا سينسجون على المنوال في تونس  في تقديم دستور  مدني. البلد يحتاج الى دستور مدني ديمقراطي، والمشكلة في غياب الشخصيات القيادية، وغيابها يعكر المشكلة، و خليفة الغويل يعود الى قصور الرئاسة وتعقدت الامور اكثر . ولكن يبقى الحل معقودا بناصية الجميع  وخاصة الذين يتركون الجوانب الشخصية و يفضلون التركيز على مصلحة الوطن .

الدكتور مسعود اوزجان :

ابعاد الازمة متعددة بالنسبة الينا.  ليبيا في مرحلة التغيير عندما نقارن وضعها  بدول اخرى نرى  ان مصادر الطاقة  فيها جزء هام من المشكلة ،ولكن تبقى  الحلول واردة.  اطراف مختلفة  كثيرة ومراكز نفوذ وقوى عديدة تسيطر على الارضتركيا لديها استثمارات كبيرة في ليبيا وسندعم الاقتصاد الليبي من خلال القروض والبنية التحتية والصحة. خلال السنوات الست الماضية تم تجاوز مشكلات عديدة ،ولكن يبقى  الوصول الى استقرار نهائي امرا صعب. ولكن سيبقى دعمنا مستمرا. انخفاض اسعار النفط والغاز صارت مشكلة حقيقية للاقتصاد التركي، ولكن لا نستطيع تلبية الاحتياجات، وفي ظل عدم وجو حل سياسي فسنواجه مشكلات كثيرة. مطالب التغيير متعددة الآن في بعض النقاط، والواقع والحل هو في  اتفاق الصخيرات الذي  يفتح افقا الحل لسياسي  يحول دون مجموعة من الازمات كالتي وقعت في اليمن وسوريا ومصر. لم تستطع تركيا ان تولي الأهمية المطلوبة لليبيا، وتركيا ستفتح أبواب سفارتها في طرابلس في القريب العاجل. ما انتهينا اليه من خلال التجربة ،هو ان البلد الذي لم توجد فيها بنية سياسية و مؤسسات دستورية عريق تصبح الامور فيه اكثر صعوبة  في مراحل الازمات والانتقال الديمقراطي .

بيريل ديدوغولو الوزيرة التركية السابقة :

ابعاد الازمة متعددة بالنسبة الينا.  ليبيا في مرحلة التغيير عندما نقارن وضعها  بدول اخرى نرى  ان مصادر الطاقة  فيها جزء هام من المشكلة ،ولكن تبقى  الحلول واردة.  اطراف مختلفة  كثيرة ومراكز نفوذ وقوى عديدة تسيطر على الارضتركيا لديها استثمارات كبيرة في ليبيا وسندعم الاقتصاد الليبي من خلال القروض والبنية التحتية والصحة. خلال السنوات الست الماضية تم تجاوز مشكلات عديدة ،ولكن يبقى  الوصول الى استقرار نهائي امرا صعب. ولكن سيبقى دعمنا مستمرا. انخفاض اسعار النفط والغاز صارت مشكلة حقيقية للاقتصاد التركي، ولكن لا نستطيع تلبية الاحتياجات، وفي ظل عدم وجو حل سياسي فسنواجه مشكلات كثيرة. مطالب التغيير متعددة الآن في بعض النقاط، والواقع والحل هو في  اتفاق الصخيرات الذي  يفتح افقا الحل لسياسي  يحول دون مجموعة من الازمات كالتي وقعت في اليمن وسوريا ومصر. لم تستطع تركيا ان تولي الأهمية المطلوبة لليبيا، وتركيا ستفتح أبواب سفارتها في طرابلس في القريب العاجل. ما انتهينا اليه من خلال التجربة ،هو ان البلد الذي لم توجد فيها بنية سياسية و مؤسسات دستورية عريق تصبح الامور فيه اكثر صعوبة  في مراحل الازمات والانتقال الديمقراطي

السفير رضا البوكادي :

 من خلال التدخلات الدولية، ارى ما يحدث ليس هو شان داخلي ليبي. الليبيون اثبتوا قدرة على حل الاشكالات لان المكون الاجتماعي تحكمه أعراف وتقاليد، بالتالي الذي يحصل هو نوع من التدخلات من اطراف متعددة، فيها الجانب السياسي الذي لا يريد ان يستمر الربيع العربي وبل يسعى  الى تعفين الوضع، كما الربيع العربي في ليبيا واليمن وسوريا  ولاستدامة حالة الفوضى والقيام بعمليات مشبوهة. سنة  2013 كانت جملة التقارير تؤشر الى هذا التمزق،  من محاولة بث الفوضى وبدءا بعمليات منظمة بالتصفيات لتقع مبررات  للتدخل  الاجنبي ، ووجدت بلدان اقليمية ضالتها في هذ الفوضى. اعلن حفتر عن  اربع محاولات انقلابية تلفزينونية، لم ينجح فيها، ثم اتخذ من  الشرق  موقعا للصراع على الثروة في ليبيا. النفط الليبي هو الاجود  مع ثروة الغاز، فثاني اكبر حقل غاز في العالم موجود هنالك مما يجعل ليبيا مطمعا لعديد الدول. مصادر  الطاقة تجلب بارونات الحرب ولوردات الحرابة، وستظل دول غربية تتصارع  من اجل الوصول  على اكبر نصيب من الثروة. الى غاية الآن يتوزع الراي حول الثورة والثروة  بين الثورة. ورؤساء اكبر القبائل الشرقية يبدي حالة من الرّهْب من حفتر،وفيهم من بلغ الخوف  مبلغا عظيما. حقيقة حفتر حقيقة دموية متعطشة الى سلطة دون ضوابط. اعتبر ما يقع في ليبيا محاولة لصناعة “سايكس بيكو” جديدةواستدامة حالة الفوضى في  خطر على المنطقة كلها .. الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا وكل دول الضفة الجنوبية للمتوسط .

الباحث جون اجون :

طورت تركيا علاقتها  بدول العالم الثالث  في اطار استقطاب ثنائي زمن الحرب الباردة  بين روسيا وامريكا. ولكن العلاقة التركية المغاربية لم تكن استراتيجية. الميراث العثماني والرؤى القديمة  التي خلقها الاستعمار الفرنسي في الجزائر و تونس جعلت الرؤية غامضة، كانت هنالك مقاربات عدة تتحدث عن وجه مشرق عن الدولة، وآخر  يسوّق ان الدور العثماني  لا يختلف في شيئ عن الدول الاستعمارية. وقع تجاوز كل المقاربات، واصبحت لتركيا رؤية  لمثل هذه العلاقات. وبعد التسعينات، صارت العلاقة الثنائية ذات أبعاد اقتصادية وسياسية. حتى سنوات 2000، كان المغرب بعيدا عنا، وفرنسا  هي التي كانت تتحكم في ليبيا  وبقية المغرب العربيوكل مايقع كانت تتم قراءته  في اطار العلاقة التركية الامريكية. دول الشمال الافريقي الخمس  فيها تيارات سياسية متعددة ،نحن لا  لم نعد نتحدث عن شمال افريقي بل عن مقاربات مختلفة لكل دولة ، الرؤية السياسية صارت عامة، وهذا الامر يعني اقتراب الاستحقاق الاوربي التركي، وموضوعنا مع المغرب العربي، وخلق رؤية في الشمال الافريقي، وهنالك دول من شمال افريقي يمكنها ان تنضم الى الاتحاد الاوربي . نيكوا ساركوزي هو من دفع  بمشروع  دول من  اجل المتوسط،  دافع عنه لسبببين : ابعاد تركيا عن الاتحاد الاوربي، و ابعاد دول شمال افريقيا عن الاتحاد الاوربي ايضا. واصبحت تركيا دولة الجنوب بالنسبة الى الاوربيين.  المشروع لم يزل المشكلات بل خرب العلاقة الاوربية في حوض المتوسط. تركيا تدافع عن رؤية استقلالية في  حل المشكلات الداخلية . والغربيون تركوا السياسة الداعمة للربيع العربي،و كانت لديهم مشكلة مع المنتخبين حقيقة في الشمال الافريقي بعد الربيع العربي .

الدكتور زبير خلف الله :

العلاقات المغربية التركية يجب ان تتجاوز المشاريع المجاملاتية،  فنحن في مرحلة نحتاج فيها الى تصحيح مسار.  هنالك قطيعة وقعت بين الدولة التركية رغم المشتركات،  قطعها الغرب وعمق الهوة بين المنطقتين الشرقيتين وبين الغرب الاسلامي وليس المغرب العربي. الايالات الغربية التابعة للدولة العثمانية تعاملت مع منطقة الغرب الاسلامي على انها وحدة سياسية منقوصة. غابت  الرؤية الحضارية والمسار الحضاري الشامل. تركيا لم تنظر الى المنطقة المغاربية على انها  كيان سياسي موحد وجغرافية متكاملة متسعة الاطراف تحتاج  رؤية استراتيجية في  امتداد جغرافي حقيقي. دولة الاستقلال لم ترسم  رسم خارطة جيوستراتيجية مع تركيااخطات الدولة و لم تكن لها رؤية   مهمة ومركزة  حتى صرنا  امام مازق واختلال الرؤية السياسية. وجماع القول، ان الاختلال كان من الطرفين التركي والمغاربي.. التجربة السياسية بعد 2002 بدات برؤية  قوامها الانفتاح على العالم العربي، ولكن للاسف ظلت تركيا تعمل على ما يمكن ان تكون سوقا تجارية، في المقابل لم نجد في الدولة  الحديثة تتعامل مع هذا الانفتاح. هذا التعاون ظل يحتاج وقتانحتاج جميعا رسم ملامح الاستترايجية. عند  وانطلاق الثورة التونسية وقف الاتراك مع التجربة التونسية والليبية ومع مصر .ولكن الانفتاح لم يكن الا زمن” الترويكا ” فقط،  هم من انفتحوا  وبحثوا عن شركاء جدد في المنطقة . لكن يبدو ان تركيا اليوم بدات تدرك تماما اهمية المنطقة، فالشرق الاوسط منطقة مازومة ومتوترة جدا. الالتفات التركي يبقى منقوصا في ظل ازمة للدول المغاربية، و%80  من الاقتصاد المغاربي  بيد فرنسايجب ان تدفع تركيا الى توحيد المنطقة  مقابل جنوب اوربا، و لان مشروع المغرب العربي مشروع قوة كبرى.

الاستاذ افق اولوطاش :

خلال السنوات الخمس الاخيرة ، قدمت تركيا مجموعة من التجارب وامتيازات للمنطقة المغاربية. عند الحديث عن دول المغرب العربي بدت لنا  مشكلة في كل دوله، المغرب العربي  وسياساته  مختلفة متعددة، ومجموعة من العوامل والخصائص تغير المعطيات في كل مرة. وكانت عملية نجاح الانتقال الديمقراطي في تونس من اولويات السياسة التركية، نعتقد بوجوب سيادة الامن في المنطقة. و دول المغرب العربي فيها بعض المشكلات والمصاعب التي واجهتها تركيا و غياب الاستقرار  كان مانعا من الشراكة الاقتصادية. رمن  سياسة متينة حتى نستطيع الوصول في مرحلة الربيع العربي الى شراكات قوية مع المنطقة. ولكن  عندما تكون هنالك اشكاليات وسياسات متعارضة ومتناقضة يبدو الامر اكثر ارباكا. في ايام السلم يبدو الامر سهلا وهينا، وهو  ما حصل،  وهو بالفعل ما يمكن تسميته بتمنيات تركيا التي تحققت في قلب الشرق الاوسط. ما يمكن فعله هو تحديد الاولويات من امن واستقرار سياسي. التدخل الخارجي في دولنا اثبت ضرره كثيرا بالاضافة الى وجود”داعش” على حدودنا، وصارت لدينا مقاربة امنية فرضت علينا الزيادة في التعاون الامني بين كل البلدان. داعش صارت مشكلة في  تونس وتركيا وغيرها، أما الأولوية الثانية هي الاقتصاد وموضوع السياحة، وانخفاضها في تونس وتركيا يمثلان مشكلة. مجموعة من المشكلات يفرضها الطارئ الامني،  ولكن تبقى تونس من اكبر البلدان التي  يمكن تاسيس شراكة حقيقية معها .

الباحث اسماعيل نعمان ثلجي :  

يبقى الشمال الافريقي بالنسبة الي تركيا منطقة مختلفة تماما عن الشرق الاوسط. والربيع العربي كان فرصة حقيقية لتركيز سياسة شراكة مع القادمين الجدد الى السلطة والمنتخبين من قبل شعوبهم. العلاقات التركية الجزائرية منذ الخمسينيات لم تعرف تطورا كبيرا. وفي سنة 2006 زرنا  الجزائر، وفي عام 2003 ادى  اردوغان  اليها زيارة عندما كان رئيس للوزراء. في الجزائر يوجد  المركز الثقافي التركي، و التاثير والتاثر بين البلدين كان قائما، بالاضافة الى الوشائج الاقصادية فقد بلغ حجم معاملاتنا رقم مليار و150 مليون دولار خلال  25 سنة زار محمد  الخامس تركيا وكذلك  عبد الاله بن كيران واحمد داوود اوغلو الذي رد بزيارة الى المغرب. كانت هنالك مجموعة من الزيارات المتبادلة والحالة مع المغرب عموما  افضل من الجزائر من حيث التعاون الاستراتيجي. وتم افتتاح مركزي ثقافي في المغرب والجزائر . بدات المعاملات برقم 143 مليون دولار وتطورت  الى 2 مليار دولار كلا الدولتين، نما فيها الحجم التجاري بشكل ملحوظ . في الجزائر والشمال  الافريقي يمكن الحديث عن بعض الفرص والعوائق. ان هذه الدول بينها  قواسم الثقافية وستكون عنصرا مساعدا في تطوير العلاقة، فحاليا لدينا   اكثر من 50 اكاديمي جزائري يتعلمون اللغة التركية  ان يشمل الامر أكاديميين من كل   المغرب العربي .

***

عقدت الندوة بالعاصمة تونس (نزل غولدن توليب المشتل) يوم 22 نوفمبر 2016
______________


مواد ذات علاقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *