بقلم عبد الله الجنيد

يقول إقليدس في احدى بديهياته الهندسية: “الأشياء التي تنطبق علي بعضها تكون متساوية، وتؤكد التحولات السياسية في شمال أفريقيا العربي و ليبيا تحديدا منذ الإعلان عن فوز الرئيس المنتخبترامب تلك البديهية أميركيا.

فالتحول السياسي (فوز ترامب) اقتضى تحولات تالية في جملة من السياسات، وأكبرها التحول في موقفها من قيادة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

ففور إعلان السفير الأميركي بيتر ويليام بودي تأييد بلاده للعمليات التي نفذها الجيش الوطني الليبي في تطهير منطقتي قنفودة و القوارشة في بنغازي من تنظيمات إرهابية وأخرى ذات توجهات سياسية غير داعمة للاستقرار السياسي في ليبيا إلا وكان صدى ذلك يتردد أوروبياً .

سألني أحد الأصدقاء عن حجم التحولات الممكنة في شمال أفريقيا، فأجبت بأن ذلك مرهون بتوافق الإرادات الوطنية و تأثرها بالخارجية.

فالموقف الجزائري من أمن شمال افريقيا، في حال تغير موقفها من الملف الصحراوي، قد يكون أحد المحفزات على الاستقرار المنشود.

وكذلك هو الأمر لو رفعت الولايات المتحدة وأطراف دولية أخرى غطاءها السياسي عن تيارات الإسلام السياسيوأكبرها تنظيم الإخوان في ليبيا.

فعدم استقرار ليبيا يعتبر عامل تهديد مباشر لكل جوارها العربي والأفريقي بالإضافة لعموم حوض المتوسط.

فحالة السيولة السياسية في غرب ليبيا والعاصمة طرابلس تحديدا بكل مجالسها وحكومات الإنقاذالصخيراتية منها و الكوبلريةتتفسخ فترجع لحالتها الطبيعية، أي فصائل غير منضبطة بقيادة أمراء حرب ليس إلا.

وجل ما قدمته تلك المجالس و حكوماتها هو انتقال عمليات قوارب الموت من شرق ليبيا إلى غربها بعد بسط السيادة الوطنية في الشرق.

فالموقف الدولي السياسي منه والأخلاقي في ليبيا مفقود، و المبعوث الدولي كوبلر لم يعد مبعوث الأمم المتحدة بل ممثلا لأحجية مبهمة ليبياً، وإلا ما سر استمرار انطلاق قوارب الموت التي وصفتها الامم المتحدة بأقبح اشكال الإتجار بالبشر لمناطق تحت سيطرة اطراف مشاركة في حكومة الوفاق المتبناة أمميا؟

جملة التحديات هذه هي ما ترفض الإرادة الوطنية الليبية الارتهان بها.

فحتى عمليات تطهير سرت من تنظيم داعش يكتنفها الكثير من الإبهام، فهل هي كذلك أم خط فصل سياسيا بين شرق وغرب ليبيا إعدادا لتقسيم ليبيا لاحقاً؟.

لذلك يتعين على كل القوى الليبية الآن النظر إلى قيمة التحولات الداخلية لا الخارجية لإخراج ليبيا من معضلة التشظي السياسي.

فليس نفط ليبيا هو مطمع الجميع فيها، بل بكارة الأرض و مواردها الأخرى بالإضافة لتنوعها الجغرافي وإرثها الانساني. وتلك الثروات، في حال تنميتها استراتيجيا، ستقزم من النفط كمحرك أساسي للاقتصاد الليبي.

فتنوعها الساحلي فقط يكفي لوضعها في مصاف سواحل أوروبا الزرقاء ناهيك عن داخلها. فالاستراتيجيات المستقبلية ستقوم على مفهوم السياسة من خلال التنمية، و الشمال العربي الافريقي يملك أن يتكامل عبر نقل الخبرات أو ادارة برامج التنمية المحلية أو الإقليمية (دول وسط و غرب افريقيا).

إلا أن ذلك سيبقى جسراً بعيد المنال إن تعمقت حالة الدول الفاشلة شمال خط الاستواء.

ولقد كان الملف الليبي مدرجا على جدول قمة المنامة الخليجية، و كذلك دعم المغرب في مسعاه إلى لعب دور قيادي أكبر افريقيا بما يملكه من تجربة وموارد بشرية قادرة على الإسهام في تنمية محيطها العربي والإفريقي.

________________

سكاي نيوز العربية

 

مواد ذات علاقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *