بقلم علاء فاروق

شهدت الساحة الليبية تغيرات جديدة بعدما دخلت فرنسا على خط المحاولات الدولية لحلحلة الملف الليبي المتأزم ونجحت في الجمع بين طرفي أو ممثلي التنازع في البلاد، الطرف السياسي الشرعيويمثله رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج والطرف العسكري ويمثله قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، (البعض يعترض على حصر الأزمة في السراج وحفتر، وتجاهل فاعليين آخرين في الداخل الليبي).

وأكدت المبادرة الفرنسية بخصوص أزمة ليبيا أن الحل ممكنا والحوار هو الأفضل وإبعاد فوهات البنادق هو الأسلم والأنجح..

وتلخصت بنود الاتفاق بين طرفي الأزمة في: توفير الظروف المناسبة لإجراء انتخابات في ليبيا، والسعي لبناء دولة مدنية ديمقراطية، وتفعيل الاتفاق السياسي، وتفادي اللجوء إلى القوة المسلحة في جميع المسائل الخارجة عن نطاق مكافحة الإرهاب“.

وفي قراءة سريعة لهذا اللقاء وما تمخض عنه من بنود نجد الآتي:

اللقاء نفسه كان تتويجا لجهود بذلتها دول إقليمية أخرى وعلى رأسهم الدولة المصرية بخصوص الجمع بين الطرفين والاتفاق، لكن الدور الاقليمي أخفق في الوصول إلى تعهدات حقيقية من الطرفين لميول مصر والإمارات إلى جانب كفة حفترومحاولة فرضه على المشهد بأي طريقة، لكن جهود اللجنة المصرية التي يرأسها الفريق محمود حجازي كان لها دور كبير في تقريب وجهات النظر.

اتفاق الطرفين على إجراء الانتخابات في البلاد، يؤكد أن الجميع انتهوا إلى أن الطريقة والآلية الصحيحة لمحاولة الوصول إلى الحكم في ليبيا هي صناديق الاقتراع وفقط، بعيدا عن الحسمالعسكري أو استعراض القوة سواء السياسية بزعم الشرعية الدوليةأو العسكرية بحجة محاربة الإرهاب أو الدعم الإقليمي.

الاتفاق على مدنية الدولة واحترام حقوق الانسان، يشير إلى إبعاد أي حلول عسكرية أو فرض أيدلوجية دينية على الليبيين.

تفعيل الاتفاق السياسي أقوى رد على من وصفوا لقاء السراج بحفتر أنه انقلاب من الأول على اتفاق الصخيرات، لكن الأمر لا يزال فضفاضا كونهم لم يقولوا ما آلية تفعيل الاتفاق، خاصة أن حفترهو أكبر معرقلي تفعيل هذا الاتفاق.

التأكيد على استبعاد استخدام القوة من أي طرف لفرض نفسه أو استهداف خصمه، إشارة جيدة إلى أن الحوار والتفاوض ربما سيقودان المرحلة المقبلة.
لكن تبقى كل هذه التعهدات حبرا فقط ما لم يؤكدها الواقع على الأرض، ورغم أنه يبدو أن المجتمع الدولي بواجهة جديدة هي فرنسا يصر على حل الأزمة فعليا، لكن ضمان ذلك والتزام كل طرف به هو ما سيؤكد نجاح مبادرة باريس أو فشلها؟

ويبقى التحدي الأكبر إقناع كل طرف لمؤيديه أو من يدورون في فلكه بهذه التعهدات،

فالسراج مطالب بإقناع مجلسه الرئاسي الذي يعترض بعضه على وجود حفتر في المشهد، بل ويعارض قرارات السراج نفسه، وكذلك قدرته على إقناع مؤيديه المسلحين بقبول هذه البنود ومساعدته على تنفيذها.

أما المشير حفتر، فالتحدي أكبر، كونه مطالب بإيقاف كامل لأي عمليات عسكرية إلا ما يزعم أنها محاربة للإرهاب، الذي يظل غامضا في ليبيا حتى الآن، ومطالب أيضا بإقناع مؤيديه من الساسة وعلى رأسهم رئيس البرلمان عقيلة صالح بمخرجات اللقاء، وعليه أيضا التواصل مع داعميه في الخارج، خاصة النظام المصري ونظام محمد بن زايد، وإقناعهم بضرورة الحوار بعيدا عن القوة العسكرية

كل هذه تعهدات يعقبها تكهنات..

لكن الواقع أصعب وأكثر تعقيدا مما نعتقد، لذا يظل الرهان على الداخل الليبي في حماية هكذا حلول سلمية أو بقاء الوضع على ما هو عليه.

***

علاء فاروق ـ كاتب وباحث سياسي

________

مواد ذات علاقة