بقلم عبد الله الكبير

التقت السفيرة الفرنسية في ليبيا بياتريس دو هيلين مؤخرا مع ثلاثة أعضاء في المجلس الأعلى للدولة للتباحث وتبادل وجهات النظر في تطورات الأزمة السياسية الليبية، وحسب المصادر الإعلامية فقد أكدت السفيرة على (النقاط التالية):

ـ ضرورة التنسيق بين السراج وحفتر لتجنب أي صراع ممكن أن يحدث،

ـ وعبرت عن غموض المؤتمر الجامع ،

ـ ورأت أن الحل يكون بانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة،

ـ وتحدثت عن تعديل خطة المبعوث الأممي غسان سلامة للمؤتمر الجامع لأنها لم تحظ بدعم محلي ولا دولي.

أما الأعضاء الثلاثة فقد أكدوا على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بقاعدة دستورية متوافق عليها، وتوحيد القوات المسلحة.

ولم تذكر المصادر أي تعليق أو رد لهم على حديث السفيرة بخصوص المؤتمر الجامع والتنسيق بين حفتر والسراج، لذا لا نعرف هل هم موافقون على ما صرحت به واكتفوا بالتعبير عن هذه الموافقة بهز الرأس، أم أنهم، أو أحدهم على الأقل جادلها وقال لها ما ينبغي أن يقال ردا على طرحها، وهو طرح بلا ريب يعبر عن موقف حكومتها من الأزمة الليبية.

قبل الخوض في الرد على تصريحات السفيرة لابد أن نبين أننا لا نعرف ..

لمَ تم اللقاء مع هؤلاء الثلاثة دون غيرهم من أعضاء المجلس؟

هل لأنهم الأقرب للرؤية الفرنسية ؟ أم لأنهم يمثلون الكتل الأكبر في المجلس؟ أم أن الاختيار جرى بالقرعة؟

ولا نعرف أيضا هل تم اللقاء بعلم رئاسة المجلس وبقية الأعضاء ام لا ؟

في كل الأحوال، كان ينبغي أن تسمع السفيرة الرد التالي على ما طرحته.

سعادة السفيرة، ليس ثمة أي غموض في المؤتمر الوطني الجامع، إذ ستلتقي شخصيات ليبية من كل الاتجاهات السياسية والمناطقية للتشاور حول أفضل السبل للخروج من حالة الإنسداد السائدة عبر الانتخابات، وفي التفاصيل سيكون هناك حوار وجدل حول الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ثم يتخذون قراراتهم بالإجماع أو بالأغلبية ويسطرون وثيقة بما اتفقوا عليه وتحال لمجلس الأمن لاعتمادها وتقديم ما يلزم من دعم لتنفيذها. فما الغامض في الأمر؟

أما موضوع تعديل خطة سلامة لأنها لم تحصل على دعم محلى ولا دولي، فما نعرفه أن سلامة عرض خطته أمام مجلس الأمن ونالت موافقة كل الأعضاء بمن فيهم فرنسا، ونعرف أنها لم تؤيد من بعض الأطراف المحلية لأن هذه الأطراف تدرك أن المؤتمر الجامع سيطيح بها من مواقعها التي تتبوأها الأن ومن ثم فهي لن تدعم أي خطة أو وسيلة إلا التي تضمن لها الاستمرار في مناصبها.

ولم نر السيد سلامة يعلن عن أي تعديل لخطته في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، بل تحدث قبل يومين لفضائية ليبية وأكد على انعقاد المؤتمر الوطني الجامع من دون الإشارة إلي تعديلات.

وعن ضرورة التنسيق بين حفتر والسراج فهذا مطلب يفترض أن تطالبوا به حفتر قبل أن يتحرك عسكريا في الجنوب، فعلاقتكم به قوية ومتينة عُمّدت بالدم زمن الرئيس السابق هولاند، ولكن حكومتكم بَارَكْت هذا التحرك ومنحته الغطاء الدولي و ساندته عسكريا بقصف الطيران الحربي الفرنسي بالقرب من مواقع عمليات حفتر العسكرية.

سعادة السفيرة، لا يصح اختزال المشكلة والحل في ليبيا في التنسيق بين شخصين، الأزمة أبعد عمقا من هذا الاختزال، وما يزيدها تأزما هو محاولات بعض الدول بشكل منفرد الهيمنة علي ملف الأزمة، وفرض رؤيتهم للحل بما يحقق مصالحهم من دون أي اعتبار للأطراف الدولية الأخرى التي لها أيضا مصالحها في ليبيا، ولن تقف متفرجة على هذه المحاولات المنفردة والمتصادمة غالبا مع الخطة الأممية التي نعتقد أنها تراعي مصالح كافة الدول.

لذلك نأمل أن تقف فرنسا كدولة كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن مع الخطة الأممية وأن تكون سياساتها ومواقفها في ليبيا منسجمة مع القرارات الدولية ومع ما يصرح به قادتها بأنه لا حل عسكري للأزمة وأنهم يعترفون بالاتفاق السياسي والأجسام المنبثقة عنه، ولا يعترفون بما يخالفه.

***

عبد الله الكبير/ كاتب ليبي

___________

مواد ذات علاقة