مر ما يقارب الشهرين منذ زحف المشير خليفة حفتر بقوات الجيش الوطني الليبي إلى طرابلس، تحت قيادته، محاولًا الاستيلاء على العاصمة، من قاعدته في شرق ليبيا.

الجزء الثاني

احتمالات ضئيلة لوقف إطلاق النار

حسبما أفاد تقرير المنظمة، تجاهل الطرفان دعاوى الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وعددٍ من الدول الأعضاء فيه لوقف أعمال العنف، لثقة كلٍّ منهما بامتلاكه الإمكانات اللازمة للفوز بالحرب.

ومن جانبها رفضت السلطات الطرابلسية وقف إطلاق النار طالما ظل الجيش الوطني الليبي على مقربةٍ من العاصمة، واعتبرت انسحابه الكامل غير المشروط مطلبًا لا غنى عنه لمجرد النظر في الأمر.

وتعد السلطات الطرابلسية أيضًا تقدم قوات حفتر نحو العاصمة انتهاكًا للقانون الدولي، وعملًا عدوانيًّا غرضه الوحيد هو تمكين الأخير من الاستيلاء على البلاد، وفرض الحكم العسكري، وإعادة ليبيا إلى الحكم الاستبدادي الذي ساد في عصر القذافي.

وترى أنَّ وقف إطلاق النار وفقًا للأوضاع القتالية الحالية، ودون ضماناتٍ بأنَّ حفتر سيحترمه، هو بمثابة فترة تستريح فيها قواته وتعيد التعبئة، قبل أن تستأنف هجومها على قوات حكومة الوفاق الوطني والعاصمة.

وأضاف التقرير أنَّ قوات حفتر من جانبها لم تبدِ اهتمامًا حتى بتحديد شروطٍ لوقف إطلاق النار.

وعلى الرغم من النكسات التي عانت منها على ضواحي طرابلس، حث حفتر قواته على المضي في التقدم نحو العاصمة خلال شهر رمضان.

وبدا بعض مؤيدي الجيش الوطني الليبي على اقتناعٍ بأنَّ حفتر قد حدد يوم 20 من شهر رمضان، والذي وافق 25 مايو الماضي، لدخول العاصمة، فهو يومٌ له رمزية إسلامية؛ إذ يوافق يوم فتح مكة، وذكره حفتر في خطابٍ ألقاه يوم 4 أبريل الماضي.

لكن يظل استيلاء قوات حفتر على طرابلس أمرًا مُستبعدًا، نظرًا إلى قوة أعدائه التي بدت إلى هذه اللحظة.

أما الداعمون لقوات حفتر، بما فيهم الحكومة الشرقية التي لا تحظى باعترافٍ دولي، فيقولون إنَّها عملية ضرورية من أجل «تحرير» طرابلس من الجماعات المُسلحة، التي يصفونها «بالإرهابية» أو «المتطرفة»، و«تخليص» أجهزة الدولة الليبية من أصفاد حكم الميليشيات، التي يرون أنَّ فايز السراج رئيس الوزراء المقيم في طرابلس ضحيةً لها.

ويقولون إنَّ إعادة بدء العملية السياسية لن يكون ممكنًا إلا بعد استيلائهم على العاصمة.

لكنَّ المشكلة وفقًا للمنظمة تكمن في أنَّه بتحديد مطالب مغالى فيها، ونظرًا إلى التوازن النسبي بين القوى، فكلا الطرفين يعززان فرص تحول الصراع إلى حربٍ طويلة الأمد ودموية، يتحتم فيها التدخل الأجنبي.

هذا والتصريحات المخادعة عن النصر الوشيك، و«الحرب على الإرهاب» بالنسبة لقوات حفتر، من شأنها أن تشجع الداعمين الخارجيين لكلا الطرفين على استمرار تزويدهما بالمعدات العسكرية والذخيرة والأموال للدفع بهما إلى النصر.

تعتمد قوات حفتر اعتمادًا أساسيًّا وليس حصريًّاعلى الدعم المصري والإماراتي والسعودي. إذ يبدو أنَّ المزاعم القائلة بأنَّ الإسلاميين قد تسللوا إلى صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني تحديدًا قد لمست وترًا حساسًا.

وبحسب تقرير المنظمة، قال أنور قرقاش وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجية: «هناك ميليشيات عدة تحارب هناك في طرابلس، ولكلٍّ منها أهداف مختلفة، وتخيفنا بعض الميليشيات التي تحارب مع حكومة الوفاق الوطني».

لكن على الجانب الآخر، تستغل القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني مساعدات تركيا وقطر للتأكد من عدم وقوع ليبيا في أيدي حفتر؛ أي في أيدي أعداء أنقرة والدوحة الإقليميين.

وبهذا فإنَّ المحصلة النهائية في رأي المنظمة ستكون حربًا بالوكالة، تعكس تصدعًا جيوسياسيًّا رئيسيًّا في منطقة الخليج، بلا فائزٍ مضمون.

ومع مرور الوقت، قد تتحول الحرب إلى صراعٍ متعدد الجوانب، يشمل الصراع على الموارد المالية، لا سيما إذا فرضت قوات حفتر المُقيدة باحتياجها إلى المالنفوذها على الجزء الأكبر من البنية التحتية الليبية للغاز والنفط، لضمان إمكانية وصولها إلى أموال الدولة، التي تفتقر إليها حاليًا.

وأشارت المنظمة في هذا الصدد إلى أنَّها تتفق مع ما قاله غسان سلامة، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، في خطابه المثير للانتباه أمام مجلس الأمن: «ليس هناك حلٌّ عسكري لليبيا.

وليست هذه عبارة مبتذلة، بل واقعًا، الآن هو الوقت المناسب ليفتح هؤلاء الذين ساورهم هذا الوهم أعينهم، ويتكيفوا مع هذا الواقع».

يتبع

_____________

مواد ذات علاقة