إعداد مايكل يونغ

مطالعة دورية لخبراء حول قضايا تتعلق بسياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومسائل الأمن.

.

***

عماد الدين بادي ـ باحث غير مقيم في برنامج مكافحة الإرهاب والتطرّف في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة

من الواضح أن اللاعبين الأساسيين الذين أذكوا نيران الحرب خلال الأشهر الأخيرة، ينوون الآن مواجهة بعضهم البعض عسكرياً في ليبيا. فقد أقدمت تركيا على تفريغ العديد من سفن الشحن المُحمّلة بأسلحة ثقيلة في غرب ليبيا، ونقلت أكثر من 100 طائرة شحن إماراتية آلاف الأطنان من المعدات العسكرية إلى قوات المشير خليفة حفتر شرقي ليبيا.

تسارعت هذه التطوّرات بُعيد مؤتمر برلين في كانون الثاني/يناير 2020، ما سلّط الضوء على أن التعهّدات المنمّقة الصادرة عن دول معيّنة في الاجتماع كان تفي أفضل الأحوال غير صادقة.

حتى إن اقتراح الاتحاد الأوروبي فرض حظر على الأسلحة في ليبيا بعد مؤتمر برلين كان فاتراً ويفتقد إلى الحماسة. فمن جهة، ستؤثر البعثة البحرية التي اقترح الاتحاد تكليفها بمراقبة تطبيق حظر الأسلحة في ليبيا بشكل غير متناسب على ثنائي حكومة الوفاق الوطني وتركيا، ما يرجح الكفة لصالح حفتر وداعميه.

ومن جهة أخرى، يشير واقع أن البعثة المقترحة فشلت في إنقاذ المهاجرين الساعين إلى بلوغ أوروبا عبر البحر، أن الرغبة في تطبيق حظر الأسلحة قد تجاوزتها رغبة بعض الدول الأوروبية في احتواء تدفقات المهاجرين من ليبيا.

والمفارقة أن نهج اللامبالاة هذا سيتسبب بفشل أوروبا في كلا المسعيين. وعليه، أعتقد للأسف أننا نسير على غير هُدى نحو تصعيد غير مسبوق في ليبيا.

***

سيلفيا كولومبو ـ مديرة برنامج السياسة الأجنبية لإيطاليا في معهد الشؤون الدولية، وباحثة بارزة في برنامج شؤون منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط في المعهد نفسه

بعد مرور أكثر من تسع سنوات على غرق ليبيا في مستنقع الصراع، وعلى الأقل ثلاث جولات من أعمال القتال، من المرجّح أن تبقى وتيرة النزاع في البلاد متدنية، لكنها ستترافق مع تأثيرات مزعزعة للاستقرار بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة.

لن تتمكّن جهود الوساطة التي يبذلها أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين من تحقيق نتائج ملموسة، إذ إن الحوافز ليست كبيرة بما يكفي لتفادي تقويض نتائج المفاوضات الخجولة أساساً (على سبيل المثال حظر الأسلحة الذي جرى الاتفاق عليه في مؤتمر برلين في كانون الثاني/يناير 2020).

وعليه، ستسود الفوضى والانفلات الأمني والأنظمة المتنافسة. في غضون ذلك، ستؤدي محاولات الاتحاد الأوروبي المحتملة لمساندة مهمة البعثة البحرية التي أُعلن عنها مؤخراً من أجل فرض حظر الأسلحة، إلى استنزاف قدر كبير من الموارد من دون تحقيق النتائج المتوقّعة.

أما على الأرض، فمن المتوقّع أن تتفاقم المعاناة الإنسانية، التي كانت تقتصر سابقاً على المهاجرين، نظراً إلى ارتفاع معدلات النزوح والفقر والانقسام. ومع استمرار النزاع، يشهد الليبيون انهيار الضوابط الأخلاقية، ويشكّكون في الجهات التي يُفترض بها حمايتهم، ويفقدون شيئاً فشيئاً الأمل بالمستقبل.

***

جلال حرشاوي ـ باحث في وحدة الأبحاث حول النزاعات في معهد كلينغندايل للعلاقات الدولية في لاهاي

هجوم المشير خليفة حفتر المدمّر إنما غير الفعّال على طرابلس، والذي طال أمده، مكّن تركيا، الخصم الإيديولوجي للإمارات العربية المتحدة، من توسيع وجودها في غرب ليبيا على نحو أكبر وأكثر تأثيراً مما كان عليه قبل بدء عمليته في نيسان/أبريل 2019.

والآن، سيواصل حفتر والدول التي تدعمه خنق طرابلس لضمان أن تصبح أقل إفادة لتركيا.

فالحظر على تصدير النفط الذي فرضه المعسكر التابع لحفتر أدّى إلى خسائر بلغت 50 مليون دولار يومياً منذ منتصف كانون الثاني/يناير، ما هو إلا جانب واحد من حملة أوسع هدفها الضغط على مصرف ليبيا المركزي.

إذن، ستزداد معاناة المدنيين في العاصمة، فيما تصبح النيران غير الدقيقة للقوات المسلحة العربية الليبية التابعة لحفتر باطّراد جزءاً من الروتين اليومي.

في 18 شباط/فبراير، قصفت القوات المسلحة الليبية ميناء طرابلس مُستهدفةً سفينة تركية كانت تنقل مقاتلين سوريين، وذخائر، وأسلحة. وقد سقطت القذائف التي أطلقتها القوات المسلحة الليبية بالقرب من ناقلة محمّلة بالغاز. تشكّل هذه الحادثة، التي كانت ستودي بحياة المئات من الأبرياء، خير دليل على المضايقات التي قد يعانيها الليبيون في العام 2020.

لابدّ من الإضاءة أيضاً على سيناريو محتمل للغاية، يتمثّل في أن تنجح القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني والبعثة التركية في طرد القوات المسلحة الليبية من إقليم طرابلس.

ريثما يحدث ذلك، قد يغالي حفتر وداعموه الخارجيون باستخدام القوة في محاولةٍ جديدة وموسّعة للدخول إلى قلب العاصمة طرابلس. وستفضي هذه المحاولة إلى المزيد من الموت والدمار.

***

تيم إيتون ـ زميل في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي للشئون الدولية (تشاتام هاوس)، لندن

الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الحرب الأهلية الليبية الثالثة في عقد أصابها الوهن.

فالحظر على الأسلحة لايزال يُنتهك من دون حساب. كما أن البشر لايزالون يتدفقون إلى البلاد، وكذلك السلاح وموادّ أخرى. لكن إجراءات الاتحاد الأوروبي الرامية إلى فرض حصار بحري ستؤثّر في حكومة الوفاق الوطني التي تتّخذ من طرابلس مقرّاً لها، لأن المساعدات تصلها من تركيا عبر البحر.

لذا، ولكي يكون الحصار فعّالاً، يجب أيضاً إيجاد طريقة لوقف الدعم المقدّم برّاً وجوّاً إلى القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر.

تتوقع الجهات الفاعلة الليبية تصعيد النزاع على مدى الأشهر المقبلة، مع بدء استخدام هذه الموارد الجديدة. فالمطالب التي أطلقها حفتر مؤخراً بانسحاب القوات التركية والليبية وتصفية المجموعات الإرهابيةقبل التفاوض بشأن أي عملية وقفٍ لإطلاق النار، تُعتبر خير دليل على التزامه مواصلة المسار العسكري.

في غضون ذلك، إن إصرار حكومة الوفاق الوطني على انسحاب قوات حفتر، ولو جزئياً، من طرابلس مقابل وقف إطلاق النار، يبدو صعب التحقيق في ظل الظروف الراهنة.

واقع الحال أن امتداد الصراع ليشمل المجال الاقتصادي زاد الأمور سوءاً بسبب استمرار الحظر النفطي في المنطقة الخاضعة إلى سيطرة حكومة الوفاق الوطني، ما قد يدفع طرابلس إلى اتخاذ إجراءات مضادة (مثل التوقف عن دفع الرواتب) قد تفكّك النظام القائم على التبعية المتبادلة.

حتى الآن، كانت علاقة التبعية المتبادلة ممكنة لأن القوات المسلحة الليبية تسيطر على البنى التحتية المرتبطة بالنفط والغاز، فيما حكومة الوفاق الوطني تسيطر على سُبل توزيع إيرادات النفط والغاز.

إذن، تواجه المؤسسات الليبية باطّراد صعوبة في العمل وطنياً بسبب الانقسامات على مستوى الحوكمة.

***

مايكل يونغ ـ محرر ديوانومحرر أول في مركز كارنيجيللشرق الأوسط

__________

مواد ذات علاقة