أسباب إعلان المُشيرتسيير شؤون البلاد وتداعيات قراره

 في خطوة وصفها بأنها استجابة لمطالب الشعب، أعلن المشير خليفة حفتر، قائد ما يعرف بـ الجيش الوطني الليبي، تولّيه إدارة شؤون البلاد كحاكم عسكري، وإلغاء اتفاق الصخيرات الذي شُكلت بموجبه حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً ممثلة شرعية لليبيا.

وقال حفتر في كلمة متلفزة، في 27 نيسان/أبريل، إن هذه القرارات جاءت استجابة لطلب الشعب إلى القيادة العامة تسيير شؤون البلاد، مشيراً إلى أن الجيش سيستكمل مسيرته في القضاء على الإرهاب (!)، وحماية حقوق الليبيين (!)، وتهيئة الظروف لبناء دولة مدنية (!) مستقرة.

وسبق أن دعا حفتر الشعب إلى تكليف المؤسسة المؤهلة” (المكونة من ميليشيات ومرتزقة ومجرمين) إدارة شؤون البلاد وفق إعلان دستوري يصدر عنها ويُمهّد لبناء الدولة المدنية.

وعلى الرغم من إعلانه إدارة شؤون البلاد، فإن قواته تسيطر على شرق البلاد فحسب، ولا تزال نخوض معارك عنيفة في غرب ليبيا للسيطرة على العاصمة طرابلس وعدة مدن أخرى، منها مصراتة التي تحكمها حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج.

مسرحية هزلية

بدورها، وصفت حكومة الوفاق إعلان حفتر بأنه مسرحية هزلية يُعلن فيها المتمرد (حفتر) انقلاباً جديداً يُضاف إلى سلسلة انقلاباته التي بدأت قبل سنوات“.

وأشارت إلى أن إعلان حفتر انقلاب على الأجسام السياسية الموازية التي تدعمه (مجلس نواب)، والتي عيّنته قائداً للجيش، وبذلك لم يعد في مقدور أحد أو أي دولة التبجح بشرعيته بأي حجة كانت“.

ويُعتبر حفتر أن الجيش الوطني الليبي، بقيادة حفتر، القوة العسكرية الشرعية في البلاد، بعدما حصل على تفويض من البرلمان المنتخب، والذي يعقد جلساته في مدينة طبرق شرق البلاد. ولم يصدر عن هذا البرلمان أي تعليق على ما أعلنه حفتر.

ودعت حكومة الوفاق أعضاء البرلمان في شرق ليبيا إلى الالتحاق بزملائهم في طرابلس، لنبدأ الحوار الشامل ويستمر المسار الديمقراطي وصولاً إلى حل دائم عبر صناديق الاقتراع“.

وأوضحت أن حفتر استبق مطالب متوقعة بمحاسبته لمغامرته الفاشلة، التي لم تحقق شيئاً سوى مقتل وإصابة ونزوح مئات الآلاف، وتدمير الكثير من مقدرات الوطن“.

وأعربت السفارة الأمريكية في ليبيا عن أسفها لاقتراح حفتر أن التغييرات في الهيكل السياسي الليبي يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب“.

ووصف مصدر في الخارجية الروسية إعلان حفتر بتولي الجيش قيادة ليبيا بـالأمر المفاجئ“. ونقلت وكالة الأنباء الروسية سبوتنيكعن المصدر نفسه قوله إن روسيا تجد ادعاءات قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر بتولي الجيش قيادة البلاد أمراً مفاجئاً، وتصر روسيا على أن الأزمة لا يمكن حلها عسكرياً“.

واعتبرت المفوضية الأوروبية أن قرار حفتر إسقاط اتفاق الصخيرات تصرف أحادي الجانب غير مقبول ولن يؤدي إلى أي نتيجة“.

هل انقلب حفتر على مجلس النواب؟

في كلمته، أعلن حفتر قبول تكليف الشعب للقيادة العامة التي يترأسها إدارة شؤون البلاد.

ووفقاً للبرلمان الليبي، فإن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح هو القائد الأعلى للجيش الليبي، فيما يشغل حفتر منصب القائد العام.

وكان صالح قد أعلن الأسبوع الماضي مبادرة سياسية من ثماني نقاط ترتكز على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية الحالية المنبثقة من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات وإعادة اختيار أعضائها، وعلى الأقاليم التاريخية الثلاثة برقة وطرابلس وفزان، فضلاً عن إعادة كتابة الدستور مع استمرار مجلس النواب الليبي إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة.

وعليه، عدّ بضعة محللين إعلان حفتر انقلاباً على قائده الأعلى (صالح) وعلى المبادرة التي طرحها الأخير من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد.

في حديث إلى رصيف22، قال الباحث المختص في الشأن الليبي محمد الجارح إن الصدام بين حفتر وصالح قائم، وإن هناك جهوداً حثيثة للوساطة من أجل إيجاد توافق وتخريجة معينة مرضية للطرفين“.

وأشار الجارح إلى أن إحدى الأفكار المطروحة هي إنشاء مجلس مدنيعسكري للحكم في شرق ليبيا، لافتاً إلى أن حفتر يحتاج إلى شرعية عقيلة الديمقراطية والدولية.

ولفت الجارح إلى أن حفتر يتحرك الآن لسببين، الأول ضعف موقفه العسكري في طرابلس بسبب التدخل التركي المباشر ضد قواته، والثاني تخوفه من دخول حلفائه في الشرق ممثلين في صالح ومجلس النواب مناورات ومحادثات سياسية مع المجتمع الدولي وبعض الأطراف في العاصمة لإيجاد تسوية سياسية يرى حفتر أنها لن تخدم مشروعه للسيطرة على الحكم.

وقال المحلل السياسي الليبي عماد الدين بادي إنه يعتقد أن إعلان حفتر رد فعل على النكسات العسكرية التي تعرّض لها أخيراً، على الرغم من أن الحرب لن تتوقف بين عشية وضحاها.

وكتب بادي في تغريدة: “لا يزال مؤيدو حفتر في الداخل منخرطين في العملية السياسية في ليبيا، لذلك مضى في هذه الخطوة لإجبارهم على وضعه في الاعتبار في كل ما يخططون له“.

وغرّد الصحافي المختص في الشأن الليبي محمد علي: “فعلياً لم يكن عقيلة صالح سوى غطاء لشرعنة القيادة العامة وطرف غير فاعل على الأرض. وأعتقد أن إعلان حفتر هو اختصار الطريق وتجنب خلق دوائر غير فاعلة لأي مفاوضات محتملة مستقبلاً“.

ماذا عن حلفاء حفتر في الخارج؟

لم تصدر عن الإمارات ومصر اللتين يتم وصفهما بأنهما من أشد داعمي حفتر، بيانات أو تصريحات رسمية حتى الآن بشأن هذه القرارات.

إلا أن النائب في البرلمان المصري مصطفى بكري غرّد مطالباً جامعة الدول العربية بالاعتراف فوراً بالمجلس العسكري الليبي حاكماً للبلاد.

وكتب بكري المعروف بقربه من دوائر صنع القرار المصرية في تغريدة: “مطلوب من الجامعة العربية وكل أحرار العالم الاعتراف الفوري بالمجلس العسكري الليبي لقيادة البلاد وإعادة بناء الدولة بعد إسقاط الاتفاق السياسي وتكليف حفتر إعادة بناء الدولة وتحرير ما تبقى من التراب الوطني وإسقاط الخونة والمتآمرين“.

وقال الجارح إن هناك أيْدياً لحفتر في الدول الداعمة له، وهي مصر والإمارات وروسيا، وراء إصدار هذه القرارات التي جرى إعلانها.

وتوقع أن تصدر هذه الدول بيانات من وزارات الخارجية تقول فيها إنها فوجئت بتلك القرارات، لكنها في حقيقة الأمر على علم بما جرى ولها يد فيه.

وأضاف الجارح أن هذه الدول تُفضّل أن يعمل حفتر وصالح معاً، لأنها لا تريد صراعاً بينهما.

_____________

مواد ذات علاقة