فقد الحلفاء الدوليين والدعم القبلي .. وهكذا أصبح منبوذا

قالت صحيفة لوموندالفرنسية، إن تراكم هزائم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في طرابلس، يؤكد صعود تركيا في المنطقة، مشيرة إلى أن خسارة قاعدة الوطية الجوية وبقية المدن ستؤثر على التوازنات الإستراتيجية في شمال غرب ليبيا وأن الصراع قد يمتد إلى محيط حقول النفط في جنوب البلاد.

وبحسب الكاتب فريديريك بوبان، فإن خسارة خليفة حفتر هذه القاعدة العسكرية، يوم 18 مايو/ أيار 2020، يؤكد تحول الهجوم الذي شنه المشير المنشق في أبريل/ نيسان 2019 ضد حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها.

وقال: إن هذه الانتكاسة الجديدة، التي تضاف إلى طرد القوات الموالية لحفتر، في منتصف أبريل/ نيسان 2020، من المناطق الساحلية في صبراتة وصرمان، الواقعة على بعد أقل من 70 كم من العاصمة، توضح قبل كل شيء، الفعالية المتزايدة للدعم العسكري الذي يقدمه الأتراك لفائز السراج (رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دوليا).

وأضاف: “بعد أن ضعفت بشدة في نهاية العام بسبب قوة نيران الجيش التابع لحفتر، والمدعوم عسكريا وماليا بوفرة من قبل تحالف من الرعاة الأجانب الإمارات والأردن ومصر والسعودية وروسيا تمكنت قوات حكومة طرابلس من استعادة عنصر القوة بفضل الدعم غير المسبوق من أنقرة“.

وأشار إلى أن الأتراك عملوا على تثبيت مجموعة من الدفاعات المضادة للطائرات في طرابلس إضافة إلى إمداد قوات حكومة الوفاق بجيل جديد من الطائرات بدون طيار من بينها Anka-S، مما سمح لهذه القوات باستعادة السيطرة على الجو.

ونوه بوبان بأن مساعدة الأتراك لحكومة السراج هي نتاج اتفاق أمني وبحري وقع في نهاية نوفمبر/ تشرين ثاني 2019 بين أنقرة وطرابلس، في فترة حرجة بدا فيها السراج عاجزا في مواجهة الضربات القاتلة التي ألحقها المرتزقة الروس فاجنرالموالون لحفتر في جيوب عدة بالعاصمة، وفي وقت بدت فيه حكومة الوفاق معزولة على الساحة الدولية رغم الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة.

ضربة قاصمة

ورأى أن استعادة السيطرة على القاعدة الجديدة يشير إلى أن ميزان القوى قد انعكس، حيث قال فائز السراج: “بكل فخر وشرف، نعلن استعادة قاعدة الوطية من قبضة الميليشيات الإجرامية والمرتزقة الإرهابيين (المؤيدون لحفتر)”.

وأوضح أن استعادة هذه القاعدة رمزي من عدة نواحي كثيرة:

أولا أنها كانت الجيب العسكري الوحيد لحفتر في طرابلس قبل شن هجومه على العاصمة في أبريل/ نيسان 2019، إذ استولى عليها المشير خلال الحرب الأهلية في صيف 2014 بفضل الحلفاء المحليين للزنتان، وهي مدينة قوية في هذه المنطقة بجبل نفوسة القريبة من الحدود التونسية“.

وثانيا هو أن ظروف استعادتها توضح، كحالة نموذجية، البيانات العسكرية الجديدة في هذه المنطقة الواقعة غرب ليبيا، حيث جرى تدمير حاملتي نظام من طراز بانتسير الروسي المضاد للطائرات تم تسليمها حديثا للقاعدة، من خلال طائرات تركية بدون طيار، في سيناريو أصبح معتادا الآن.

وثالثا، يقول بوبان: فإن اللعبة القبلية حول الوطية، حيث القوات المحلية الموالية لحفتر من الزنتان كانوا على اتصال دائم مع آخرين من نفس المنطقة مؤيدين للسراج، وهو ما يؤكد أن النشاط المجتمعي توقف عن اللعب لصالح المشير كما في صيف 2014.

كما اعتبر الكاتب أن هذه الحلقة ستؤثر على التوازنات الإستراتيجية في طرابلس وربما أكثر من ذلك، فقد تكون الخطوة التالية هجوم مضاد من قبل قوات حكومة الوفاق على ترهونة، وهي بلدة تقع جنوب شرق طرابلس لا تزال تحت سيطرة حفتر ولكن الخناق حولها يضيق بالفعل.

ويقول طارق المجريسي، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية: إن خسارة الوطية ضربة قاصمة لحفتر لأنه سيحاول البقاء في طرابلس والدفاع عن ترهونة.

وأضاف: “سيتمكن الأتراك، الذين تقع دفاعاتهم المضادة للطائرات بشكل رئيسي على الساحل، من توسيع نطاق أعمالهم، وبذلك سيكونون قادرين على ضرب ليس فقط ترهونة ولكن أيضا المنطقة الجنوبية من فزان“.

وبالتالي يمكن أن ينتقل النزاع إلى جنوب ليبيا، خاصة حول حقول النفط في منطقتي الشرارة والفيل التي سيطرت عليهما القوات المحلية الموالية لحفتر في أوائل عام 2019، إذ لم يخف السراج طموح حكومته للهجوم المضاد حتى النصر الكبير وتحرير جميع المدن والمناطق“.

تورط أميركي

وفي هذا السياق الجديد، يوضح بوبان: “تزداد حدة التساؤلات حول التماسك السياسي والقبلي في معقل المشير المنشق الذي يتخذ من برقة مقرا له، وكذلك صلابة تحالف مؤيديه الأجانب“.

وأردف: “تتصاعد التوترات بالفعل بين المشير وعقيلة صالح رئيس البرلمان في طبرق (شرقا)، والذي تحدى حفتر مؤخرا بمعارضة خطته لحل النظام المؤسسي الناتج عن اتفاقيات الصخيرات (موقع في المغرب) نهاية 2015″.

وعلى الصعيد الدولي، بدأ حلفاء حفتر يبحثون عن بديل، ووفقا لطارق المجريسي: “إذا كانت الإمارات لا تزال تقف بقوة وراء حفتر والروس بدرجة أقل، فإن المصريين بدؤوا يبحثون عن محاورين آخرين في برقة“.

وإضافة إلى المحنة المحيطة بحفتر، أصبحت الولايات المتحدة تتدخل أكثر فأكثر في هذا المسرح الليبي، والذي بدا أنه تعاقد من الباطن مع جهات إقليمية أخرى.

ففي حين بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تحت ضغط من حلفائه في أبوظبي والقاهرة، مؤيدا لهجوم حفتر في البداية ضد طرابلس، فإن تحول النزاع، الذي أدى إلى وصول مرتزقة فاجنر الروسي، دق ناقوس الخطر داخل وزارة الخارجية الأميركية غير الراغبة في رؤية موسكو تتخذ مواقع إستراتيجية في شمال إفريقيا.

ويبين كاتب المقال أن هناك تغيرا في اللهجة الأميركية تجاه حفتر، ويتضح هذا من التصريحات التي أدلى بها يوم الأحد 17 مايو/ أيار السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند لصحيفة القدس العربيالناطقة بالعربية والتي تصدر من لندن.

وقال: “أعتقد أن حفتر ذكي بما يكفي لإدراك أن تأثيره يتناقص كل يوم. بدأت الدول الداعمة تدرك أن أهدافها في مكافحة الإرهاب قد تقوضت بسبب الهجوم الذي شنته قوات الجيش الوطني الليبي ضد طرابلس“.

_____________

مواد ذات علاقة