المليشيات تتقاسم المسلحة النفوذ في ليبيا

بقلم عائد عميرة

مع احتدام المعارك في جبهات عدة بليبيا، من المهم معرفة خريطة القوات التي تكوّن المشهد العسكري في ليبيا، الفصائل التي تنضوي ضمن القوات المكونة لجيش حكومة الوفاق الوطني التي تسعى إلى توحيد ليبيا والتصدي لخطر التقسيم وإقامة حكم عسكري فيها، من طرف، والمليشيات ومجموعات المرتزقة التي تقاتل مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر من الطرف المقابل.

.الجزء الثاني

مليشيات قبلية

انخرطت إلى جانب حفتر في حربه ضد الوفاق العديد من المليشيات القبلية إما طوعًا أو كرهًا، ومن أبرز هذه المليشيات نجد:

مليشيات دعاب

تنشط في مدينة غريان، ويقودها طارق دعاب، وسبق أن شارك في حرب فجر ليبياضد قوات موالية لحفتر نهاية عام 2014، لكن في منتصف مارس/آذار 2019 انضم دعاب إلى قوات حفتر، بعد صفقة أشيع أنه تلقى خلالها مبلغًا ماليًا كبيرًا، وبدلًا من صفته السابقة عند قيادة قوات حفتر بـالإرهابي، تم منحه رتبة نقيب، وتسمية مليشياته بالكتيبة (111)، وأصبحت تبعيتها للكتيبة (106) التي يقودها صدام نجل حفتر.

كتيبة 26 مشاة

مؤلفة من مجموعة مليشيات قبيلة تعرف محليًا باسم الحبوطاتينحدرون من قبيلة ورشفانة المحاذية لطرابلس، اعتمد عليها حفتر في عمليته العسكرية للسيطرة على مناطق السواني والكريمية غرب العاصمة، عند بداية حملته ضدها.

يشارك مع حفتر أيضًا مسلحون قبليون بصفة منفردة، منهم من قبيلة الفرجان وقبائل العبيدات وقبائل الحاسة والمجابرة والبرغاثة والعواقير والبراعصة وقبائل ورشفانة والزنتان والمقارحة وأولاد سليمان والمغاربة.

كتائب القذافي

يقاتل في صف حفتر أيضًا، كتائب عسكرية كانت تابعة للقذافي، عُرفت بمواقفها المناوئة لثورة 17 فبراير، وتلقي أوامر من القذافي عام 2011 للمشاركة في قمع مدن بأكملها عبر قصفها وحصارها لاجتياحها كمدن مصراتة والزاوية والزنتان، ومن أبرزها:

اللواء 32 المعزز

كانت عبارة عن كتيبة أمن النظام الخاصة بالقوات المسلحة الليبية الموالية لمعمر القذافي، تعرف باسم كتيبة خميس، وكان معروفًا عن هذه الكتيبة أنها القوة الأكثر تدريبًا والأكثر تجهيزًا في الجيش الليبيوالجيش وعناصر أمن النظام الأكثر أهمية“.

كتيبة أمحمد المقريف

يقودها قادة عسكريون بارزون من النظام السابق موالون لحفتر، ويشاركون في معاركه ضد قوات الوفاق الشرعية رغم أن حفتر كان يقاتل ضدهم في أثناء ثورة فبراير/شباط 2011.

قوات الصحوات

تضم اللجان الشعبية التي كانت تساند القذافي في معاركه ضد الثوار، وقد ساهمت الصحوات في تفوق حفتر على مجلس ثوار بنغازيفي شهر تموز/يوليو 2017 عندما أحكم سيطرته على المدينة، كما تشارك اللجان الشعبية حاليًّا في الهجوم على طرابلس انطلاقًا من محور المطار القديم في منطقة قصر بن غشيرجنوب شرق طرابلس.

المرتزقة

مرتزقة سودانيين

في بداية قتاله ضد حكومة الوفاق، استعان حفتر بالمرتزقة السودانيين، حيث أرسل له الفريق محمد حمدان حميدتي قائد قوات الدعم السريع، قرابة 1000 جندي من قواته (الجنجويد) إلى الشرق الليبي لحماية بنغازي في يوليو/تموز 2019، وتمكين قوات حفتر من الهجوم على العاصمة الليبية.

كما يقاتل إلى جانب حفتر مرتزقة تابعين إلى حركة العدل والمساواة السودانية، وهي حركة تمرد تنتمي إلى قومية الزغاوة، انتقلت إلى ليبيا عام 2011، وتتمركز في منطقة الجفرة وسط ليبيا، ويتلقى المقاتل أجرًا شهريًا، إضافة إلى الأسلحة والذخيرة، وفق تقرير الخبراء.

وسبق أن أشارت تقارير أممية وحقوقية لوجود مقاتلين مرتزقة سودانيين في ليبيا خدعتهم شركة بلاك شيلدالأمنية (مقرها الإمارات)، وتعرف مليشيا الجنجويد بسجلها الإجرامي في السودان، خاصة في دارفور.

تمول دولة الإمارات العربية المتحدة المرتزقة السودانيين، حيث كشفت العديد من التقارير تجنيد آلاف السودانيين للقتال لصالح حفتر بناءً على عقود مع شركة بلاك شيلد الإماراتية مقابل حصول المرتزقة السودانيين على المال.

وفقًا لوكالة الأناضول، يتلقى المقاتلون السودانيين تدريبات عسكرية لمدة 3 شهور في منطقة غياثي (230 كيلومترًا غرب العاصمة الإماراتية أبو ظبي)، وبعد خضوعهم للتدريبات، يتم نقلهم إلى المطارات القريبة من مدينتي بنغازي وسرت وميناء رأس لانوف النفطي وقاعدة الجفرة الجوية، ومنها يتم فرزهم إلى مناطق مختلفة من البلاد ليحاربوا حكومة الوفاق.

مرتزقة تشاديين

استعان حفتر أيضًا بمرتزقة من تشاد، تتبع بعضها الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة التشادية (تتكون من قوميي التبو)، وجبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد (أغلب وجودها في بلدة أم الأرانب والجبال السوداء في الجفرة وسط ليبيا).

إلى جانب، مقاتلين تابعين للمجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية التشادية (يصل عدد عناصر هذه الحركة حسب قولها إلى 4000 فرد)، وتجمع القوى من أجل التغيير في تشاد (يغلب عليها الانتماء القبلي من خارج قومية الدازقرا مثل الزغاوة).

مرتزقة النيجر

يقاتل إلى جانب قوات حفتر، مليشيات من النيجر أبرزهم تابعين للقوات الثورية من أجل الصحراء التي تتكون من قومية التبو، وكانت هذه القوات قد انتقلت إلى جنوب ليبيا سنة 2011 لدعم معمر القذافي في بداية ثورة فبراير/شباط 2011.

مرتزقة فاغنر

نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حضر رجل الأعمال الروسي المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، يفغيني بريغوزين (مالك فاغنر)، اجتماعًا بين حفتر ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، بعد ذلك بأشهر وتحديدًا في مارس/آذار 2019، تمكنت المخابرات الغربية من تحديد موقع 300 من المرتزقة التابعين لفاغنر في ليبيا.

جاء هؤلاء المرتزقة إلى ليبيا لدعم حفتر وجماعته في حربهم ضد حكومة الوفاق، ويستعين حفتر بهؤلاء المرتزقة الروس في إطلاق قذائف مدافع الهاوتزر، ما يعني أن مهامهم تجاوزت التخطيط والتدريب إلى المشاركة فعليًا في قصف العاصمة طرابلس مقر الحكومة المعترف بها دوليًا بقذائف المدفعية.

تلجأ الحكومة الروسية عادة إلى الاستعانة بهذه المليشيا المسلحة للقيام بالعديد من العمليات العسكرية في مناطق مختلفة من العالم، للهروب من المحاسبة وحتى لا تتم ملاحقتها رسميًا، فلا وجود رسمي لهذه المجموعة العسكرية.

كما تستعين بها الحكومة لتدعيم مكانتها في تلك الدول، ففي ليبيا مثلًا تطمح روسيا أن يكون لها النصيب الأوفر في ثروات البلاد الباطنية وفي عقود إعادة الأعمار القادمة، وأيضًا في صفقات الأسلحة التي ينوي الجيش الليبي عقدها بعد رفع الحظر الدولي عنه.

مرتزقة سوريين

يقاتل إلى جانب حفتر أيضًا، مرتزقة سوريون، حيث أرسل النظام السوري مؤخرًا مرتزقة للقتال إلى جانب قوات حفتر المنهكة جراء الضربات التي تلقتها مؤخرًا من قوات حكومة الوفاق الوطني الشرعية.

ووصلت، مؤخرًا، عدد من الرحلات الجوية تؤمنها شركة أجنحة الشام (خاصة يملكها أقارب لرئيس النظام السوري بشار الأسد) إلى مدينة بنغازي قادمة من سوريا، وعلى متنها عدد من المقاتلين وخبراء لدعم قوات خليفة حفتر، وفق وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية.

تفضلًا عن ذلك، أفاد موقع صوت دمشق” (موقع سوري قريب من المعارضة) في منتصف فبراير/شباط الماضي، أن أفرادًا عسكريين روس يسعون إلى تجنيد سوريين من الغوطة بضاحية دمشق، للقتال في صفوف الموالين لحفتر في ليبيا، في الوقت نفسه، أفاد موقع آخر، هو سُويداء-24″، عن حملة مماثلة في منطقة السُويداء، معقل الطائفة الدرزية السورية، ويتم إغراؤهم برواتب تتراوح بين 800 و1500 دولار (1350 يورو).

أخيرًا، تمثّل هذه الفصائل أعمدة المعركة في ليبيا اليوم بين قوات الحكومة الشرعية المدعومة دوليًا وقوات خليفة خفتر المدعوم من محور الثورات المضادة وفرنسا، ومن غير الواضح كيف سيصار إلى إعادة هيكلتها بعد خمود نار الحرب، إن عبر تفكيكها أو دمجها بالقوات النظامية، وهو موضوع يبدو حسب المعطيات الميدانيةمن المبكر الخوض بتفاصيله.

***

عائد عميرة ـ محرر في نون بوست

_________

مواد ذات علاقة