بقلم أنيس العرقوبي

تشهد الأزمة الليبية كثيرًا من التطورات المتسارعة خلال الفترة الحالية حيث باتت براميل البارود على وشك الانفجار، ما يعني أنّ الوضع الراهن قد يقود إلى سيناريوهات خطرة أسوئها أن يصبح التقسيم الحالي (خط سرت الجفرة) أمرًا واقعًا، فيما تبقى فرضية حل الأزمة والعودة إلى طاولة الحوار أمرًا بعيد المنال، خاصة وأنّ الأطراف المنخرطة في الصراع لازالت غير مدركة للنتائج الكارثية لأيّ صدام مرتقب على المستوى الإقليمي والدولي.

مع الهدوء النسبي الذي وصفه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أثناء زيارته لطرابلس في وقت سابق بـ”الخادع”، يبدو أن هناك خط فاصل افتراضي (خط أحمر) وضعته بعض القوى تمهيدًا لتقسيم ليبيا ينطلق من سرت إلى الجفرة، وهو تقسيم مبني أساسًا على نظرية توزيع الثورة العادل وعائدات النفط على طرفي النزاع.

ومن هذا الجانب، فإنّ ملف النفط بات سبباً رئيساً في حالة الجمود السياسي التي تعانيها البلاد، والقاعدة الصلبة لإحداث اختراق في العملية السياسية برمتها، ويتجلى ذلك في الدعوات المتتالية للمتدخلين الإقليميين والدوليين لـ”التوزيع العادل للثروة” كمنطلق لحل الأزمة سلميًا، أي أن النفط أصبح المحدد الرئيسي لأي تسوية دون النظر في الأبعاد الأخرى الاقتصادية الأمني والاجتماعية.

أنّ المقترح لم يُحدد إلى الآن طريقة توزيع الثروة أو كيفية إدارة الإيرادات، إلاّ أن عدد من قوى الدولية ترى فيه الحل الأدنى في ظل انتقال الصراع إلى حقول وموانئ النفط، فيما يؤكّد آخرون أنّه خطة تستهدف من ورائها تجميد الأوضاع إلى حين التوصل إلى توافقات ليس بين أطراف النزاع الليبي وإنما بين قوى دولية انخرطت في الصراع على الأرض.

تقسيم الثروة بشكله الحالي ودون توفير ضمانات وآليات متفق عليها مسبقًا، سيُغذي الصراع بين المكوّنات السياسية والاجتماعية والعسكرية وسيُعزز مشروع تقسيم ليبيا إلى 3 أقاليم (طرابلس فزان برقة)، لذلك تسعى بعض الدول إحداث ديناميكية على الملف وتحريك مياهه الراكدة عبر دفعها لعجلة العملية السياسية إلى معاودة الدوران، فيما تسعى دول أخرى إلى إعادة تشكيل سياستها تماهيا مع المتغيرات.

برلين

رغم انخراطها المتأخر في الملف الليبي، تسعى ألمانيا منذ احتضانها مؤتمر برلين إلى تنشيط دبلوماسيتها وتوسيع حاضنة الدول الداعمة للحل الأزمة سلميًا، وهي حركة يُقرأ منها محاولة الدول العضو في التكتل القاري تجاوز ضعف السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ورئب صدع مواقف الدول المكونة له بدافع المصالح المتناقضة.

ألمانيا حذّرت مؤخرًا على لسان وزير خارجيتها من خطر كبير للتصعيد العسكري في ليبيا بسبب عملية التسلح المستمرة لطرفي النزاع، مشددة على ضرورة بدء مباحثات مباشرة بين الطرفين ووقف التصعيد على محور سرت الجفرة، ودعت إلى رفع الحصار عن حقول النفط الليبية وتوزيع الثروات بشكل عادل، مؤكّدة أن مخرجات مؤتمر برلين هي الإطار لحل النزاع سلميًا في ليبيا.

من أبرز بنود البيان الختامي للمؤتمر برلين، الذي وقعت عليه 16 دولة ومنظمة بجانب طرفي الأزمة، ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، والالتزام بقرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وتشكيل لجنة عسكرية لتثبيت ومراقبة وقف إطلاق النار، تضم 5 ممثلين عن كل من طرفي النزاع.

كما تضمن البيان دعوة الأمم المتحدة إلى تشكيل لجان فنية لتطبيق ومراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، ودعوتها كذلك للعب دور في مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار، وإنشاء لجنة مراقبة دولية، برعاية أممية، لمواصلة التنسيق بين كافة الأطراف المشاركة في المؤتمر، على أن تجتمع شهريًا.

اتصالات برلين الأخيرة، لم تقتصر على الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وليبيا، فزيارة ماس الأخيرة للإمارات حملت عديد الرسائل أهمها ضرورة استخدام الدولة الخليجية تأثيرها الواسع على اللواء المتقاعد للانخراط في عملية برلين أو أي عملية سياسية أخرى توقف نزيف الحرب، خاصة وأنّ المؤسسة الوطنية الليبية للنفط أكّدت في وقت سابق أن نشر مرتزقة حول المنشآت النفطية إلى “مواقع عسكرية” واتهمت الإمارات الداعمة لحفتر بدعم حصار المنشآت الذي أوقف إنتاج الخام خلال الشهور الثمانية الماضية.

ألمانيا بدأت في تسريع دورة آلتها الدبلوماسية للتوصل إلى حل للنزاع، لأن الأوضاع الفوضوية في ليبيا تصب في صالح نشاط عصابات تهريب البشر، التي تجلب مهاجرين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط على نحو غير شرعي، كما يُنظر إلى الصراع في ليبيا على أنه مفتاح لأمن الاتحاد الأوروبي، حيث تعد ليبيا بوابة للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.

في المقابل، ما يُعاب على الدبلوماسية الألمانية اختزالها مجال الفعل والاهتمام بتدفق للاجئين إلى القارة الأوروبية وتحجيم قدرات تركيا العضو الحليف في الناتو، وكذلك مشاركتها في عملية “إيرني” البحرية التي تصفها بعض القوى كتركيا والولايات المتحدة بـ”المتحيزة”، وهو ما يعني أن ألمانيا ستفقد بعضًا من حيادها في الأزمة وأنّ مؤتمر برلين سيخسر ورقة الموضوعية.

خليفة حفتر

يمكن القول إن اللواء المتقاعد خليفة حفتر أصبح لا يملك من أمره شيئا خاصة بعد تقهقر قواته إلى سرت وتلقيه هزائم متتالية في طرابلس وترهونة وغريان، وبذلك يكون قد فقد ما يمكن تسميته بالشرعية العسكرية وبالتالي مكانته كعنصر فاعل في الأزمة أو في مفاوضات تسوية مرتقبة.

ما تبقى للجنرال الانقلابي، هو الجلوس وانتظار قرارات الفاعلين الدوليين وبالأخص قرار التقسيم الذي سيحفظ له بعض ماء الوجه، وما استغلاله للأوضاع الحالية لشن هجمات على مواقع قوات حكومة الوفاق المرابطة على تخوم سرت منذ أزيد من شهرين، إلاّ محاولة يائسة منه لكسر الجمود الميداني والعودة للمشهد العسكري ثم السياسي.

حفتر الذي مني بانتكاسات متتالية وهزائم عسكرية مذلة على أسوار العاصمة طرابلس، فقد جزءًا كبيرًا من صورته التي صنعها بالبارود منذ 2014، فإضافة إلى خسارته رهان الدول الكبرى الداعمة له، فقد حفتر ثقة الشرق الليبي بمكوناته الاجتماعية والقبلية بعد أن كشفت زيف ادعاءاته ببناء جيش ليبي قوي قادر على السيطرة على المجال الترابي الليبي، واعتماده على الانفصاليين والمرتزقة من روسيا والسودان وسوريا.

وفي سياق ذي صلة، فإن نخب الشرق الليبي أيقنت مؤخرًا أن حفتر الذي حاول اقتطاع جزء من السلطة المحلية لشخصه أصبح غير قادر لتصدر المشهد أو أن يكون قائدًا للمرحلة المقبلة، بل أصبح تهديدًا لأي تسوية سياسية بسبب انحيازه للأطراف الخارجية المعرقلة والرافضة لأي توافق لا يكون فيه اللواء طرفا في المعادلة، وهو ما دفع ببعض القوى إلى نفض يديها منه والالتجاء لورقة النظام السابق بإحياء مشروع سيف الإسلام القذافي.

مصر

القاهرة كغيرها من القوى المنخرطة في الصراع الليبي، تعمل على أكثر من واجهة وتتهيأ لأكثر من سيناريو بما فيها المواجهة العسكرية مع أنقرة في حال تخطت الأخيرة “الخطوط الحمراء” المتمثلة في سرت، إلاّ أن التحركات الأخيرة تُشير إلى أنّ تلويح النظام المصري بالتدخل في ليبيا لا يعدو إلا أن يكون رسالة سياسية للداخل أو حرب نفسية تخوضها القاهرة لمواجهة تقدم حكومة الوفاق المدعومة أساسًا من الأتراك.

في غضون ذلك، يعلم نظام السيسي جيدًا أنّ الرهان على حفتر المهزوم أصبح ضربًا من الجنون ومغامرة قد تعود عليه محليًا بالوبال، لذلك تعمل القاهرة على استبداله برئيس برلمان طبرق عقيلة صالح أو بالقبائل الليبية، وهو ما يعكس رغبة المصريين في إعادة تشكيل القيادة الليبية في شرق البلاد.

بدعمها للقبائل الليبية ومحاولة نزع التفويض منها، تعتقد القاهرة أنه بإمكانها ضرب شرعية وجود الأتراك المرتبطين باتفاقات كبيرة مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا في مرحلة أولى، ومن إبعاد اللواء المتقاعد من المشهد السياسي في مرحلة ثانية واستبداله بشخصية أخرى يُمكن الوثوق بها بشكل كبير والتحكم فيها.

تركيا

على عكس القوى الأخرى، تُسارع أنقرة خطواتها لتقديم الدعم اللازم للسلطة الشرعية في ليبيا قصد تعزيز الإنجازات على الأرض لتحسين موقعها في التفاوض باعتبارها القوة المتقدمة، وذلك بعد أن أسهم حضورها الفاعل في تحجيم دور حفتر تمهيدًا لإقصائه من المشهد السياسي ومن أي عملية تسوية، ويهدف الاتفاق الأخير الذي جمع أنقرة والدوحة بطرابلس إلى دعم ليبيا في بناء المؤسسات العسكرية في مجالي التدريب والاستشارات.

من جهة أخرى، فإن تركيا ترى في تدخلها على خط الصراع في ليبيا مع قوى أخرى، خطوة لتعزيز مركزها في خارطة الدبلوماسية العالمية والفعل الدولي، لذلك تعمل أنقرة بكل قوتها لتوسيع حضورها ونفوذها في شمال إفريقيا وجنوب الصحراء وشرق المتوسط، وهو نجاح استراتيجي حققته تركيا بدعمها للحكومة الشرعية في طرابلس.

اقتصاديًا، ليبيا تحتل أهمية استراتيجية قصوى لأنها تملك أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا، إضافة لدورها كدولة معبر للمهاجرين من جميع أنحاء العالم الذين يسعون للتوجه لأوروبا، كما أن الاتفاق البحري بين البلدين قد يمنح تركيا إمكانية الوصول إلى مخزون الغاز الطبيعي المفترض وجوده في البحر الأبيض المتوسط، والذي كان سببا في توتر العلاقات مع اليونان.

من هذا المنطلق، فإنّ الوجود التركي في ليبيا لا يُمكن تحديده على أساس الحنين إلى الماضي بوصفها جزءا سابقا من الإمبراطورية العثمانية، بل هو نتاج استراتيجيا واضحة المعالم تقوم على أنّ ليبيا كما الصومال والسودان، هي المنفذ والبوابة إلى إفريقيا، وبحسب خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، غريغوري لوكيانوف، فإنّ “دخول السوق الإفريقية ذات الوفرة في الموارد المستخرجة الرخيصة هدفا مهما لسياسة تركيا الخارجية منذ أواخر التسعينيات، فأنقرة لم تخف أبدا نيتها في توسيع وجودها هناك، حيث تعبر عن طموحاتها هناك على قدم المساواة ليس فقط مع الولايات المتحدة أو فرنسا، إنما والصين، التي تسيطر اليوم إلى حد كبير على التجارة الخارجية للدول الإفريقية”.

الولايات المتحدة

يبدو أنّ واشنطن تخلصت تدريجيًا من خيار النأي بنفسها عن التورط في الصراع في ليبيا بأي شكل من الأشكال كجزء من خطط الرئيس ترامب بتقليص التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط وترك المشاكل للدول الإقليمية والدولية، وذلك بعد دفعت مؤخرًا بحل منزوع السلاح في منطقتي الجفرة وسرت تمهيدًا لبناء عملية سياسية جديدة برعاية أممية، بهدف إضعاف الوجود العسكري الروسي في المنطقتين ولضمان رجوع تدفق النفط الليبي المتوقف منذ يناير/ كانون الثاني الماضي.

ومن خلال هذه الدعوة، يمكن تحديد استراتيجية واشنطن الجديدة القائمة على اعتماد سياسة الحياد النشط الذي يضمن عدم تعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر في ليبيا ويوفر عليها عدم تحمل أي تكلفة سياسية، وإضافة إلى ذلك يعمل البيت الأبيض على صياغة تحرك تضرب به أكثر من عصفور ويهدف أساسًا إلى الوقوف في وجه المد الروسي وكذلك إضعاف التكتل الأوروبي قصد السيطرة على حلف شمال الأطلسي (الناتو).

روسيا

على خلاف الدول الأخرى، فإن موقف موسكو من الأزمة الليبية يتميز بالتناقض إلى حد بعيد فهي تتعامل من جهة مع حفتر بتقديم الدعم العسكري والفني كما أنّها لا تُعادي حكومة الوفاق المعترف وتبقي على قنوات الاتصال الدبلوماسية، وبالتالي يُمكن القول إنّ الروس يتحركون على الأرض في ليبيا من منطق براغماتي بحت يقوم على المصلحة المراد تحقيقها كتأمين موطئ قدم في المنطقة، لذلك فهي تستخدم الملف الليبي كورقة مساومة حول مصالحها في مناطق أخرى(سوريا).

موسكو تُدرك جيدًا أنّ دعمها العسكري والدبلوماسي لحفتر قد يتوقف في أي لحظة في حال توصلت مع القوى الفاعلة في الأزمة إلى تسوية تحفظ لها مصالحها في المنطقة، وهو أمر يدركه الأتراك الذين انخرطوا منذ مدة في مشاورات معها بهدف التوصل لمقاربة معينة بشأن “سرت والجفرة” على شاكلة المثال السوري، الأمر الذي أكده السفير الروسي بمصر غيورغي بوريسينكو، بضرورة البدء بالعملية السلمية تقوم على مبدأ السيادة الكاملة لحل الأزمة السياسية في ليبيا التي تمر بمرحلة قاتمة في تاريخها.

فرنسا

من البديهي أن الانتكاسات التي تعرض لها اللواء خليفة حفتر تؤثر على رعاة الثورة المضادة والانقلاب على الشرعية، إلاّ أنّ تداعياتها على باريس كانت أشد وطأة وذلك بتقدير حجم خسائرها الدبلوماسية، حيث بدأ نفوذها على الأرض في ليبيا بالتقلص تدريجيا لصالح قوى أخرى صاعدة وأكثر فاعلية على غرار تركيا الولايات المتحدة روسيا وألمانيا.

ويُمكن القول أنّ تحيزها الأيديولوجي الأعمى للقضاء على “الإسلام السياسي” بدفع من أبو ظبي، جعل من وساطتها أو تدخلها في الملف الليبي محل شكوك دائمة، خاصة أنّ التصريحات المتتالية للرئيس إيمانويل ماكرون كانت تنصب على اتهام تركيا بالتدخل العسكري، دون ذكر أو الإشارة للتمويل غير المحدود الذي تمنحه الإمارات لتجنيد وتسليح المليشيات التي تشكل الجسم الرئيسي لقوات حفتر.

من جهة أخرى، فإنّ الإيليزيه عجز عن قيادة وإدارة الملف الليبي بدبلوماسية متوازنة لأسباب عديدة منها:

  • تصدير صراعها مع تركيا على الأرض الليبية.
  • تنافسها على النفوذ والسيطرة على الثروات النفطية مع إيطاليا.
  • تأثرها بمشروع الثورة المضادة في المنطقة العربية (الإمارات).
  • رهانها على العمليات العسكرية التي قادها حفتر لحسم الأزمة.
  • حصر التعامل مع الأزمة على المنظور الأمني (هجرة غير نظامية والإرهاب).

انفلات كرة الخيط من يد الفرنسيين، سيتعمق في الأيام المقبلة خاصة بعد الانقلاب العسكري في مالي الذي يعد ضربة موجعة للمخابرات الفرنسية التي تتواجد في المنطقة بكثافة في إطار عملية بركان التي تحارب القاعدة في منطقة شمال أفريقيا، الأمر الذي سيحد بشكل كبير من تحرك باريس التي ستجد نفسها مجبرة، إذا ما رغبت في التواجد ضمن الفاعلين في الملف الليبي، على التقارب مع روسيا والانخراط في سياستها (تبعية).

فرص الحل السلمي

في ظل الجمود الذي يُحيط بالملف الليبي وتعدد المتدخلين في الأزمة، فإنّ فرص التسوية قد تبدو عسيرة في الوقت الراهن بسبب تشابك مصالح الدول الفاعلة، وذلك رغم الحراك السياسي داخليًا وخارجيًا الذي يوحي لوهلة أنّه يُشير إلى قرب تحقيق تفاهم بشأن سرت والجفرة اللتين تسيطر عليهما قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر يساندها مرتزقة من روسيا ودول أخرى.

وفي سياق ذي صلة، تُحاول المغرب نزع فتيل الأزمة الليبية من خلال الدفع نحو “اتفاق الصخيرات 2” يكون مرجعه اتفاق الصخيرات الأول الموقع في العام 2015، وفي وقت أعلنت فيه الحكومة المعترف قبولها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات استعدادهم للذهاب في “الصخيرات 2” تمهيدًا لحل الأزمة سلميًا، تواصل قوات الشرق المدعوم من الإمارات ومصر وروسيا تواصل تحشيد المرتزقة ونقل الأسلحة استعدادا لـمعركة سرت، وذلك رغم إعلان برلمان طبرق نيته المشاركة في اللقاء، وهي إشارة إلى أنّ الشرق الليبي يعرف نزاعًا بين شقه العسكري بقيادة حفتر والسياسي الذي يتزعمه عقيلة صالح.

إضافة إلى المقترح المغربي، فإنّ المبادرة الأمريكية بخلق منطقة منزوعة السلاح يمكنها أن تكون منطلقًا لتسوية سياسية في حال انخرطت بعض الدول الكبرى (روسيا) في هذا المسار الذي يُرجح أن يُستثنى منه اللواء المتقاعد ويتم استبداله بضباط جدد من شرق البلاد للتفاوض ضمن مباحثات جنيف للجنة العسكرية المشتركة.

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر إعلامية، أن جنيف السويسرية ستستضيف لقاءات جديدة للجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) برعاية أممية وبدفع أميركي كبير، من أجل التوصل إلى اتفاق على إخلاء منطقتي سرت والجفرة من السلاح قبل المضي في العملية السياسية التي من المرجح أن تستأنف استضافتها الرباط بعد أن استضافت في 26 من الشهر الماضي لقاءات غير مباشرة بين صالح والمشري، في إطار ما عرف باتفاق الصخيرات 2.

بالمحصلة، لا يمكن تنبؤ الأحداث في الأيام القادمة لا سيما أن السيوف خرجت من أغمادها معلنًة استعدادها للحرب، وذلك في غياب مبادرة جدية قادرة على تجنيب البلاد مزيدًا من الدمار، ولكن الوضع أيضًا لا يعني بالضرورة أن تتجه الأوضاع إلى السيناريوهات التي يتحاشاها الجميع، فثمّة فرصة انفراج (اتفاق تركي روسي) قد يقود إلى إعادة الحياة إلى المسار السلمي لتسوية الأزمة عبر حل توافقي مقبول من قبل جميع القوى السياسية في ليبيا.

***

أنيس العرقوبي ـ محرر في نون بوست

____________

مواد ذات علاقة