A general view of the talks between the rival factions in the Libya conflict at the United Nations offices in Geneva, Switzerland October 20, 2020 . Fabrice Coffrini/Pool via REUTERS

خالد جان سيز

رابع أكبر دولة مساحة في أفريقيا، وتحتل الرقم 17 كأكبر بلدان العالم مساحة، بعدد سكان لا يتجاوز 7 ملايين، وهي من بين أكبر عشر دول من حيث الاحتياطيات النفطية المؤكدة في العالم، لكنها لم تعرف حتى الآن استقراراً وتنمية.

وكأنه كُتِب على ليبيا أن يكون أمنها مرهوناً بتناغم بين أطراف خارجية، وإلا فهي أشبه بالدولة، وتحكمها الصراعات، وتذهب ثروتها سدى. الحاضر الآن في ليبيا هو تركيا، البعيدة عنها مئات الكيلومترات، والتفاوض حالياً بين القاهرة وأنقرة لحلحلة الأزمة.

أمس، وعقب ساعات فقط من مغادرة وفد عسكري تركي برئاسة وزير الدفاع خلوصي أكار العاصمة الليبية طرابلس، وصل وفد من وزارة الخارجية والمخابرات المصرية، في زيارة نادرة، وسط مؤشرات متضاربة حول ما إن كان ما يجري يحمل دلالات على تصعيد عسكري قادم، أم بوادر لتوافق سياسي.

الاتصالات بين مصر وتركيا لتخفيف التوتر الإقليمي بينهما جارية منذ فترة على المستوى الاستخباري، وتطورت خلال الأشهر الأخيرة لبعض المستويات الدبلوماسية. الجمعة، دعا قائد الجيش الوطني خليفة حفتر إلى «حمل السلاح مجدداً لطرد المحتل التركي»، قائلاً: «لا خيار إلا رفع راية التحرير من جديد وتصويب بنادقنا ومدافعنا ونيران قذائفنا نحو هذا العدو المتجاهل لتاريخنا النضالي.. استعدوا أيها الضباط والجنود الأبطال (…) ما دامت تركيا ترفض منطق السلام واختارت لغة الحرب، فاستعدوا لطرد المحتل».

أنقرة أخذت هذه التهديدات على محمل الجد، وبادرت سريعاً إلى توجيه رسالة إلى حفتر بأنها تتابع جميع التطورات العسكرية والسياسية عن قرب، وأنها ما زالت مستعدة لتقديم الدعم العسكري لحكومة «الوفاق» في حال عاد حفتر للخيار العسكري، حيث مرر البرلمان التركي قبل أيام مذكرة تمديد بقاء القوات التركية في ليبيا لـ18 شهراً إضافياً.

وفي هذا الإطار، وصل أكار على وجه السرعة إلى طرابلس برفقة رئيس الأركان يشار غولر، وكبار قادة الجيش، حيث التقوا بكبار مسؤولي حكومة الوفاق وتفقدوا القوات التركية المتواجدة في ليبيا بموجب مذكرة التعاون العسكري الموقعة بين البلدين.

ورد أكار على تهديدات حفتر بتحذيره «وداعميه». وتابع: «حفتر غير كفؤ ويبذل قصارى جهده لعرقلة الحلول السياسية». في المقابل، وفي زيارة هي الأولى من نوعها منذ عام 2014، وصل وفد مصري إلى طرابلس، ما يفتح المجال للتفاؤل بجهود دبلوماسية تحلحل الأزمة.

والأسبوع الماضي، أجرى رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل زيارة إلى مدينة بنغازي شرقي ليبيا، وأجرى محادثات مع حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح.

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أيمن سلامة لم يعتبر توقيت زيارة وفد القاهرة لطرابلس مفاجئاً في ظل الزيارات المتبادلة الأخيرة، وكان أهمها زيارة وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا إلى العاصمة المصرية، في الرابع من نوفمبر الماضي.

وقال سلامة لموقع «الحرة» إن الهدف من زيارة الوفد هو إعادة فتح السفارة المصرية، وتأمين عودة العاملين فيها، بمن فيهم السفير الذي نقل نشاطه إلى تونس، مشيراً إلى أن مباحثات باشاغا في القاهرة تطرقت لهذا الموضوع أيضا.

أما الباحث في المعهد السويسري للمبادرة العالمية جلال حرشاوي فيرى أن زيارة الوفد المصري لطرابلس «بادرة مهمة وتاريخية».

ويعتقد أن ما تريده مصر الآن هو استقرار الأوضاع في ليبيا: «مصر لا تريد مزيدا من الحروب في ليبيا، لسببين؛ أولهما أن استمرار القتال قد يؤدي للسماح لحكومة الوفاق بالاستيلاء على المزيد من الأراضي، مثل سرت والهلال النفطي، وبالتالي الاقتراب من الحدود المصرية، وربما يتسبب في انهيار النظام الأمني الوحيد الموجود في شرق ليبيا.

أما ثاني هذه الأسباب فهو أن الحرب قد تجبر مصر على التدخل العسكري خارج حدودها». من الصعب الجزم بوجود توافق نهائي مباشر أو ضمني بين تركيا ومصر حول ليبيا، لكن ليس من مصلحة أي طرف تفجير الأوضاع العسكرية مجدداً، وربما اقترب حضور السلام في أرض ليبيا الفسيحة.
*******
تركيا تثير مخاوف من اندلاع حرب جديدة في ليبيا

جان ماري توما

تصاعدت المخاوف من مواجهة عسكرية جديدة في ليبيا، اليوم الاثنين، بعد أن أصدرت تركيا تهديدًا مباشرًا لقوات القائد الشرقي خليفة حفتر. تركيا هي الداعم الرئيسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية في طرابلس.

التي يحاول الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر الإطاحة بها. تقاذف التهديدات في زيارة مفاجئة للقوات التركية في طرابلس يوم الأحد، حذّر وزير الدفاع التركي خلوصي آكار من أن: «مجرم الحرب، البلطجي حفتر وداعميه يجب أن يعلموا أنه في حالة حدوث أي محاولة لمهاجمة القوات التركية، فإن قوّات حفتر القاتلة ستُعتبر أهداف مشروعة في كل مكان».

وتأتي الزيارة بعد يومين من حث حفتر مقاتليه على طرد القوات التركية من ليبيا، قائلًا: «لن يكون هناك سلام في وجود مستعمر على أرضنا». ومن المتوقع أن يطلق آكار مشاريع تعاون عسكرية بين طرابلس وأنقرة.

في الأسبوع الماضي، تبنى البرلمان التركي اقتراحًا بتمديد انتشار القوات في ليبيا 18 شهرًا. تحليلات ما بعد التهديد وقال المحلّل الأمني عوديد بيركوفيتز لموقع «أخبار العرب»: «البيان الأخير يمثل تهديدًا عامًا غامضًا عقب تهديد أوّلي من حفتر للقوات التركية…ما حصل قرع لطبول الحرب لفظي.

وهذا أكثر عدوانية قليلاً من المعتاد، لأنّ عادةً التصريحات لا تتضمن أي تهديدات مباشرة للجيش الوطني الليبي» وأكّد بدوره الباحث في سياسات الشرق الأوسط، كايل أورتن، ومقره المملكة المتحدة، إنه لا يوجد سبب وجيه للشك في أن حفتر يعتزم المحاولة مرة أخرى للسيطرة على ليبيا بأكملها.

وقال لـ«أخبار عرب»: «لكن يبدو أنّ من غير المرجح أن تُبذل الجهود في المدى القريب، نظرًا إلى الانتكاسات التي ألحقتها تركيا، في وقت سابق من هذا العام».

بعد اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في أكتوبر، من المرجّح أن تجري حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي حوارًا سياسيًا برعاية الأمم المتحدة، مما يمهد الطريق للانتخابات العام المقبل، لإنهاء صراع طويل الأمد في ليبيا.

أمّا تركيا، فقد أرسلت مستشارين عسكريين وطائرات مسيّرة وآلاف المرتزقة السوريين إلى حكومة الوفاق الوطني، وأنشأت قاعدة عسكرية كبيرة في منطقة الوطية على الحدود الليبية مع تونس.

ولطالما تعرّضت القاعدة لانتقادات بسبب قدرتها على توفير دعم عسكري لعمليات التنقيب عن النفط والغاز التركيّة والمثيرة للجدل في شرق البحر المتوسط.

__________


مواد ذات علاقة