“سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر استعانا بالإسرائيليين لتمكينهما من السلطة”

أكد وكيل وزارة الدفاع الليبية السابق خالد الشريف أن لدى مفوضية الانتخابات معايير مزدوجة تجاه المرشحين، وموقفها من الجنرال الانقلابي خليفة حفتر يؤذن بفشل الانتخابات المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وأضاف الشريف في حوار لـ”الاستقلال” أن إجراء الانتخابات دون قاعدة توافقية يعمق الأزمة، ومقاطعة المجلس الأعلى للدولة من شأنها إفشال الانتخابات.

وأشار إلى أن المفوضية تتعرض لضغوط هائلة من الأمم المتحدة ودول أجنبية لإنجاز الانتخابات بأي طريقة وهو ما يبشر بفشلها.

ولفت إلى أن سيف الإسلام القذافي وحفتر استعانا بالإسرائيليين لتمكينهما من السلطة، كما أن المخابرات المصرية تدعم وتوجه حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

وعاد حفتر والقذافي إلى سباق الانتخابات الرئاسية بعد استبعادهما بحكمين قضائيين، غير أنهما استأنفا القرارين لدى محكمتين أخريين أعادتهما للمنافسة.

ويتصاعد رفض رسمي وشعبي في ليبيا لترشح حفتر والقذافي، كونهما متهمين بـ”ارتكاب جرائم حرب”.

وحتى اليوم، لم يتمكن الفرقاء الليبيون من التوافق على قاعدة دستورية تنظم سير الانتخابات، بسبب خلافات حول ازدواجية جنسية المرشحين، وترشح أصحاب الرتب العسكرية، وعودة المرشحين إلى مناصبهم إذا لم يتحقق فوزهم. 

مشهد معقد

ما تقييمكم للسماح لمجرمي الحرب حفتر والقذافي بالترشح للانتخابات الرئاسية؟

لا شك أن قبول ترشحهما مخالف للقوانين الليبية؛ لأنهما مطلوبان للقضاء الليبي والدولي لإدانتهما بجرائم حرب حقيقية خلال الثورة بالنسبة لسيف القذافي، وخلال العدوان على طرابلس في أبريل/نيسان 2020 بالنسبة لحفتر.

وقبول ترشحهما قد يتسبب في تعطيل الانتخابات حيث هددت عدة مدن وقوى سياسية بتعطيل الانتخابات حال قبول ترشحهما أو أي منهما.

وترشح حفتر يعقد المشهد ويزيد من حدة المشكلة لأن بيده دماء آلاف الليبيين ومتورط في جرائم حرب ومزدوج الجنسية.

ولا أعتقد أن الانتخابات ستتم في هذه الحالة ولا أتمنى أن تعود الأمور إلى الاقتتال مرة أخرى وسيكون الذنب في رقبة المفوضية العليا للانتخابات لأنها فتحت الباب أمام هذا المتمرد والقذافي من البداية.

هل حفتر وعقيلة صالح من جهة والقذافي من جهة أخرى متنافسان أم توزع الأدوار بينهم لإجهاض الثورة الليبية؟

يعتبر القذافي وحفتر شخصيات متنافسة، فلكل واحد منهما مشروعه الخاص، وارتباطاته الإقليمية التي يسعى لخدمتها بعيدا عن مصلحة الشعب الليبي.

عدالة غائبة

كيف ترى موقف مفوضية الانتخابات من حفتر، وهل يستبعد مجددا من المنافسة؟

إذا كانت مفوضية الانتخابات جادة في تطبيق معايير متساوية على جميع المترشحين فإنها سوف تخرج حفتر من سباق الترشح.

لكنها غير عادلة في تعاملها مع المترشحين ولديها ازدواج في المعايير التي تطبقها؛ فنراها تستبعد رئيس الوزراء الليبي السابق علي زيدان بحجة أنه حصل على جنسية أجنبية.

بينما تم قبول كل من المتمرد خليفة حفتر وهو لديه جنسية أمريكية، والسفير الليبي السابق بالإمارات عارف الناهض الذي لديه جنسية كندية.

  كيف ستسير الانتخابات بهذا الشكل؟

الوضع الحالي يشير إلى أن هذه الانتخابات لن يتم لها النجاح إذا استمرت المفوضية بهذه المعايير غير المتوازنة.

لأن هناك اعتراضات كبيرة على القوانين التي تسيِّر بها المفوضية هذه الانتخابات، ولابد من اعتماد معايير واحدة وإلا ستكون النتيجة فشل هذه الانتخابات حتى وإن تمت بصورة شكلية ولكن لن يلتزم بنتائجها أحد.

كيف ترى التصريحات الأممية المشددة على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد؟

الأمم المتحدة وبعض الدول الأجنبية غير مدركة بالمشكلة الأساسية في ليبيا، وهي عدم وجود توافق سياسي على قوانين تلك الانتخابات، التي يجب أن تصل بالبلاد إلى نوع من السلام والاستقرار والوحدة.

فضلا عن أن القوانين الحالية غير توافقية وليست منصفة أو عادلة ما يهدد العملية الانتخابية كلها بالفشل قبل إجرائها ولو شكليا.

كما أن هناك ضغطا دوليا من بعض الدول التي تصر على إجراء الانتخابات الرئاسية أولا قبل البرلمان والدستور؛ مثل مصر وفرنسا والإمارات.

بينما النخب الليبية تريد الاستفتاء على الدستور أولا، ثم الانتخابات البرلمانية، ويعقبهما انتخاب الرئيس، حتى يتضح على أي دستور سينتخب، وما صلاحياته، وما مدة رئاسته، وكيف سيحكم البلاد. 

ما تفسير عدم الالتفات لكل الانتقادات التي توجه للمفوضية والمضي قدما لإجراء الانتخابات بقوانين مفصلة على مقاس البعض؟

طبعا هذا مستغرب من المفوضية التي تصر على إجراء الانتخابات بقوانين مفصلة لشخصيات بعينها ليكون لهم مناصب أو دور في ليبيا عبر الانتخابات بعدما فشلوا في تحقيقه عسكريا.

أميركا وإسرائيل

هل ستفرض الولايات المتحدة عقوبات على من لا يلتزم بنتائج الانتخابات؟

أميركا فشلت أساسا في إقامة ديمقراطية حقيقية في عدة دول، مثل العراق وأفغانستان، رغم أن قواتها كانت موجودة هناك على الأرض وجعلت هذه الدول تعاني الويلات.

ولا يعني ذلك أن أميركا هي التي تملك الحل في ليبيا، فإنها ظلت تتفرج على الأزمة طوال عشر سنوات، وهي التي أعطت الضوء الأخضر في عهد دونالد ترامب لحفتر بالهجوم على طرابلس.

ما طبيعة الحضور الإسرائيلي في المشهد الليبي؟

لا شك أن علاقة حفتر مع إسرائيل ليست جديدة، وهي قائمة منذ 2015، كما أنها شاركت في تدريب مليشيا حفتر بعد ذلك مرات عديدة.

فضلا عن أنه وقع عقدا للدعاية الانتخابية وتبييض صورته الإجرامية مع شركة إسرائيلية عبر الإمارات مطلع 2021، ناهيك عن زيارة نجل المتمرد حفتر بطائرة خاصة إلى تل أبيب مرارا.

ويسعى حفتر لكسب ود اللوبي الإسرائيلي في أميركا لإقناعهم بالتطبيع مع ليبيا حال فوزه رئيسا، وهكذا أصبحت إسرائيل الباب الواسع للسلطويات والأنظمة الاستبدادية العربية للأسف الشديد.

وماذا حول تلويح الأمم المتحدة بفرض عقوبات على من يعرقل الانتخابات؟

عقوبات الأمم المتحدة لا قيمة لها، كما أنها لا يمكن أن تفرض هذه الانتخابات بالقوة على الشعب الليبي.

ورأينا المجتمع الدولي الذي فرض عبر الأمم المتحدة من قبل عقوبات على عصابات القذافي، ورغم ذلك نراهم يتحركون بكل حرية بمختلف الدول.

فالأمم المتحدة لا تملك فرض أمر على الشعب الليبي بالقوة، كما أن الليبيين لن يسمحوا لأحد أن يفرض عليهم رئيسا كان مجرم حرب أيا كان.

هل هناك رغبة دولية في أن يكون حفتر رئيسا لليبيا؟

ليست رغبة المجتمع الدولي ولكنها بعض الدول الأجنبية، وهم شركاء متشاكسون، فكل دولة لها مصالحها المختلفة، فالإمارات ومصر والسعودية وفرنسا وروسيا يدعمون حفتر، كما أن هناك دولا أخرى ضد مشروع حفتر.

وموقف أميركا مخيب للآمال حيث حصل حفتر على الضوء الأخضر منها للعدوان على طرابلس وقتل الآلاف، وهو في الأصل مواطن أميركي عاش عشرين عاما في ولاية فيرجينيا وكل أملاكه وعقاراته هناك.

وإذا وجدت أميركا أن بإمكانه السيطرة على ليبيا فسوف تحتضنه رغم كل جرائمه الفظيعة.

النفوذ الإقليمي

ما حقيقة أن قوانين الانتخابات صاغتها المخابرات العامة المصرية؟

لا شك أن هناك دورا كبيرا للمخابرات المصرية في المشهد الليبي وإدارتها للأزمة من المنطقة الشرقية وهي الداعم الرئيسي لحفتر وتتبنى عقيلة صالح وتمده بالخطط، وكلاهما يأتمر بأمرها.

ما خريطة نفوذ الدول المتصارعة في ليبيا اليوم؟

لاشك أن الأقطاب المحلية في ليبيا تمثل امتدادا لنفوذ عدة دول. فهناك حفتر وتقف خلفه الإمارات ومصر وفرنسا والسعودية.

وهناك تركيا وقطر وهي تدعم الحكومة الشرعية في طرابلس، أما سيف القذافي فهناك روسيا أيضا تقف وراءه للوصول للسلطة من جديد.

قضية إخراج المرتزقة من ليبيا هل يمكن أن يتحقق؟

تعتبر قضية المرتزقة من الأمور الشائكة في الأزمة الليبية، وستظل هذه القضية غير قابلة للحل ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي تتفق عليه جميع الأطراف السياسية.

لأن بعض الأطراف كحفتر تعتمد أساسا على مليشيات مرتزقة فلا يستطيع التخلي عنها؛ لأنه يعلم أنه ليس لديه قدرة عسكرية للوقوف وحده ضد جيش الحكومة الشرعية في طرابلس.

وما موقع القوات التركية من الحديث عن إخراج القوات الأجنبية؟

القوات التركية مكونة من عدة خبراء ومدربين عسكريين للمساهمة في تدريب وإعداد الجيش الليبي الوطني، وقد جاءت وفق اتفاقية دولية بين الحكومتين الليبية والتركية.

وساهمت في الدفاع عن طرابلس عندما تعرضت للهجوم من قبل المرتزقة ومليشيا فاغنر الروسية والجنجويد السودانية والتشادية، لذلك فهي لا تصنف ضمن المرتزقة وفقا للتعريف الدولي.

احتمالات الوحدة

ما إمكانية توحيد الجيش في الشرق والغرب الليبي؟

الجيش الليبي لا يمكن أن يتوحد إلا عندما يتم توحيد القيادة السياسية، وإنشاء حكومة واحدة متفق عليها؛ وإلا سيبقى كل جزء من القوات تابعا للقيادة السياسية الموالي لها كما هو الحال.

ما مصير البنك المركزي الليبي ومدى استقلاليته؟

لايزال المصرف المركزي بعيدا نوعا ما عن الصراع السياسي بسبب الضغط الدولي بعدم المساس به، ولايزال يصرف المرتبات لجميع موظفي الدولة في كل مناطق البلاد ويوفر الميزانيات الخدمية لهم.

وماذا عن آبار النفط التي كان يهددها حفتر من آن لآخر؟

النفط من أهم مصادر الدخل الليبي ولايزال حفتر هو المسيطر على الحقول والموانئ النفطية، ويسعى أحيانا لاستغلال ذلك في ممارسة الضغط السياسي على الحكومة في طرابلس.

وبما أن النفط يعتبر عامل استقرار كبيرا بعدة دول مستوردة للنفط الليبي، فهذا الأمر يدفع تلك الدول للضغط على حفتر لإبعاد النفط عن الصراع السياسي.

وما دلالة كشف مقابر جماعية جديدة في ترهونة؟

لاتزال تكتشف إلى يومنا هذا مقابر جماعية في منطقة ترهونة جنوبي العاصمة، التي كانت تحت سيطرة مليشيا الكانيات التابعة لحفتر، وهي من أسوأ الجرائم وأعظمها في ليبيا.

لأنها جرائم أزهقت أرواح مئات الأشخاص الأبرياء من أطفال ونساء ورجال؛ بل عائلات كاملة تم القضاء عليها تماما.

وهذه من الملفات التي ستقدم لمحكمة الجنايات الدولية للتحقيق فيها ومطاردة المجرمين المسؤولين عنها وجميع المتورطين في هذه الجرائم من القيادات العسكرية التابعة لحفتر.

سيناريو المقاطعة

هل هناك أمل في إعادة النظر في قوانين الانتخابات والقاعدة الدستورية التوافقية؟

لا أظن في الوقت القريب سيعاد النظر في قوانين الانتخابات، لضيق الوقت وعمق الخلاف السياسي حولها بين الفرقاء الليبيين في المنطقة الشرقية والغربية.

وماذا يعني إعلان المجلس الأعلى للدولة مقاطعة الانتخابات وعدم الاعتراف بها؟

يعتبر المجلس الأعلى للدولة معبرا عن شريحة كبيرة من القوى السياسية والعسكرية في المنطقة الغربية؛ وإعلانه يعتبر تهديدا حقيقيا بفشل الانتخابات.

إذا لم يتم مراعاة مطالبه بصياغة قانون انتخابات توافقي واستبعاد مجرمي الحرب حفتر ونجل القذافي.

_____________

مواد ذات علاقة