سامر وسام
وقال صالح، خلال جلسة البرلمان التي عقدت لمناقشة مسار العملية الانتخابية الاثنين، إن “حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة انتهت ولايتها بحلول 24 ديسمبر الماضي ولا بد من إعادة تشكيلها”.
وطالب صالح الأجهزة الرقابية بوقف الصرف لها دون التنسيق مع لجنة المالية بالبرلمان، فما أثر هذه الخطوة وكيف ستنعكس على المشهد السياسي في البلاد؟
يجيب الباحث السياسي والاستراتيجي، محمود اسماعيل الرملي، في حديث لموقع “الحرة”، قائلا: “الحديث عن تدقيق بمصروفات حكومة الدبيبة يعني التأكيد على اعتبارها غير شرعية، والعودة إلى نقطة الصفر، لاسيما أن للبرلمان نية معلنة بتشكيل حكومة جديدة”.
وفي ديسمبر 2021، قال المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي، فتحي المريمي، إنه من الممكن تأجيل الانتخابات “ولكن بتوافق بين جميع الأطراف”.
وكشف المريمي أنه إذا تم تأجيل الانتخابات لستة أشهر أو أكثر “يمكن لمجلس النواب أن يشكل حكومة جديدة”.
ويرى المحلل السياسي، عبد السلام الراجحي، في حديث لموقع “الحرة”، أن “تصريحات صالح لا يمكن السير بها، باعتبار أن رئيس الحكومة تم تعيينه بموجب ملتقى الحوار الذي رعته بعثة الأمم المتحدة في جنيف، وبالتالي من الصعب سحب الثقة عنه”.
وكانت لجنة الحوار الوطني الليبية، المكونة من 75 شخصا، برعاية الأمم المتحدة، انتخبت في 5 فبراير، مجلسا رئاسيا جديدا برئاسة محمد المنفي، والدبيبة، رئيسا للحكومة، بهدف تهيئة البلاد لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر القادم. وفي 10 مارس، منح البرلمان حكومة الدبيبة الثقة بأغلبية 132 عضوا.
وشدد الراجحي على أن “قضية سحب الثقة تتطلب شروطا معينة بحسب الإعلان الدستوري، وأبرزها وجود توافق بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي واشتراك 120 عضوا”.
في المقابل، يتمسك المحلل السياسي، السنوسي اسماعيل، في حديث لموقع “الحرة”، بأن “حكومة الدبيبة منحت لها الثقة من مجلس النواب لأجل أقصاه يوم 24 ديسمبر الماضي، على أن تكون بعدها حكومة تصريف أعمال، علما أنه تم سحب الثقة منها قبل انتهاء هذه المدة بثلاثة أشهر”.
وفي سبتمبر 2021، أعلن المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبد الله بلحيق، أن المجلس قرر سحب الثقة من حكومة الوحدة بأغلبية 89 نائباً من أصل 113 نائب حاضرين .
وأضاف إسماعيل: “من الناحية القانونية، مسألة سحب الثقة تعود للبرلمان الذي صوت بأغلبية 130 عضوا على شخص الدبيبة، وليس لأي طرف خارجي الحق في حسم هذه المسألة”.
ولكن الراجحي يعتبر أن “كلام صالح يهدف إلى إرباك المشهد السياسي والجهود الأممية الرامية إلى تنظيم انتخابات رئاسية، وذلك من أجل تعزيز دوره في السلطة وتمديد صلاحية البرلمان”، وهو الأمر الذي يرفضه اسماعيل.
وقال إسماعيل إن “الحكومة فشلت في تنظيم الاستحقاق الديمقراطي، ولا يبدو في الأفق أن هناك ترتيبات جديدة لإعادة تنظيمها في القريب العاجل”.
وأشار الرملي إلى وجود “خارطة طريق برلمانية لكتابة دستور جديد من شأنه إصلاح العملية الديمقراطية والسياسية في البلاد، إذا صدقت النوايا”.
وكان عضو مجلس النواب، إبراهيم الدرسي، قد كشف في حديث سابق لموقع “الحرة“، أن “لدى البرلمان خارطة طريق تقوم على الإعلان عن تعديل الدستور بأكمله”، مشددا على أنه “لا انتخابات قبل دستور توافقي جديد لخمس سنوات، يجرى على أساسه الاستحقاق الديمقراطي”.
وحول طبيعة التعديلات، اعتبر الدرسي أن “الدستور بحاجة لتغييرات جذرية، ولذلك سنكون أمام نصوص جديدة تبدأ من تحديد القوميات، اللغة، وغيرها”.
الجدير بالذكر أنه يوجد في ليبيا حاليا إعلان دستوري مؤقت أقر عام 2011.
وأشار الدرسي إلى أن “موعد الانتخابات قد يكون بعد ستة أشهر أو حتى سنة، وكل ذلك يتوقف على عمل اللجنة التي سيتم تشكيلها لكتابة الدستور”.
وعن السيناريو المتوقع في حال إصرار البرلمان على تشكيل حكومة جديدة، يتوقع الراجحي أن “تكون البلاد أمام حكومة موازية لن يعترف بها في الغرب ولن تنجح ولن تدخل لطرابلس”.
ولفت إسماعيل إلى أن “لدى الدبيبة نية في عدم تسليم السلطة والتمسك باستمرار عمل حكومة الحالية منتهية الصلاحية، الأمر الذي قد يدخل ليبيا في حال من الفوضى والانقسام الذي قد يتحول إلى مواجهات مسلحة”.
وفي نوفمبر الماضي، أكد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي للبلاد، محمد المنفي، استعدادهما المشروط لتسليم السلطة للطرف الفائز في الانتخابات المخطط لها في ليبيا.
وقال الدبيبة، في كلمة ألقاها في ختام مؤتمر باريس حول ليبيا: “لو تمت العملية الانتخابية بشكل نزيه وتوافقي بين كل الأطراف سأسلم السلطة للجهة المنتخبة من كل الشعب الليبي”.
وكذلك قال رئيس الحكومة بالوكالة، رمضان أبوجناح، الذي آلت إليه الرئاسة بعد دخول الدبيبة سباق الرئاسة إن “الحكومة الحالية هي الحكومة الشرعية”، مضيفا أنها “لن تسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة”.
ويرى الرملي أن “المشهد ضبابي ولا يمكن توقع معالمه، ولكن الأكيد سنكون أمام حكومتين متناقضتين إذا استمر البرلمان والدبيبة على موقفهما المتعارضين”.
وحول الحل الذي يمكنه إنهاء “الأزمة السياسية الجديدة”، بحسب إسماعيل، يكون “بتسليم الدبيبة السلطة للحكومة الجديدة المنتخبة من قبل البرلمان، وتعزيز الدور الأممي الذي يجب أن يحتكم إلى القانون لا للمقاربات السياسية”.
ولكن الرملي يبدو أكثر تشاؤما من إمكانية تفعيل الدور الأممي الذي يعتبره مقتصرا على البيانات، قائلا: “لا بد من الاعتراف بأن هناك عقبات عدة تحول دون تشكيل حكومة جديدة، وهو عدم التوافق بين أعضاء البرلمان والمجلس الرئاسي وتعنت الدبيبة، وبالتالي الدخول في صراع لا نهاية له، لاسيما أن لا انتخابات في الوقت القريب”.
كان من المفترض أن تجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية، في 24 من ديسمبر الماضي، وفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي رعته الأمم المتحدة في جنيف وتونس.
لكن المفوضية العليا للانتخابات اقترحت تأجيل هذا الموعد النهائي الحاسم لمدة شهر واحد في عملية الانتقال التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي يفترض أن تخرج هذه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا من الفوضى التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، بسبب الخلاف حول قانون الانتخابات والقائمة النهائية للمرشحين.
والاثنين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن، الاثنين، الأطراف الليبية إلى “العمل معا” لإجراء “انتخابات جامعة وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن”، مؤكدا ضرورة “الانسحاب الكامل” للمرتزقة والقوات الأجنبية.
وكتب غوتيريش في التقرير :”يجب الإثناء على 2,8 مليون ليبي سجلوا أسماءهم للتصويت ويجب احترام رغباتهم”، بحسب وكالة فرانس برس.
وتابع المسؤول الأممي “من الضروري أن يلتزم جميع أصحاب المصلحة الليبيين بشكل لا لبس فيه وأن يواصلوا التركيز على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وجامعة وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن”.
ولكن رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية، عماد السايح، قد قال إن المفوضية تحتاج من 6 إلى 8 أشهر لإجراء العملية الانتخابية بعد إزالة القوة القاهرة وإحداث تعديلات فنية على القوانين الانتخابية وتحديث سجل الناخبين.
وأكد السايح خلال جلسة مجلس النواب، الاثنين، أن المفوضية “تعرضت لتهديدات في حال أعلنت القائمة النهائية لمرشحي الانتخابات الرئاسية”، بحسب بوابة الوسط المحلية.
وأضاف: “الظروف الأمنية السائدة حالت دون إتمام العمل حتى أن وزارة الداخلية اصطدمت بواقع سياسي لم تستطع إكمال عملها كالمفوضية بالضبط”.
وأثار الحديث عن تأجيل الانتخابات امتعاضا دوليا، حيث عبر السفير الأميركي في ليبيا، عن “خيبة أمله” إزاء تأجيل الانتخابات، وقال “يجب أن يكتسي العمل باتجاه الانتخابات أولوية، بما يتماشى مع رغبات عموم الليبيين القوية”.
وأضاف السفير ريتشارد نورلاند، في بيان، أنه يجب على القادة الليبيين “التعجيل بمعالجة جميع العقبات القانونية والسياسية أمام إجراء الانتخابات، بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للانتخابات الرئاسية”.
وكذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إن تقرير الجدول الزمني للانتخابات متروك للمفوضية العليا للانتخابات، وذلك وفقا لخريطة الطريق التي أقرها مجلس الأمن، ومخرجات مؤتمر باريس الأخير.
وتابع أنه “من الضروري دعم تطلعات الليبيين المشروعة لاختيار ممثليهم، من خلال ضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة حتى نهايتها”.
_______________