تآمرت التكتلات على ليبيا لتقسيمها إلى دولتين منفصلتين، لتصبح منطقة المغرب العربي 6 بلدان ربما في القريب العاجل، إلا أن تعدد القباطنة قد يغرق السفينة.

كل شيء في ليبيا مزدوج، وإذا لم تحصل على ما تريده في الغرب، فستحصل عليه في الشرق، فكل شيء يتم تحليله وتشكيله وتقريره وفقا لدولتين ضمنيتين، تتعايشان في أحسن الأحوال وتتقاتلان في أسوئها، وما هبوط فتحي باشاغا في مطار معيتيقة بطرابلس قادما بتتويج من الشرق كرئيس جديد للوزراء سوى مصداق لذلك، لأن مشهد “الحماقات” الليبية ما زال متواصلا.

تقول مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية إن باشاغا جاء ليقدم شكرا مزدوجا تعبيرا عن الامتنان أولا ثم طلبا لمغادرة المكان على الفور ثانيا، لرئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة العازم على البقاء في منصبه حتى إجراء الانتخابات، خاصة أن الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، ما زالت تعتبره رئيسا للجهاز التنفيذي.

وأضافت أن مرد ذلك هو كون الدبيبة، في الواقع، هو رئيس غرب البلاد، في حين أن باشاغا، الذي كان حتى وقت قريب وزيرا للداخلية في حكومته، ليس سوى شخص حملته الرغبة الشديدة في السلطة إلى ترك الغرب ليتوج رئيسا للوزراء في شرق البلاد.

فوضى تغذيها أجندات سياسية

ففي هذه الفوضى السياسية -حسب مقال للمجلة بقلم بنوا دلما- ووسط هذا الخليط المؤسسي الذي تهيمن عليه جحافل غير متجانسة من المصالح الخاصة والجشع الإقليمي وأمراء الحرب المتنكرين في زي رسل الوئام الوطني، والغنائم التي تحولت إلى ملكيات شبه مستقلة، لا شيء ينمو بشكل صحيح.

وفي انتظار الثمار الافتراضية لثورة 2011، أصبحت الديمقراطية الليبية الشابة الآن مجهزة بكثير من المؤسسات، فهناك -كما يسخر الكاتب- برلمانان وحكومتان ورئيسان للوزراء، مما يسمح لنا أن نقول دون تردد، إن المنطقة المغاربية أصبحت منذ ظهر يوم الخميس، تضم 6 بلدان، هي الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وغرب ليبيا وشرق ليبيا.

وقال الكاتب إن من يريد فهم ليبيا لا يحتاج إلى أفكار، بل يحتاج إلى ذاكرة ضخمة وأعصاب قوية، حيث سرت شائعات عن إطلاق نار فجر الخميس، استهدف قافلة عبد الحميد دبيبة لمحاولة اغتياله.

حتى الشائعات في ليبيا مزدوجة

ولأن كل شيء في ليبيا مزدوج، كما يرى بنوا، فإن الشائعات هي الأخرى مزدوجة، فباشاغا كان هدفا لمحاولة اغتيال مزعومة في فبراير/شباط 2021، عندما أطلق أشخاص النار على موكبه كما فعِل مع قافلة الدبيبة يوم الخميس، مع أن المصادر الرسمية لم تؤكد أيا من المحاولتين، وبالتالي عندما يصوت برلمان طبرق على الثقة في رئيس الوزراء “الثاني”، ستكون لليبيا حكومتان، إكمالا للبناء العمودي المزدوج للسلطة.

وإذا كان المجتمع الدولي قد نصّب حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، فإن طبرق قد فعلت الشيء نفسه وتعتزم مواصلة مسيرتها، بدعم من قاهرة الرئيس عبد الفتاح السيسي والكرملين بقيادة فلاديمير بوتين وفرنسا الرئيس إيمانويل ماكرون.

وكل هذه الفوضى -كما يختم الكاتب- من توابع الفشل الانتخابي الذي أعقب قرار الأمم المتحدة بدعوة الليبيين إلى صناديق الاقتراع يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 لخوض انتخابات رئاسية وتشريعية في نفس اليوم، وكأن تطهير جراح ليبيا يكفيه إنقاعها في حمام الديمقراطية.

_____________
المصدر : لوبوان

مواد ذات علاقة