أوفد الرئيس الأوحد للبرلمان فخامة المستشار عقيلة صالح فريقه إلى القاهرة، للتفاوض مع نظرائهم في مجلس الدولة حول القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، التي ستجرى على أساسها الانتخابات المقبلة في أقرب وقت ممكن، ثم نزل بسرت، ليعقد جلسة لمجلس النواب، لإقرار الميزانية لحكومته الجديدة التي شكلها مؤخرا.

قال فخامته في افتتاح الجلسة: “كلما فكرت في مغادرة المشهد السياسي، أجد أن معرفتي بجذور الأزمة في بلادي والحاجة الملحة والضرورة القصوى والواجب يتطلب مني ومن الجميع التمسك بالخيارات الضامنة لبناء الدولة المدنية، دولة القانون والمؤسسات، دولة الحق والعدل.

يكشف فخامته في هذا التصريح الخطير، أن ثمة أفكار شيطانية تراوده حينما يخلو مع نفسه، تدعوه إلى مغادرة المشهد، وترك الشعب يتخبط دون هدى، وبلا أمل في تأسيس الدولة المدنية المنشودة، مردفا باطلاعه ومعرفته بجذور الأزمة.

والجذور كما يعرف الجميع منطقة بالغة الحساسية، تحتاج إلى قدرات خاصة، لا تتوافر إلا لأولى العزم من رؤساء المجالس النيابية. فهي ليست كالجذوع والسيقان والأوراق الواضحة للجميع، حتى لأعضاء مجلس النواب، وأبسط خطأ في معالجتها سيقضي على الأزمة برمتها.

هناك أكثر من خيار ضامن للدولة المدنية، جميعها يتمسك بها فخامته.

الخيار الأول هو الاستعداد لمواجهة أعداء الدولة المدنية، بتأسيس جيش قوي لا يخضع لأي سلطة، يتوفر لقائده أبناء بررة، موثوق بهم لشد أزر والدهم، يمنحون أعلى الرتب في زمن قياسي، ويقودون أقوى الكتائب وأفضلها سلاحا، وتخصص له ميزانية مستقلة، ولا يحق لأحد محاسبته، وله حق الاستعانة بالمرتزقة.

والخيار الثاني هو استدعاء الجيش المصري إذا تطورت المواجهة، ولاحت بوادر هزيمة الجيش القوي.

يؤكد فخامته أن الدولة المدنية هي دولة القانون والمؤسسات، ومن هذه الزاوية رفض فخامته الاعتراف بحكم الدائرة الدستورية، بإلغاء مقررات لجنة فبراير التي انتخب مجلس النواب وفقا لمقرراتها.

كما أن التداول السلمي على رئاسة مؤسسات الدولة، يقضي إجراء انتخابات رئاسة المجلس النيابي مرة واحدة، في حالة ضمان وصول رئيس حريص على تأسيس الدولة المدنية، متمكن معرفيا من جذور الأزمة، ليتسنى له إصدار القوانين واتخاذ القرارات، من دون الالتزام بالإعلان الدستوري، واللائحة الداخلية المنظمة لعمل المجلس، لأن غالبية النواب، وربما كلهم لا علم لهم بجذور الأزمة، بل لا تتعدى معرفتهم القشور السطحية لها، ومن ثم سيسلمون مفاتيح القرارات والقوانين لفخامته، مطمئنون أن الدولة المدنية آتية لا محالة، وينصرفون إلى شؤونهم الخاصة.

اسمع كلامك أصدقك، بينما تصرفاتك مخالفة تماما لما تصرح به.

الدولة المدنية المغايرة تماما لقواعد حكم العسكر، أو الملالي، أو أي نظريات أيديولوجية. تشترط دستورا واضحا متوافق عليه عبر استفتاء الشعب، ولا يمكن لمدعي الحرص على مدنية الدولة، إهمال مسودة الدستور خمس سنوات دون عرضها علي الاستفتاء.

هذا هو الشرط الأول والأساسي الذي تجاوزته لكي تستمر المرحلة الانتقالية، وتمضي من خلال موقعك في السعي للهيمنة على كل خيوط السلطة.

والدولة المدنية تحرص بالدرجة الأولى على حقوق المواطن كافة، بصرف النظر عن انتمائه الجهوي، أو مستوى التزامه الديني، أو لونه.. الخ. بينما تصر فخامتك على بعث الجهوية المقيتة، وتكريس تجزئة البلاد إلى مكوناتها القديمة، فلم تكن يوما حريصا على وحدة البلاد، والدفع بترسيخ الهوية الواحدة الجامعة والترفع عما دونها.

كيف يستقيم زعمك بالوصول إلى توافق مع نظرائك في مجلس الدولة، حول القاعدة الدستورية، للذهاب للانتخابات في أسرع وقت، وفي نفس الوقت تبعث الانقسام الحكومي من مرقده، بتأسيس حكومة أخرى، مؤكدا أنك لن تستجيب لأي خاطر، يدعوك لمغادرة المشهد السياسي، لأن استمرارك حاجة ملحة وضرورة قصوى؟.

إن طريق الليبيين نحو تأسيس الدولة المدنية شاق وطويل، وملئ بالعقبات والتحديات المحلية والإقليمية والدولية، وأهم هذه العقبات التي لا مناص من ازاحتها عن الطريق، هي فخامتك ومجلسك البائس، وكافة الطبقة السياسية المتصدرة للمشهد منذ سنوات.

وهذا ما يسعى إليه الليبيون الآن سلميا عبر الانتخابات.

.

.

.

************

عقيلة صالح يدعو لدخول طرابلس بالحرب (لإقامة الدولة المدنية)

بعد تصريحات لرئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بشأن دخول طرابلس يأتي إما عبر القتال أو من خلال التواصل مع المليشيات المسلحة فيها، الناطق باسم حكومة الدبيبة يقول إن الحكومة لن تسمح لأي طرف باستخدام القوة أو العنف.

أعلن الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية ومدير مكتبها الإعلامي، محمد حمودة، رفض الحكومة ما وصفه بدعوة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح لدخول طرابلس بالقتال والحرب.

وعبر صفحة الناطق بموقع فيسبوك مساء اليوم الثلاثاء (31 أيار/مايو 2022)، طمأنت الحكومة كل المواطنين الليبيين بأنها لن تسمح لأي طرف باستخدام القوة أو العنف من أجل الفوضى وتنفيذ الأجندات السياسية الخاصة وفرضها بالقوةكما حذرت الحكومة مما اعتبرته “مساع من بعض الأطراف لسحب أموال من إيداعات المواطنين في المصارف التجارية يخشى أن تستخدم لتمويل الحروب“، بحسب قول الناطق.

وساد جدال مساء اليوم بين مناصري حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المكلفة والمدعومة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، حول كلمة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح في اجتماع سرت اليوم أفاد فيها أن الدخول لطرابلس يأتي إما عبر القتال، أو من خلال التواصل مع المليشيات المسلحة فيها، الأمر الذي اعتبره مناصرو الدبيبة دعوة إلى الحرب.

وكان مجلس النواب قد كلف الحكومة الجديدة، والتي أدت اليمين القانونية أمامه بداية آذار/مارس الماضي، إلا أنها لم تتمكن من استلام مهامها ودخول عاصمة البلاد بسبب إصرار حكومة الدبيبة على عدم تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة

وحاولت حكومة باشاغا في مناسبتين دخول طرابلس إلا أن قوات داعمة للدبيبة حالت دون ذلك، وأدت المحاولة الأخيرة لحدوث اشتباكات في طرابلس سرعان ما انتهت بعد انسحاب باشاغا منها باتجاه سرت.

وكان باشاغا قد صرح في أكثر من مناسبة رفضه اللجوء للقوة في دخول طرابلسوقرر بعد محاولته الأخيرة اعتماد مدينة سرت كمقر مؤقت لحكومته التي لم تنل الاعتراف الدولي حتى الآن.

وكان عقيلة قد دعا محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورؤساءديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، والمؤسسة الوطنية للنفط، إلا أنهم تغيبوا وحضر بعض المندوبين عنهموعلق عقيلة صالح على عدم حضورهم بالقول: “إن الأجهزة الرقابية تابعة لمجلس النواب، وإن رؤساء هذه الأجهزة غير الملتزمين بقوانين المجلس يعتبرون فاقدين لصفتهموأي مسؤول أو رئيس أي جهة تابعة لمجلس النواب، يمتنع عن تنفيذ ما يصدر عنه من قوانين وقرارات، يعتبر فاقد للصفة والأهلية، ولا يمثل إلا نفسه، وعلى النيابة العامة تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن“.

كما علق صالح على تغيب محافظ مصرف ليبيا المركزي ودعمه لحكومة الوحدة الوطنية بالقول: “إن المصرف المركزي يجب أن يدار من قبل مجلس الإدارة وليس من المحافظ وحده، ولا يجوز للمركزي صرف الأموال دون قانون ميزانية“واعتبر صالح “ما يقوم به المحافظ مخالفا للقانون، وقد يصل إلى جريمة إساءة استغلال السلطة واغتصابها“، وفق وصفه.

______________

مواد ذات علاقة