وصف تقرير أميركي اتفاق الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، بشأن ليبيا هذا الأسبوع بـ«البيان المضلل»، في أعقاب زيارة الأخير منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود.

واتفق الرئيسان بوتين وإردوغان، على معالجة موضوع الصراع في ليبيا كأحد الملفات الملحة، حيث جاء في بيان مشترك أعقب لقاءهما أن «الرئيسين أكدا التزامهما القوي بسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية»، وفق ما جاء في تقرير «بوليغراف» الأميركي الصادر عن إذاعة «صوت أميركا» الأربعاء.

ويشير التقرير إلى أن هذا البيان «مضلل» بناء على ما شهدته السنوات القليلة الماضية، حين صعَّدت روسيا وتركيا العنف في ليبيا من خلال دعم الأطراف المتحاربة وإرسال المرتزقة والأسلحة لكسب النفوذ. وأشار التقرير الأميركي إلى حالة الانقسام الذي تعيشه ليبيا.

كما أشار إلى ما عرف بحرب العاصمة (2019 و2020) ودعم القوى الدولية المختلفة الأطراف الليبية المتنافسة، حيث زودت تركيا وروسيا الطرفين المتحاربين بالأسلحة والمرتزقة. وحسب فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني بليبيا في تقرير له، الذي يحدد الأعمال التي تهدد السلام والاستقرار والأمن في ليبيا، فإن أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع ما زالت تعطل الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والأمن.

وكتبت كالي روبنسون، من مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أن روسيا تسعى لتأمين صفقات البناء والسيطرة على مصادر الطاقة. وفي الوقت نفسه، قالت نيكول كيرشمان، التي كانت ترأس إدارة العلاقات العامة في القيادة الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، إنه جرى نشر ألفي مرتزق روسي في ليبيا بين العامين 2019 و 2020 خلال الهجوم العسكري الذي استمر 14 شهرًا ضد الحكومة في طرابلس.

دور «فاغنر» في النزاع الليبي

ووفقًا لكيرشمان لعبت مجموعة «فاغنر»، وهي شركة عسكرية خاصة مرتبطة بالكرملين، دورًا في زعزعة استقرار ليبيا، حسبما يقول التقرير الأميركي.

ونفت روسيا وجود مرتزقة «فاغنر» في ليبيا، لكن الأمم المتحدة أكدت أن المجموعة تعمل على الأرض. وذكر تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن ليبيا أن شركة «فاغنر» كانت موجودة في ليبيا منذ العام 2018 في البداية لتقديم الدعم الفني والصيانة للمركبات المدرعة.

وذكرت اللجنة أنه في العام 2019 جرى توسيع مهمة «فاغنر» لتشمل «مهامًا عسكرية أكثر تخصصًا مثل العمل كضباط مراقبة أمامية للمدفعية ومراقبين جويين متقدمين، وتوفير الخبرة الإلكترونية في الإجراءات المضادة والانتشار كفرق قنص».

واستدل التقرير الأميركي أيضًا بتقرير «هيومن رايتس ووتش»، حيث استخدمت مجموعة «فاغنر» الألغام الأرضية والأشراك الخداعية المحظورة في ليبيا خلال 2019-2020 في انتهاك للقانون الدولي. وخلال زيارة في مارس إلى طرابلس حددت «هيومن رايتس ووتش» 35 موقعًا ملغومًا، مشيرة إلى أنه بين مايو 2020 ومارس 2022، قُتل 130 شخصًا وأُصيب 196 في ليبيا بألغام ومتفجرات.

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»: «كانت الألغام والأشراك المفخخة التي جرى العثور عليها مخبأة داخل المنازل والمباني الأخرى وفي بعض الحالات داخل الأثاث، وغالبًا ما كانت تُفعَّل بأسلاك تعثر غير مرئية».

وقال خبراء الألغام لـ«هيومن رايتس ووتش» إن الألغام والأشراك الخداعية التي صنعها عملاء «فاغنر» على ما يبدو كانت أكثر تعقيدًا وفتكًا من تلك التي وضعتها الجماعات الليبية أو السودانية أو السورية.

بدورها قالت مجلة «فورين بوليسي» إن روسيا قلصت عدد مرتزقة «فاغنر» في ليبيا، وأرسلت 1300 مقاتل إلى أوكرانيا. ومع ذلك، فقد أفادت بأن المئات من أفراد «فاغنر» لا يزالون متمركزين حول القواعد العسكرية والمنشآت النفطية.

وقالت المجلة إن موقف «فاغنر» في ليبيا يتوافق مع تصميم روسيا الأوسع، وهو الضغط على الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو للوصول إلى نتائج سياسية مختلفة من خلال التحكم في مصادر الطاقة القريبة وزرع عدم الاستقرار على حدودها. في غضون ذلك أرسلت تركيا مرتزقة وأشكالًا أخرى من الدعم إلى حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا آنذاك في طرابلس.

نشاط تركيا العسكري في ليبيا

ففي يوليو 2020، قال «البنتاغون» إن تركيا نشرت 3500 مرتزقة سوري في ليبيا. واستشهد راديو «أوروبا الحرة» بتقرير للبنتاغون في ذلك الشهر. وقال إن تركيا «دفعت وقدمت الجنسية لآلاف المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب الميليشيات المتمركزة في طرابلس».

كما ذكرت جريدة «واشنطن بوست» في فبراير 2021 أن تركيا مكَّنت حكومة الوفاق الوطني من استعادة السيطرة على سماء غرب ليبيا بمساعدة «صواريخ أرض جو ومدافع مضادة للطائرات وناقلات جند مدرعة وأنظمة إلكترونية متطورة أدت إلى تشويش عمليات إرسال القيادة العامة».

تبادل المصالح

التقرير الأميركي فسر ذلك بأن دوافع تركيا تعكس دوافع موسكو، إذ لديها مليارات الدولارات من العائدات التي ترغب في تعويضها عن عقود البناء التي أوقفتها الحرب. لكن إردوغان حصل أيضًا على اتفاقات بحرية جديدة من طرابلس قبل إرسال المساعدة، وتمتع بفرصة التغلب على المنافسين الإقليميين، من بينهم الإمارات، المعادين للإسلام السياسي لأنقرة.

وفي أكتوبر 2021 اتفقت الأطراف المتحاربة في ليبيا على خارطة طريق لرحيل المقاتلين الأجانب، ومع ذلك جرى إحراز تقدم ضئيل، حيث كتب الباحث جورجيو كافيرو، وإميلي ميليكين في يناير 2022 أن تركيا تعتبر وجودها في ليبيا قانونيًا.

_____________

مواد ذات علاقة