ستيفاني تي ويليامز

خامسا: العقوبات، أو التهديد بالعقوبات ، تنفع في ليبيا

أولئك الليبيون الذين يودِعون دولاراتهم (غير المشروعة) في الخارج يرغبون في كثير من الأحيان في زيارة أموالهم. على تلك الدول (المضيفة لدولاراتهم) استخدام العقوبات لاستهداف الليبيين المتورطين في الفساد وانتهاك حقوق الإنسان.

تمتلك إدارة بايدن، والاتحاد الأوروبي، ومجموعة من الدول أداة جاهزة متاحة في تشريعات اعتمدوها لفرض عقوبات اقتصادية ومنع دخول مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان والفساد. وقد استخدمت الولايات المتحدة عقوبات (ماغنتسكي) في عام 2020 لإدراج ميليشيا الكانيات الشريرة في القائمة السوداء والتي لطالما أرهبت بلدة ترهونة بغرب ليبيا.

سادسا: ظلت الإدارة الشفافة والمسؤولة لعائدات النفط الليبي هدفًا بعيد المنال نظرًا لمقاومة الليبيين وبعض الجهات الفاعلة الدولية على حد سواء لتوجيه الأضواء على تدفقات الأموال المشبوهة.

يشار إلى أن مصرف ليبيا المركزي بدأ مؤخرا بنشر كشف شهري للإيرادات والنفقات. ومع ذلك، يجب الضغط على البنك للوفاء بوعوده لتنفيذ نتائج التدقيق الدولي الذي تيسره الأمم المتحدة، والقيام بذلك بطريقة شفافة تمامًا، والالتزام بالقانون المصرفي الليبي الذي يتطلب من مجلس محافظي مصرف ليبيا المركزي الاجتماع على أساس منتظم.

سابعا: يجب أن تستمر عملية برلين الدولية التي بدأت رسميًا في يناير 2020 ، على الرغم من الانقسامات الحالية في مجلس الأمن الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

تظل بنية برلين إطارًا صلبًا للمشاركة الدولية مع الليبيين من خلال مجموعات العمل الدولية الأربع: العسكرية، والسياسية والاقتصادية، والحقوقية (حقوق الإنسان ـ القانون الإنساني الدولي).

من المهم لليبيين أن يروا أن هناك حدا أدنى من الإجماع بين اللاعبين الإقليميين والدوليين الرئيسيين بشأن مصير بلدهم. يجب أيضًا الحفاظ على الترتيبات الأصغر، مثل مجموعة الدول السبع (مصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) التي اجتمعت منذ ربيع هذا العام، نظرًا لأن هذه الاجتماعات تجمع معًا ممثلو القاهرة وأنقرة، وهما فاعلان إقليميان رئيسيان لا يجتمعان في الملف.

ثامنا: في حين أن ليبيا لم تشهد حشودًا شعبية كبيرة مثل الجارتين تونس والسودان، كانت هناك بعض المؤشرات الواعدة على حركة وطنية ناشئة للتغيير، على الرغم من القمع المخيب للآمال على مستوى البلد ضد المجتمع المدني.

يجب إشراك وحماية المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان والأحزاب السياسية، وكذلك مشاركة المرأة في عملية السلام. وتعد مشاركة الشباب أمرًا أساسيًا، نظرًا لأن أكثر من نصف سكان البلاد تقل أعمارهم عن 30 عامًا.

توفر تعبئة الشباب حول قضايا الحقوق السياسية وحقوق الإنسان والحريات المدنية والاحتباس الحراري انفتاحات قيمة للأجانب المهتمين. تتفاقم هشاشة المناخ في ليبيا بسبب ارتفاع درجات الحرارة في البحر الأبيض المتوسط واعتماد البلاد الوحيد على النفط الأحفوري، والبنية التحتية الكهربائية والمائية المتضررة.

تاسعا: العمل على المصالحة الوطنية المكلَّفة محليًا بمجلس الرئاسة الليبي ودوليًا للاتحاد الأفريقي – حيث يجب أن تحظى بدعم ملموس أكثر ويجب وضع الضحايا في قلب العملية.

قانون العدالة الانتقالية في البلاد في طور التعديل، بينما يستمر عمل بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الانتهاكات وجرائم الحرب المحتملة. المساءلة هي أهم شيء بالنسبة لأولئك الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم.

أما بالنسبة لواشنطن، فإن إدارة بايدن تحتاج إلى إعطاء الأولوية لملف ليبيا بشكل كامل، على الرغم من الإرث الرهيب لـ (بنغازي) والرأي الراسخ بأن ليبيا هي مشكلة أوروبية أكثر.

في الواقع، تشكل دوامة الهبوط المستمر في ليبيا تهديدًا مباشرًا لجيرانها المباشرين، ومنطقة الساحل الأوسع، وأمن جنوب أوروبا؛ ويجب أن يكون كل هذا بمثابة جرس إنذار كاف لصناع القرار بأن ليبيا مهمة. لا ينبغي أن يخضع ملفها لأولويات وعلاقات سياسية أخرى في المنطقة.

في حين أنه من المغري التعامل مع ليبيا في المقام الأول من خلال عدسة مكافحة الإرهاب أو غيرها من الأولويات الثنائية، إلا أن هذه الاستراتيجية قد جاءت بنتائج عكسية من خلال ارتباط الولايات المتحدة والدول الأوروبية بجهات فاعلة في الجماعات المسلحة المختلطة التي هدفها الاستيلاء على السلطة واستمرار الافتراس على المؤسسات الوطنية الهشة في البلاد.

من المؤكد أن هذه الجماعات ليست مهتمة ببناء الدولة والمؤسسات الذي تحتاجها ليبيا لتجاوز عشرية صعبة منذ سقوط القذافي.

على الجانب الإيجابي، وضعت واشنطن ثقلها بقوة وراء جهود وساطة الأمم المتحدة، بما في ذلك ترحيبها الحار بالممثل الخاص الجديد عبد الله باثيلي. وكانت واشنطن أيضًا رائدة في دعم مشروع الانتخابات في ليبيا، ولا سيما التكنوقراط ذوي الكفاءة العالية في المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

يوفر إدراج ليبيا في قانون الهشاشة العالمية فرصة للولايات المتحدة لتقديم الدعم للبلديات الليبية، من بين أولويات أخرى. وعلى نطاق أوسع، ينبغي على إدارة بايدن استخدام سلطتها الجماعية للضغط من أجل استمرار المشاركة الدولية لدعم المبادئ الأساسية للديمقراطية وسيادة القانون والمجتمع المدني، لا سيما في وقت تتعرض فيه القيم الديمقراطية لهجوم مباشر من قبل الأنظمة الاستبدادية في المنطقة وفي الخارج.

يجب أيضًا الحفاظ على دور واشنطن القيادي في الملف الاقتصادي، نظرًا للتهديدات المستمرة من قبل مختلف الجهات الليبية بوقف إنتاج النفط في البلاد مرة أخرى إذا لم يتم تلبية مطالبهم.

يُعد الاحتفاظ بالنفط الليبي في السوق ضرورة إستراتيجية، ولكن في المقابل، يجب وضع حزام الأمانة والعفة المالية على السلطات الليبية المؤقتة لضمان انضباط الميزانية وتحقيق أقصى قدر من الشفافية والمساءلة عن كيفية إدارة عائدات النفط.

لا شيء من هذا سيكون أمرا سهلا.

يجب أن تسعى الإستراتيجية الدولية إلى احتواء اندلاع العنف، مع كبح شهية لا نهاية لها على ما يبدو للسلطة التنفيذية المؤقتة. إن وضع خارطة طريق انتخابية ثابتة، والسعي إلى اتخاذ تدابير لإدارة استخدام عائدات النفط، قد يوفر أفضل طريقة لتلبية تطلعات الشعب الليبي.

***

ستيفاني توركو ويليامز زميلة أولى غير مقيمة في مركز سياسات الشرق الأوسط، عملت مؤخرًا كمستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا. تشمل أبحاثها دراسة جهود الوساطة الدولية في عصر الفوضى العالمية وحل النزاعات في الدول الفاشلة. عمل ويليامز سابقًا كممثل خاص بالنيابة للأمين العام في ليبيا ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وقبل ذلك نائب الممثل الخاص للأمين العام لليبيا.

____________

مواد ذات علاقة